المحطة التاسعة : الاستشهاد

استشهاد الرئيس ياسر عرفات
في يوم الثلاثاء 12تشرين الأول/ أكتوبر 2004 ظهرت أولى علامات التدهور الشديد على صحة الرئيس ياسر عرفات، فقد أصيب الرئيس بمرض في الجهاز الهضمي حسب تشخيص الأطباء. وقبل ذلك بكثير، عانى عرفات من أمراض مختلفة، منها نزيف في الجمجمة ناجم عن حادث الطائرة، ومرض جلدي (فتيليغو)، ورجعة عامة عولجت بأدوية في العقد الأخير من حياته، والتهاب في المعدة أصيب به منذ تشرين أول/ أكتوبر 2003.
لكن وضعه الصحي العام كان جيدا قبل التدهور الاخير الذي بدأت بوادره في السنة الأخيرة من حياته حين تم تشخيص جرح في المعدة وحصى في كيس المرارة.
ولكن الحالة الصحية للرئيس تدهورت تدهوراً سريعاً يوم الأربعاء 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2004 .وتدفق آلاف المواطنين الى مقر المقاطعة، للاطمئنان على صحة الرئيس، فيما خرجت مسيرات حاشدة في عدة مدن بالضفة والقطاع تعبيرا عن قلقها على صحة عرفات.و عالميا، قطعت وسائل الاعلام العالمية المرئية والمسموعة، برامجها العادية ، وبدأت ببث تقارير مستعجلة ومباشرة من مقر المقاطعة لمتابعة التطورات التي حدثت على صحته.
جاءت نتائج جميع الفحوص الأولية التي أجريت لعرفات مطمئنة نسبيا، لكن استجابته للعلاج كانت محدودة. ورأى الأطباء ضرورة نقله إلى الخارج للعلاج ، قرر الاطباءـ بمن فيهم أعضاء الوفد الطبي المصري والوفد الطبي التونسي الذين حضروا للمساهمة في علاج الرئيس ـ نقله إلى فرنسا للعلاج . ووافق الرئيس ياسر عرفات على قرّار الأطباء بعد تلقي تأكيدات أميركية وإسرائيليةبضمان حرّية عودته للوطن .
ونقلته طائرة مروحية إلى الأردن ومن ثمة أقلته طائرة أخرى إلى مستشفى بيرسي العسكري في كلامار قرب باريس في فرنسا في 29تشرين الأول/ أكتوبر 2004 حيث أجريت له العديد من الفحوصات والتحاليل الطبية.
وكانت صدمة للشعب الفلسطيني حين ظهر الرئيس العليل على شاشة التلفاز مصحوباً بطاقم طبي وقد بدت عليه معالم الوهن.
وتمنت وزارة الخارجية الأميركيةأن يتلقى الرئيس ياسر عرفات "العلاج الـمُناسب و أن يستعيد صحته." فيماقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "روسيا تتمنى الشفاء العاجل للرئيس الفلسطيني ياسرعرفات، وتأمل أن تفي الحكومة الاسرائيلية بتعهدها في السماح له بالعودة إلى الأراضي الفلسطينية ..عرفات هو القائد المنتخب للامة الفلسطينية والذي سيحتفظ بدوره كأب لهذه الامة."
وأعلنت ممثلة فلسطين في فرنسا ليلى شهيد في اليوم التالي 30 تشرين الأول/أكتوبر أن التشخيص الطبي المتعلق بوضع الرئيس ياسر عرفات لن يصدر قبل بضعة ايام.
وقالت "لن نعرف شيئا قبل انتهاء الفحوص، الامر الذي يمكن أن يستغرق أياما عديدة"، مشيرة إلى احتمال أن يكون الأمر "حمى في الامعاء".
وأضافت "ياسر عرفات متعب جدا، إلا أنه واع ومرتاح لوجوده هنا ..طلب مني أن أشكر كل السلطات الفرنسية والمستشفى لاستقباله وهو سعيد لوجوده في فرنسا ".
وفي اليوم التالي أكدت شهيدأن عرفات أمضى "ليلة مريحة" وأن "معنوياته مرتفعة". وقالت " عمليات الكشف متواصلة لكن في الوقت الراهن يستبعد الاطباء اي اثر لسرطان الدم".
وأضافت شهيد أن عرفات تحدث لابنته زهوة في الهاتف بينما كانت زوجته سهى إلى جانبه في المستشفى .وقالت "إذا استمرت الامور على ما هي عليه فذلك يدعو إلى الاطمئنان" ولكن بعد ساعات وفي نفس ذلك اليوم أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أن الأطباء المكلفين معالجةعرفات قرروا مع موافقة العائلة والبعثة العامة لفلسطين في فرنسا على " عدم السماح بالزيارات خلال الأيام المقبلة، حفاظاً على راحته، وسيصدر تقريرحول الوضع الصحي لعرفات فور انتهاء التشخيص".
أثارهذا الإجراء قلق الشعب الفلسطيني ومحبي عرفات في العالم، وكان عدد من المسؤولين والمبعوثين العرب والأوروبيين زاروه في ذلك اليوم.وانهالت الاتصالات والبرقيات من مختلف أنحاء العالم للاطمئنان على صحة الزعيم الفلسطيني ،وتابعت محطات التلفزة العالمية تغطيتها المتواصلة أولا بأول لكل ما كان يجري في المستشفى وخارجه .
و في نفس اليوم 31/10/2004 انتشرت تقارير تؤكد تحسن وضعه الصحي وتكشف عن اتصاله بوزير المالية سلام فياض ليحثه على الإسراع في صرف الرواتب للموظفين المدنيين والعسكريين .
وتزايد الحديث في أوساط عديدة عن احتمال تعرض عرفات للتسميم ،وقال أحد المسؤولين الفلسطينيين : الأطباء يبحثون أيضا في احتمال إصابة عرفات بعدوى فيروسية أو تسمم.
وكان شارون يستعجل غياب عرفات ودعا الفلسطينيين في نفس اليوم إلى اختيار قيادة جديدة يكون نهجها مغايرا لنهج عرفات ..ومواصلا تمسكه بنهجه المتطرف تجاه خصمه القديم قال شارون " حتى لو مات عرفات سأرفض أي طلب لدفنه في القدس". وأضاف شارون: "ما دمت هناـ وأنا لا انوي الرحيل قريبا ـ فلن يدفن عرفات في القدس".
وفي اليوم التالي الأول من تشرين الثاني/نوفمبر أعلنت ليلى شهيد أن عرفات يتحسن ولكنه متعب للغاية ومنهك.وأن الإنهاك الذي يعاني منه ناجم أساسا عن الاسهال والقيء ولكن من الواضح جدا أنه لا يوجد أي مؤشر على أي شيء خطير وليس هناك إصابة بسرطان الدم من أي نوع كما لا توجد أية أورام.
وفي اليوم الخامس على دخوله المستشفى أعلنت ليلى شهيد أن التقرير الطبي الرسمي الأول حول صحة الرئيس ياسر عرفات أكد عدم اصابته بسرطان الدم، ومعاناته من اضطرابات في عمل الجهاز الهضمي. وأنه في حالة تسمح له بالحديث مع أطبائه وزملائه وأقاربه وزعماء الدول لكن لا يسمح له بعد باستقبال زوار خارج نطاق أسرته المباشرة .
 
وصباح 3/11/2004أشار تقرير المستشفى إلى "أن الفحوصات أكدت وجود مشاكل في الدم (تكسر الصفائح في الدم ) ما يبعد فرضية الاصابة بسرطان الدم".
صباح اليوم الرابع من الشهر نفسه تغيرت الأجواء وجاءت التقاريرمقلقة مع حدوث تدهور مفاجىءونقله إلى غرفة العناية المركزة. ووسط مجموعة أخبار بثتها وسائل إعلام إسرائيلية عن وفاة الرئيس تولدت حالة من البلبلة والإرتباك استمرت ساعات طويلة قبل أن يخرج ناطق باسم الـمستشفى الفرنسي ليعلن أن الرئيس عرفات ما زال حيا.
ودعت القيادة الفلسطينية جماهير الشعب الفلسطيني إلى الحذر من الأنباء الـمشوّهة، داعية إياها إلى إظهار رباطة الجأش وإظهار الوحدة الوطنية والالتفاف حول قائدها ياسرعرفات والابتهال إلى العلي القدير ليمنّ عليه بالشفاء.
وقال الجنرال كريستيان استريبو رئيس الأطباء في الجيش الفرنسي "إن وضعه السريري بات أكثر تعقيداً ..الرئيس عرفات سيبقى في الـمستشفى في بيرسي حيث نقل إلى قسم من الـمستشفى خاص بمرضه، إن الرئيس عرفات لـم يتوفَ".
وكان مصدر طبي فرنسي قال في نفس اليوم إن الرئيس عرفات"في حالة غيبوبة قابلة للعودة"وأوضح الـمصدر الطبي أن عرفات "لـم يمت وهو موصول إلى أجهزة حيوية".
وأجمعت تصريحات الـمسؤولين الفلسطينيين على أن عرفات "في وضع صعب" ومنهم من وصف حالة الرئيس بـ "الحرجة جدا".
وأعلن مسؤول في الخارجية الأميركية أن فرنسا أكدت لواشنطن أن عرفات "في حالة حرجة وغائب جزئياً عن الوعي".
وقال الـمسؤول : "وفق الـمعلومات الأخيرة التي حصلنا عليها من فرنسا فان ياسرعرفات في حالة حرجة، لكنه غائب جـزئياً عن الوعي..الوضع لا ينبئ بالخـير".
وفي الخامس من تشرين الثاني/نوفمبرقال الجنرال كريستيان استريبو "الحالة الصحية للرئيس عرفات لـم تتدهور وما زالت مستقرة".
وجاء هذا الإعلان عقب بيان سابق لـمفوضة فلسطين في باريس ليلى شهيد أكدت فيه أن الرئيس عرفات يرقد بين الحياة والـموت في غيبوبة.
وقالت شهيد: يمكننا القول إذا أخذنا في الاعتبار حالة الرئيس عرفات وعمره فإنه يعتبر في مرحلة حرجة بين الحياة والـموت، كل الأعضاء الحيوية تعمل، وهذا ما دعا الأطباء إلى القول إنه يمكن أن يتعافى وكذلك يمكن ألا يشفى.
وجاءت تعليقات شهيد عقب تقارير في الصحافة الفرنسية وفي إسرائيل بأن الرئيس الفلسطيني مات إكلينيكياً وأن الأجهزة الصناعية تبقيه على قيد الحياة.
وبقي وضع عرفات مستقرا وخطرا يوم السبت 6/11،وشعر الفلسطينيون بالقلق..راحوا يصلون من أجل "أبو الأمة الفلسطينية"كما أسماه لاجئون من المخيمات في لبنان .
واصل ياسر عرفات صراعه مع المرض،لكن بات واضحا للجميع أن الرجل الذي نجا من عشرات محاولات الاغتيال والقصف المباشر وصارع الأهوال في حياته يوشك على الانتقال إلى الرفيق الأعلى.
تجمع المئات من الفلسطينيين والفرنسيين أمام مستشفى بيرسي ونظمت تجمعات ومسيرات وصلوات في أنحاء العالم حبا وقلقا وطلبا للشفاء .
وفي اليوم الثامن من الشهر توجه وفد فلسطيني يضم محمود عباس وأحمد قريع ونبيل شعث وروحي فتوح من رام الله إلى باريس لمتابعة الوضع الصحي للرئيس عرفات وللاطلاع على التفاصيل التي لم تكن متاحة بموجب القانون الفرنسي الذي ينص على سرية المعلومات الطبية للمريض، وعلى إعطائها فقط لأقرب شخص في أسرته ، وكانت زوجته سهى هي الأقرب قانونيا.
وبعد اجتماع الوفد الفلسطيني مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك تأكدت الانباء المقلقة وأصبح من الواضح أن عرفات في وضع صعب وأنه يقضي ساعاته الأخيرة .
ولم يتغير الوضع في اليوم التالي إلا بتأكيد حدوث تدهو آخر على صحته ،وانه "يصارع" الموت بعد أن كشف الناطق باسم الجهاز الطبي في الجيش الفرنسي أن حالة الرئيس عرفات الصحية "ازدادت خطورة في الليل" وأنه دخل في غيبوبة أعمق" ،وتم استدعاء الشيخ تيسير بيوض التميمي قاضي القضاة الشرعيين في فلسطين ليكون إلى جانب الرئيس وللتأكد من الالتزام بالتعليمات الدينية مع تطور حالة الرئيس .
وفي إسرائيل دعا شارون مسؤولي الدفاع إلى اجتماع لـمناقشة مسألة جنازة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الذي تدهورت حالته الصحية بشكل خطير.وجرى في الاجتماع رفض طلب الفلسطينيين دفن ياسر عرفات، في حال وفاته في القدس، وأبلغت إسرائيل القاهرة بأنها ستسمح بدفنه فقط في خان يونس في مدافن عائلته، الأمر الذي رفضه ابن شقيقته ناصر القدوة "مندوب فلسطين لدى الامم المتحدة" وأبلغ المسؤولين المصريين الإصرار على دفن عرفات في باحة المسجد الأقصى في القدس وفقا لرغبته ..لكن شارون رفض ..وبعد مفاوضات أقنعت القاهرة المسؤولين الفلسطينيين بقبول دفنه في حال وفاته في الـمقاطعة برام الله .
وكانت التقارير عن وفاته تظهر بين ساعة وأخرى منذ نقل إلى المستشفى بفرنسا ، لكن ،وكأنه كان يتمهل في الرحيل ليتقبل شعبه باقل قدر من الفجيعة نبأ رحيله، ظل يصارع مرض موته إلى أن أسلم الروح لباريها في الساعة الرابعة والنصف من فجر الخميس الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2004. وأكد الشيخ التميمي أن الرئيس مات بينما كانت الاجزة موصولة بجسده وأن هذه الأجهزة هي التي أبلغت بتوقف النبض والتنفس بانه استشهد.
رحل عرفات عن الدنيا فعم الحزن فلسطين وأنحاء كثيرة من العالم مع انتشار الخبر .. ونعته القيادة الفلسطينية والرئيس الفرنسي والامم المتحدة وقادة الدول العربية ومعظم دول العالم .وأعلن الحداد في فلسطين 40 يوما كما أعلن الحداد في الدول العربية والاسلامية وعدد آخر من دول العالم وفي الامم المتحدة.
وما زاد في فاجعة الفلسطينيين علاوةعلى غياب زعيمهم و"والدهم" أنهم لم يتمكنوا من الوقوف على حقيقة سبب الوفاة، خاصةوانهم متأكدون بان في إسرائيل من لم يكن ليتورع عن أي شيء للقضاء على "المزعج" عرفات و لإزالة أبو "الرقم الصعب" في معادلة الشرق الأوسط .
وكان احتمال تسميم عرفات واردا بقوة في تصريحات الأطباء ، وكذلك لم يستبعد مسؤولون فلسطينيون هذا الاحتمال، بل كان يصل لدى الكثيرين إلى درجة اليقين بان عرفات قتل مسموما. وقال الطبيب أشرف الكردي الذي كان يتابع الوضع الصحي لعرفات منذ نحو 25عاما " لا يوجد تشخيص بعد ومعروف من الناحية الطبية أن الاطباء يجرون تشريحا عندما لا يكون هناك تشخيص."وقال الكردي "أطالب بتحقيق في مرض الرئيس عرفات وبتحقيق لمعرفة سبب وفاته."
وردا على تلميحات بأن عرفات ربما كان يعاني من نوع نادر من سرطان الدم قال الكردي "مع هذاالاحتمال . ما زلت لا أستبعد تسميم عرفات."
و قال الدكتور ناصر القدوة ، مندوب فلسطين لدى الامم المتحدة وابن شقيقة عرفات : "كل خبير استشرناه بين أنه حتى السم الأكثر بساطة، والذي يستطيع عالم متوسط إنتاجه، سيصعب تحديده من عالم فذ ..لا أستطيع أن أحدد يقيناً أن إسرائيل قتلته بالسم ، لكنني لا أستطيع أيضاً أن أنفي هذه الإمكانية فالأطباء أنفسهم لم يلغوا هذه الإمكانية ."
وقال القدوة " حالة عرفات الصحية كانت معقدة لدرجة أنه لـم يكن بالإمكان تشخيصها".
وفي تعليق حول الاحتمالات بأن الرئيس عرفات توفي نتيجة التسمم، نقلت إحدى الصحف عن القدوة قوله "إن هذا هو أكبر شكوكنا... لو كان موته طبيعيا لكان بالامكان تحديد تشخيص لحالته ، وفي كل الأحوال إسرائيل تتحمل المسؤولية لأنها خلقت ظروف الحصار،وعلينا أن تنذكر أن الحكومة الإسرائيلية أخذت قرارا رسميا بإزالة عرفات ".
ونفت إسرائيل ـ التي سعت علنا "للتخلص" من عرفات ـ أي تلميح لتسميمه ..وفور وفاته وضعت جيشها وشرطتها في حال تأهب قصوى من الدرجة الرابعة التي تعتمد عادة فقط في زمن الحروب. ونشر الجيش تعزيزات من عدة أفواج في الضفة الغربية الخاضعة لاغلاق محكم، وفرض حصاراً على المدن لكن جنوده ابتعدوا عن المناطق المأهولة لتجنب أية مواجهات.وجددت إسرائيل إعلان رفضها فكرة دفن عرفات في المسجد الأقصى بالقدس .
الجنازة
 
ودعت فرنسا يوم 11/11/2004جثمان الرئيس ياسر عرفات الذي كان ملفوفا بالعلم الفلسطيني في مراسم رسمية مهيبة ،وحمله حرس الشرف على الأكتاف ،وقام الرئيس الفرنسي جاك شيراك بتقديم العزاء شخصيا لأسرة وأقارب عرفات وللمسؤولين الفلسطينيين الذين تواجدوا في باريس. وأقلت طائرة حكومية فرنسية جثمان عرفات إلى القاهرة.
وفي القاهرة أقيمت جنازة عسكرية مهيبة تكريما لعرفات بمشاركة وفود رسمية من 61 دولة وبحضور حشد من القادة العرب والمسؤولين العرب والاجانب. واستغرقت مراسم تشييع الزعيم الفلسطيني في القاهرة قرابة الساعتين .
كما شاركت وفود وشخصيات فلسطينية من مختلف الفصائل.واقيمت صلاة الجنازة على روح عرفات في مسجد نادي الجلاء وأمها شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي.وعقب الصلاة تجمع المشيعون العرب والاجانب في سرادق أقيم داخل النادي حيث تليت آيات من القرآن الكريم ،وتلقى الوفد الفلسطيني الرسمي العزاء لينطلق بعدها موكب جنائزي مهيب تقدمه الرئيس المصري حسني مبارك وعدد من القادة العرب لتشييع الجثمان استغرق قرابة نصف الساعة،وانتهى في مطار الماظة العسكري الواقع على بعد بضع مئات من الأمتار من نادي الجلاء .ووضع جثمان عرفات فوق عربة مدفع تجرها الخيول،وأحاط بالجثمان حملة الأوسمة والنياشين التي حصل عليها عرفات يتقدمهم رجال حرس الشرف وهم يحملون السيوف وباقات الزهور ،فيما كانت فرق عسكرية تعزف موسيقى جنائزية ثم عزفت السلامين الوطنيين المصري والفلسطيني.
ونقلت طائرة عسكرية مصرية من طراز هيركوليز سي ـ 130الجثمان إلى مدينة العريش المصرية حيث وضع على متن مروحية عسكرية مصرية نقلته إلى رام الله.
وفي رام الله كان نحو ربع مليون مواطن في انتظار وصول جثمان القائد الرمز في رحلته الأخيرة..وعند الساعة الثانية والربع بتوقيت فلسطين من يوم الجمعة الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2004 ، حطت مروحيتان عسكريتان مصريتان إحداهما تقل جثمان " أبو عمار" على المهبط الرئاسي في مقر المقاطعة. وكان المشهد مؤلماً وحزيناً للسيل الجارف من المواطنين الذين كانوا في استقبال والدهم وزعيمهم التاريخي العائد شهيدا ، احتشد مئات الآلاف رغم كل العراقيل والحواجز المتعمدة التي وضعتها قوات الاحتلال، وتقطيعها لأوصال الوطن لحرمان المواطنين من وداع قائدهم. وفور هبوط المروحيتين، تدافع آلاف المواطنين نحو الطائرتين لإلقاء نظرة الوداع على جثمان الرئيس الشهيد، وهم يكبرون ويهللون ويهتفون باسمه ، ما أحدث بلبلة في المراسم الرسمية التي أعدت مسبقاً. وانتشرت جموع المواطنين في كافة أرجاء مقر الرئاسة، وفوق أسطح المنازل المجاورة، وسط مشاعر جياشة تجاه الراحل الكبير عرفات. وباءت كل محاولات رجال الأمن والشرطة لإبعاد المواطنين عن الطائرة، ولإخراج جثمان الرئيس بالفشل، من شدة السيل الجارف من المواطنين. وبعد محاولات مضنية وشاقة، تمكن رجال الأمن من إخراج جثمان الرئيس الذي لف بعلم فلسطين، ليرفعوه فوق أكتافهم، وسط تدافع المواطنين لينالوا شرف المشاركة في حمله، ووسط صيحات وهتافات الوفاء للرئيس القائد.اخترق نعشه الأمواج البشرية بصعوبة بالغة ، فيما كانت حناجر آلاف المواطنين تهتف بالشعارات التي تحيي أفكارالرئيس والمبادئ التي قضى من أجلها. وهتفت جموع الموطنين بشعارات، منها: "يا أبو عمار ارتاح ارتاح وحنا حنواصل الكفاح"، "أبو عمار صرح تصريح يا جبل ما يهزك ريح"، وغيرها من الشعارات التي تحيي الرئيس الشهيد، أو تلك التي كان الراحل يرددها في حياته بين شعبه. ورفع المواطنون صور عرفات، والأعلام الفلسطينية وبعض أعلام الدول العربية والرايات السوداء. كما رفع العديد من المواطنين الأعلام الفرنسية، تعبيراً عن التقدير لفرنسا شعباً وحكومةً ورئيساً، على الاهتمام البالغ الذي لقيه زعيم الشعب الفلسطيني من لدنها أثناء فترة مرضه، وأيضا أثناء وداع جثمانه رسمياً وشعبياً.
وودع عشرات الآلاف من المشيعين قائدهم التاريخي الشهيد ياسر عرفات (ابو عمار) في عرينه بمقر الرئاسة . ..ووسط هتافات وتكبيرات عشرات آلاف المواطنين وضع جثمان الشهيد القائد في ضريح خاص في ساحة مقر الرئاسة ليدفن فيه "مؤقتاً"، لأن عرفات أوصى بدفنه في باحة الحرم القدسي الشريف، حيث سيتم نقل رفاة عرفات إليه بعد تحريره.
وأقيمت صلاة الغائب على روح عرفات بعد صلاة الجمعة في المسجد الاقصى بالقدس .وشارك عشرات الآلاف من المواطنين في غزة في جنازة رمزية تزامنت مع مراسم تشييعه في رام الله .ونظمت جنازات رمزية حاشدة وصلوات لعرفات في المدن الفلسطينية وفي عدة عواصم ومدن عربية بينها القاهرة ودمشق وبيروت وصنعاء،وكذلك في عدد من الدول الإسلامية ودول أخرى في العالم.

مواضيع مميزة

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

قراءة سياسية لنتائج الانتخابات الإسرائيلية

ورشة عمل - الأحد 29/9/2019..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

محاضرة بعنوان : أسس وأساليب ومناهج البحث العلمي

رام الله: نظمت يوم أمس الثلاثاء الموافق 17/9/2019 دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني في مقر منظمة التحري..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

محاضرة بعنوان : الأبحاث الاعلامية

نظمت دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية يوم الثلاثاء 10-9-2019، في قاعة مبنى..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

منتدى غزة الحادي عشر للدراسات السياسية والإستراتيجية

عقدت دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني – المحافظات الجنوبية ، المنتدى السنوي الحادي عشر للدراسات الاستر..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

منظمة التحرير الفلسطينية

الفكرة - المسيرة - المستقبل..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

الوزير أبو النجا في زيارة تفقدية الى مقر دائرة العمل والتخطيط الفلسطينى

قام الوزير ابراهيم أبو النجا "ابووائل" بزيارة تفقدية الى مقر مبنى دائرة العمل والتخطيط الفلسطينى بغز..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

وفد من النضال الشعبى يتفقد مبنى دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

قام وفد من جبهة النضال الشعبى الفلسطينى بقطاع غزة بزيارة تفقدية الى مقر مبنى دائرة العمل والتخطيط ال..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

د. احمد مجدلاني يدين القصف الذي طال مبنى دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

د. احمد مجدلاني يدين القصف الذي طال هذا الصباح مبنى دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني احد دوائر منظمة ..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

دائرة العمل والتخطيط بمنظمة التحرير تناقش خطتها للمرحلة القادمة

ناقشت دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني بمنظمة التحرير الفلسطينية في اجتماع ترأسه رئيس الدائرة د. أحمد ..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

كتاب منتدى غزة العاشر للدراسات السياسية والاستراتيجية

كتاب منتدى غزة العاشر للدراسات السياسية والاستراتيجية المتغيرات المستقبلية في النهج السياسي الفلسطي..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

منتدى غزة العاشر للدراسات السياسية والإستراتيجية

منتدى غزة العاشر للدراسات السياسية والإستراتيجية تحت عنوان المتغيرات المستقبلية في النهج السياسي ال..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

قانون الجنسية الإسرائيلي ويهودية الدولة

ورشة عمل الثلاثاء 18/7/2017..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

تضامنا مع الأسرى

الحرية لأسرى الحرية..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

كتاب منتدى غزة التاسع للدراسات السياسية والاستراتيجية

كتاب منتدى غزة التاسع للدراسات السياسية والاستراتيجية القضية الفلسطينية في بيئة اقليمية متغيرة الت..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

منتدى غزة التاسع للدراسات السياسية والاستراتيجية

القضية الفلسطينية في بيئة اقليمية متغيرة التطورات والتداعيات..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

مركز التخطيط الفلسطيني و مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية يبحثان التعاون وتعزيز العلاقات

التقى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية احمد مجدلاني مدير مركز التخطيط الفلسطيني ، مع م..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

مجلة المركز عدد 45

مجلة دراسيـة فصليـة متخصصــة بالشؤون الفلسطينية وكل ما يتعلق بها،تصدر عن مركـز التخطيط الفلسطيني. ت..

الباحث : د. خالد شعبان

الدكتور خالد شعبان مشرفا لرسالة ماجستير في جامعة الازهر

مناقشة رسالة الباحث اكرم قشطة والتي عنوانها "سياسة دول مجلس التعاون الخليجي تجاه البرنامج النووي الا..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

منتدى غزة الثامن للدراسات السياسية والاستراتيجية - القسم الثاني

نحو كسب التأييد الدولي من اجل القضية الفلسطينية..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

مشاركة مركز التخطيط الفسطيني في مؤتمر قطاع غزة الواقع وافاق المستقبل

مشاركة مركز التخطيط الفسطيني في مؤتمر قطاع غزة الواقع وافاق المستقبل الذي نظمته كلية الاداب - جامعة..

الأكثر إطلاعاً