عدد القراءات : 5475 | تاريخ الإضافة : 2014-03-19 18:22:00
A
A
A
الباحث / دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

دور الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية في النظام السياسي في اسرائيل

(1996-2013)

أ.سهيل عمر شمعة

 

ملخص:

 ترتبط القوى الدينية في "إسرائيل" بأيديولوجيات مستمدة من الديانة اليهودية, وتلتقي في برامجها السياسية على المطالبة باحترام أحكام الشريعة اليهودية (الهالاخاة) في المجتمع, وقد انقسمت هذه القوى إزاء الصهيونية السياسية إلى فريقين رئيسيين, هما:

المتدينين الصهاينة والمتدينين الحريديم (أي الورعين والمتشددين دينياً)، وكلاهما ينتمي إلى التيار الأرثوذكسي في اليهودية, ويمثل القسم الأول في الساحة السياسية الإسرائيلية حزب البيت اليهودي، ويمثل القسم الآخر أحزاب أغودات يسرائيل وديغل هتوراه (المتحدان حالياً في كتلة يهدوت هتوراة) وحزب "شاس".

إن الاختلاف عميق بين المبادئ الصهيونية من جانب, وبين المرتكزات الدينية لليهود المتدينين" الحريديم" من جانب أخر, فقد سعت الحركة الصهيونية إلى تأسيس دولة عصرية علمانية في فلسطين على غرار الدول الغربية الليبرالية, في حين كان أنصار اليهودية الأرثوذكسية المتشددة "الحريديم" يرون في إقامة دولة يهودية – قبل مجيء "المسيح المنتظر" كفرا وهرطقة, ومخالفة لتعاليم التوراة, وهي بذلك تقف موقفا رافضاً لإقامة الدولة, وإن لديها في تأييد هذا الرفض من العقائد الدينية ما يدعوها لذلك, والتي تأتي على رأسها عقيدة "الماشيح" المخلص فبموجبها يحرم على اليهود العودة إلى فلسطين لإقامة وطن يهودي قبل قدوم "الماشيح" وهو الجرم الذي قامت به الصهيونية. ومهما يكن من أمر فقد اعترى بعض هذه القوى المتشددة الرافضة للصهيونية "الحريديم" الكثير من المتغيرات والتطورات, فقد كان لموجات الهجرات اليهودية المتلاحقة إلى فلسطين أثره في جعل هذه القوى أكثر مرونة تجاه الحركة الصهيونية, وذلك بهدف تحقيق اكبر مكاسب دينية لجمهورها.

وفي الإجمال ثمة رأيان اثنان داخل صفوف هذه القوى المتشددة الرافضة للصهيونية" الحريديم "تجاه الحركة الصهيونية, الأول يرى أن قيام هذه الدولة عمل مناقض لفكرة "الماشيح" وبالتالي فهي دولة آثمة, ومن هنا فإن أنصار هذا الرأي يدعون إلى ضرورة الالتزام القوي "بالهالاخاة" وتعاليمها والانفصال عن اليهود غير الأرثوذكس, وعدم الاعتراف أو التعاون مع الحركة الصهيونية بشكل مطلق, ومن ممثلي هذا الرأي جماعة ناطوري كارتا وجماعة ساطمر الحسيدية والطائفة الحريدية.

أما الرأي الآخر, فبرغم معاداته للصهيونية وعدم اعترافه بها فإنه تطلع إلى "وحدة الشعب اليهودي", فيعترف أنصاره بالدولة كحقيقة واقعة وذلك دون منحها الشرعية, غير أن أصحاب هذا الرأي يتعاونون مع الدولة ومؤسساتها كأمر واقع, ويحددون موقفهم منها وفق مصالحهم الروحية والمادية, ويعتقدون ان الدولة التي استبدلت الخلاص الأخروي بالخلاص الدنيوي، قد تكون احد الأسباب المساعدة في مجيء المسيح.   ويمثل هذا الرأي في "إسرائيل" حركة أغودات إسرائيل والأحزاب المنشقة عنها وهي: (هبوعيل اغودات إسرائيل، وديغل هتوراة، ويهدوت هتوراة، وحركة شاس). وهذه القوى هي موضوع بحثنا.

 تتمتع هذه القوى بقوة مساومة كبيرة في المفاوضات الائتلافية لتشكيل الحكومة الإسرائيلية بعد كل انتخابات. وتفضل التكتلات الكبيرة (العمل, الليكود, كاديما) التآلف مع هذه الأحزاب– أو مع قسم منها– لاعتبارات تتعلق بسهولة الاتفاق معها. فهذه القوى تتطلب في الدرجة الأولى, مراعاة بعض التقاليد الدينية مثل المحافظة على قدسية "أيام السبت", وتعديل "قانون من هو اليهودي", كما أن هذه القوى تطلب ثمنا ماديا لالتحاقها بالائتلاف.

محتويات الدراسة:

تنقسم الدراسة إلى فصلين: الفصل الاول: سنتحدث بإيجاز شديد عن الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية.

أما الفصل الثاني فسوف نتحدث عن دور الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية في تشكيل الائتلافات الحكومية.

الفصل الأول

الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية.

تنقسم الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية والمشاركة في النظام السياسي، إلى أحزاب دينية مسيحانية اشكنازية وأحزاب دينية مسيحانية سفاردية،  فقد تعرضت تلك الأحزاب للعديد من الانشقاقات والانقسامات التي لعبت فيها الأبعاد الطائفية والخلافات ذات الصبغة التنظيمية دورا رئيسياً شأنها في ذلك شأن بقية الأحزاب السياسية الأخرى. ومن هنا فقد ظهرت عدة أحزب دينية منشقة عن الحزب الرئيسي: "أغودات يسرائيل"، احتلت هذه الأحزاب المنشقة موقعاً مرموقا في الحياة السياسية, تفوقت فيه على الحزب الرئيس, ومن هذه الأحزاب: حزب حراس التوراة الشرقيين:" شاس"، وحزب راية التوراة (ديغيل هيتوراة).

المبحث الأول: الأحزاب الدينية المسيحانية الاشكنازية:

تتمثل هذه الحركات والأحزاب الدينية المسيحانية الاشكنازية الرافضة للصهيونية (الحريدية), في   "أغودات إسرائيل", و"بوعالي أغودات إسرائيل", هذا إلى جانب كتلة "يهود التوراة: يهدوت هيتوراة" (جمعية اليهود الموحدة) و "ديغيل هتوراة: راية (علم) التوراة".

أولا: حركة "أغودات إسرائيل":

"هي حركة سياسية دينية لليهود الحريديم, أسست سنة 1912م في بولندا على يد زعامات دينية تقليدية من ألمانيا وليتوانيا وهنغاريا وبولندا, تنتمي إلى التيار الأرثوذكسي في اليهودية, كان بينها خلافات بشأن أمور كثيرة جوهرية وثانوية, لكن جمعها العداء للصهيونية, عقيدة وحركة وبرنامجا سياسيا واجتماعيا"(خليفة, 2011, ص221).

وقد اعتبرت أغودات يسرائيل العقيدة الصهيونية القائمة على فكرة القومية العلمانية (وما امتزج بها من عقائد كالليبرالية والاشتراكية, وغير ذلك), ودعوتها اليهود إلى التخلي عن العيش في "المنفى", وإلى الهجرة إلى فلسطين وإقامة دولة ومجتمع عصري فيها على أسس جديدة, كفرا ومروقا على الدين, وتخريبا للأسس الروحية والمادية التي كانت تقوم عليها حياة الطوائف اليهودية في العالم, وتمرداً على المشيئة الإلهية. وتمسك الحزب, في المقابل, بالتوراة والشريعة اليهودية أساسا وحيدا وحصريا لتنظيم حياة الأفراد والجماعات اليهودية وسلوكهم. كما تمسك بفكرة "الخلاص المشيحاني" القائلة بأن خلاص "الشعب اليهودي"  (والعالم), وعودة اليهود "المنفيين" إلى "الأرض المقدسة", وقيام "مملكة الرب" على الأرض لن تتم إلا مع عودة  "المشيح المنتظر", الذي سيظهر عندما تشاء العناية الإلهية, ولا تتم على يد الحركة الصهيونية, أو من خلال أي مسعى بشري(خليفة, 2004, ص222). إن تأسيس منظمة حريدية جاء كرد فعل على ظهور حركة التنوير اليهودية (الهاسكالا), من جهة, وكبديل ديني للحركة الصهيونية التي تتخذ من العلمانية والحداثة مثلاً أعلى لها. وترفض الانصياع لأوامر الله والحكم بما أنزل الله, إضافة إلى أنها استبدلت بالخلاصِ الأخروي الخلاصَ الدنيوي. 

ومهما يكن من أمر فقد اعترى الحركة العديد من التطورات, حيث تأثرت- كغيرها من الأحزاب اليهودية في فلسطين, فبعد أن كان الييشوف القديم يسيطر على فرع القدس, سيطر المهاجرون اليهود القادمون من ألمانيا وبولندا- في أعقاب صعود النازي إلى الحكم في ألمانيا- على مقاليد الأمور داخل الحركة في فلسطين, وراحوا يدخلون العديد من التغيرات في نشاطات الحركة وأهدافها في فلسطين على نحو صارت معه الحركة أكثر مرونة تجاه الحركة الصهيونية, وذلك بهدف تحقيق أكبر مكاسب دينية لجمهورها. وفي عام 1937, أبدت حركة أغودات عدم اعتراضها- لأول مرة- على فكرة إقامة "دولة يهودية" في فلسطين, وسعت إلى تأمين مصالحها في "الدولة اليهودية" المزمع إقامتها برغم خشيتها من قيام "دولة يهودية" بعيدة عن تعاليم الهالاخاه بقيادة يهود علمانيين. وقد ظهر هذا الموقف الجديد في بيان أصدره "مجلس كبار علماء التوراة" ردا على مشروع "بيل" لتقسيم فلسطين عام 1937م (الزرو, 1990, ص332).

ومع قيام "دولة إسرائيل" شاركت الحركة في مجلس الشعب (الكنيست), وشاركت في الحكومة الأولى, وتم تعيين رئيسها آنذاك الحاخام ي-م- لفين, كوزير في الحكومة. ومنذ ذلك الحين شاركت أغودات يسرائيل في انتخابات الكنيست ومثلت مؤيديها(درون, 1983, ص7). غير أن تخلي الحزب عن معارضته لقيام دولة يهودية, وقبوله بالمشاركة في مؤسسات الحكم, لم يعنيا اعترافه رسميا بإسرائيل كدولة يهودية, وإنما مجرد قبوله بها كأمر واقع, والاستفادة من  "اللعبة السياسية" لخدمة المصالح الروحية والمادية لأتباعه وأنصاره. ولا يزال أغودات يسرائيل يرفض الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية, ويعارض وضع دستور علماني للدولة(خليفة, 2011, ص179). ويرفض كل الرموز المرتبطة بها, وكذلك يرفض خدمة طلاب اليشفوت (المؤسسة الدينية العليا لتعليم الدين اليهودي) في الجيش(إمارة, 2005, ص82). ولقد تعرض حزب أغودات يسرائيل في تاريخه الطويل لعدة انشقاقات, حدث أولها في أواسط الثلاثينيات عندما انشقت عنه مجموعة من أبناء "اليشوف القديم" وأسست جمعية تبنت لاحقا اسم "ناطوري كارتا" (حراس المدينة, بالآرامية), وثانيها في أواسط الأربعينيات, عندما انشقت حركة بوعالي أغودات يسرائيل (عمال جمعية إسرائيل) التابعة له عن التنظيم العالمي لأغودات يسرائيل, وأنشأت تنظيما عالميا خاصا بها, وتحولت إلى حزب مستقل تقريبا مع قيام إسرائيل. وجرى ثالثها في سنة 1984 عندما انشق ممثلو الطوائف الشرقية في الحزب وأسسوا حزبا جديدا دعي شاس. أما رابعها فكان قبيل انتخابات سنة 1988, عندما انشق أتباع الحاخام اليعيزر مناحم شاخ, الزعيم الديني الأعلى للطوائف الليتوانية, بتعليمات منه, وأسسوا حزبا دعي "ديغل هتوراة". وقد اختفى بوعالي أغودات يسرائيل من الخريطة الحزبية بعد عودته إلى الحزب الأم في أواخر الثمانينيات. وتكتل ديغل هتوراة مع أغودات يسرائيل قبيل انتخابات سنة 1992 في كتلة دعيت "يهدوت هتوراة", ظلت متماسكة ما عدا فترة قصيرة(خليفة, 2011, ص223:222).

 من الواضح أن تأسيس حزب الأغودات جاء بهدف طرح بديل عالمي للوقوف أمام الطرح الصهيوني الذي ادعى تمثيل يهود العالم, فحركة أغودات تمثل اليهود الأتقياء الذين يتمسكون بالتراث الديني والعقيدة اليهودية, في جميع أنحاء العالم. أما الحركة الصهيونية فهي حركة سياسية علمانية تفصل الدين عن الدولة, ولقد حرصت أغودات منذ البداية على الابتعاد في خطابها عن السياسة, رغم طغيان النزعة السياسية المتصاعدة في التجمعات الاشكنازية اليهودية.

ثانيا: حركة "عمال أغودات إسرائيل: هبوعيل أغودات إسرائيل".

عمال أغودات إسرائيل هي: "منظمة عمالية دينية في إطار الحركة العمالية لـ "أغودات يسرائيل" هدفها إرساء الحكم الاجتماعي والاقتصادي على أسس التوراة وقوانينها وشرائعها, ويذكر المعجم الصهيوني أنها تأسست في بولندا عام 1922, على حين تذكر دائرة المعارف اليهودية "جودايكا" أنها تأسست في بولندا عام 1923, كمنظمة عمالية في إطار حركة "أغودات يسرائيل" والأرجح هو التاريخ الأول"(الشامي, 1994, ص162). وبسبب مرونتها تجاه الحركة الصهيونية دخلت منذ تأسيسها في صراع مع الحركة الأم (أغودات يسرائيل), وفي عام 1925 افتتحت هذه الحركة أول فرع لها في فلسطين باعتبارها تنظيما عالميا, غير أنها لم تتمكن من مواصلة نشاطها بسبب صراعها مع "أغودات يسرائيل", وامتناع الحركة الأخيرة تقديم مساعدات مالية لها, وفي عام 1946 بادرت الحركة إلى تأسيس "الاتحاد العالمي لبوعالي أغودات يسرائيل", واعتبرت هذه الخطوة في ذلك الحين إشارة إلى انسحابها من حركة أغودات يسرائيل واتحادها العالمي(منصور, 2009, ص203:202), (الزرو, 1990, ص352). ومع ذلك بقيت أغودات وبوعالي متقاربتين بسبب استمرار خضوع بوعالي لسلطة مجلس كبار علماء التوراة, لكن هذا الحال لم يستمر طويلا إذ قررت بوعالي الخروج على قرار هذا المجلس القاضي بعدم المشاركة في الحكومة وكان ذلك في عام 1961(الحافي, 2002, ص157). وبعد قيام "دولة إسرائيل" تحولت الحركة إلى حزب سياسي عمل على تشجيع الهجرة الجماعية إلى (إسرائيل) وتقوية الجيش الاسرائيلي بجميع الطرق لمواجهة الدول العربية ورغم النزعة الاشتراكية للحزب إلا أنه لم ينضم إلى الهستدروت بسبب سيطرة حزب الماباي والأحزاب غير المتدينة عليه(سالم, 2002, ص96).

يعتبر الخطاب السياسي والديني لحزب بوعالي أغودات يسرائيل أكثر اعتدلا من الحركة الأم أغودات يسرائيل, فالحزب له علاقات طبيعية مع كل من الحركة الصهيونية والدولة, فهو لا يناصب الحركة الصهيونية العداء أسوة بالحركة الأم أغودات يسرائيل كما إنه لا يكفر الحركة الصهيونية ولا يجرمها, كما يشارك في مؤسسات الدولة جميعها بما فيها الحكومة. لذلك يمكن القول إن حزب بوعالي أغودات يسرائيل أقرب إلى الأحزاب الدينية الصهيونية من قربه إلى الحركة الأم أغودات يسرائيل. ومن الواضح أن مواقف الحزب السياسية ليست ثابتة, وهو يخضع في كافة مواقفه السياسية, لمدى استجابة الحكومة أو الائتلاف الحكومي لمطالبه في الشؤون الدينية والمعونات المالية التي تخصص للمدارس الدينية. كما أنها تحمل تناقضا مميزا فقبوله ودعوته للاستيطان تجعل السلام أمر صعب التحقيق فالمستوطنات تمثل بؤرا للتوتر ولا يمكن أن تساعد على أي عملية سلمية. وهو في ذلك حاله حال معظم الأحزاب السياسية في إسرائيل.

 

ثالثا: كتلة "يهود التوراة: يهدوت هيتوراة":

هي كتلة دينية ظهرت- عشية انتخابات 1992- نتيجة اندماج حزبي "أغودات يسرائيل" و"ديغل هيتوراة" وقد دعت إلى ذلك الحاجة إلى توحيد العالم الحريدي الاشكنازي لمواجهة المنافسة القوية من جانب حزب" شاس" الحريدي السفاردي من جهة, والاستعداد لنسبة الحسم الجديدة التي ارتفعت من 1% إلى 1.5% من جهة أخرى. وقد ساعد على نجاح هذا الاندماج اشتداد وطأة المرض على الحاخام "شنيورسون" وانشغال أتباعه عن السياسة بمرضه(ماضي, 1999, ص266). وقد اتفق الحزبان على السعي لتوحيد الحزبين ومجلسي كبار علماء التوراة المشرفين عليهما, لكن عملية التوحيد لم تتم. وقد كان عدد المقاعد التي فازت الكتلة بها في الانتخابات المتعاقبة على الشكل التالي: 4(1992), 4(1996), 5(1999), 5(2003),6(2006), 5(2009)(خليفة, 2011, ص221).

من أبرز زعاماته الحاخام شاخ والحاخام أبراهم شابيرا. ويعرف الحزب باعتداله اتجاه الصراع العربي الاسرائيلي, ولديه استعداد للتخلي عن بعض من أجزاء "أرض إسرائيل" في الوقت الراهن, باعتبار أنه لا توجد إشارة إلى أن عملية الخلاص اليهودية قريبة(الشرعة وبركات, 2006, ص195). وربما تجدر الإشارة إلى أن الحزبين انفصل أحدهما عن الأخر في كانون الثاني/ يناير 2004, لخلاف بينهما بشأن توقيت الانضمام إلى حكومة شارون في تلك السنة, لكنهما عادا إلى الائتلاف قبيل انتخابات سنة 2006. وشاركت يهدوت هتوراة في الحكومات جميعها, ما عدا حكومة يتسحاق رابين سنة 1992. ومن المعروف أن يهدوت هتوراة ترفض تولي منصب وزاري, وتشارك في الحكومات الائتلافية من خلال تولي منصب نائب وزير, ورئاسة لجنة برلمانية مهمة(خليفة, 2011, ص221). جاء تشكيل كتلة "يهود التوراة: يهدوت هيتوراة", في إطار تصاعد الصراع الطائفي والاثني بين المتدينين الاشكناز من جهة و المتدينين السفارديم من جهة أخرى, في محاولة من المتدينين الاشكناز لمنافسة المتدينين السفارديم في الانتخابات بعد أن تفوقوا عليهم في الجولات الانتخابية السابقة.

رابعا: حزب "ديغيل هتوراة: راية (علم) التوراة".

ديغيل هتوراة (لواء التوراة) حزب من المتشددين دينيا, يمثل أغلبية الطوائف الليتوانية في العالم الحريدي. أسسه عشية انتخابات الكنيست الثاني عشر سنة (1988), زعماء القبائل الليتوانية في أغودات يسرائيل بمبادرة من الحاخام اليعيزر شاخ, رئيس "يشيفاه بونيباج" في بني براك والزعيم الروحي الأعلى للطوائف الليتوانية آنذاك, في أعقاب الانشقاق عن حزب أغودات يسرائيل وإنشاء حزب جديد, ليمثل أغلبية الطوائف الليتوانية من الحريديم, وذلك بعد أن ثار "شاخ" على زعامة أغودا- الحسيدية في أغلبها- بسبب علاقتها الوثيقة مع طائفة حباد الحسيدية, والتي أوشك أتباعها على الإعلان عن أن زعيمهم الديني المقيم في نيويورك "المعلم الحاخام لوبافيتش مناحيم مندل شنيورسون" هو المسيح المنتظر, ورفضها تكفيرهم وتكفير زعيمهم(خليفة, 2011, ص181). وعلى الرغم من أن الحاخام شاخ وقف على رأس الليتوانيين الذين خاضوا حربا ضروسا ضد غلاة "الحسيديم", فقد تلقى هذا الحزب دعما من بعض المجموعات الحسيدية, وخاصة من الحسيديم الذين درسوا في المدارس الليتوانية. ولم يحظ (ديغل هتوراة بتأييد الاشكناز فقط, إنما أيدته أيضا نسبة صغيرة من اليهود (السفارديم), وذلك بعد أن قام الحاخام (عوفاديا يوسف) بناء على طلب من الحاخام (شاخ) بكتابة رسالة تأييد (لديغل هتوراة)(الزرو, 1990, ص396). وقد فاز ديغل هتوراه في انتخابات عام 1988 بمقعدين في الكنيست, لكنه لم يواصل الانشقاق, وعاد إلى الاندماج مع حزب "أغودات يسرائيل" في إطار كتلة "يهدوت هتوراة", على أن يتم الاندماج الكامل بين الحزبين بعد الانتخابات(خليفة, 2011, ص225).

 من الواضح أن تأسيس حزب ديغيل هتوراة جاء أيضا في إطار الصراع الاثني, بين الطوائف الليتوانية التي أسست هذا الحزب من جهة, وبين الطوائف الحسيدية التي تسيطر على حزب أغودات يسرائيل من جهة أخرى. هذه الانشقاقات الطائفية والاثنية هي إحدى المميزات التي تتميز بها الحركات والأحزاب الدينية الحريدية, بكافة انتماءاتها العرقية والاثنية, وقد جاءت هذه الانشقاقات الطائفية والاثنية في إطار الصراع على السيطرة والهيمنة والقيادة, وهذا ما حصل أيضا مع حركة شاس.  

المبحث الثاني

الأحزاب الدينية المسيحانية السفاردية (اليهود الشرقيون).

شكلت الحالة الاجتماعية العرقية (الإثنية) في إسرائيل قضية مركزية للمجتمع الاسرائيلي, حيث فشلت محاولات الدمج التي قامت بها الحركة الصهيونية. ونتج عن ذلك بروز انقسام عميق بين الاشكناز والسفارديم, جعلت السفارديم يشعرون بالظلم والدونية. وهذا الحال ينسحب على السفارديم المتدينين, حيث الهيمنة الدائمة للاشكناز؛ الأمر الذي أدى إلى التمرد, وظهور حركة "شاس" ممثلة للسفارديم المتدينين (الشرقيين).  ولم تكن حركة شاس أول تمثيل للحالة السفاردية الحريدية فقد سبقها كل من الاحزاب الدينية الصهيونية (تالي) وحركة (تامي) إلا أنهما لم يحققا النجاح الذي نالته شاس, بل كانت تامي تجربة ممهدة لشاس, دعمت أمال السفارديم الحريديم نحو إقامة حزب أكثر التزاما وأوسع قاعدة.

 أولا: حزب "حراس التوراة الشرقيين: شاس".

      النشأة: "شاس (شومري توراه سفارديم/ السفارديون حراس التوراة) هو حزب ديني متزمت (حريدي)". أسسه قبيل انتخابات 1984 الأعضاء السفارديون (أبناء الطوائف اليهودية الشرقية) في حزب أغودات يسرائيل, بتشجيع من الحاخام اليعيزر شاخ, الزعيم الروحي للطوائف الليتوانية, وبمبادرة من الحاخام عوفاديا يوسف, الحاخام الأكبر السابق لليهود السفارديين, احتجاجا على الهيمنة الاشكنازية (أبناء الطوائف الغربية) على الحزب ورفضهم إعطاء السفارديين تمثيلا ملائما في مؤسسات الحزب وفي قائمة مرشحيه للكنيست(خليفة, 2011, ص226:225).

انشقت حركة شاس عن حركة أغودات يسرائيل على أثر قيام أغودات يسرائيل في بداية الثمانينيات بعرض قائمة مرشحين انتخابية, كلها من النخبة الغربية (اشكنازيم), بعد أن كانت أغودات يسرائيل على مدار التاريخ تقدم النخبة الشرقية (سفارديم) على النخبة الغربية (اشكنازيم), وقد خاضت شاس انتخابات سنة 1984 بقائمة مستقلة تحت اسم "شاس" وحصلت في الانتخابات الأولى لها على أربعة مقاعد, مقابل مقعدين لقائمة أغودات يسرائيل(أريان, 1985, ص140). وقد ظهرت حركة شبيهة بشاس في حي "بني براك" عرفت باسم "حاى", برئاسة "روفائيل بنحاسي" وبمباركة الحاخام "مناحيم شاخ" رئيس مجلس عظماء التوراة آنذاك(جبور, 1984, ص109:108). وفي عام 1984 اندمجت شاس مع كل من "حاى", وقائمة أخرى ظهرت في طبريا باسم "زاخ", وتم الإعلان عن قيام حزب سياسي تحت اسم "شاس" بزعامة "إسحاق بيرتس". وقد انضم إلى الحزب الجديد يهود من الطائفة اليمنية أيضا(ماضي, 1999, ص263). على ذلك فإن "شاس" تجسد جماعة شرقية في (إسرائيل), سواء على الصعيد الديني السفاردي- حاخامات من أصل شرقي يترأسهم الحاخام يوسيف, وهو الأب الروحي للحركة من أصل عراقي, أو على الصعيد السياسي, حيث يتواجد داخل الحركة أعضاء كنيست ورؤساء مدارس دينية ومدراء مؤسسات ونشطاء ميدانيون قاسمهم المشترك الجامع بينهم يتمثل في كونهم يهود شرقيين (سفارديم).

لقد ظهرت حركة شاس كنتيجة لصراع "ديني- ديني" شكل أهم قضايا النزاع المجتمعي في (إسرائيل) (عرقي), وهو صراع قديم عاصر الدولة الصهيونية من قبل إنشائها وما زالت مظاهر هذا التمييز تسود المؤسسة الرسمية في إسرائيل رغم المحاولات التي بذلتها وتبذلها حكومات متعددة للقضاء على هذه الظاهرة, وقد أصبحت شاس مع مرور الوقت إحدى الظواهر المميزة للصراع الطائفي داخل المجتمع الديني الاسرائيلي, خاصة وإنها أنشئت ردا على التمييز بين الاشكنازيم والسفارديم داخل حركة أغودات يسرائيل. ولم يقتصر الوضع السياسي لحزب شاس على المواقف الدينية, أو إبداء بعض الآراء السياسية, أو الاعتراض على موقف سياسي هنا أو هناك, بل أصبح الحزب مشاركا فعليا في صنع السياسة, ويلعب دوراً مباشراً في رسم السياسات, وذلك بحصوله على عدد كبير من المقاعد في الكنيست وصل في بعض الأحيان إلى 17 مقعدا وشكل في أكثر من انتخابات كنيست القوة الثالثة في الكنيست, وبالتالي شكل قوة أساسية في تشكيل أي ائتلاف حكومي, كما حصل على خمسة وزراء في بعض الائتلافات, منها وزارات مهمة مثل منصب وزير في المجلس الوزاري المصغر (الكابينت), وتحديدا في الائتلاف الحكومي الواحد والثلاثون والثاني والثلاثون, الأمر الذي أهله للمشاركة الفعلية والمباشرة في صناعة القرار السياسي.

ثانيا: خصائص الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) في إسرائيل.

للأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) في إسرائيل سمات وخصائص يمكن رصدها على النحو التالي:

  1. أن الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) في (إسرائيل)، تسعى إلى تحويل (إسرائيل)، إلى دولة (يهودية دينية تحكمها مبادئ التوراة وقوانين الهالاخاة) وفق المذهب الأرثوذكسي، لا تشريعات الكنيست وقوانينها التي جعلت من (إسرائيل) دولة علمانية.
  2. أن الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية)، وخاصة تلك التي نشأت قبل قيام (إسرائيل)، لم تطور نفسها كمنظمات سياسية فقط، وإنما مثلت وجوداً متكاملاً في مؤسساته المتنوعة وتنظيمه وأساليبه وأهدافه.
  3. أن الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), تركز تركيزاً شديداً على مسألة التربية والتعليم، لإيمانها أن التربية بمثابة مفتاح التغيير الحقيقي؛ لذا تتميز هذه الأحزاب عن غيرها بامتلاكها لشبكات تعليمية شبه متكاملة، فالأحزاب الحريدية تهدف من وراء التركيز على التربية إلى تبديل الوعي اليهودي– الصهيوني بوعي يهودي- توراتي لا صهيوني.
  4. أن الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), تخضع إلى مجالس روحية عليا وظيفتها توجيه هذه الأحزاب، والبت في الأمور الحاسمة التي تواجهها، فهذه الأحزاب، تخضع لسلطة آمرة، من قبل مجالس توراتية عليا.
  5. تعتبر الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), أحزاباً (براغماتية)، في نظرتها وتعاملها مع القضايا والشئون المختلفة باستثناء الشريعة الدينية، ولعل هذه الصفة التي لازمت هذه الأحزاب، خصوصاً بعد قيام(إسرائيل)، وذلك لعدة أسباب منها: الأهمية التي تعطي للحاخام، حق تأويل النصوص الدينية وفق أهدافه، وعدم تعامل هذه الأحزاب مع القضايا المطروحة، وفق الأسلوب التقليدي، والذي تنتهجه الأحزاب والحركات الأيديولوجية، والقائم على أساس التأييد الكامل أو الرفض القاطع، مما أعطى هذه الأحزاب فرصة تجزئة القضايا المثارة، والاتفاق على بعض هذه الأجزاء، والمخالفة لبعض أجزائها الأخرى، وفق قناعاتها الدينية والأيديولوجية.
  6. أن الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), تعتبر أن فلسطين الجغرافيا، جزءاً من "أرض إسرائيل" الدينية والتاريخية؛ لذا فهي أرض مقدسة من حق (شعب مختار)، وعندما يعلن بعض زعماء هذه الأحزاب تأييده للانسحاب من المناطق فهو يسوق الحجج الدينية والأمنية، التي تثبت أن الاحتفاظ بهذه الأراضي، يعرض حياة اليهود للخطر.
  7. تركز هذه الأحزاب في العادة على ضرورة العمل بكل الطرق لتعزيز الطابع اليهودي للدولة حسب المفهوم الأرثوذكسي، ولعل أهم هذه المطالب التي تشترك فيها هذه الأحزاب هو تعديل قانون( من هو اليهودي؟)، والحفاظ على حرمة السبت وعدم تدنيسه.
  8. تمتاز الأحزاب الدينية اليهودية الرافضة للصهيونية (الحريدية), في (إسرائيل)، بالدعم والتأييد والمساندة، من قبل الحكومات الإسرائيلية، ومن غالبية الجماعات المتدينة وغير المتدينة في (إسرائيل) والخارج، بمعنى أنها تعتبر أحزاباً دينيةً رئيسيةً فاعلة في رسم السياسات الإسرائيلية المختلفة.
  9. تمتاز الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), بكثرة انشقاقاتها الطائفية والعرقية, الناتجة عن صراعات على الهيمنة والقيادة والسيطرة الطائفية على الحزب.
  10. غلبت على الأحزاب الإسرائيلية عموماً، وخصوصا الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), سمات الانقسام والصراع، أكثر من عمليات التوحّد والاندماج. تلك الانقسامات التي قد تخبو أحياناً وتشتعل أحياناً أخرى، وعلى ذلك ظهرت في الحياة السياسية الإسرائيلية عدة أحزاب وحركات دينية أخرى, تؤمن أولاهما بالصهيونية وتعارض الأخرى هذه العقيدة السياسية.

الفصل الثاني

دور القوى الدينية الرافضة للصهيونية في الائتلافات الحكومية في الفترة الممتدة من 1996- 2013م.

يتوقف دور الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) في صنع الائتلافات الحكومية على شكل النظام الحزبي الذي يتأثر بفعل عوامل عديدة أهمها النظام الانتخابي, وشكل البناء الاجتماعي والإيديولوجي, ويعد الشكل الائتلافي للحكومة نتاجا لعدم حصول أي من الأحزاب السياسية على الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة في الانتخابات البرلمانية التي تجري وفقا لنظام التمثيل النسبي بالقائمة. وهذا يتطلب الوقوف على حقيقة دور الأحزاب الدينية الحريدية في الائتلافات الحكومية في "إسرائيل" في مدى التأثير في عملية صنع القرار السياسي وكذا في عملية رسم السياسات العامة في مجتمعها. حيث يشهد النظام السياسي في "إسرائيل" في أعقاب كل دورة انتخابية ميلاد حكومة ائتلافية تجمع بين أحد الأحزاب السياسية الكبيرة وعدد من الأحزاب السياسية الصغيرة. ولعل في تتبع تاريخ الحكومات الإسرائيلية ما يقطع بأن جل هذه الحكومات قد شارك فيها حزب ديني حريدي أو أكثر, إذ أدى موقع الدين في الدولة وتركيبها السكاني بجانب تطلعات كل طرف في كل ائتلاف إلى أن شاركت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), على نحو شبه دائم في الائتلافات الحكومية. وسوف نعرض لهذا الموضوع من خلال تتبع دور الأحزاب الدينية الحريدية في الائتلافات الحكومية في "إسرائيل" عبر مرحلتين, اتسمت كل مرحلة منها بسمات مختلفة عن الأخرى.

سوف يتم ذلك- بعون الله- من خلال تتبع الأحزاب في مبحثين اثنين: نتناول خلالها تشكيل الائتلافات الحكومية التي تتشكل في كل مرحلة انتخابية في "إسرائيل" وسوف نغطي سبع فترات انتخابية جرت خلال الفترة (1996- 2013), من أصل تسعة عشرة فترة انتخابية جرت منذ تأسيس "دولة إسرائيل". ففي المبحث الأول سنغطي ثلاث مراحل انتخابية هي من (1996- 2001), وأما في المبحث الآخر سنغطي أربع مراحل انتخابية هي من(2003-2013).

المبحث الأول: دور القوى الدينية الرافضة للصهيونية في الائتلافات الحكومية في الفترة الممتدة من 1996- 2003م.

شهدت هذه المرحلة إجراء ثلاث دورات انتخابية في أعوام 1996, 1999, 2003 تشكل خلالها أربع حكومات ائتلافية. وقد شارك حزب يهدوت هتوراه وحزب شاس, في جميع الحكومات باسثناء حكومة شارون عام 2003م. وقد شهدت هذه المرحلة تحولات نوعية جديدة في تاريخ الحكومات الإسرائيلية, فمن جهة شهدت هذه المرحلة تغيير في نظام الانتخابات, حيث أصبح انتخاب رئيس الوزراء بشكل مباشر حسب النظام الجديد, فقد تم انتخاب رئيس الوزراء بشكل مباشر من هيئة الناخبين, لثلاث فترات انتخابية 1996, 1999, 2003, على التوالي وكانت انتخابات 2001 قد شهدت انتخابات رئيس الوزراء دون انتخابات الكنيست لأول مرة في تاريخ "إسرائيل", قبل أن تعود إلى النظام القديم في انتخابات 2003. ومن جهة أخرى تغير ميزان القوى في الكنيست الإسرائيلي، حيث تصاعدت قوة الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) بشكل كبير خاصة حزب شاس الذي حصل على المرتبة الثالثة في انتخابات 1999, بحصوله على 17 مقعدا في الكنيست.

وفيما يلي نعرض للائتلافات الحزبية التي شكلت الحكومة خلال هذه المرحلة, ودور الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) في تشكيلها.

أولا: الائتلاف الحكومي خلال فترة الكنيست الرابعة عشرة 1996- 1999م.

  مثلت نتائج انتخابات الكنيست الرابعة عشرة (1996) نقطة تحول جديدة في تاريخ الحكومات الإسرائيلية, فمن جهة شهدت هذه الانتخابات- لأول مرة- انتخاب رئيس الوزراء بشكل مباشر من هيئة الناخبين, ومن جهة أخرى تغير ميزان القوة في الكنيست الإسرائيلي, حيث تراجعت قوة الحزبين الكبيرين ب (18) مقعدا, وعززت الأحزاب الدينية قوتها البرلمانية بـ (7) مقاعد, والأحزاب العربية والشيوعية ب (4) مقاعد, كما حصل حزبان جديدان على  (11) مقعدا. هذا, وقد شاركت جميع الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية)- الممثلة في الكنيست- في الائتلاف الحكومي الذي شكله رئيس الوزراء المنتخب, والذي شمل- بجانب الأحزاب الدينية- جل أحزاب اليمين والوسط. وفيما يلي سنعرض- بعون الله- لقوة الأحزاب الدينية في انتخابات الكنيست الرابعة عشرة, ولدورها في تشكيل الائتلاف الحكومي الحاكم(ماضي, 1999, ص397:396), وذلك من خلال تناول الموضوعين التاليين: 

 انتخابات رئاسة الحكومة, وانتخابات الكنيست الرابعة عشر(1996)م:

  أسفرت نتائج انتخابات رئاسة الحكومة, عن هزيمة مرشح حزب العمل, رئيس الحكومة السابق شمعون بيريز, وفوز مرشح الليكود, بنيامين نتنياهو, برئاسة الحكومة. وكانت هذه أول مرة ينتخب فيها رئيس الحكومة بصورة مباشرة, تطبيقا لتعديل في القانون الأساسي الخاص بالحكومة, اقره الكنيست في آذار/ مارس 1992, مع إرجاء تطبيقه إلى انتخابات سنة 1996. وعلى صعيد انتخابات الكنيست, أسفرت النتائج عن هزيمة ما يسمى "معسكر اليسار" أو "معسكر السلام في إسرائيل", وفوز معسكر اليمين القومي والديني(خليفة, 1996, ص75). 

جدول رقم (1)

نتائج انتخابات رئاسة الحكومة 29 أيار/ مايو 1996.

المرشح

عدد الأصوات

النسبة المئوية %

الناخبون اليهود (%)

الناخبون العرب (%)

بنيامين نتنياهو

1.501.023

50.4

55.5

5.2

شمعون بيريز

1.471.566

49.5

44.4

94.7

  (مجلة الدراسات الفلسطينية,  صيف 1996 , ص75).

 

جدول رقم (2)

نتائج انتخابات الكنيست الرابع عشر: 29 أيار/ مايو 1996- 17 أيار/ مايو 1999.

الأصوات الصالحة: 2,973,580
نسبة الحسم (1.5%). عدد الأصوات للحصول على مقعد في الكنيست:
25,779

اسم القائمة أو الحزب

عدد الأصوات الصالحة

الأصوات بالنسبة المئوية %

عدد المقاعد

هعفوداه (العمل)

818.741

27.5

34(-10)

الليكود- جيشر- تسوميت

767.401

25.8

32(صفر)

شاس

25.796

8.7

10(+4)

المفدال (حزب المتدينين الوطنيين)

240.271

8.1

9(+3)

ميرتس

226.275

7.5

9(-3)

يسرائيل بعليا

174.994

5.8

7(+7)

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة

129.455

4.4

5(+2)

يهدوت هتوراه

98.657

3.3

4(+صفر)

هديريخ هشليشيت

96.474

3.2

4(+4)

الحزب الديمقراطي العربي

89.514

3.0

4(+2)

موليدت

72.002

2.4

2(-1)

المصدر: (الكنيست, 2011), (خليفة, 1996, ص18:17).

أسفرت انتخابات الكنيست الرابعة عشرة عن ثلاث نتائج هامة هي: تراجع قوة الحزبين الكبيرين (العمل والليكود), وتعاظم قوة الأحزاب الدينية, وتصاعد دور العامل العرقي وبروز اليمين القومي المتشدد. إن تصاعد قوة التيار الديني المتمثل في الأحزاب الدينية الحريدية, كان يتدعم بمرور الوقت عبر تفاقم الصراع الثقافي بين الدينيين والعلمانيين. فقد ارتفع عدد المقاعد التي حصل عليها التيار الديني من 16 مقعدا عام 1992 إلى 23 مقعدا عام 1996 بزيادة قدرها (7) مقاعد, وكان نصيب الجناح الديني الحريدي منها (14) مقعدا (56.5%) مقابل (9) مقاعد للجناح الديني الصهيوني (43.5). وهذا يعني تعاظم قوة الجناحين, واستمرار تفوق الجناح الحريدي(الشامي, 1997, ص267-272), (جبريل, بدون, ص186:185).

ويمكن تفسير أسباب تصاعد قوة الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), بخلاف تمكين النظام الانتخابي الجديد الناخبين المتدينين من التصويت لأحزابهم وقوائمهم المختلفة بجانب التصويت لصالح مرشح الليكود وذلك بدلا من الاختيار بين قوائمهم وحزب الليكود أو العمل مثلا- في ضوء العوامل والظروف التالية(ماضي, 1999, ص406:405):

أ‌. استنفار الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) جمهورها الانتخابي بعد هجوم اليسار الإسرائيلي- بشكل عام- عليها اثر اغتيال "رابين", الأمر الذي رفع نسبة تصويت الناخبين المتدينين.

ب‌.         إدارة الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) حملاتها الانتخابية بكفاءة عالية, واستخدامها خبرات وكفاءات تنظيمية رفيعة المستوى, وأدوات دعائية متقدمة. هذا بجانب وجود شخصيات دينية قيادية داخل هذه الأحزاب, تمتلك قدرات خطابية مؤثرة مثل: الحاخام "شاخ" والحاخام "عوفاديا يوسف" وغيرهم. كما راح كل حزب يركز اهتماماته على مسألة أساسية بعينها, فحزب شاس وضع على رأس أولوياته هدف إنصاف الطوائف الشرقية, أما قائمة يهدوت هيتوراه فقد دعت إلى الاهتمام بما أسمته "الأخوة اليهودية", وهكذا.

ت‌.         حصول الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) على أصوات بعض الفئات العلمانية التي يوصف أفرادها بـ "التقليديين". هذا إلى جانب تصويت الأفراد العائدين إلى الدين "التائبين", وعدد يعتد به من نساء الحريديم إلى جانب الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) لأول مرة. وغني عن البيان أن معدل المواليد في الوسط الديني مرتفع. كذلك لجوء الأحزاب الدينية الحريدية إلى أساليب احتيال والتزوير للحصول على الأصوات.

  حكومة "بنيامين نتانياهو": الائتلاف الحكومي السابع والعشرون: 18 يونيو 1996:

لقد أدركت الأحزاب الدينية الحريدية, وبخاصة حزب شاس, أن ائتلافا يمينيا- من الليكود وجميع أحزاب اليمين والوسط (45) مقعدا- لا يمكن أن يرى النور من دون مشاركتها, ومن هنا شرعت هذه الأحزاب في ممارسة عمليات الابتزاز والمساومة ذاتها التي طالما مارستها من قبل. ولهذا راحت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), تسعى إلى تحقيق مصالحها التي ما فتئت تسعى دوما إلى بلوغها, وكان على رأس هذه المصالح تعديل قانون "العودة" وفقا للرؤية الأرثوذكسية, وإعادة البلاد إلى حالة "الوضع الراهن" الذي كان قائما قبل عام 1992م. وفي هذا الإطار قدمت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), مطالبها في المجالات المختلفة, وطالبت بسن قوانين في شأنها, وهي(الشامي, 1997, ص265:260), (خليفة, 1996, ص24:22):

1-         في مجال المناصب الوزارية والسياسية, طالبت بخمس وزارات على الأقل, وبمنصبي نائب وزير الإسكان بالحكومة, ورئيس اللجنة المالية في الكنيست, كما طالبت بتعيين ممثلين ثلاثة لها في مجلس إدارة مؤسسة اليانصيب الوطني لضمان تمويل المؤسسات الدينية.

2-         في مجال التعليم, طالبت بزيادة المخصصات المالية للمؤسسات والمدارس الدينية, وتعظيم الاهتمام بدراسة "التاريخ اليهودي" ودولة "إسرائيل", وإعادة الإشراف على هيئة الإذاعة إلى وزارة التعليم.

3-         في مجال السبت, نادت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), بالحفاظ على حرمة السبت, وعدم تدنيسه بممارسة أي نشاط عام أو خاص إلا في ضوء الاستثناءات الشرعية, ومنع إقامة مباريات كرة القدم أيام السبت.

4-         في مجال البناء والإسكان, طالبت تلك الأحزاب بالحفاظ على حرمة القبور والحيلولة دون تدنيسها, وذلك عن طريق اشتراط موافقة الحاخامية الرئيسية أو أية جهة دينية أخرى على أية عملية تقوم بها لجان التنقيب عن الآثار, كما طالبت ببناء مائة ألف وحدة سكنية للعائلات المتدينة, وقيام الحكومة بتقديم هذه الوحدات مدعمة للشباب المتدين. كما أعلن الحاخام "مائير بورش" أن المتدينين ينوون الاستيطان في "كريات سفر" "و "بيت شمش" و"شوعفات" بالقدس الشرقية, وطالب بتوفير مناطق بناء مجانية في أماكن نائية لإسكان المتدينين بحجة توزيع السكان.

5-         في مجال مؤسسات الدولة السياسية والقضائية والعسكرية والدينية, طالبت الأحزاب الدينية الحريدية بعدم تغيير نظام الانتخابات إلا بموافقتها, وتوسيع صلاحيات القضاء الديني ووقف تدخل القضاء المدني في شؤونه, وعدم إصدار أي تشريع يتعلق بشؤون الدين إلا بموافقتها, والاستمرار في إعفاء الشباب المتدين من الخدمة العسكرية, وعدم ضم يهود إصلاحيين للمجالس الدينية المحلية, وتحمل الحكومة العجز المالي في موازنة بلدة "بني براك", وسن قوانين تمنع التحريض ضد الدين والحد من تدخل المحكمة العليا في شؤون الدين. ولأجل الحيلولة دون تشكيل حكومة وحدة وطنية, طالبت الأحزاب الدينية الحريدية بعدم ضم أية كتلة برلمانية أخرى إلى الائتلاف إلا بموافقتها.

  كما تقدمت الأحزاب الدينية الحريدية بسلسلة أخرى من المطالب تضمن احترام القيم الدينية وتعزز دور الدين في المجتمع, مثل: مكافحة مظاهر الإباحية والرذيلة المنتشرة في المجتمع, الالتزام بالقواعد الدينية في أمور الميلاد والزواج والطلاق والدفن, الفصل بين الجنسين في قاعات المدارس وصالات السينما, وتشجيع الإنجاب, ودعم العائلات كثيرة العدد, واستمرار القانون الذي يحظر استيراد اللحوم غير المذبوحة حسب الشريعة لمدة غير محدودة, وتحريم استخدام لحم الخنزير في المطاعم ومنع تربيته في "إسرائيل" أو إدخاله إلى أراضيها, وسن قانون ينظم عمليات زرع الأعضاء وتشريح الجثث ويخضعها لقيود شديدة من الحاخامات, وتعديل قانون الإجهاض بصورة عامة إلا في حالات الطوارئ وبموافقة حاخام معتمد, وتخصيص قنوات إذاعية ومرئية للجمهور الديني, وإلغاء نظام التوقيت الصيفي.

وعلى صعيد السياسة الخارجية, عارضت الأحزاب الدينية الحريدية: قيام دولة فلسطينية, وأية سيادة أجنبية غربي نهر الأردن, وعودة اللاجئين, والانسحاب من الجولان, كما طالبت بإلغاء قرار تجميد عمليات الاستيطان, والعمل على تعزيز الاستيطان وعدم إزاحة أية مستوطنة من مكانها, وضمان أمن المستوطنين, وأكدت على التمسك بالقدس كعاصمة موحدة وأبدية للدولة, ونادت بالعمل على تكثيف عمليات البناء في المدينة وضواحيها.

 وقد انتهى "نتانياهو" من مشاوراته مع الأحزاب الدينية الحريدية بعد أن استجاب لبعض مطالبها, وتجاهل البعض الآخر. لقد أدى ميزان القوى الجديد في الكنيست إلى تحجيم ما منحه القانون الجديد لرئيس الحكومة, فأدرك نتانياهو- وكذلك واضعو القانون- أن ابتزاز الأحزاب الصغيرة لا تزال قائمة, بل وصارت أقوى من ذي قبل نظرا لتصاعد قوتها البرلمانية. ومهما يكن من أمر, فقد انتهى نتانياهو إلى تشكيل ائتلاف حكومي من ستة أحزاب وقوائم برلمانية, ضمنت له ثقة (66) عضو كنيست.

جدول رقم (3)

الأحزاب والقوائم التي شكلت الائتلاف الحكومي السابع والعشرين 18 حزيران/ يونيو 1996- 6 تموز/ يوليو 1999.

الحزب أو القائمة

نسبة الأصوات %

عدد المقاعد

عدد الوزراء

الليكود/ جيشر/ تسوميت

25.1

33

11

شاس

8.5

10

2

المفدال

7.9

9

2

يهدوت هيتوراه

3.2

4

نائب وزير

إسرائيل بعليا

5.7

7

2

الطريق الثالث

3.1

4

1

المجموع

53.5

66

18

    المصدر: (ماضي, 1999, ص411).

وقد حصل حزب شاس على وزارتي الداخلية ايلي سويسه, والعمل والشؤون الاجتماعية الياهو (ايلي) ييشاي, وبقيت وزارة الأديان في يد رئيس الحكومة بعد تنازع حزبي شاس والمفدال عليها, إلى أن تم الاتفاق بعد ذلك على تناوب الحزبين عليها. كما حصل الحاخام "مائير بوروش", من يهدوت هتوراه, على منصب نائب وزير البناء والإسكان. وقد وافق نتنياهو على مطالب الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), في صياغة الخطوط الأساسية لحكومته- تحت بند الدين والدولة- على الأمور التالية(خليفة, 1996, ص75:70), (ماضي, 1999, ص412:411):

                 أ‌-  حرص الحكومة على المحافظة على الوضع القائم في الشؤون الدينية.

               ب‌-                        تعديل قانون تحويل الديانة بحيث لا يعترف بالتهويد في "إسرائيل" إلا بمصادقة من الحاخامية الرئيسية.

      ت‌-          العمل على إجراء أنشطة بحثية في شأن تاريخ "أرض إسرائيل" و"شعب إسرائيل" بما في ذلك القيام بحفريات أثرية, مع المحافظة على احترام القبور.

      ث‌-          قيام الحكومة بتنظيم صلاة اليهود, تبعا لأحكام الشريعة اليهودية, في جميع الأماكن المقدسة. تحقيق المساواة في جميع قطاعات التعليم.

      ج‌- العمل على رفع مستويات الطبقات الفقيرة والشباب حديثي الزواج والعائلات كثيرة العدد وحل مشاكل الإسكان لجميع قطاعات الشعب.

كما وافق نتنياهو على التعديلات التي طالبت بإدخالها الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), على برنامج الحكومة منها: التأكيد على إلغاء قرار تجميد المستوطنات والعمل على ترسيخ وتطوير مشاريع الاستيطان اليهودي, ومعارضة قيام دولة فلسطينية مستقلة أو أية سيادة أجنبية غربي نهر الأردن, ومعارضة عودة "السكان العرب" إلى مناطق "أرض إسرائيل" غربي نهر الأردن. كما أصرت الأحزاب الدينية الحريدية بإضافة كلمة وضواحيها في الفقرة الخاصة بتعزيز البناء في القدس إلى كلمة القدس(ماضي, 1999, ص413).

وقد شهد العام الأول من حكومة نتنياهو أزمات متلاحقة سواء سياسية أو ائتلافية أو داخل ائتلاف (الليكود- تسوميت- غيشر), وكانت هي العلامة المميزة لهذا الائتلاف, ثم دخلت الحكومة في أزمة إعادة العملية السلمية إلى مسارها الطبيعي. إلا أن أهم المشاكل التي وقعت فيها هذه الحكومة هي فضيحة (بار اون), والتي كانت شاس طرفا مباشرا ورئيسا فيها, وما ترتب على ذلك من حدوث أزمة ائتلافية كبيرة, وتصريحات من بعض الوزراء حول احتمالات انهيار الائتلاف الحاكم. ولكن الملفت للنظر في هذه المشكلة هو اقترانها بقضايا الفساد التي يحاكم عليها زعيم شاس آرييه درعي, وقضية استمرار العملية السلمية وخاصة التصويت على إعادة الانتشار في الخليل ومحاولة ابتزاز رئيس الحكومة بتعيين (بار اون) مستشارا قانونيا للحكومة والذي كان من المحتمل أن يقوم بإغلاق ملف الفساد الموجهة ضد آرييه درعي(شعبان, 1997, ص28). خلال هذه الفترة بدأت تبرز ملامح مبدئية لدور حركة شاس داخل الائتلاف الحاكم, وان كانت ملامح هذا الدور لم تتضح بعد إلا أن أهمها(شعبان, 1997, ص29):

  •  قدرة الحركة على إفراز شخصيات من غير أعضاء الحركة داخل الكنيست, حيث استحضرت شاس "ايلي سويسا" لكي يكون وزيرا للداخلية.
  •  بروز آرييه درعي كقوة مسيطرة يتحكم في الحركة, ودل على ذلك الانتخابات الأخيرة.
  •  قدرة درعي على إجراء مناورات في الخفاء (بار- اون).
  •  محافظة حركة شاس على الائتلاف, حيث صوت نواب الحركة لصالح الحكومة في اقتراحات حجب الثقة عن الحكومة التي قدمت في السنة الماضية وكذلك عدم الانسحاب من الائتلاف بعد التحقيق في قضية بار- اون.

 أدت انتخابات الكنيست 1996, إلى صعود قوة الأحزاب الدينية الحريدية من عشرة مقاعد في انتخابات العام 1992 إلى أربعة عشرة مقعدا في انتخابات العام1996, وهبوط قوة الحزبين الكبيرين (العمل والليكود), وهذا أدى بدوره إلى استمرار الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) في ممارسة كل صنوف الابتزاز وأنواع المساومة, فقد أعطى قانون الانتخابات المباشر الذي كان الهدف منه تحرر رئيس الوزراء من ابتزاز الأحزاب الصغيرة، فرصة اكبر لهذه الأحزاب وخاصة الحريدية لممارسة الضغوط، فبدلا من ممارسة الضغوط فقط في انتخابات البرلمان للحصول على امتيازات، أصبح هناك انتخابات أخرى وهي رئاسة الوزراء التي مارست الأحزاب الحريدية أعلى درجات الابتزاز لموافقتها للاقتراع لصالح رئيس وزراء معين، وفي هذا الإطار تقدمت الأحزاب الدينية الحريدية بقائمة طويلة من المطالب ثمنا لدعم حكومة نتنياهو. وقد استجاب نتنياهو لبعض من هذه المطالب, وتغاضي عن البعض الآخر. وإن ما دفع الأحزاب الدينية الحريدية إلى التغاضي عن بعض مطالبها هو الخوف من تشكيل حكومة وحدة وطنية.

ثانيا: الائتلافان الحكوميان خلال فترة الكنيست الخامسة عشرة 1999- 2003م.

جرت الانتخابات الإسرائيلية لرئيس الحكومة وللكنيست الخامس عشر مبكرة بعد ثلاث أعوام من تسلم الليكود, بزعامة بنيامين نتنياهو, مقاليد السلطة في إسرائيل. وقد فاز رئيس حزب العمل أيهود براك بمنصب رئيس الحكومة, كما فازت القائمة التي يتزعمها(إسرائيل واحدة) والتي تتكون من أحزاب (العمل- غيشر- ميماد) بأكبر عدد من الأعضاء في الكنيست(حيدر, 2005, ص36:35).     

تُظهر نتائج الانتخابات للكنيست الخامسة عشر تعاظم قوة المتدينين (خاصة الحريديم) بصورة غير, كانت الظاهرة الأبرز في هذه الانتخابات النجاح الكبير الذي حققته حركة شاس (السفاردية الأرثوذكسية),(Elazar, and Mollov, 2001, p.320). والتي حصلت على 17 مقعدا في الكنيست الخامسة عشرة مقابل 10 مقاعد في انتخابات الكنيست الرابعة عشر 1996. فقد استقطبت الحركة بشكل لم يسبق له مثيل جمهور السفارديم, خاصة المحافظين دينيا, لذلك فقد تحولت الحركة إلى واحدة من أهم اللاعبين الرئيسيين على الساحة السياسية(حيدر, 2005, ص36:35). وقد شغلت الكنيست الخامسة عشرة مهام منصبها لمدة ثلاث سنوات ونصف تقريبا. وخلالها كانت هناك حكومتان– الحكومة الثامنة والعشرون برئاسة أيهود باراك, والحكومة التاسعة والعشرون برئاسة أريئل شارون. وقد تم انتخاب كلَ من باراك وشارون بانتخابات مباشرة لرئاسة الحكومة(الكنيست, 2011).    

جدول رقم (4)

نتائج انتخابات الكنيست الخامسة عشرة: 17أيار/ مايو 1999- 28 كانون الثاني/ يناير 2003.

الأصوات الصالحة: 3,309,416. نسبة الحسم: 49,672 . 1.5%. عدد الأصوات للحصول على مقعد في الكنيست: 25,936

اسم القائمة

عدد الأصوات الصالحة

الأصوات بالنسبة المئوية

عدد المقاعد

يسرائيل أحات (إسرائيل الواحدة)

670.484

20.2

26(-8)

الليكود (التكتل)

468.103

14.1

19(-13)

شاس

430.676

13

17(+7)

ميرتس

253.252

6.7

10(+1)

يسرائيل بعليا

171.705

5.1

6(-1)

شينوي- الحركة العلمانية

167.748

5

6(+6)

حزب المركز

165.622

5

6(+6)

المفدال (حزب المتدينين الوطنيين)

140.307

4.2

5(-4)

يهدوت هتوراه همئوحيدت

125.741

3.7

5(-1)

القائمة العربية الموحدة

114.810

3.4

5(+5)

الاتحاد الوطني (ايحود لئومي)

100.181

3.0

4(+4)

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة

87.022

2.9

4(-1)

يسرائيل بيتنا

86.153

2.6

3(+3)

التجمع الوطني الديمقراطي

66.103

1.9

2(+2)

عام أحاد

64.143

1.9

2(+2)

 المصدر: (الكنيست، 2003).

جدول رقم (5)

الأحزاب والقوائم التي شكلت الائتلاف الحكومي (الثامن والعشرين) السادس تموز/ يوليو 1999- 7 آذار/ مارس 2001.

الحزب أو القائمة

نسبة الأصوات %

عدد المقاعد

عدد الوزراء

إسرائيل الواحدة

20.2

26

9

شاس

13

17

4

ميرتس

6.7

10

2

الحزب القومي الديني (المفدال)

4.2

5

1

يسرائيل بعلياه

5.1

6

1

يهود هتوراة

3.7

5

-

حزب المركز

5.0

6

1

المجموع

57.9

75

18

المصدر: (حرب, 2001, ص81).

 جاءت هذه الحكومة تعزيزا لموقف باراك فيما يتعلق بالابتزاز الذي عادة ما تمارسه الأحزاب الصغيرة, خاصة الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), المشاركة في الائتلاف الحكومي من أجل ضمان عدم انسحابه وتعريض الحكومة لخطر فقدان الأغلبية البرلمانية والسقوط حيث إنه يمكن له في هذه الحالة بفضل الأغلبية التي كسبها أن يستبدل الحزب المنسحب بآخر من خارج الحكومة‘ أو أن يستغني عن ضم هذا البديل ويظل محتفظا بالأغلبية, وفي كلتا الحالتين يكون الحزب المنسحب هو الخاسر الأكبر لأنه سيحرم من فرصة الاشتراك في الحكومة. ولكن على الرغم من ذلك فقد نجحت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), على تحقيق ما لم تستطع تحقيقه من قبل, حيث حصلت حركة شاس على أربعة وزراء في الائتلاف الحكومي, وهم  شلومو بنيزري (وزير الصحة), ايلي سويسا (وزير البنى التحتية), ايلي يشاي (وزير العمل والرفاه الاجتماعي), اسحق كوهين (وزير الأديان), كما حصلت على نائب وزير الاتصالات (اسحق فعكنين), ونائب وزير المعارف (ميشولام نهاري), وثلاث نواب وزراء وهم, ونائب وزير المالية (نسيم دهان), وهذا أمرٌ يحصل لأول مرة لحزب ديني(منصور, 2009, ص216).  

نجح باراك في توسيع حكومته, فقد أقرت الكنيست في 1/8 وبأغلبية ساحقة توسيع الحكومة, وذلك بعد أن استطاع باراك إقناع حركة شاس بالتنازل عن مطالبتها بالحصول على نائب وزير رابع آخر, والاكتفاء بنائبي وزير فقط بالإضافة إلى أنهم حصلوا على نائب وزير قبل ذلك. بينما حركة يهدوت هتوراه تساند الحكومة من الخارج(حمدي, 2001, ص82). من جهة أخرى شكلت الأزمة المستمرة بين حركتي شاس وميرتس دافعا لبراك, للعمل على توسيع الحكومة, ولذلك قام براك بعدة مشاورات واتصالات من أهمها (شعبان, 2011, ص15-17):

1-         الاتصالات التي جرت مع أعضاء كتلة شينوي في مطلع ابريل, ولكن بسبب طبيعة شينوي الإيديولوجية والعلمانية, فقد رفضت الحركة المشاركة في الائتلاف بسبب وجود حركة شاس, وبالتالي فقد رفض براك إجراء تعديلات يتخلى فيها عن شاس.

2-         بحث براك مع أعضاء حزب العمل, في إمكانية إعادة يهدوت هتوراه للائتلاف من خلال تعزيز الصلات معها, ولدعم موقف براك التفاوض في حل الأزمة بين شاس وميرتس, ولكن يهدوت هتوراه رفضت العودة إلى الائتلاف, بسبب وجود حركة ميرتس العلمانية.

3-         ولكن الذي حدث أن هذه الحكومة فقدت أغلبيتها بعد أقل من عامين على تشكيلها(حمدي, 2001, ص82). نتيجة العديد من الأزمات التي واجهتها هذه الحكومة, كان للأحزاب الدينية الحريدية نصيب الأسد منها, ومن أهم هذه الأزمات:

4-         حدثت الأزمة الأولى بعد أن حاز الائتلاف على ثقة الكنيست بيوم واحد فقط, وذلك بعد أن انسحب نائبان من حزب إسرائيل بعليا, وقاما بتشكيل قائمة جديدة, وعلى اثر ذلك طالبت حركة شاس بحقيبة الداخلية, والتي انتزعتها منها إسرائيل بعليا.

5-         أزمة المولدات... وانسحاب يهدوت هتوراه, فقد أدت عمليات نقل المولد الكهربائي من رمات هشارون إلى مدينة اشكون ليلة السبت إلى انسحاب يهدوت هتوراه من الائتلاف الحاكم, وقد بدأت النزاعات بين الحكومة والأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) (شاس- يهدوت هتوراه) حول نقل المولدات ليل السبت المقدس دينيا, بسبب إعاقتها لحركة المرور لكبر حجمها 250 طن, ولا يمكن السير بسرعة تتجاوز 5 كم/س فقط, وقد أكدت شاس من خلال الوزير سويسا "إن أي وزير متدين لن يتمكن من البقاء على طاولة الحكومة إذا انتهت عطلة السبت, وقد وافقت المحكمة العليا على إجراء عملية النقل ليل السبت لنفس الأسباب ولكن هذا لم يرق للأحزاب الدينية الحريدية, فطلبت المحكمة من شركة الكهرباء دراسة بدائل لعملية النقل, وقد أخذت القضية منحى آخر, حيث هاجم أعضاء في "إسرائيل" واحدة وزير البني التحتية عن حركة شاس ايلي سويسا المعارض لنقل المولدات, بسبب تلقيه أوامر بذلك من آرييه درعي زعيم حركة شاس المستقيل, والذي كان موجودا حينها في الولايات المتحدة, بهدف إسقاط الحكومة, إلا أن مصادر أخرى أكدت أن تصرفات شاس مرتبطة بوضع جهازها التعليمي الغارق في ديون مالية, بينما اعتبرت الحكومة مسألة نقل المولدات الكهربائية مسألة مهنية, ولذلك فقد قررت دائرة الأشغال العامة والشرطة نقل المولدات ليل السبت, حيث نقل المولد الأول في 14/8 تحت حراسة الشرطة, حيث استغرق عملية النقل 13 ساعة, وبعد ذلك طالبت الأحزاب الدينية الحريدية بعدم نقل مولدات أخرى يوم السبت رغم معرفتها المسبقة أن هناك عدة مولدات أخرى سيتم نقلها لاحقا, وهو ما أثار أزمة جديدة داخل الائتلاف الحاكم, وداخل حركة شاس, حيث رفض وزير العمل عن حركة شاس ايلي يشاي منح ترخيص بنقل المولد الكهربائي يوم السبت, مما دعى بعض القوى العلمانية لاستصدار قرار من المحكمة العليا, تأمر فيه وزير العدل بمنح التصاريح اللازمة لذلك.

من جهة أخرى طلب حاخامو يهدوت هتوراه, بانسحاب الحركة من الائتلاف إذا ما تم فعلا نقل المولد الثاني ليل السبت, وتبعتها شاس في هذا, ومن المعلوم إذا انسحبت (شاس- يهدوت هتوراه) من الائتلاف, فان حكومة براك ستصبح حكومة أقلية, تستند فقط على 51 عضو كنيست, مما أشعل الضوء الأحمر لذا باراك, وعلى الفور نفى باراك أن يكون لديه النية بالمس بقدسية السبت, ولكنه طالب التعامل مع الواقع, حيث أكد في نهاية القرن العشرين لا يمكن التدخل سياسيا في قضايا تجارية صرفة, ولا توجد إمكانية لإبطال قرارات المحاكم, بعد أن أقرت كل الجهات المهنية, انه لا يمكن نقل المحولات في الأيام العادية. وبعد تمسك الأحزاب الدينية الحريدية بموقفها, التزم الطرفان (الحكومة وشاس) بصيغة جديدة, حيث تم الاتفاق على نقل المولد الكهربائي الثاني بواسطة أطراف غير يهودية, وان يباشر تحركه قبل بداية عطلة السبت. ولا يتم تفريغ الحمولة إلا بعد نهاية عطلة السبت. ورغم ذلك فقد أعلنت يهدوت هتوراه في 5/9 عن انسحابها من الائتلاف اثر عمليات نقل المولدات الكهربائية ليلة السبت. ومن المعلوم أن أزمة المولدات ليست الأولى في الائتلاف الحالي. حيث هناك عدة أزمات افتعلتها شاس من أهمها(شعبان, 2011, ص23):

-    التهديد بعدم التصويت لصالح توسيع الحكومة, إذا لم تحصل على ميزانية لجهازها التعليمي.

-    تصويت وزراء شاس ضد المصادقة على الميزانية.

-   قضية المولدات.

-   المطالبة بوزير خامس.

-   تشكيل لجنة تشاورية مع الليكود.

-   عدم التصويت في الكنيست على المصادقة على اتفاقية شرم الشيخ.

-   التصويت ضد الحكومة في لجنة المالية, حيث صوتت شاس ضد طلب الحكومة نقل ميزانيات بعشرات ملايين الشواقل.

واظهر باراك توجهات أخرى تمثلت في إجراء مفاوضات مع شينوي وشعب واحد وحزب الغد, بصدد توجيه ضغط مستمر على شاس لمنعها من الانسحاب, وكذلك للحد من ابتزازاتها المستمرة ضد رئيس الحكومة, رغم أن شاس لم تتحدث عن الانسحاب من الائتلاف ولكنها كانت إمكانية واردة.

بدأت التوترات في الائتلاف تظهر بوضوح في مطلع نوفمبر 1999, حيث اعترضت حركة ميرتس على مطالبة حركة شاس بميزانية كبيرة لشبكة التعليم الحريدي التابع لها, حيث قرر أعضاء حركة شاس التصويت ضد الحكومة في الكنيست وفي لجان الكنيست المختلفة, وانضم إليهم أعضاء حزب المفدال, وهو ما اظهر بوضوح عدم وجود أغلبية لتمرير مشروع الميزانية. وعلى ذلك هاجم باراك توجهات حركة ميرتس وشاس, والية التفاعل بين الحركتين المشاركتين في الائتلاف. ندد براك بموقف حركة شاس, وأكد انه لا يمكن لأي حزب في الدولة أن يسقط الحكومة, وإذا كانت شاس لا تريد أن تكون في الحكومة فلن يجبرها احد على ذلك, وان الحكومة ستستمر بدونها في إسرائيل. ولم تعقب شاس على أقوال باراك, ولكن نائب وزير التعليم ميشولام نهري (شاس), أكد أن على حكومة باراك العمل على تغطية العجز في شبكة تعليم شاس ولن يكون مفر أمامها سوى سد هذا العجز.

وبدا واضحا انه ليس أمام باراك سوى التفاوض مع حركة شاس, حيث تمت المفاوضات بين وزير المالية أبراهام شوحاط, ورئيس حركة شاس ووزير العمل والرفاه الاجتماعي الوزير ايلي يشاي, وقد أصرت شاس على مطالبها, لكن عدم رضوخ باراك لمطالبها, أدى إلى أن تتخذ شاس خطوات, هدفها الضغط على باراك, وكان أهمها إبراز معطيات دلت على ارتفاع معدلات البطالة, والفقر في إسرائيل, وهو ما احدث مواجهة أخرى بين (باراك/ يشاي), حيث (شوحاط/ يشاي), حيث أكد باراك أن يشاي لم يحرك ساكنا من اجل سد هذه الفجوات, رغم أن ميزانية وزارة العمل اكبر من ميزانية الدفاع. أما وزارة المالية فقد اتهمت يشاي بأنه أغلق عمدا دورات للتدريب المهني من اجل زيادة حجم البطالة(شعبان, 2011, ص24). ويلاحظ أن عمليات التوتر كانت تزداد كلما اقترب موعد التصديق على الميزانية, وكلما كانت هناك مشاريع قوانين مطروحة للتصويت في الكنيست, حيث أيدت حركة شاس مشاريع عديدة قدمتها قوى المعارضة, فيما أعلنت صراحة أنها ستصوت ضد مشروع الميزانية, إذا لم يتم تحويل أموال لمؤسسات شاس ستتوجه إلى الانتخابات, وهو ما دفع وزراء إسرائيل واحدة للتوصية لرئيس الوزراء, بالتوجه إلى الائتلاف مع يهدوت هتوراه وشينوي, وإقامة شبكة أمان مع الأحزاب العربية.

واتضح من وثيقة أعدها مشولم نهري نائب وزير المعارف الإسرائيلي والمحامي عميرام مليتس ممثل شبكة التعليم في حركة شاس, أن شبكة التعليم الحريدي المستقلة التابعة لهذه الحركة تطالب بمساواة كاملة مع شبكة التعليم الرسمية, وبتغطية العجز المالي الذي تعاني منه. وتبلغ تكلفة هذه المطالب حوالي 275 مليون شيكل. ووفقا لما هو متبع حينها تمول وزارة المعارف ساعات الدراسة وأجور المعلمين, بينما تمول السلطات المحلية الشؤون الإدارية في هذه المدارس. أما في مدارس شبكة التعليم المستقلة التابعة لحركتي "شاس" و "أغودات إسرائيل" فيحصلون فقط على تمويل من وزارة المعارف.

ووفقا للمخططات المقترحة أرادت شبكة التعليم التابعة لـ شاس الحصول على ميزانية منفصلة لدروس العلوم والتعليم في أيام غير الجمعة والسبت, وذلك من اجل أن يتمكن الطلاب من اقتحام سوق العمل والتمتع بـ "المساواة بالفرص", التي توفرها وزارة المعارف, ولا ترفض الشبكة إشراف الوزارة على هذه الدروس(شعبان, 2011, ص25). كما تطالب شاس أيضا بدفع رسوم نقليات للطلاب كما هو متبع في المدارس اللوائية الأخرى وكما هو متبع في الكيبوتسات والموشافات. والجدول التالي يوضح مطالب الأحزاب الدينية الحريدية:

جدول رقم (6)

المطالب المالية للأحزاب الدينية الحريدية.

الكتلة

المطلب

الكلفة

شاس

زيادة ميزانية وزارة العمل

380 مليون شيكل

شاس وإسرائيل واحدة

زيادة ميزانية سلطة الصحة

200- 300 مليون شيكل

شاس

تمويل العجز في مؤسسات معيان التعليمية

150 مليون شيكل

يهدوت هتوراه

زيادة ميزانية المؤسسات الدينية والتعليمية, وتمويل تسفير الطلاب وإنشاء صفوف

50 مليون شيكل

 المصدر: (شعبان, 2011, ص26).

وقد أدى استمرار التوتر بين باراك, وحركة "شاس" إلى إعلان شاس في 27/12/1999 عن انسحابها من الائتلاف, وهو ما أدى إلى إجراء مفاوضات مطولة بين باراك وشاس, بمشاركة وزير المالية, وكانت النتيجة عودة شاس مرة أخرى إلى الائتلاف بعد يوم واحد (فقط) من إعلانها الانسحاب, وقد جاء كل ذلك بعد أن استجاب باراك ووزير المالية لمطالب حركة "شاس", وقد أدى استجابة الحكومة لهذه المطالب إلى تصويت حركة شاس لصالح مشروع الميزانية.

لا يمكن اعتبار استقالة وزراء ميرتس من حكومة باراك, هي الفصل الأخير في الأزمة الائتلافية لحكومة باراك, وذلك بسبب المطالب العديدة التي أصرت عليها حركة شاس دائما, وهي ما كشفت عنها أزمة شاس- ميرتس, والتي يمكن القول أنها ابتدأت قبل تشكيل براك لحكومته ودارت حول:

  •  منح صلاحيات لنائب وزير التعليم ميشولام نهري (شاس).
  •  دعم المؤسسات الاجتماعية لشاس.

دلت مؤشرات الحلول التي طرحها باراك لتسوية الأزمة الائتلافية بين شاس وميرتس, على اهتمام باراك بالحفاظ على شاس ضمن الائتلاف الحاكم, وذلك لان باراك لا يريد تشكيل حكومة شبه يسارية تتناقض مع مبادئه التي دعا إليها, والتي وصف فيها نفسه بأنه رئيس حكومة الجميع, سواء من اليمين واليسار, أو المتدينين والعلمانيين.

وقد كان من ابرز المقترحات لحل الأزمة عملية تبادل المناصب بين أبراهام شوحاط وزير المالية, وسريد وزير التعليم, ولكن هذا الاقتراح لم تتم بلورته, كما كان هناك مجموعة مقترحات طرحها سريد على نائبه ميشولام نهري (شاس), تتمثل بالعمل في مجالات مختلفة مثل معالجة العنف, السلامة العامة, مشاكل التسرب, مما أدى إلى زيادة حدة الخلاف بين شاس وباراك, واحد المؤشرات الهامة لذلك, هي رفض الحاخام عوفاديا يوسيف مقابلة رئيس الوزراء باراك إلى أن يلتزم بحل مشكلة التعليم التوراتي, والقنوات التلفزيونية الخاصة بشاس, بالإضافة إلى بعض المشاكل الأخرى, وهو ما رضخ له باراك ووافق الحاخام عوفاديا يوسيف على مقابلته في 30/4/2000. هذه المؤشرات رفضتها حركة ميرتس, وأكدت أن رضوخ رئيس الوزراء لشاس من خلال تحويل (30) مليون شيكل لجهاز التعليم الديني, سيشكل دافعا لميرتس للانسحاب, وأكدت ميرتس أن قرارها بالانسحاب مرتهن باللحظة التي يقوم فيها باراك بنقل الأموال لشاس.

وقد حاول باراك في أوج الأزمة بين شاس وميرتس, أن يحصل على موافقة شاس على خطواته السياسية والحزبية, فقد طلب باراك من شاس أن تلتزم بالائتلاف أثناء التصويت في الحكومة والكنيست سواء, وقد رفضت شاس الالتزام به, مما أدى إلى وجود حالة من الجمود, استغلتها شاس بشن حملات ضد باراك, صوتت فيها ضد الائتلاف, وكان من أهمها التصويت لصالح قانون حل الكنيست بالقراءة التمهيدية في 7/6, وقد سبب تأييد شاس لحل الكنيست حرجا كبيرا لباراك, فقانونا يحق له إقالة وزراء ونواب الوزراء التابعين لشاس, ومن جهة أخرى, فان البديل لشاس هو إيجاد حكومة ذات صفة يسارية بحتة, وهو ما رفضه باراك, ولذلك استمر باراك في التفاوض مع شاس, في ظل مناورات من كلا الطرفين, فـ شاس, هددت من جانبها بالانسحاب من الحكومة, وباراك واجه هذا التهديد, من خلال إجراء مشاورات لإقامة حكومة جديدة لا تكون شاس شريكة فيها(شعبان, 2011, ص27).

 بعد حال الجمود, عقد مجلس التوراة التابع لحركة شاس عدة جلسات من اجل البت في مصير شاس في الحكومة, وبرز أن الحاخامين غاضبون على باراك بسبب تأجيل حل شبكة التعليم, ولذلك فقد اقر مجلس الحكماء الانسحاب من الحكومة. وقد أمر مجلس الحاخامين وزراء شاس بالاستقالة في جلسة الحكومة المقرر لها في 18/6, وللخروج من هذا المأزق قام باراك بتأجيل جلسة الحكومة إلى 20/6, وذلك في محاولة للحفاظ على حركة شاس, من خلال تسوية المشكلة, وقد تمثل الاقتراح بصفقة رزمة, تتمثل بنقل شبكة التعليم لشاس من وزارة المعارف إلى وزارة العلوم والثقافة, وحل مشكلة المحطات الإذاعية لشاس, بالإضافة إلى ذلك صدرت تصريحات من باراك ضد حركة ميرتس وضد رئيسها يوسي سريد والتي قال فيها باراك "حين أقيمت الحكومة اعتقدت أن سريد الذي يترأس حزب مسئول مثل ميرتس, سيفهم حجم المواضيع الماثلة أمامنا وسيمتنع عن خلق أزمات مثل تلك التي نواجهها الآن, لقد أخطأت, كان هذا خطاي, كان هذا التصريح مؤشرا هاما على أن باراك حاول تجاوز نقاط الخلاف مع شاس, وان ميرتس في طريقها للخروج من الائتلاف(شعبان, 2011, ص29:28).

يلاحظ من الأزمات السابقة أن الإيديولوجية الدينية لهذه الأحزاب الحريدية (شاس- يهدوت هتوراه), كانت هي المتحكم في تصرفات وسلوكيات هذه الأحزاب خاصة في (أزمة نقل المولدات الكهربائية) من جهة, ومن جهة أخرى, لعبت المصالح الحزبية دورا هاما في هذه الأزمات خاصة في أزمتي (المخصصات المالية– التعليم الحريدي المستقل), لذلك يرى الباحث أن هذه الأحزاب الدينية الحريدية هي أحزاب تجمع ما بين الإيديولوجية والبرغماتية, الأمر الذي يعتبر شاذا في التصنيفات السياسية للأحزاب, حيث يصنف علماء السياسة الأحزاب السياسية إلى صنفين: أحزاب برغماتية, وأحزاب إيديولوجية.

وأخيرا فقد فشل باراك في مغازلة القوى الدينية الحريدية, في أن تزيد من أسهمه داخل هذا القطاع, وبالتالي تعوضه عما فقده من أصوات اليسار. فلم ينجح في إشراكه لحركة ميماد الصغيرة- التي تمثل الاتجاه الأرثوذكسي المعتدل- في كتلة إسرائيل واحدة مع العمل وجيشر, وإعطاء أحد أعضائها مكاناً متقدماً على قائمته الانتخابية للكنيست أو ضمه شاس والمفدال إلى الحكومة ضد رغبة الكثير من مؤيديه وتراجعه عن تجنيد الطلبة الدينيين في تخفيف عداء القوى الدينية له حتى ولا داخل الكنيست. فقد انسحب كل من شاس والمفدال من الحكومة بسبب اعتراضهم على ما رأوا أنه تنازلات قد قدمها باراك للفلسطينيين في عملية السلام خاصة فيما يتعلق بالقدس وما حولها, ثم تصاعدت المواجهة بينه وبين الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) حول قضايا الدستور والثورة العلمانية (الثورة المدنية) بما في ذلك إلغاء وزارة الشؤون الدينية وتجنيد الطلبة الدينيين. وقد علق حزب شاس على إثارة هذه القضايا من قبل باراك بقوله: إنه يأسف أن يستخدمها زعيم العمل كأوراق ضغط وإنها أهم وأخطر بكثير من أن تستخدم كجزء من دعايته الانتخابية لأنها يمكن أن تؤدي إلى انقسام عميق ومرير في المجتمع الإسرائيلي نظرا لارتباطها بالدين. وعندما قدم باراك استقالته, وبدأت الاستعدادات لإجراء انتخابات جديدة لرئاسة الوزراء أعلنت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), تأييدها لشارون وسعت إلى تعبئة مؤيديها لانتخابه وهو ما حدث بالفعل حيث صوت أكثر من 90% من المعسكر الديني الحريدي ضد باراك مثلما فعلوا في 1999(حمدي, 2001, ص82). وفي النهاية وخاصة بسبب الجدال السياسي الساخن في قضية الاتفاقية مع الفلسطينيين لم تستطع الحكومة نيل أغلبية في الكنيست. وعليه, قرر باراك الدعوة إلى إجراء الانتخابات الجديدة لرئاسة الحكومة, وذلك قبل موعد الانتخابات الرسمي, وقد جرت الانتخابات لرئاسة الحكومة في شباط 2001(الكنيست, 2011).    

يمكن الاستنتاج من انتخابات الكنيست الخامسة عشرة 1999 بأنه رغم ظهور أهمية القضايا الاجتماعية, فقد أدت إلى ترسيخ تقسيم المجتمع إلى قطاعات إثنية وطائفية واضحة الحدود والملامح. وهذا يعني أن أنماط التصويت أصبحت ثابتة إلى حد كبير وليست مرتبطة بالقضايا المطروحة, أو بالأحرى مهما تكن هذه القضايا فإنه يتم تجيرها لصالح القطاعات الإثنية. أما الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), ورغم تصاعد قوتها البرلمانية فإنها لم تلعب الدور الذي لعبته في الانتخابات السابقة نظراً, لأن انسحاب أي من هذه الأحزاب لم يؤثر على الحكومة التي استطاعت أن تحصل على ثقة الكنيست بـ 75 مقعداً, فقد كان دور هذه الأحزاب تكميلياً وليس ترجيحياً. ورغم ذلك استطاعت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), أن تحافظ على الحد الأدنى من إنجازاتها, إلى جانب بعض الامتيازات, من خلال حصولها على بعض الوزارات في الحكومة.

انتخابات رئيس الحكومة 7 شباط/ فبراير 2001 وتشكيل الحكومة التاسعة والعشرون.

تعد الانتخابات التي أجريت في إسرائيل في السادس من شباط/ فبراير 2001 الأولى والأخيرة من نوعها في تاريخ الدولة العبرية, حيث كان الغرض منها اختيار رئيس الوزراء فقط دون أن يرافقها انتخابات برلمانية. وذلك بموجب التعديل الذي أُجري على قانون الانتخابات في العام 1992, فقد جاءت هذه الانتخابات بعد تولي مرشح حزب العمل أيهود براك السلطة بحوالي عشرين شهراً, بعد أن فقدت حكومته الأغلبية التي كانت تتمتع بها في الكنيست, وكان أمام براك إما الاقتراع على حل الكنيست وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة أو الاستقالة ليتم انتخاب رئيس وزراء فقط في ظل قانون الانتخاب الحالي, وقد اختار باراك الحل الثاني(حمدي, 2001, ص86). 

تعرضت الدعاية الانتخابية إلى حوالي سبعة عشر موضوعا مختلفا, غير أنها تمحورت حول موضوع واحد هو الصراع العربي- الاسرائيلي, وقد نجح شارون من استمالة الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), بوعوده بإلغاء ووقف تنفيذ "الثورة المدنية" ووقف تنفيذ قرارات لجنة طال التي لغت الإعفاء من الخدمة العسكرية لطلبة المدارس الدينية من اليهود الحريديم. وبناءا على هذه الوعود أمرت القيادات الدينية والحزبية الحريدية أتباعها بالتصويت لصالح شارون, وقد جرت الانتخابات في أجواء قاتمة بسبب الوضع الأمني اثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية, وكانت نسبة المصوتين الأدنى منذ قيام "دولة إسرائيل", وقد بينت نتائج الانتخابات أن أعلى معدلات التصويت حصلت بين الجماعات الدينية. وهذا يعود إلى أن هذه الجماعات تتميز بالتماسك والتكتل الاجتماعي العالي, وبكثافة الشبكات الاجتماعية, كما بينت هذه النتائج أن الشروخ الاجتماعية (تأثير عوامل الدين, المنشأ, والمكانة الاجتماعية والاقتصادية) انعكست على أنماط التصويت, فقد كان المصوتون لصالح شارون أكثر تدينا(غانم, 2001, ص12), (حمدي, 2001, ص82:81), (مصطفى, 2001, ص107), وقد أسفرت هذه الانتخابات عن خسارة رئيس الوزراء الإسرائيلي ومرشح حزب العمل باراك انتخابات رئاسة الوزراء بفارق 25 % من الأصوات أمام شارون وفقد 46% من عدد الأصوات التي كان قد حصل عليها في عام 1999 (967760 صوتا في 2001 في مقابل 1.79 مليونا في 1999) مما دفعه إلى الاستقالة من رئاسة حزب العمل واعتزال الحياة السياسية(حيدر, 2005, ص38).

في السابع من آذار/ مارس 2001, نالت حكومة الوحدة الإسرائيلية برئاسة ارئيل شارون ثقة الكنيست بأكثرية أعضائه (73) عضو كنيست, بعد نحو شهر من الانتصار الذي حققه مرشح الليكود شارون على منافسه العمالي المستقيل من رئاسة الحكومة يهود براك(عايد, 2001, ص89:83), (منصور, 2009, ص216)؛ ولقد شاركت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), في حكومة الوحدة الوطنية التاسعة والعشرين برئاسة ارئيل شارون, حيث حصلت شاس على خمسة وزراء: الياهو يشاي وزيرا للداخلية ونائبا لرئيس الحكومة, شلومو بن آزري وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية ونسيم دهان وزيرا للصحة, واشر اوحانا وزيرا للشؤون الدينية, وايلي سويسا وزير بدون حقيبة مسئول عن (شؤون القدس). كما شاركت يهدوت هتوراة في الحكومة ولم تحصل على أي وزارة(عايد, 2001, ص90-94), (عكاشة, 2001, ص96). وقد أقيمت الحكومة التاسعة والعشرون برئاسة أريئل شارون, في 7 آذار 2001. وضمت الأحزاب والقوائم التالية:

جدول رقم (7)

الأحزاب والقوائم التي شكلت الائتلاف الحكومي (التاسع والعشرين) 7اذار/ مارس 2001- 28 شباط/ فبراير 2003.

الحزب أو القائمة

نسبة الأصوات %

عدد المقاعد

عدد الوزراء

الليكود

14.1

19

9

العمل- ميماد

20.2

26

8

شاس

13

17

5

يهدوت هتوراه

3.7

5

-

يسرائيل بعلياه

5.1

6

1

الاتحاد القومي

3.0

4

2

المجموع

59.1

72

25

المصدر: (مقاتل من الصحراء, 2011).

            كما هو واضح في الجدول فقد شاركت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) في حكومة الوحدة الوطنية ممثلة في حزب شاس, وحزب يهدوت هتوراه, ولكن مثل كل الحكومات الوطنية لا تستطيع الأحزاب الدينية الحريدية أن تلعب دورا كبيرا في عمليات الابتزاز والمساومة, فقد استطاع شارون أن يشكل حكومة وحدة وطنية قادرة على الحياة دون مشاركة الأحزاب الدينية الحريدية فيها, على الرغم من حصول شاس على 17 مقعدا في الكنيست, فقد حصلت حكومته على عدد مقاعد 72 مقعدا الأمر الذي أعطى لشارون القدرة الكافية على عدم الخضوع لابتزازات تلك الأحزاب. لأنه في حال انسحبت الأحزاب الدينية الحريدية ستشارك أحزاب علمانية في الحكومة ترفض المشاركة في حكومات تشارك فيها أحزاب دينية مثل ميرتس.

ثالثا: الائتلاف الحكومي خلال فترة الكنيست السادسة عشرة 2003- 2006م.

جاءت الانتخابات العامة (انتخابات الكنيست السادسة عشرة) في 28 كانون ثاني/ يناير 2003 مبكرة قبل نحو عام من موعدها المقرر, وذلك بعد استعصاء تأليف حكومة جديدة تخلف حكومة الوحدة الوطنية التي انسحب وزراء حزب العمل منها. كما أنها جاءت في ظل متغيرين أساسيين:

 العودة إلى النظام الانتخابي القديم وإلغاء نظام الانتخاب المباشر لرئيس الحكومة وفشل عملية السلام. حيث تشير نتائج الانتخابات إلى تحول هام في الحياة السياسية في إسرائيل, هذا التحول تجاوز في عمقه وتأثيراته ومغزاه "انقلاب" سنة 1977, الذي وضع حدا للسيطرة العمالية الممتدة منذ 1949 على المؤسسة الحاكمة الإسرائيلية, هذا التحول الجديد نعى مرحلة التعادل تلك التي استمرت زهاء ربع قرن, وحسمها إلى مصلحة اليمين وعلى رأسه الليكود. فقد تمخضت انتخابات الكنيست السادس عشرة عن هزيمة كبرى لحزب العمل في الكنيست بحصوله على مجرد 19 مقعدا في مقابل 26 مقعدا في الكنيست الخامسة عشرة, بينما حقق الليكود انتصارا كبيرا بحصوله على 38 مقعدا في مقابل 19 مقعدا في الكنيست الخامسة  عشرة(1999).

وقد شهدت الأحزاب الرافضة للصهيونية (الحريدية) (وبالتحديد شاس) هبوطا ملحوظا أعقب صعودها المتواصل منذ أواسط الثمانينيات. حيث أسفرت الانتخابات على تفوق حزب الوسط العلماني الاشكنازي "شينوي", ممثل الطبقة البرجوازية, بحصوله على 15 مقعدا, على حزب شاس, الذي انخفض تمثيله من 17 مقعدا إلى 11 مقعدا. ومن السمات البارزة في هذه الانتخابات انخفاض نسبة الاقتراع إلى أدنى مستوى لها منذ سنة 1949. لقد أتاح الانتصار الساحق الذي حققه الليكود وشينوي في هذه الانتخابات الكثير من التطورات التي كانت مستحيلة في يوم من الأيام. فلأول مرة منذ عام 1974 يتم تشكيل حكومة بدون الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), وهذا تطور هام جدا بالنسبة لشؤون الدين والدولة(عايد, 2003, ص62),(عكاشة, 2003, ص243-252).

  ومن أهم مظاهر انتخابات الكنيست عام 2003 بروز الصراع بين المتدينين والعلمانيين من جديد بشدة لم يسبق لها مثيل. فقد أظهرت شدة الصراع مدى استياء الجمهور العلماني من حصول المتدينين على الكثير من الامتيازات, على أنه تعبير سياسي لسخط اجتماعي تراكم بكثافة منذ أوائل التسعينيات, نتيجة لعدم تحمل المتدينين المتشددين للعبء القومي كمثل: إعفاء طلاب المدارس الدينية من الخدمة في الجيش. فكلما زاد عدد الحريديم زاد عدد الطلاب المنتفعين من الإعفاءات, وبالتالي زادت المبالغ المالية المخصصة للوسط الديني. أثار ذلك غضب كثير من الإسرائيليين العلمانيين المجبرين على قضاء سنوات عديدة في الخدمة العسكرية الإلزامية, فهم يتكبدون الخسائر ويدفعون ضرائب أكثر من أجل دعم نمط حياة الحريديم. إن الأوضاع هناك أيضا مصدر آخر من مصادر الامتعاض العلماني, وهو ما يسميه الإسرائيليون الإكراه الديني, ولا سيما تلك القوانين التي تنص على سبيل المثال على إغلاق المحلات وتعطيل حركة المواصلات العامة أيام السبت, فضلا عن جميع قضايا الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والدفن عن خارج الصلاحيات المدنية, حيث يتولى إدارتها مؤسسات دينية رسمية واستعداده (الجمهور العلماني) أن يدعم حزبا يركز برنامجه الانتخابي على تطبيق قانون الخدمة الإجبارية على المتدينين وإلغاء امتيازاتهم والحد من فرض معايير السلوك الديني على العلمانيين. إذ دعم العلمانيون حزب شينوي, رغم أنه لا يقدم للمصوت برنامجا حزبيا واضحا سوى معارضته لمنح الامتيازات للمتدينين وعزمه على وضع حد لهيمنتهم في الحياة العامة وسلطتهم في مجال الأحوال الشخصية(حيدر, 2005, ص40),(عكاشة, 2003, ص255). وقد جرى عام 1991 وعام 1999، أهم مسحين شاملين حول سلوكيات ومعتقدات الإسرائيليين اليهود، أظهرا تأييداً عاماً واسع النطاق لأغلب طروحات شينوي:

* تجنيد طلاب المدارس الدينية (85% -90% قالوا نعم و "نعم بالتأكيد").

* المواصلات العامة أيام السبت (63%-65% "نعم" و"نعم بالتأكيد).

* مؤسسات الزواج المدني (43%-49% "نعم" و"نعم بالتأكيد"، مع أن 15% قالوا أنهم لن يتزوجوا إلا من خلال جهاز مدني).

* قطع التمويل الحكومي لوزارة الشئون الدينية (39% قالوا "نعم" و"نعم بالتأكيد")(عكاشة, 2006).

  إن الانحدار النسبي لشاس من جهة, ونجاح شينوي من جهة أخرى يتطلبان عدة إيضاحات فيما يتعلق بالموقع الحالي للأحزاب الدينية على الخريطة السياسية الإسرائيلية. إذ أنه في العقد الأخير مرت الطبيعة السياسية والدينية للأحزاب الدينية بتغيرات عميقة: فبينما كان الحزب الديني القومي (المفدال), في الثمانينيات يعتبر معتدلا نسبيا في قضايا الدولة والمجتمع, لكنه كان متطرفا فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي, كانت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية الحريدية- شاس وأغودات يسرائيل (يهدوت هتوراه لاحقا), تعتبر متطرفة في القضايا المتعلقة بالممارسات الدينية والتشريع, ومعتدلة في السياسة الخارجية, وفي التسعينيات حدث تغير مزدوج, حيث أصبح الحزب الديني القومي (المفدال), أكثر تطرفا في قضايا الممارسات الدينية وطبيعة المجتمع الاسرائيلي, في حين انضمت الأحزاب الدينية الأخرى الرافضة للصهيونية (الحريدية) إلى اليمين الراديكالي (بما في ذلك الحزب الديني القومي) فيما يتعلق بالمشكلة الإسرائيلية الفلسطينية.

وهكذا فإن الأحزاب الدينية الثلاثة تتشارك حاليا البرنامج نفسه تقريبا فيما يتعلق بالمناطق المحتلة, بينما تحتفظ بخصائصها المميزة: يهدوت هتوراه حزب طائفي نموذجي ذو قاعدة انتخابية مستقرة, هي المجتمع الأرثوذكسي الاشكنازي. في حين أن شاس تعتبر حزب الأرثوذكس السفارديين المتدينين وغير المتدينين, أما الحزب الديني القومي (المفدال) فهو حزب صهيوني راديكالي وحزب المستوطنين الأيديولوجيين. إن شينوي ليس حزبا تقدميا ولا علمانيا, إنه, كما يشير اسمه, "حزب الطبقة الوسطى غير المتدينة", وقد تميز بشكل أفضل بأنه "حزب مخاوف الطبقة المتوسطة الإسرائيلية"- الخوف من العرب, والخوف من المتدينين وكراهيتهم, والخوف من الفقراء. وباختصار, الخوف مما كان يدعوه بن-غوريون بـ "التشرق"(فارشفسكي, 2003, ص125). والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هو ما هو سر تراجع الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) ونجاح شينوي غير المألوف؟, بالضبط مثلما حصل لشاس في الانتخابات السابقة.

يمكن القول إن الاستياء العام من تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية, وتحميلها إلى الأحزاب الدينية, ساعدت حزب شينوي من جهة في حصد 15 مقعدا في الكنيست 2003, وأضعفت الأحزاب الدينية من جهة أخرى, فقد جاءت شينوي لتضرب على وتر استياء الطبقات الوسطى التي وجدت نفسها تتحمل الأعباء الأمنية من خلال خدمتها في الجيش والاحتياطي, وكذلك تتحمل الأعباء المالية, وذلك بدفع الضرائب التي تذهب لدعم المؤسسات الدينية. كذلك هناك استياء من الإملاءات الدينية التي تمارسها المؤسسات الدينية (الحريدية) من قبل شريحة واسعة من المجتمع, هذه الشريحة تطالب بفصل الدين عن الدولة على غرار الدول المدنية والعلمانية.

 من الواضح أن الديمقراطية في "إسرائيل" تميل نحو نموذج غير معروف: دولة يمين, ينكمش فيها اليسار, في حين أن الصراعات بشأن صورة الدولة ستقوم داخل أحزاب اليمين على مختلف أنواعها, بين يمين علماني ويمين متدين, يمين علماني وسط وعلماني متشدد, بين يمين متدين وسط ويمين متدين متطرف, وستكون أكثر هذه الصراعات بين المتدينين المتطرفين (الحريديم) واليمين العلماني. لعل هذا التحول نحو اليمين جاء عقب أعوام من تصاعد الانتفاضة الفلسطينية وعلى خلفية اليأس من فرصة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي قريبا.

جدول رقم (8)

نتائج انتخابات الكنيست السادسة عشرة: 28 كانون الثاني/ يناير 2003- 28 آذار/ مارس 2006.

الأصوات الصالحة: 3,148,364. نسبة الحسم 47,226 :(%1.5)
عدد الأصوات للحصول على مقعد في الكنيست:
25,138

اسم القائمة

عدد الأصوات الصالحة

الأصوات بالنسبة المئوية %

عدد المقاعد

الليكود (التكتل)

925.279

29.4

38(+19)

هعفوداه- ميماد

455.183

14.5

19(-7)

شينوي

386.535

12.3

15(+9)

شاس

258.87

8.2

11(-6)

الاتحاد الوطني (هئحود هلئومي)

173.973

5.5

7(+3)

ميرتس

164.122

5.2

6(+4)

يهدوت هتوراه

135.087

4.3

6(+1)

المفدال (حزب المتدينين الوطنيين)

132.370

4.2

5(+صفر)

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة

93.819

3.0

3(-1)

عام أحاد

86.808

2.8

3(+1)

التجمع الوطني الديمقراطي

71.299

2.3

3(+1)

يسرائيل بعلياه

67.719

2.2

2(-4)

القائمة العربية الموحدة

65.551

2.1

2(-3)

المصدر:(الكنيست, 2011)

في 28 كانون الثاني/ يناير 2003, أصبح ارئيل شارون أول رئيس وزراء يعاد انتخابه بعد مناحيم بيغن الذي حصل عام 1981 على فترة ولاية ثانية. وعلى خلاف النصر الذي حققه مناحيم بيغن في العام 1981, "عندما فاز على منافسه من حزب العمل بنسبة ضئيلة بلغت 5.0%, فقد أعيد انتخاب أرئيل شارون بفوز ساحق ضاعف عدد مقاعد حزبه في الكنيست. في 27 شباط/فبراير 2003, أعلن أرئيل شارون حكومته الجديدة. ونتيجة الانتصار الكاسح لليمين, تمكن رئيس الحكومة الإسرائيلية أول مرة من عدة أعوام من تأليف حكومة تؤيد برنامجه السياسي تأييدا تاما. ففي كنيست مكون من 120عضوا, يمتلك الليكود واليمين المتطرف (الحزب الديني القومي وحزب الاتحاد القومي) 51 عضوا في الكنيست. وإذا أضيف إلى ذلك أعضاء شينوي الـ 15 عضوا وما تبقى من حزب شرانسكي الروسي (اليميني) في الكنيست فإن الحكومة الجديدة تحظى بتأييد أغلبية قوية مؤلفة من 68 عضوا في الكنيست(عكاشة, 2003, ص243). ومن الناحية النظرية, كانت هناك في الكنيست السادسة عشرة حكومة واحدة, ولكن فعليا كانت هناك ثلاث حكومات- الأولى كانت حكومة مركز– اليمين باشتراك الليكود وشينوي, والمفدال وهئحود هلئومي (الاتحاد الوطني). لكنها تفككت عام 2004 في أعقاب خطة الانفصال والميزانية لعام 2005; الثانية كانت حكومة مركز– اليسار باشتراك الليكود, حزب العمل ويهدوت هتوراة, إذ نفذت خطة الانفصال; وفي أعقاب تنفيذ خطة الانفصال في آب 2005 انشق الليكود وأقيمت كتلة كاديما وعلى رأسها رئيس الحكومة آرئيل شارون. أما الحكومة الثالثة فكانت حكومة لكتلة واحدة (كتلة كاديما) وقد شغلت مهام منصبها بصفتها حكومة انتقالية بعد أن انسحب منها حزب العمل والليكود, علماً بأنه بعد إصابة رئيس الحكومة بجلطة دماغية ودخوله المستشفى لتلقي العلاج صار أيهود أولمرت رئيسا للحكومة بالنيابة(فارشفسكي, 2003, ص127).

 رغم أن الليكود حقق انتصاراً ساحقاً, في الانتخابات فقد احتاج الحزب لشركاء ب21 مقعدا, كي يتسنى له تأمين 61 مقعدا مطلوبا لتشكيل الحكومة. إذن كيف اختار شارون تشكيل حكومته, وكيف كانت الاتفاقية الائتلافية مع الأحزاب الأخرى دليلاً على الأولويات السياسية للحكومة, عدا عن إدارة الصراع مع الفلسطينيين, كان لا بد لشارون من التعامل مع أمرين هامين: تحسين وضع الاقتصاد, وتغيير وضع الحريديم. وكي يستطيع التقدم في هذين المجالين, لم يشكل شارون تحالفا لا مع شاس ولا مع يهود هتوراه, بالإضافة إلى أنه كان مستبعدا أن تدخل شينوي حكومة بها أحزاب دينية, ورغم أن عداء شينوي موجه بالأساس إلى حزب شاس فإن برنامجه كان يقوم على مناهضة الأحزاب الدينية كلها, وعلى مناهضة أي صبغة دينية للدولة, وقد بدا الأمر مستغرباً للمتابعين بقبول شينوي الدخول في ائتلاف مع حزب "المفدال" الديني, فحزب شينوي يطالب بعلمنة المجتمع وإلغاء التشريعات الدينية وإقرار الزواج المدني وتجنيد طلبة المدارس الدينية. كما أن "شارون" لم يكرر خطأه السابق, أي بالسماح ليهود هتوراه بترؤس اللجنة المالية في الكنيست, والذي أتاح لها انتزاع أموال إضافية عن طريق التهديد بعرقلة إقرار الميزانية. وفي الوقت نفسه لم يكن شارون يريد استبعاد الأحزاب الدينية قاطبة من حكومته, وبناء على ذلك كان أول ائتلاف وقع عليه مع حزب المتدينين الوطنيين (المفدال)(الكنيست, 2011). من جهة أخرى آثرت حركة شاس التزام مقاعد المعارضة نتيجة لإشراك حركة شينوي في الحكم(شعبان, 2011, ص91).

على الرغم من أن شارون يستطيع تشكيل حكومته من خلال الائتلاف مع حزبي شينوي والمفدال بحصوله على 61 مقعدا في الكنيست فإنه قرر إبرام اتفاق مع الاتحاد الوطني, خشية من تردد حزب المفدال وزيادة أدوات الضغط إذا ما فكر المفدال محاولة ابتزاز الحكومة. على هذا الأساس يكون للائتلاف الحكومي فرصة النجاح في أربع قضايا ملحة, وهي(عكاشة, 2003, ص257-258), (جاد, 2003, ص28:27):

  •  إلغاء قانون يمنح أفضلية للعائلات كثيرة الأولاد, سبق وأن سن قانون لزيادة حجم الدعم الحكومي للحريديم, (نسبة النمو السكاني عندهم هي الأعلى في إسرائيل).
  •  حل وزارة الشؤون الدينية ونقل جميع صلاحياتها إلى وزارة الداخلية.
  •  إلغاء "قانون طال" الذي أتاح الاستمرار على نطاق واسع تأجيل الخدمة العسكرية الإلزامية لطلاب المدارس الدينية.
  •  إصلاح شامل في مجلس الخصخصة والضرائب.

لقد منحت الأغلبية البرلمانية التي حصل عليها حزبا الليكود وشينوي لشارون القدرة الكافية لعدم السماح للأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) بابتزازه, ولم يجعل لها أي دور يذكر في تشكيل ائتلافه, بل أكثر من ذلك أقدم شارون على إلغاء امتيازات ومكاسب سابقة حصلت عليها هذه الأحزاب بطريقة الابتزاز؛ لذلك يمكن القول إن نتائج انتخابات الكنيست السادسة عشرة كانت كارثية على الأحزاب الدينية الحريدية من جهة وانتصار للأحزاب العلمانية اليمينية والوسط من جهة أخرى.

جدول رقم(9)

الأحزاب والقوائم التي شكلت الائتلاف الحكومي الثلاثين: 28 شباط/ فبراير 2003- 4 أيار/ مايو 2006.

الحزب أو القائمة

نسبة الأصوات %

عدد المقاعد

الليكود+ يسرائيل بعلياه

29.39+ 2.2

38+2

شينوي

12.28

15

حزب المتدينين الوطنيين(المفدال)

4.20

6

الاتحاد الوطني

5.5

7

المجموع

53.42

68

   المصدر: (عكاشة, 2003, ص260-262), (جاد, 2003, ص36).

هناك إجماع في أوساط الساسة الإسرائيليين على أن هذه الحكومة غير مستقرة البتة. وجرت  محاولات، من جانب شارون، لضم حزب "شاس" بنوابه الأحد عشر إلى هذه الحكومة.  والتقدير السائد هو أن استقرار الحكومة بل واستمرارها في الحكم منوط بانضمام "شاس" إلى صفوفها. وفي حالة إخفاق هذه المحاولات واتضاح عدم وجود نية لدى "شاس" للانضمام إلى الحكومة، مرة واحدة وأخيرة، فإن تقديم موعد الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية سيمسي احتمالا أكثر ترجيحًا من أي وقت مضى. ويعزّز هذا التقدير، أكثر شيء، طبيعة تركيبة الحكومة، من جهة والتطورات الحاصلة داخل صفوف حزب "الليكود" نفسه والمتراكمة منذ إطلاق ما يعرف باسم "خطة الانفصال" أو "فك الارتباط"، من جهة أخرى. وحتى الآن شفّ هذان الأمران، فيما هو مرتبط بعمل الحكومة(مدار, 2005).

 صحيح أن هناك حاليًا ائتلافا يضم كتل "الليكود" و"العمل" و"يهدوت هتوراه"، لكن هذا الائتلاف لا يحوي عمليا أكثر من خمسين عضو كنيست. إذ إضافة إلى متمردي "الليكود" هناك عضوان من "الليكود" وعضوان من "يهدوت هتوراه" سيمتنعان من الآن فصاعدا عن التصويت في كل ما يتصل بالقضايا الأساسية للحكومة. يضاف إلى ذلك أن حركة "يهدوت هتوراه" انضمت بشكل مشروط للحكومة ولمدة ثلاثة شهور فقط، تريد من خلالها اختبار نوايا شارون، وإذا ما كان سيطبق بنود الاتفاق مع هذه الكتلة, وبشكل خاص في بندين مركزيين، الأول تحويل الميزانيات الضخمة من خزينة الدولة للمؤسسات الدينية والتعليمية التابعة لحزبي "ديغل هتوراه" و"أغودات يسرائيل"، اللذين يشكلان كتلة "يهدوت هتوراه"، والثاني هو الإبقاء على استقلالية جهاز التعليم التابع لهذين الحزبين وعدم إخضاعه لجهاز التعليم الحكومي، بموجب "خطة دوفرات" للتغييرات الجذرية في جهاز التعليم، التي سيبدأ تنفيذها في مطلع العام المدرسي القادم(مدار, 2005). من ناحية أخرى تفاوتت تقديرات المعلقين الإسرائيليين في الشؤون الحزبية بشأن فرص التحاق حركة "شاس" الدينية الشرقية بالائتلاف الحكومي بعد الاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة اريئيل شارون مع الزعيم السياسي للحركة النائب ايلي يشاي يوم 12/1/2005، واتفق في ختامه على عقد اجتماع ثانٍ، لكن ليس قبل أن يطرح شارون مطالب "شاس" الاقتصادية على وزير المالية بنيامين نتنياهو للنظر فيها(مدار, 2005).

وعلى رغم أن عناوين الصحف الإسرائيلية توالي بث الانطباع بأن حركة (شاس), تتجه إلى الالتحاق بالحكومة، توقع معلقون عثرات جدية قد تحول دون ذلك، في مقدمها معارضة متوقعة لنتنياهو لخرق إطار الموازنة العامة وتعديلها لمدّ مؤسسات الحركة الاجتماعية والدينية بأكثر من مائتي مليون دولار يقول إنها ليست متوفرة، وقد يتطلب توفيرها المساس بموازنة وزارة الدفاع، هذا فضلاً عن إعلان يشاي أن الزعيم الروحي للحركة الحاخام عوفاديا يوسيف لا يعتزم التراجع عن فتواه التي تعارض خطة "فك الارتباط" الأحادي الجانب عن قطاع غزة. وسارع أقطاب حزب "العمل" إلى الإعلان عن معارضتهم انضمام "شاس" في حال لم تلتزم مسبقاً بدعم خطة "فك الارتباط"، مذكّرين بأن الاتفاق الائتلافي مع شارون تضمن بنداً واضحاً بهذا الصدد. لكن يشاي أعلن أنه في حال انضمت الحركة إلى التوليفة الحكومية فإنه سيشترط ذلك بمنح وزرائها حرية التصويت في كل ما يتعلق بخطة الانفصال(مدار, 2005).

في 15/1/2005 قرر حزب يهدوت هتوراه بعد موافقة القيادة الدينية الدخول في الائتلاف الحكومي الجديد لمدة ثلاثة أشهر. وتلقى الحزب مقابل انضمامه للائتلاف 290 مليون شيكل، كما تلقى الحزب تأكيدات من الليكود بأنه لن يتم تطبيق الإصلاحات التي ينص عليها تقرير (دفران) الخاص بجهاز التعليم الديني، مقابل ذلك سيدعم الحزب قانون الإخلاء والتعويض للمستوطنين، وميزانية الدولة المقترحة للعام 2005، إضافة إلى دعمه للائتلاف الحكومي في كافة القضايا(المسلمي, 2006).

تعكس مطالب الأحزاب الدينية الحريدية السابقة, إلى أي مدى تساهم هذه الأحزاب في استقرار أو زعزعة الحكومات, فلم تكن هذه المرة الأولى التي تزعزع أو تسقط الأحزاب الدينية الحريدية الائتلاف القائم, فهذه الأحزاب الحريدية لا تفهم سوى لغة المصلحة, وهي بذلك تستخدم أسلوب المراوغة والتسويف إلى أقصى حد بلا ملل أو كلل, لتحقيق اكبر قدر ممكن من مطالبها الروحية والحزبية.

المبحث الثاني: دور الأحزاب الدينية الرافضة للصهيوية في الائتلافات الحكومية الممتدة من عام 2006- 2013.  

      شهدت هذه المرحلة إجراء ثلاث دورات انتخابية في أعوام 2006, 2009, 2013 تشكل خلالها ثلاث حكومات ائتلافية. وقد شارك حزب يهدوت هتوراه في حكومة واحدة وحزب شاس في حكومتين. وقد شهدت هذه المراحل تغير في ميزان القوى في الكنيست الإسرائيلي, حيث تراجعت قوة حزب العمل الذي أصبح في المرتبة الرابعة في انتخابات عام 2009, وصعود حزب كديما, الذي حصل على المرتبة الأولى في انتخابات 2006 و2009, وحزب إسرائيل بيتنا الذي أصبح في انتخابات عام 2009 في المرتبة الثالثة بعد حزبي كاديما والليكود. كما شهدت انتخابات 2013 مفاجأة بحصول حزب هناك مستقبل على 19 مقعدا، متفوق بذلك على الأحزاب الحريدية مجتمعة والتي حصلت على 18 مقعدا فقط.

وفيما يلي نعرض للائتلافات الحزبية التي شكلت الحكومة خلال هذه المرحلة, ودور الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) في تشكيلها.

أولا: الائتلاف الحكومي خلال فترة الكنيست السابعة عشرة 2006- 2009م.

      جرت الانتخابات الإسرائيلية للكنيست السابعة عشرة في 28 آذار/ مارس 2006، متقدمة عن موعدها الأصلي بحوالي سبعة شهور، بعد انسحاب شارون من حزب الليكود وتأسيس حزب كاديما، وذلك بعد أن أعلن زعيم حزب العمل الجديد عمير بيرتس عن انسحابه من حكومة الوحدة الوطنية واتجاهه إلى تبكير موعد الانتخابات العامة، حيث اتفقت الكتل البرلمانية على إجراء الانتخابات في مارس 2006(شعبان, 2011, ص91). 

وقد جرت الانتخابات في ظل متغيرات محلية وإقليمية ودولية متنوعة أثرت في مجملها في عملية حراك أصوات الناخبين الإسرائيليين مما أدى إلى أضعاف قوى حزبية كبيرة، وظهور قوى جديدة لم تكن موجودة على الساحة الحزبية الإسرائيلية من قبل، وقد أسفرت هذه الانتخابات عن فوز حزب كاديما بالمرتبة الأولى بين الأحزاب المشاركة وهي المرة الأولى في تاريخ إسرائيل الذي يتم فيها تأسيس حزب قبل الانتخابات ويفوز بالمرتبة الأولى فيها، كما شهدت هذه الانتخابات اختفاء القوة الثالثة في الكنيست السابقة، وهي حركة شينوي وذلك بعد انشقاقها فكان إضعافاً لكلا الطرفين، وبالتالي إلى اختفائها وهو ما كان متوقعا، وما يمكن الإشارة إليه في هذه الانتخابات بوضوح هو ضعف نسبة التصويت، التي ألقت بظلالها على نتائج الانتخابات. حيث تراجعت نسبة التصويت في"إسرائيل" إلى أقل نسبة منذ قيام دولة "إسرائيل" لتصل إلى 63.2%(شعبان, 2006)؛ لقد كان التركيز في برامج الأحزاب الانتخابية, وفي تصريحات رؤسائها والمتحدثين فيها, تركيزا منقطع النظير على "الهوية اليهودية" لدولة "إسرائيل", سواء أكانت أحزابا علمانية أم دينية أم كليهما. وقد يفسر هذا بالشعور العام عندهم أن خطراً قادماً يهدد هذه الصفة. فكان التركيز على يهودية الدولة في الحملة الانتخابية للكنيست الـ17 وفي هذه الفترة بالذات                   (اغبارية, 2006, ص9:8).  

فالمطلوب دولة يهودية نقية خالية من الأغيار, حق المواطنة فيها فقط لليهودي, كيفما كان وأينما كان, دون اعتبار لأصحاب الأرض الحقيقيين من عرب ودروز ومسيحيين وغيرهم من الأغيار, فأي دولة ديمقراطية وأي دولة عصرية ومدنية هذه التي يدعيها الصهاينة, لذلك لا غلو عند وصف هذه الدولة بالدولة العنصرية. ولعل هذا ما يفسر المطالبة الإسرائيلية من المفاوض الفلسطيني في السنوات الأخيرة "بالاعتراف بيهودية الدولة".

أما حزب شاس والذي كان برنامجه الانتخابي لانتخابات الكنيست السابعة عشرة 2006 أكثر تطرفا وأصولية من أي برنامج سابق له, فقد جاء في برنامجه الانتخابي أنه "يؤمن بكون دولة إسرائيل دولة الشعب اليهودي تقوم على مبادئ ديمقراطية بما يتفق مع توراة شعب إسرائيل". كما يطمح الحزب إلى "تجميع الجاليات اليهودية من كل بقاع الأرض بغية بناء البيت اليهودي في دولة يهودية كبيرة وقوية في جميع أرجاء" أرض إسرائيل". وتطلعنا خطوط الحزب على أنه يحترم الشواذ في المجتمع ويدعو إلى التسامح معهم، بحيث أن السلام يبدأ من الداخل، من خلال المحبة بين المجموعات المختلفة في المجتمع، وفي علاقة نديّة مع أبناء الديانات الأخرى واحترام حقوقهم. وتضيف الخطوط بأن حزب "شاس" يسعى ويطمح إلى أن تعيش إسرائيل بسلام وأمن مع جيرانها الدول العربية استناداً إلى أركان أمنية تهدف إلى الحفاظ على كل نفس في شعب إسرائيل    (شلحت, 2009, ص88:87).

إضافة إلى ذلك فإن حزب "شاس" يشجّع تطوير كل أطراف أرض إسرائيل: يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، النقب والجليل. لهذا يرى الحزب لزامًا عليه أن يرعى المسائل التالية: "الاستمرار في تطوير الاستيطان في يهودا والسامرة بما يتفق مع قرارات الكنيست والحكومة؛ وتطوير الجليل والنقب بغية تدعيم سكّان الأطراف".

ولا بدّ أن يلاحظ من هذا كلّه المدّ اليميني الذي طال حزب "شاس". فهو يشدّد على أنه لا يعترف بالشعب الفلسطيني ولا بوجوده في الضفة والقطاع، كما لا يعترف بوجود أقلية فلسطينية أو عربية بين ظهراني الدولة، وإنما يرى بهم أقليات دينية يتوجب التسامح معها. كذلك فقد ربط السلام مع الدول العربية بشرط يستحيل تطبيقه ألا وهو أن هذا السلام مرهون بعدم قتل أي يهودي. ويلاحظ بأن هذا الشرط يتغذّى من الفتوى التي أطلقها عوفاديا يوسيف في عام 1978، وعاد ونشرها لاحقًا واشتهرت باسم فتوى "الأرض مقابل السلام"، والتي طالما تغنّى بها اليسار الإسرائيلي من دون قراءتها. ولكن هذه الفتوى ترهن هذا السلام، بداية، بالأمن والتفوق العسكري الإسرائيلي، وثانيًا، بعدم قدرة إسرائيل على مواجهة العالم، ولكن في حال حصول قوة كهذه لإسرائيل أو للشعب اليهودي فإنه يتوجب على الدولة "قتل كل نفس غير يهودية وهدم أنصابها ومعابدها ودفعها للخروج من حدود "أرض إسرائيل"(مقاتل, 2011)؛ لكن حزب "شاس" يعمل في ثلاث جهات في توجّهاته وخطابه السياسي الديني والاجتماعي. فهو يتوجّه إلى العلمانيّين والتقليديّين من الشرقيين والفقراء والطبقة الدنيا في المجتمع الإسرائيلي عبر خطاب اجتماعي- اقتصادي يقول بوجوب تحقيق مكاسب رفاه اجتماعي للطبقات الدنيا في المجتمع. كما أنه يتوجّه إلى الشريحة المتديّنة في المجتمع الإسرائيلي، من خلال خطاب "عودة الماضي التليد"، أي إعادة المكانة المرموقة للشريعة اليهودية بحيث تعود إلى سابق عهدها كالحاكم الفصل في أمور الدنيا والدين. وأخيرًا، فهو يتوجّه إلى الشريحة اليمينية في المجتمع الإسرائيلي، وبخاصة إلى الشرقيّين منهم(شلحت, 2009, ص88:87).

وقد أسفرت الانتخابات وربما لأول مرة في تاريخ إسرائيل على عدم وجود حزب كبير يستطيع, مع تحالفات حزبية أن يشكل الحكومة الائتلافية, فقد خرجت عدة أحزاب قوية, ولا يملك رئيس الوزراء قوة تأثير كبيرة على اتخاذ القرار وإنما يكون بيد اثنين أو ثلاثة من رؤساء الأحزاب الأخرى. يقول بروفسور أمنون روبنشتاين: "لقد نتج عن هذه الانتخابات أكثر كنيست مقسمة في تاريخ إسرائيل"(مقاتل, 2011).

جدول رقم (10)

نتائج انتخابات الكنيست السابعة عشرة: 28 آذار/ مارس 2006

يوم الثلاثاء الموافق 28 آذار 2006 - الأصوات الصالحة: 5,014,622 - نسبة الحسم 2,742 :(%2)- عدد الأصوات للحصول على مقعد في الكنيست: 24.619

اسم القائمة أو الحزب

عدد الأصوات الصالحة

الأصوات %

عدد المقاعد

كاديما

690,901

22.0

29(+29)

هعفوداه- ميماد

472,366

15.1

19(+صفر)

شاس

299,054

9.5

12(+1)

الليكود (التكتل)

281,996

9.0

12(-26)

يسرائيل بيتنا

281,880

9.0

11(+9)

هئحود هلئومي (الاتحاد الوطني)- المفدال

224,083

7.1

9(-4)

جيل (المتقاعدون)

185,759

5.9

7(+7)

يهود هتوراه

147,091

4.7

6(+1)

ميرتس

118,302

3.8

5(-1)

القائمة العربية الموحدة – الحركة العربية للتغيير

94,786

3.0

4(+2)

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة

86,092

2.7

3(+صفر)

التجمع الوطني الديمقراطي

72,066

2.3

3(+صفر)

  المصدر: (الكنيست, 2011), (مقاتل, 2011). 

لقد حافظت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) كما هو واضح من الجدول أعلاه على مقاعدها في الكنيست الحالية الانتخابات السابعة عشرة 2006, مع زيادة مقعد واحد لشاس عن انتخابات الكنيست السابقة السادسة عشرة 2003, فقد حصل شاس على 12 مقعدا في الانتخابات الحالية 2006, مقابل 11 مقعدا في الانتخابات السادسة عشر2003, كما حافظ حزب يهدوت هتوراه في الانتخابات الحالية 2006, على  نفس عدد المقاعد التي حصل عليها في الانتخابات السابقة 2003.

جدول رقم (11)

تشكيل الحكومة الإسرائيلية قبل التعديل الوزاري, مايو 2006

الائتلاف الحكومي الحادي والثلاثين 4 أيار/ مايو 2006- 31 آذار/ مارس 2009.

الحزب أو القائمة

نسبة الأصوات %

عدد المقاعد

عدد الوزراء

كاديما

22.0

29

14

العمل- ميماد

15.1

19

8

شاس

9.5

12

5

المتقاعدون

5.9

7

2

المجموع

52.5

67

29

 المصدر: (مقاتل, 2011).

 كما هو واضح من الجدول وبناء على اتفاقيات ثنائية بين حزبي كاديما وشاس فقد شاركت شاس في الائتلاف الحكومي الحادي والثلاثين الذي شكله حزب كاديما برئاسة يهود أولمرت, حيث حصلت شاس بناءاً على الاتفاق على خمس وزارات, الياهو يشاي نائب رئيس الوزراء وعضو المجلس الوزاري المصغر ووزيرا للصناعة والتجارة, ارئيل اتياس وزيرا للاتصالات ومشولام نهاري وزير بلا وزارة, إلى جانب وزارة الأديان والداخلية(السعدي, 2009, ص120:106). كما حصلت شاس بناءا على الاتفاق أيضاً على مخصصات للعائلات كبيرة العدد وزيادة دعم المعاهد الدينية(شعبان, 2011).  

لعل هذه المرة الأولى الذي يحصل فيها حزب ديني حريدي على خمسة وزراء في الحكومة, والأهم من ذلك حصول شاس على نائب رئيس الوزراء وعضو المجلس الوزاري المصغر؛ الأمر الذي يؤهلها للاطلاع على كافة قرارات السياسة الخارجية والأمنية, بل أنها أصبحت  مشاركة في صناعة القرارات الخارجية والأمنية بشكل مباشر, وهذا يبين مدى الدور الذي تلعبه شاس في الائتلافات الحكومية والنظام السياسي من جهة والحياة السياسية من جهة أخرى. وهذا بدوره أيضا يؤهلها إلى ممارسة الحكم في المستقبل في حال حصلت على أغلبية في الكنيست.

ثانيا: الائتلاف الحكومي خلال فترة الكنيست الثامنة عشرة في 10 شباط/ فبراير 2009.

أجريت انتخابات الكنيست الثامنة عشرة مباشرة بعد الحرب على غزة في كانون الأول/ ديسمبر 2008 وكانون الثاني/ يناير 2009, وكانت أول انتخابات بعد حرب لبنان الثانية التي وقعت في صيف سنة 2006. هاتان الحربان, بالإضافة إلى التطورات الإقليمية الأخرى والتطورات داخل المجتمع الاسرائيلي, تعتبر السبب المباشر لتدجيج الأجندة الأمنية لانتخابات 2009, والتي عززت بدورها لدى الناخب الإسرائيلي الدافع نحو التوجه اليميني المتطرف(روحانا, 2010, ص88), (شلحت, 2009, ص86). وقد جاءت برامج الأحزاب منسجمة مع هذه الميول فقد تحدثت جميعها عن مكافحة الإرهاب والعنف بصورة حازمة, من أجل ضمان أمن إسرائيل ومواطنيها. أما الأحزاب الدينية فقد جاءت برامجها أكثر تطرفا وتشددا, فهي تقبل من حيث المبدأ بالسلام ولكن السلام الذي يضمن أمن دولة إسرائيل الممتدة من نهر الأردن حتى البحر المتوسط, وأنه لا وجود لدولة فلسطينية في هذه المنطقة, أما الدولة الفلسطينية فيجب أن تقام على أرض الأردن الذي يشكل الفلسطينيون نحو 75% من سكانه, هذا إلى جانب تعزيز الاستيطان, فقد جاء في برنامج حركة شاس: مواصلة الاستيطان في يهودا والسامرة بناءً على قرارات الكنيست والحكومة(صراص, 2009, ص150-167).

من الواضح أن هذه الانتخابات لا تدور على أجندة اقتصادية/ اجتماعية, وإنما على أجندة أمنية/ سياسية بحتة, وهو واقع تعززه برامج الأحزاب السياسية الإسرائيلية الرئيسية, كما تعززه الدعاية الانتخابية بصورة عامة.

أجريت انتخابات الكنيست الثامنة عشرة في 10/2/2009, وكانت نتيجتها هزيمة ساحقة لمعسكر اليسار- الوسط اليهودي, الذي حصل على مجرد 44 مقعدا في الكنيست الثامنة عشرة, إذ حصل حزب العمل على مجرد 13 مقعدا, بينما حصل ميرتس على ثلاثة مقاعد فقط, متحولا بذلك إلى أصغر حزب في الوسط اليهودي, في مقابل 65 مقعداً حصل عليها معسكر اليمين القومي- الديني. وقد تمخضت هذه الانتخابات عن مأزق كبير نتيجة التعادل بين الحزبين الرئيسيين في إسرائيل- الحزب الوسطي اليميني كاديما الذي حصل على 28 مقعداً من مقاعد الكنيست الـ 120, وحزب الليكود اليميني الذي حصل على 27 مقعدا, ومجموعة من الأحزاب الصغيرة, وغاب عنها الحزب الكبير القادر على إضفاء نوع من الاستقرار على الحكم وعلى اتخاذ قرارات حاسمة(خليفة, 2011, ص190), (يفتاحيل, 2009, ص169).

 

جدول رقم (12)

نتائج انتخابات الكنيست الثامنة عشرة: 24 شباط/ فبراير 2009

الأصوات الصالحة: 5,278,985, نسبة الحسم 67,470 :(%2), عدد الأصوات للحصول على مقعد في الكنيست: 27,246

اسم القائمة أو الحزب

عدد الأصوات الصالحة

الأصوات %

عدد المقاعد

كاديما

758,032

2205

28(-1)

الليكود (التكتل)

729,054

21.6

27(+15)

إسرائيل بيتنا

394,577

11.7

15(+4)

العمل

334,900

9.9

13(-6)

شاس

286,300

8.5

11(-1)

يهود التوراة والسبت أغودات يسرائيل - ديغل هتوراة

147,954

4.4

5(+1)

القائمة العربية الموحدة - الحركة العربية للتغيير

113,954

3.4

4(+صفر)

الاتحاد الوطني (إيحود لئومي)

112,570

3.3

4(+صفر)

الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة

112,130

3.3

4(+1)

الحركة الجديدة - ميرتس

99,611

3.0

3(-2)

البيت اليهودي- المفدال الجديد

96,765

2.9

3(-2)

التجمع الوطني الديمقراطي

83,739

2.5

3(+صفر)

 المصدر: (الكنيست, 2011).

            أبرزت نتائج الانتخابات أمرين هما: استمرار قوة الأصل الإثني والطبقة الاجتماعية, وتنامي الاتجاه القومي. وتحمل الأحزاب الدينية جميعها, طابعاً إثنياً قوياً, ومع أن تمثيلها انخفض 8% فإنها تظل تشكل تكتل قوي رئيسياً يضم 25 عضو كنيست ملتزمين سياسة تتمحور حول الهوية الإثنية. ويضم هذا المعسكر حزب شاس الذي يمثل اليهود الشرقيين بشكل صريح, وأحزاباً أشكنازية (يهود أوروبيين) مثل الحزب الديني المتطرف يهدوت هتوراه (يهودية التوراة), وحزب هبيت هيهودي (البيت اليهودي), والى حد كبير أيضا حزب هليئومي (الاتحاد القومي)( يفتاحيل, 2009, ص173:172). بناءً على توصية أغلبية الكتل النيابية اليهودية كلف رئيس الدولة (شمعون بيرس) رئيس الليكود, بنيامين نتنياهو, تأليف الحكومة, فأنجز هذه المهمة في أواخر آذار/ مارس, وحازت ثقة الكنيست في 31/ آذار/ مارس 2009. وقد شمل الائتلاف الأحزاب والقوائم التالية:

جدول رقم (13)

 الأحزاب والقوائم التي شكلت الائتلاف الحكومي الثاني والثلاثين: 31 آذار/ مارس 2009.

الحزب أو القائمة

عدد المقاعد

نسبة الأصوات %

عدد الوزراء

الليكود

27

21.6

15

يسرائيل بيتينو

15

11.7

5

حزب العمل

13

9.9

5

حزب شاس

11

8.5

4

حزب المتدينين "يهدوت هتوراه"

5

4.4

-

البيت اليهودي- المفدال الجديد

3

2.9

1

المجموع

74

65.0

30

  المصدر: (السعدي, 2009, ص112-120).

 عززت نتائج الانتخابات قدرة الأحزاب الصغيرة على الابتزاز السياسي والمالي وفرض رؤاها السياسية ومطالبها المصلحية على الحزب الحاكم, وقد كان للأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) الدور الأعظم في عملية الابتزاز(خليفة, 2011, ص190), فقد حصلت شاس في الحكومة بناءاً على اتفاق ثنائي بين شاس وحزب الليكود على أربعة وزارات, ايلي يشاي نائب لرئيس الوزراء ووزيراً للداخلية, ارئيل اتياس وزير البناء والإسكان, يعقوب مرجي وزير الأديان, ومشولام نهاري وزير بلا وزارة, إلى جانب حصول شاس على نائب وزير المالية اسحق كوهن الداخلية, الأديان, البناء والإسكان, ووزير دون وزارة ومنصب نائب وزير آخر, ولجنة الداخلية وجودة البيئة في الكنيست, وحسب الاتفاق, مخصصات الأولاد ستزداد ب 1.4 مليار شيكل في السنوات الثلاث القادمة. كل عائلة ستحصل على علاوة 93 شيكلاً في الشهر للولد الثاني, الثالث والرابع- ضعف المبلغ الذي أبدى كديما لتقديمه قبل بضعة أشهر, كما اتفق على منح ميزانيات للمدارس والمؤسسات الدينية, في السنتين القريبتين بكلفة مليار شيكل, 750 مليون شيكل منها ستكون في أساس ميزانية الدولة ولا تحتاج إلى مصادقة مجددا في أي اتفاق ائتلافي. إضافة إلى ذلك, سيتم في مجال السكن وضع خطة لزيادة عرض الأراضي المدنية بأسعار مخفضة للوسط الأصولي, مع التشديد على الأزواج الشابة, ستواصل مؤسسات التعليم الأصولي تلقي الميزانيات الحكومية, وستعمل الحكومة على تمويل مؤسسات التعليم الأصولية غير الرسمية. من ناحية أخرى سيخصص مبلغ وقدره 50 مليون شيكل أخرى إلى ترميم دور العبادة والكنس في أثناء السنة القادمة. وأدخل حزب الليكود بنداً آخر في الاتفاق الائتلافي مع حركة شاس يؤيد منع حصول عائلات بدوية ومتدينة يهودية متطرفة على مخصصات أطفال. وهكذا تكون كلفة إجمالي المطالب لحركة شاس 2.5 مليار شيكل. كما وقع بنيامين نتنياهو اتفاقا ائتلافياً مع حزب "يهدوت هتوراه" الحريدي وذلك ليكون شريكاً خامسا في حكومة نتنياهو التي أدت اليمين الدستورية, فقد تم توقيع الاتفاق بعد التغلب على اختلافات اللحظة الأخيرة. ولم يحصل "يهدوت هتوراه" على أية حقائب وإنما فقط على منصب نائب وزير بوزارة الصحة ورئاسة اللجنة المالية في الكنيست. وامتنع نتنياهو عن تعيين وزير للصحة حيث سيقوم نائب وزير "يهدوت هتوراه" بتصريف أمور الوزارة(السعدي, 2009, ص106-120). وقد نجح نتنياهو بذلك في تأليف حكومة موسعة, يمينية الطابع, وقابلة للحياة, وتتسم بتناغم سياسي. وبعد مرور عامين تقريبا على الانتخابات البرلمانية, لم تشهد الحلبة السياسية أزمات حقيقية تهدد استقرار حكومة نتنياهو أو استمرارها. كما أن التناقضات التي تتعلق بالعلاقة بين الدين والدولة, أي بين حزب شاس ويسرائيل بيتنو, لم تصل إلى درجة تهديد استقرار الحكومة, وذلك بسبب إدراكهم أن الانسحاب من الحكومة لن يسقطها, وإنما سيفتح الباب أمام حزب كاديما لدخول الائتلاف, وكذلك بسبب نجاح نتنياهو وقيادة يسرائيل بيتينو وشاس, في جسر الهوة والتناقضات بواسطة حلول وسط ترضي الأطراف كافة(شحادة, 2011, ص 120:119).

شاركت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) في الائتلاف الحاكم, ولعبت دورا كبيرا ومميزا في هذا الائتلاف, وقد استطاعت أن الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) ممارسة أعلى درجات الابتزاز والمساومة وأن تحقق معظم مطالبها, فإلى جانب مشاركتها بقوة في الحكومة وحصولها على وزارت مهمة مثل الداخلية والأديان وغيرها, حصلت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) على زيادة ضخمة في المخصصات المالية, في مجالات التعليم والإسكان والزواج وغيرها, هذا إلى جانب المحافظة على استمرارية الاتفاقيات مع الائتلافات السابقة. ومن جهة أخرى عززت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), من ممارسة دورها في الحياة السياسية, وذلك من خلال تواجدها في مجلس الوزراء المصغر الكابينت الذي يلعب دورا مركزيا في صناعة القرار السياسي في إسرائيل.

ثالثا: الائتلاف الحكومي خلال فترة الكنيست التاسعة عشرة في 23 يناير/كانون الثاني 2013 

أظهرت نتائج انتخابات الكنيست التاسعة عشرة التي جرت يوم الثلاثاء 23 يناير/كانون الثاني 2013، أن أحزاب اليمين الحاكم، فاز بأغلبية طفيفة، وحصل على 61 مقعدا من أصل 120 مقعدا، مقابل 59 مقعدا لليسار والوسط والعرب(الجزيرة نت، 2013).

والواضح من نتائج الانتخابات أن الأحزاب الدينية الحريدية، قد كسبت مقعدين، إلا أن حصول حزب هناك مستقبل على تسعة عشر مقعدا، والذي يناصبها العداء رافعا شعار ما يسمى بـ"توزيع العبء" حيث يتضمن البرنامج "تجنيد كل من يبلغ 18 عاما، بما في ذلك العرب والحريديين، ويقوم الجيش بتحديد مكان خدمتهم". هذا الأمر جعل الأحزاب الحريدية أكثر قلقا.

بسبب هذا القلق من الصعود السياسي لحزب "يش عتيد" (هناك مستقبل)، فإن الأحزاب اليهودية الحريدية بدأت بخطوات عينية تمهيدا لبدء المفاوضات الائتلافية، حيث جرت اتصالات مكثفة بين "شاس" وبين "يهدوت هتوراه" لتشكيل كتلة واحدة مؤلفة من 18 عضو كنيست لخوض المفاوضات الائتلافية. ونقلت عن موشي غفني، أحد قادة "يهدوت هتوراه"، قوله إنه سيعرض على "شاس" اقتراح تشكيل طاقم مشترك يضم ممثلين عن الطرفين، مشيرا إلى أن الجمهور الذي منح 19 مقعدا ليئير لبيد قد منح الحريديين 18 مقعدا. وبحسبه فإن الكتلتين ستكونان سوية في الأمور المبدئية التي وصفها بالمتطابقة. مضيفا أنه سيعرض عما قريب طاقم مشترك للطرفين. ونقل عن المرشح الثاني في "شاس"، أرييه درعي، أقوال مماثلة، حيث اقتبس الراف عوفاديا يوسيف بالتوجه سوية في كل ما يخص أبناء المدارس الدينية، وأنه من الممكن التنسيق سوية بشأن قضايا أخرى، مثل ميزانيات المدارس الدينية والتقليصات المرتقبة. واعتبر غفني، في رسالة موجهة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، أن "يهدوت هتوراه" و"شاس" هي أحزاب "مستقرة"، في حين لا يعرف أحد ماذا سيكون مصير "يش عتيد"، مشيرا إلى أن نتانياهو يعرف ذلك. وقال غفني إن هناك خطوطا حمراء للدخول في الائتلاف الحكومي، ولم ينف إمكانية المشاركة في الائتلاف إلى جانب "يش عتيد". أما بشأن تجنيد الحريديين، فقال إنه يعارض ذلك مبدئيا، ولكنه لن يجري مفاوضات بهذا الشأن في وسائل الإعلام، وإنما سيتم الحديث عن ذلك مع نتانياهو. وبحسبه فإن "المساواة في تحمل العبء تشمل دراسة التواراه أيضا"(موقع عرب 48، 2013).

جدول رقم (14)

نتائج انتخابات الكنيست التاسعة عشرة: 23 يناير/كانون الثاني 2013

بلغت نسبة التصويت 67.79%، أي 3,834,136، عدد أصحاب حق الاقتراع 5,656,133. عدد الأصوات الصالحة 3,523,702. بلغت نسبة الحسم 75560 صوتا.

 

اسم القائمة أو الحزب

عدد المقاعد

الليكود بيتنا

31 (-11)

هناك مستقبل

19(+19)

العمل

15 (+2)

البيت اليهودي

12 (+9)

شاس

11 (+0)

يهود هتوراة

7 (+2)

هتنوعاه (الحركة)

6 (+0)

ميرتس

6 (-3)

القائمة العربية الموحدة

4

حداش

4

التجمع

3

كاديما

2 (-26)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صادقت الهيئة العامة للكنيست على الحكومة الإسرائيلية المكونة من 22 وزيرا، في 18 مارس 2013، بأغلبية 68 نائبا يشكلون الائتلاف، ومعارضة 48 نائبا(موقع: ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي، 2013).

جدول رقم (15)

 الأحزاب والقوائم التي شكلت الائتلاف الحكومي الثالث والثلاثين: 18 مارس 2013.

الحزب أو القائمة

عدد المقاعد

عدد الوزراء

الليكود

20

7+1

يسرائيل بيتينو

11

4

ييش عتيد (هناك مستقبل)

19

5

البيت اليهودي- المفدال الجديد

12

3

هتنوعاه (الحركة)

6

2

المجموع

68

22

كما هو واضح من الجدول فان الأحزاب الدينية الحريدية، ليست مشاركة في الائتلاف الحكومي، الذي يرفض حزب هناك مستقبل مشاركتها في حكومة يشارك فيها، بل أن برنامج هذه الحكومة يقوم على إقصاء الأحزاب الدينية الحريدية، والاتفاق ضمن برنامج الحكومة الائتلافي على مساواتها مع كافة شرائح الشعب خاصة في التجنيد والتعليم تحت شعار تحمل العبء.

وخلال قراءة نتنياهو أسماء وزراء حكومته، خرج أعضاء الكنيست من كتلة "يهدوت هتوراة" من قاعة الكنيست بشكل تظاهري وهتفوا بأن "اليهودي لا يطرد اليهودي"، وذلك احتجاجا على رفض حزبي لبيد وبينيت ضم الحريديم إلى الحكومة وموافقة نتنياهو على طلبهما. ومزق عضو الكنيست موشيه غافني، من حزب "يهدوت هتوراة"، الاتفاقيات الائتلافية خلال خطابه على منصة الكنيست، وقال إن "هذه الاتفاقيات الائتلافية هي الكتاب الأبيض ضد الجمهور الحريدي، وهي تلحق الأذى بدارسي التوراة".

 وتظهر الخطوط العريضة لسياسة حكومة نتنياهو الجديدة من خلال الاتفاقيات الائتلافية. ويتبين أنها تركز على الشؤون الداخلية، الاقتصادية والاجتماعية،

 وفيما يلي أهم القضايا التي ستتعامل معها هذه الحكومة فيما يخص الاحزاب الدينية الحريدية(موقع مدار، 2013):

المساواة في تحمل العبء: خدمة عسكرية ومدنية للجميع وبشكل تدريجي.

كان هذا البند مركزيا خلال الحملة الانتخابية، تحت مسمى "المساواة في تحمل العبء". وقد احتل مكانا مركزيا في الاتفاق الائتلافي بين "الليكود بيتنا" و"يوجد مستقبل". ويقضي هذا البند بتجنيد الشبان الحريديم للخدمة العسكرية أو المدنية، وفقا لجدول زمني واضح. وطبقا لذلك يتعين على لجنة وزارية برئاسة مندوب عن "يوجد مستقبل" أن تقدم خلال 45 يوما منذ تنصيب الحكومة مشروع قانون بهذا الخصوص. ويحتل هذا الموضوع أولوية، وحتى قبل إقرار الميزانية العامة.

ويتوقع أن تنص مبادئ هذا القانون على واجب أي مواطن بلغ الثامنة عشرة أن يؤدي الخدمة العسكرية أو المدنية، وزيادة عدد الحريديم الذي يؤدون هذه الخدمة، وفرض غرامات مالية على المتهربين من الخدمة، وتقليص مدة الخدمة العسكرية لجميع الجنود النظاميين إلى سنتين، وزيادة عدد العرب في الخدمة المدنية.

وستبدأ الفترة الانتقالية لتطبيق هذا القانون في 1 آب المقبل وتنتهي في 1 آب العام 2017، بحيث تكون غايات التجنيد لكل عام محددة، وهي تجنيد 2000 حريدي للجيش و1300 للخدمة المدنية خلال العام 2013 الحالي، وتجنيد 3800 حريدي للخدمة العسكرية والمدنية خلال العام 2014، وتجنيد 4500 حريدي في العام 2015، و5600 في العام 2016.

التعليم: إدخال المواضيع الدراسية الأساسية إلى جهاز التعليم الحريدي

ويتوقع أن يعمل الحاخام شاي بيرون، وزير التعليم عن حزب هناك مستقبل، خلال الشهور الستة المقبلة، بموجب الاتفاق الائتلافي، على بلورة خطة لتدريس المواضيع الأساسية، مثل الرياضيات واللغة الانكليزية، وأن يكون ذلك ملزما لجميع المدارس الابتدائية. وهذه الخطة موجهة بالأساس للمدارس الحكومية الحريدية، التي لا تدرس فيها مواضيع كهذه. وينص الاتفاق الائتلافي على بدء تنفيذ هذه الخطة في غضون عامين.

والجانب الآخر للاتفاق الائتلافي في هذا السياق، هو إلغاء المقياس الذي يسمح بدعم مالي حكومي لمؤسسات توراتية لتلميذ لا يحمل الجنسية الإسرائيلية أو أنه ليس مقيما دائما في إسرائيل. ويهدف هذا التعديل إلى منع حريديم من خارج إسرائيل، وليسوا مواطنين فيها، من الدراسة في معاهد دينية يهودية والحصول على تمويل من الدولة لقاء دراستهم في إسرائيل.

تعتبر الأحزاب الدينية الخاسر الأكبر في الانتخابات التاسعة عشر، وفي الائتلاف الحكومي الثالث والثلاثون، بعد إقصائها من المشهد السياسي، وعدم إشراكها في الحكومة، حيث خسرت هذه الأحزاب الامتيازات المالية التي كانت تحصل عليها في الائتلافات السابقة، بالإضافة إلى أن الائتلاف الحالي اتفق على ضرورة تجنيد عدد من الحريديم، وهذا يعتبر بدوره تأكيد على قرار المحكمة العليا في شهر آب 2012 بإلغاء قانون طال الذي ينص على عدم تجنيد الحريديم في الخدمة العسكرية، وسن قانون جديد تحت مسمى"المساواة في العبء". المساواة في العبء تعني إلزام كل مواطني إسرائيل بالخدمة العسكرية أو المدنية، إضافة إلى إدخال مادتي الرياضيات والانجليزي إلى منهج تعليم مدارس الحريديم.

 

الخلاصة:

تعتبر الأحزاب الدينية الحريدية أحزاب برغماتية، فقد مارست أعلى درجات الديماغوجية والابتزاز السياسي خلال المراحل السابقة, وقد حصلت على امتيازات وإنجازات فاقت قوتها البرلمانية, فقد حصلت على زيادة مواردها المالية أضعاف مضاعفة لما كانت عليه سابقاً, كما حصلت على إعفاءات من الجيش, واستمرار التعليم الديني الخاص مع زيادة النفقات, كما حصلت على وزارات مهمة ومواقع متقدمة مثل نائب رئيس وزراء, ووزير في مجلس الوزراء المصغر (الكابينت). إلا أن ما حصل في الانتخابات الأخيرة تكاد للمراقبين وكأنها خسرت كل شيء بعد إلغاء قانون طال، وسحب بعض الامتيازات التي حصلت عليها طوال الفترة الماضية، لكن هذه الأحزاب سرعان ما تستعيد عافيتها، وتستخدم ديماغوجيتها وبرغماتيتها في إعادة هذه الامتيازات وتحسينها، كما حدث في انتخابات 2003، عندما أقصاهم شارون من المشهد السياسي وألغى قانون طال، فقد عادت هذه الأحزاب بقوة اكبر، لان هذه الأحزاب تعتمد في الأساس على جمهور ثابت ورصين، أما حزب هناك مستقبل فهو طفرة في الحياة السياسية قد يندثر إذا لم يحقق أي من برامجه، كما حصل مع حزب شينوي الذي حصل على 15 مقعدا وشارك شارون في الائتلاف الحكومي الثلاثين وعملية إقصاء الأحزاب الحريدية، لكنه انتهى في الانتخابات التالية وعادت الأحزاب الحريدية أكثر قوة وصلابة.

 ملاحظات عامة على مشاركة الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) في الحكومات الإسرائيلية.

  • شاركت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية), (أغودات يسرائيل, وديغل هتوراة ويهدوت هتوراة وحركة شاس), جل الحكومات الإسرائيلية منذ قيام إسرائيل وحتى اليوم، باستثناء الحكومة الانتقالية السادسة والعشرين التي شكلها بيريز بعد مقتل رابين لحين الانتخابات, والائتلاف الحكومي الثلاثين الذي شكله شارون الذي قصد استبعاد الحريديم لتغيير أوضاعهم وعدم الخضوع لابتزازاتهم، مما أكد استمرارية وجودها قرب مراكز صنع القرار السياسي وإسهامها فيه بصورة أو أخرى، مما ساعدها بالحفاظ على الطابع اليهودي للدولة.
  • كانت مشاركة الأحزاب الدينية الحريدية في الحكومات المختلفة من خلال توليها بعض الوزارات التي تبدو هامشية والتي لها علاقة بالتنشئة الثقافية والدين والشؤون الاجتماعية وكذلك المؤسسات التعليمية. لكن هذا الأمر هيأ لها الفرصة للسيطرة على الثقافة السياسية السائدة في المجتمع ومكنها من فرض تصوراتها للهوية السياسية والروحية للدولة، ومكنها من المساهمة في تنشئة أجيال من الشباب اليهودي المتعصب، والذي قلب ميزان القوى السياسية لصالحها في المدى الطويل.
  • استفادت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) من سيطرتها على وزارة الداخلية والشؤون الاجتماعية في تقوية موقعها داخل المجتمع والدولة، وقد استغلت الأحزاب الدينية الحريدية هذه الوزارات لتطبيق المعايير المتشددة للتهويد، وتقرير حقوق المواطنة والحصول على الدعم والمعونات.
  • أبدت الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) درجة من الانفتاح السياسي على الحكومات الإسرائيلية سواء العمالية أو اليمنية التي شاركت فيها، مما يشير إلى نوع من الانتهازية السياسية والبراغماتية في تصرفاتها مما يتناقض مع مواقفها الدينية المتشددة.
  • ظهر اتجاه واضح لدى الأحزاب الدينية الرافضة للصهيونية (الحريدية) نحو اليمين وتأييد الائتلاف مع الحكومات اليمنية بقيادة الليكود وتأييد انتخاب رئيس للوزراء نتنياهو وشارون على حساب حكومات العمل. وذلك رغبة في التخلص والانتقام من التمييز ضد السفارديم الذي مارسته القوى العمالية من الاشكنازيم في السنوات الأولى لقيام الدولة، ورفض التوجهات اليسارية لحزب العمل وتحالفه مع القوى العلمانية، فهم يرون بأن حزب الليكود أكثر تعاطفاً مع الشؤون الدينية من حزب العمل، وكذلك بسبب الامتيازات التي قدمها اليمين المتطرف إلى الجماعات الدينية في مجال زيادة عدد طلاب المدارس الدينية الذين  تم إعفاؤهم من الخدمة العسكرية بسبب تكريس حياتهم لدراسة القانون اليهودي.(الشرعة, بركات, 2006, ص273:272). 

المراجع:

الكتب والمجلات:

  1. جاد, عماد: (تحرير), وآخرون, "الانتخابات الإسرائيلية 2003 الأمن أولا", ط1, (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام, 2003).
  2. جبريل, محمد: "دولة إسرائيل والشريعة اليهودية", ط1, (القاهرة: دار النهضة العربية, بدون سنة نشر).
  3. منصور، جوني,: "معجم الإعلام والمصطلحات الصهيونية والإسرائيلية", ط1, (رام الله: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار", 2009).
  4. حيدر, عزيز: "التطورات الاقتصادية والحراك السياسي في إسرائيل", دراسة في حركات الاحتجاج والانتخابات البرلمانية, ط1, (رام الله: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار), آب 2005).
  5. الزرو, صلاح: "المتدينون في المجتمع الإسرائيلي", ط1, (الخليل: رابطة الجامعيين مركز الأبحاث, 1990).
  6. سالم, محمد: "الديمقراطية المزعومة في إسرائيل", ط1, (القاهرة: عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية, 2002).
  7. الشامي, رشاد: "إشكالية الهوية في إسرائيل", سلسلة عالم المعرفة, العدد (224), ط1, (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب, ربيع الأول 1418هـ, أغسطس 1997).
  8. "القوى الدينية في إسرائيل: بين تكفير الدولة ولعبة السياسة", ط1, (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب, 1994).
  9. ماضي, عبد الفتاح محمد: "الدين والسياسة في إسرائيل: دراسة في الأحزاب والجماعات الدينية في إسرائيل ودورها في الحياة السياسية", ط1, (القاهرة: مكتبة مدبولي, 1999م).
  10. إمارة, محمد: "المشهد السياسي والحزبي", تقرير مدار الاستراتيجي 2005: المشهد الاسرائيلي في العام 2004, اسعد غانم (تحرير), (رام الله: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية, 2005).
  11. اغبارية, مسعود: "الانتخابات الإسرائيلية العامة آذار 2006: التطورات والنتائج والأبعاد", مجلة قضايا إسرائيلية, السنة (السادسة), العدد 22, 2006.
  12. الحافي, عامر: "الأحزاب السياسية في إسرائيل- الأحزاب الدينية الحريدية", مجلة الدراسات الفلسطينية, العددان 20:19, ربيع 2002.
  13. خليفة, احمد: "الانتخابات الإسرائيلية: النتائج من زاوية الوضع السياسي الداخلي", مجلة الدراسات الفلسطينية, العدد 27, صيف 1996.
  14. روحانا, نديم: وآخرون, "الانتخابات الإسرائيلية 2009: تحولات في الاتجاهات السياسية للفلسطينيين في إسرائيل", مجلة الدراسات الفلسطينية, العدد (82), ربيع 2010.
  15. الشرعة, محمد, و بركات, نظام: "الأحزاب الدينية ودورها في السياسة الخارجية في إسرائيل", مجلة أبحاث اليرموك- سلسلة العلوم الإنسانية والاجتماعية, المجلد 22, العدد 1, الأردن, جامعة اليرموك, آذار 2006.
  16. شعبان, خالد, إعداد: "حركة شاس: اتحاد الشرقيين- حراس التوراة", مجلة قضايا إسرائيلية, العدد 1, غزة: مركز التخطيط الفلسطيني- مكتب الرئيس, أكتوبر 1997.
  17. شعبان, خالد: "التغيرات الحزبية والسياسية في إسرائيل (1999- 2010)", قراءات إستراتيجية, السنة الرابعة, العدد العاشر, غزة: مركز التخطيط الفلسطيني- منظمة التحرير الفلسطينية, نوفمبر 2011.
  18. شلحت, أنطوان: "ليست مجردة من (الرصاص المسبوك): عن الانتخابات الإسرائيلية العامة 2009", مجلة سياسات, العدد (7), رام الله: معهد السياسات العامة, شتاء 2009.
  19. صراص, سمير: "انتخابات الكنيست الثامن عشر: البرامج السياسية للأحزاب الإسرائيلية", مجلة الدراسات الفلسطينية, العدد(77), شتاء 2009.
  20. عايد, خالد: "انتخابات الكنيست السادس عشر 28 كانون الثاني/ يناير 2003", مجلة الدراسات الفلسطينية, العدد (53), شتاء 2003.
  21. عايد, خالد: ترجمة وإعداد, "حكومة الوحدة الوطنية الإسرائيلية", وثائق التأليف 7/3/2001, مجلة الدراسات الفلسطينية, العدد (47), صيف 2001.
  22. عكاشة, زهير: "انتخابات العام 2003 الإسرائيلية: انتصار لليمين المعتدل وللوسط العلماني", مجلة مركز التخطيط الفلسطيني, السنة الثالثة- العدد 29, غزة: مركز التخطيط الفلسطيني,   يناير- يونيو 2003.
  23. عكاشة, سعيد: "فاعلية الكنيست في مواجهة الحكومة: الوقائع والنتائج", مجلة السياسة الدولية, السنة السابعة والثلاثون, العدد (144), القاهرة: الأهرام, ابريل 2001.
  24. غانم, اسعد: "شروخ في الهوية الإسرائيلية: عن انتخابات شباط 2001 في إسرائيل", مجلة قضايا إسرائيلية, السنة الأولى, العدد (الثاني), ربيع 2001.
  25. فارشفسكي, ميخائيل: "الانتخابات الإسرائيلية 2003: خيارات الناخب وحسابات شارون", مجلة الدراسات الفلسطينية, العدد (54), ربيع 2003.
  26. يفتاحيل, اورون: "التصويت لسياسة الفصل العنصري (ديمقراطيا)", مجلة الدراسات الفلسطينية, العدد(77), شتاء 2009.
  27. عكاشة, زهير, (ترجمة), "انتخابات العام 2003 الإسرائيلية انتصار لليمين المعتدل وللوسط العلماني", تحليل سياسي منقول عن مجلةMiddle East Review International   Affairs, المجلد  السابع ،العدد الأول ، آذار /مارس ‎2003.
  28. جبور, سمير: (إعداد), "انتخابات الكنيست الحادي عشر1984: الأبعاد السياسية والاجتماعية", ط1, (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية, 1985).
  29. حمدي, إيمان: "الانتخابات الإسرائيلية: محددات ومؤشرات التصويت", مجلة السياسة الدولية, السنة السابعة والثلاثون, العدد 144, القاهرة: مؤسسة الأهرام, ابريل 2001.
  30. مصطفى, نانيس: "الانتخابات الإسرائيلية جدل الثقافة والسياسة", مجلة السياسة الدولية, العدد (44), ابريل 2001, ص107.

 

الكتب العبرية:

 

1.أريان, اشر: "السياسة والحكم  في إسرائيل", (تل أبيب: زموريا بيتان, 1985).

 פולטיקה ומשטר בישראל , אשר אריאן , זמוריה ביתאן , תל אביב , 1985.

2.درون, اليعيزر: "قيم ومفاهيم – موسوعة الصهيونية وإسرائيل", (القدس: رئفون, 1983).

ערכים – לכסיקון הציונות וישראל , אליעזר דרון , ראבון , יורשלים , 1983.

 

المواقع الالكترونية:

  1. موقع: الجزيرة نت.

http://www.aljazeera.net/opinions/pages/3bc4faf1                                    

  1. موقع: عرب 48.

http://www.arabs48.com/?mod=articles&ID=97407                                          

  1. موقع: المركز الفلسطيني للدراسات الاسرائيلية (مدار).

http://www.madarcenter.org/pub-details.

  1. موقع: ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي.

http://www.pmo.gov.il/ARAB/ISRAELGOV/Pages/default.aspx    

  1. موقع: الكنيست.

 http://www.knesset.gov.il/review/ReviewPage2.                                

  1.  شعبان خالد, "انتخابات الكنيست السابعة عشرة 2006, بحث نشر على الموقع الالكتروني: 

http://www.oppc.pna.net/mag/mag22/new_page_11.htm

 

 

ملفات مرفقة :

 للتواصل والاستفسار :

 مسؤول الموقع : أحمد الطيبي   -بريد الكتروني : ahmed@ppc-plo.ps   - جوال :0597666543  

  

مواضيع مميزة

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

قراءة سياسية لنتائج الانتخابات الإسرائيلية

ورشة عمل - الأحد 29/9/2019..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

محاضرة بعنوان : أسس وأساليب ومناهج البحث العلمي

رام الله: نظمت يوم أمس الثلاثاء الموافق 17/9/2019 دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني في مقر منظمة التحري..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

محاضرة بعنوان : الأبحاث الاعلامية

نظمت دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية يوم الثلاثاء 10-9-2019، في قاعة مبنى..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

منتدى غزة الحادي عشر للدراسات السياسية والإستراتيجية

عقدت دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني – المحافظات الجنوبية ، المنتدى السنوي الحادي عشر للدراسات الاستر..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

منظمة التحرير الفلسطينية

الفكرة - المسيرة - المستقبل..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

الوزير أبو النجا في زيارة تفقدية الى مقر دائرة العمل والتخطيط الفلسطينى

قام الوزير ابراهيم أبو النجا "ابووائل" بزيارة تفقدية الى مقر مبنى دائرة العمل والتخطيط الفلسطينى بغز..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

وفد من النضال الشعبى يتفقد مبنى دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

قام وفد من جبهة النضال الشعبى الفلسطينى بقطاع غزة بزيارة تفقدية الى مقر مبنى دائرة العمل والتخطيط ال..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

د. احمد مجدلاني يدين القصف الذي طال مبنى دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

د. احمد مجدلاني يدين القصف الذي طال هذا الصباح مبنى دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني احد دوائر منظمة ..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

دائرة العمل والتخطيط بمنظمة التحرير تناقش خطتها للمرحلة القادمة

ناقشت دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني بمنظمة التحرير الفلسطينية في اجتماع ترأسه رئيس الدائرة د. أحمد ..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

كتاب منتدى غزة العاشر للدراسات السياسية والاستراتيجية

كتاب منتدى غزة العاشر للدراسات السياسية والاستراتيجية المتغيرات المستقبلية في النهج السياسي الفلسطي..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

منتدى غزة العاشر للدراسات السياسية والإستراتيجية

منتدى غزة العاشر للدراسات السياسية والإستراتيجية تحت عنوان المتغيرات المستقبلية في النهج السياسي ال..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

قانون الجنسية الإسرائيلي ويهودية الدولة

ورشة عمل الثلاثاء 18/7/2017..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

تضامنا مع الأسرى

الحرية لأسرى الحرية..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

كتاب منتدى غزة التاسع للدراسات السياسية والاستراتيجية

كتاب منتدى غزة التاسع للدراسات السياسية والاستراتيجية القضية الفلسطينية في بيئة اقليمية متغيرة الت..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

منتدى غزة التاسع للدراسات السياسية والاستراتيجية

القضية الفلسطينية في بيئة اقليمية متغيرة التطورات والتداعيات..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

مركز التخطيط الفلسطيني و مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية يبحثان التعاون وتعزيز العلاقات

التقى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية احمد مجدلاني مدير مركز التخطيط الفلسطيني ، مع م..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

مجلة المركز عدد 45

مجلة دراسيـة فصليـة متخصصــة بالشؤون الفلسطينية وكل ما يتعلق بها،تصدر عن مركـز التخطيط الفلسطيني. ت..

الباحث : د. خالد شعبان

الدكتور خالد شعبان مشرفا لرسالة ماجستير في جامعة الازهر

مناقشة رسالة الباحث اكرم قشطة والتي عنوانها "سياسة دول مجلس التعاون الخليجي تجاه البرنامج النووي الا..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

منتدى غزة الثامن للدراسات السياسية والاستراتيجية - القسم الثاني

نحو كسب التأييد الدولي من اجل القضية الفلسطينية..

الباحث : دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

مشاركة مركز التخطيط الفسطيني في مؤتمر قطاع غزة الواقع وافاق المستقبل

مشاركة مركز التخطيط الفسطيني في مؤتمر قطاع غزة الواقع وافاق المستقبل الذي نظمته كلية الاداب - جامعة..

الأكثر إطلاعاً