الدولة الفلسطينية في الفكر السياسي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"
أ. خالد خليل الشيخ عبد الله
مقدمة
ظل الشعب الفلسطيني يحلم بإقامة دولته الفلسطينية المستقلة لأكثر من قرن لكنه لم ييأس، وقدم تضحيات كبيرة كي تصبح الدولة الفلسطينية حقيقة بالرغم من أن مراحل النضال الفلسطيني من أجل قيام الدولة الفلسطينية ظل متشابكاً ومتداخلاً بين رؤية الكل الوطني الفلسطيني، وبين الأحزاب والحركات الوطنية والإسلامية الفاعلة على الساحة الفلسطينية، حيث كان لكل حزب وتنظيم رؤيته للدولة من منطلق فكره وبرنامجه السياسي الذي عبر عن تلك الرؤية لتحقيق تحرير أرضه وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. فقد توحدت الرؤى في إطار برامج فصائل منظمة التحرير الفلسطينية منذ تولي التنظيمات الفلسطينية قيادتها في عام 1968م، وقد أجمعت الفصائل على أهداف موحدة في إقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، ومع تعدّد فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بالمنطلقات والاستراتيجيات، وإقرار البرنامج السياسي المرحلي عام 1974م، وحتى بلورة أول وثيقة فلسطينية تعلن الاستقلال عام 1988م، بلورت مواقف التنظيمات السياسية محددات المشروع الوطني الفلسطيني ضمن حراك سياسي بين جبهة القبول وجبهة الرفض. وقد تناولت الدراسة، رؤية الفصيل الفلسطيني الأكثر أهمية في منظمة التحرير الفلسطينية المتمثل في حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" حيال مسألة إقامة الدولة الفلسطينية، ومراحل تطور الفكر السياسي الذي مرت به حركة فتح، والعوامل المحلية والإقليمية والدولية المؤثرة في التحولات الفكرية والسياسية لها تجاه إقامة الدولة الفلسطينية.
مراحل تطور مفهوم الدولة في الفكر السياسي لحركة فتح
عملت حركة فتح منذ تأسيسها على بعث الكيانية الفلسطينية، وواكبت كافة التطورات التي طرأت بشأن الكيان الفلسطيني المزمع إنشاؤه، وقد اتخذ الخطاب السياسي لحركة فتح- ولأبرز قادتها- عدة صور ومراحل، عملت في تحديدها عوامل كثيرة أحاطت بالثورة الفلسطينية وبالقضية الفلسطينية، فكانت فكرة تحرير كامل التراب الفلسطيني، ثم الدولة الفلسطينية الديمقراطية على كامل التراب الفلسطيني، ثم الدولة المرحلية" على أي جزء من فلسطين يتم تحريره وفقاً لمقررات البرنامج السياسي المرحلي"،وأخيراً السلطة الوطنية الفلسطينية بعد توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقية أوسلو.
تمت صياغة وثيقة (مبادئ وأهداف وأساليب حركة فتح)، في المؤتمر الثاني للحركة عام 1968م، وهي وثيقة سياسية فكرية تعد دستور حركة فتح الأساسي، وقد أقرها فيما بعد المؤتمر الثالث عام 1971م، والمؤتمر الرابع عام 1980م. غير أن حركة فتح منذ تأسيسها ركزت على فكرة تحرير كامل الأرض الفلسطينية، وتميزت بالتأكيد على الهوية الوطنية، واستقلالية القرار الوطني الفلسطيني، واستبعاد الإيديولوجيات من هوية الحركة، ليتوحد الجميع في معركة التحرر(صالح، 2003، ص384).
يمكن رصد وتلخيص النقاط الأساسية التي ركزت عليها هذه الوثيقة، ومختلف الوثائق الأخرى للحركة، وبياناتها السياسية ونشراتها، كما يلي(كريشان، 1986، ص54):
- أن تحرير فلسطين هو الطريق إلى توحيد الوطن العربي، فهي جزء من هذا الوطن، وشعبها جزء من الأمة العربية، وكفاحه جزء من كفاحها.
- أن حرب الشعب طويلة الأمد هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين.
- ضرورة تحرير الإرادة الفلسطينية والمحافظة على استقلاليتها في القرار وفي القتال.
- أن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي شرط تحقيق الانتصار، وأن لمعركة التحرير الأولوية على أي تناقضات فكرية وسياسية واجتماعية.
- أن الثورة الفلسطينية هي حركة تحرير وطني عربية، وهي طليعة الأمة العربية في معركة التحرير المصيرية، وأن نضال الشعب الفلسطيني هو جزء من النضال المشترك لشعوب العالم ضد الشعوب الصهيونية والاستعمار والامبريالية العالمية، وأن معركة تحرير فلسطين واجب عربي وديني وأنساني.
- أن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، حركة وطنية ثورية مستقلة تمثل الطليعة الثورية للشعب الفلسطيني.
- أن اسرائيل مؤسسة عنصرية عسكرية متكاملة دخيلة وغازية، وبقاؤه يشكل عدواناً مستمراً على الأمة العربية، وان قيام دولة فلسطينية عربية ديمقراطية يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود بحقوق وواجبات متساوية على أنقاضه أمر حتمي.
- أضاف المجلس الثوري لحركة فتح بعد حرب تشرين أول/ أكتوبر عام 1973م، أن للشعب الفلسطيني وحده حق ممارسة السيادة الوطنية على أي جزء من ارض فلسطين يتم تحريره.
وقد أكد المؤتمر الرابع لحركة فتح الذي عقد عام 1980م، أن البرامج السياسية التي قررتها المجالس الوطنية الفلسطينية لمنظمة التحرير الفلسطينية هي ملزمة للحركة.
تبنت حركة فتح منذ نشأتها مفهوم الدولة الكاملة على كافة التراب الوطني الفلسطيني، كمفهوم استراتيجي، وأخذت على عاتقها تحرير فلسطين بالكفاح المسلح وإنشاء الدولة الفلسطينية الديمقراطية التقدمية عليها، ومع تطور مراحل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، كانت حركة فتح أكثر التنظيمات البراغماتية، وتعاملت مع الظروف الموضوعية، وكان لها رؤية وقراءة واقعية للتطورات السياسية والدولية، فطرحت الدولة الفلسطينية الديمقراطية التي يعيش فيها كافة المواطنين من جميع الديانات والأطياف متساوين في الحقوق والواجبات. وقد كان لهزيمة حرب حزيران/ يونيو عام1967م، والانتكاسة التي منيت بها الدول العربية، تحول خطير في الصراع الإسرائيلي- العربي، انعكس بشكل سلبي على القضية الفلسطينية، وبالتالي على الفكر السياسي الفلسطيني، الذي تعامل بأكثر واقعية، وبما ينسجم مع الوقائع المحلية والعربية والدولية، فكانت فكرة الدولة المرحلية، التي ترجمت فيما بعد في مشاريع التسوية السياسية.
أولاً: الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني
آمنت حركة فتح بفكرة اجتثاث إسرائيل منذ نشأتها وحتى حرب حزيران/ يونيو عام 1967م، وهدفت الحركة إلى تدمير إسرائيل ككيان اقتصادي وسياسي وعسكري،وإقامة دولة فلسطين على كامل التراب الفلسطيني، أي إعادة فلسطين إلى وضعها الراسخ في عقول معظم الفلسطينيين، وطنهم كما كان قبل النكبة عام1948م.
جاء في المادة الثانية عشرة من النظام الأساسي لحركة فتح والذي نص على "تحرير فلسطين تحريراً كاملاً وتصفية الكيان الصهيوني اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً وثقافياً"(النظام الأساسي لحركة فتح،1968، ص14).كما جاء في هيكل البناء الثوري لحركة فتح "أن الهدف الرئيسي لثورتنا هو العمل على تحرير أرض فلسطين المحتلة تحريراً كاملاً، وتصفية الغزو الصهيوني الاستعماري لوطننا السليب حتى تعود فلسطين بكاملها جزءً عربياً حراً من الوطن العربي الكبير". وعندما سئل ياسر عرفات إذا ما كان هدف حركة فتح هو تحرير جميع الأراضي المحتلة بعد نكسة الخامس من حزيران فقط، أجاب بأن "ثورتنا كانت قبل الخامس من حزيران عام 1967م، والخامس من حزيران شيء طارئ زاد في مسؤوليتنا والتبعية الملقاة على أكتافنا. ثق أننا نحن حركة وثورة تحرير الأرض بكاملها، بكل شبر فيها"، وكان ذلك في نفس العام التي تبنت فيه فتح هدف إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية(عدوان، 2008، ص7:6).
ثانياً: الدولة الفلسطينية الديمقراطية
تعود جذور هذا المفهوم إلى ما طرحته الحركة الوطنية الفلسطينية من أفكار ومقترحات سياسية إبان الانتداب البريطاني على فلسطين، وقبل قيام إسرائيل عام 1948م، وإلى تحرر الحركة الوطنية من أفكار التمييز العنصري والتعصب الديني (الكيالي، ج2، 1979، ص720)، فتفحص تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية قبل عام 1948م، يشير إلى وجود مواقف تعبر عن نزعة إنسانية للتعايش بين جميع المواطنين بغض النظر عن الدين أو العرق،ففي الشهادة التي قدمها الفلسطينيون إلى "لجنة بيل" عام 1937م، عبر الفلسطينيون عن رغبتهم في إقامة دولة فلسطينية موحدة ديمقراطية متعددة الأديان، يتعايش فيها العرب واليهود بسلام وتضمن للجميع حقوقهم الدستورية والقانونية بغض النظر عن الديانة، إلا أن حرب عام 1948م، والبشاعة الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني، ورفض الإسرائيليين لأية إمكانية للتعايش مع الفلسطينيين في فلسطين واحدة، كل هذا خلق تراكمات من الأحقاد والآلام النفسية والعقلية عند الشعب الفلسطيني خاصة، والعرب عامة، وهو الأمر الذي تمخض عنه بحكم الواقع والمنطق، ظهور مواقف متشنجة تجاه اليهود عُبِّر عنها بأشكال الرفض المتكررة لأي تفاوض أو تعايش عربي معهم(أبراش، 2001، ص12:11).
تعتبر حركة فتح أول جهة فلسطينية تحدد هدف النضال الفلسطيني بإقامة دولة فلسطين الديمقراطية تتعايش فيها كل الطوائف بتساوٍ (الكيالي، ج2، 1979، ص720)، فقد أرشفت محفوظات حركة فتح منذ عام 1967م، تقريراً سياسياً قدمه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأحد مؤسسي حركة فتح فاروق القدومي، وعرض فيه الإستراتيجية والتكتيك، وما يجب أن تتبناه الحركة بتأييد قيام دويلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، كمرحلة تقود إلى تحقيق إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية على كامل تراب فلسطين .وبالرغم من النظرة الواقعية التي تقدّم بها القدومي، إلا أنها واجهت معارضة بنيت ليس على الرفض، بل ارتبطت بنقطة مهمة، هي عدم وجود قواعد شعبية تتسع لعرض الوثيقة على كوادر وأطر الحركة. وبعد عام، أُعلنَ عن الهدف الاستراتيجي في مؤتمر صحفي في 10 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1968م، بأن طرحت حركة فتح مشروعاً سياسياً أطلقت عليه مسمى "مشروع السلام في فلسطين" ليدل على مغزى الكفاح المسلح، ويتمّثل في إقامة دولة ديمقراطية على كامل أرض فلسطين، يعيش فيها العرب واليهود (عودة، 2009، ص86).وقد برز شعار الدولة الديمقراطية بروزاً واضحاً في البيان الذي وجهته حركة فتح إلى هيئة الأمم المتحدة في تشرين أول/ أكتوبر عام 1968م، حيث بينت فيه أن هدف حركة المقاومة الفلسطينية يتمثل في "تحرير فلسطين بأكملها من الاحتلال الإسرائيلي، وإنشاء دولة مستقل ديمقراطية ذات سيادة يتمتع في ظلها جميع المواطنين الشرعيين بغض النظر عن الدين واللغة، بحقوق متساوية" (الشريف، 1995، ص183).
أعادت حركة فتح تأكيد هذا الهدف بصورة أكثر جلاءً في مؤتمر القاهرة لنصرة الشعب العربي في كانون ثاني/ يناير عام 1969 عندما ألقت خطاب باسم الثورة الفلسطينية أكدت فيه "نحن نقاتل في سبيل إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية، يعيش فيها الفلسطينيون بكل طوائفهم مسلمين ومسيحيين ويهود في مجتمع ديمقراطي تقدمي، ويمارسون عباداتهم وأعمالهم مثلما يتمتعون بحقوق متساوية". وتأكيداً من حركة فتح على إنسانية الهدف استطرد نفس البيان قائلاً "إن ثورتنا الفلسطينية لتفتح قلبها وفكرها لكل بني الإنسان الذين يريدون أن يعيشوا في المجتمع الفلسطيني الحر الديمقراطي، وأن يناضلوا في سبيله بصرف النظر عن اللون أو الدين أو العرق "(الكيالي، ج2، 1979، ص720).
أدرجت حركة فتح موضوع إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية في النظام الأساسي للحركة، فقد نصت المادة الثالثة عشرة من النظام على "إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية مستقلة ذات سيادة على كامل التراب الفلسطيني، وتحفظ للمواطنين حقوقهم الشرعية على أساس العدل والمساواة دون تمييز بسبب العنصر أو الدين أو العقيدة، وتكون القدس عاصمة لها"(النظام الأساسي لحركة فتح، 1968، ص14).
اشتمل هذا الطرح على عدة قضايا توضيحية لمفهوم الدولة الديمقراطية من أهمها (أحمد، 2007، ص49):
- التأكيد على أن هذا الطرح لا يحتمل تأويلات بإمكانية القبول بدولة فلسطينية إلى جانب دولة يهودية.
- الإشارة إلى أن فلسطين الديمقراطية لا تعني بأي شكل من الأشكال الابتعاد عن عروبة فلسطين، وإمكانية تحولها إلى دولة قوميات.
- التشديد على أن دولة فلسطين الديمقراطية لن تتحقق عن طريق منحة أو هدية، وان الطريق الوحيد للوصول إليها هو الكفاح المسلح.
شرعت فتح في التنظير لهذا الهدف، في محاولة منها لزعزعة الروح المعنوية العنصرية لدى اليهود في فلسطين وإحراجهم دولياً. وشرح صلاح خلف مفهوم حركة فتح من الدولة الديمقراطية الفلسطينية في حديث نشرته مجلة الطليعة المصرية في عددها الصادر في حزيران/ يونيو عام 1969م، جاء فيه "إن الكفاح المسلح وسيلة لهدف إنساني كبير، هذا الهدف هو حل سلمي حقيقي للمشكلة، وليس حلاً سلمياً قائماً على فرض العدوان والعنصرية، ولا يمكن أن يتحقق هذا السلام إلا في إطار دولة ديمقراطية في فلسطين، وأن معنى الدولة الفلسطينية الديمقراطية واضح، وهي أنها تصفي فقط الكيان الصهيوني العنصري داخل فلسطين"، وتابعت منظمة التحرير الفلسطينية الخط الجديد حول الدولة الديمقراطية، فأعلنت المنظمة عام 1969م "أن هدف منظمة التحرير الفلسطينية هو إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية يعيش فيها اليهود والمسيحيون والمسلمون"(حسين، 1993، ص157). أما بخصوص البعد الثاني لشعار الدولة الديمقراطية المتعلق بالعلاقة التي ستنشأ بين هذه الدولة، بعد قيامها، وبين البلدان العربية الأخرى، فقد اعتبرت حركة فتح أنه لن يكون هناك تناقض بين الطبيعة الديمقراطية لدولة فلسطينية، يتعايش فيها العرب واليهود "المحررين" من الصهيونية على قدم المساواة، وبين عروبتها، باعتبار أن دولة فلسطين الديمقراطية المستقلة "لا تستطيع أن تعزل نفسها عن محيطها الجغرافي"، ولاسيما وأن غالبية سكانها سيكونون من العرب (الشريف، 1995، ص185).
أشارت كافة التصريحات الصادرة عن أدبيات حركة فتح بخصوص الدولة الفلسطينية الديمقراطية، على أن المكون الأساسي لمفهوم فلسطين الديمقراطية، هو تأكيد الطابع الإنساني للثورة الفلسطينية، وإبطال دعاوى الحركة الصهيونية التي تسعى لوضع كل اليهود في سلة واحدة؛ ولتبعد حركة فتح أي التباس أو تشويه لهدف دولة فلسطين الديمقراطية، وحتى لا تذهب الظنون أن الدولة الفلسطينية نقيض لعروبة فلسطين، فإنها حذرت من الوقوع في خطأين قد يلصقان بمفهوم الدولة الفلسطينية الديمقراطية، الأول أن دولة فلسطين الديمقراطية اللا طائفية ليست هي الدولة المتعددة الأديان أو المزدوجة القومية، (فالمجتمع الفلسطيني الجديد لن ينشأ حول ثلاث ديانات للدولة أو حول قوميتين). فهو وإن كان يرفض التعصب الديني أو العرقي، وينفتح على جميع الأديان. فإنه "لا ينوي توزيع المناصب السياسية وغيرها من الوظائف وفقاً لنسب دينية معينة". الثاني هو الاعتقاد بأن دولة فلسطين الديمقراطية الجديدة ستكون بديلاً عن التحرير، لأن فلسطين هذه هي الهدف النهائي للتحرير، فهي ستأتي تتويجاً للكفاح المسلح وتصفية إسرائيل، وعليه فإنها، دولة فلسطين الديمقراطية، تتنافى مع بعض الطروحات التي يروج لها من يسمون "يهود غير صهاينة" والذين يدعون لإسرائيل مجردة من طابعها الصهيوني أو المعقمة (أبراش، 2001، ص13-18).
حذرت حركة فتح أن هذه الطروحات هدفها تضليل الفلسطينيين، وأن الشرط الأساسي لفلسطين الغد هو القضاء على الجذور والأسس السياسية والاقتصادية والعسكرية للدولة الصهيونية، فالدولة الديمقراطية لا تعني بأي شكل من الأشكال تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فنظراً لهيمنة الفكر الثوري والمواقف الجذرية فلسطينياً وعربياً واعتبار الحديث عن التسوية السلمية من المحرمات، آنذاك، ولو كان تفي إطار قرارات الشرعية الدولية، فقد شددت حركة فتح على أن فلسطين الديمقراطية لن تكن منحة من هذا الطرف أو ذاك، ولن تكون محصلة حلول سلمية أو تسويات سياسية، بل أنها ستأتي تتويجاً للكفاح الفلسطيني المسلح، فهي نتيجة له وهدف في نفس الوقت، ولولا هذا النضال لما كان ممكناً فهم أو بالأحرى تقبل هذا المفهوم، ففلسطين الديمقراطية خطة قتال وتحرير، ولا سبيل لها إلا بحرب الشعب طويلة الأمد (أبراش، 2001، ص19).
تمكنت حركة فتح من حمل اللجنة السياسية والإعلامية في الدورة السادسة للمجلس الوطني التي عقدت في القاهرة في الفترة 1- 6 أيلول/ سبتمبر عام 1969م، على تبني طرحها حول الدولة الديمقراطية، واتخذت اللجنة توصية بهذا الخصوص جاء فيها "يهدف الكفاح المسلح الفلسطيني إلى إنهاء الكيان الصهيوني في فلسطين وإعادة الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية على كامل التراب الفلسطيني"، حيث شكلت التوصية مخالفة لروح الميثاق الوطني الذي ينص على أن السيادة على فلسطين هي لأهلها العرب الفلسطينيين، ولم يقرها المجلس بسبب رفض اللجنة التنفيذية للمنظمة والفصائل الفدائية الأخرى للتوصية، إلا أنها نجحت بعد الخروج من الأردن وتحديداً في الدورة الثامنة للمجلس الوطني الفلسطيني، التي عقدت في القاهرة في الفترة 28 شباط/فبراير إلى 5 آذار/ مارس عام 1971م، بوضع بند حول الدولة الديمقراطية في البرنامج السياسي والتنظيمي الذي اقره المجلس، ونص على "أن الكفاح الفلسطيني المسلح ليس كفاحاً عرقياً أو مذهبياً ضد اليهود، ولهذا فإن دولة المستقبل في فلسطين المحررة من الاستعمار الصهيوني هي الدولة الفلسطينية الديمقراطية التي يتمتع الراغبون العيش فيها بنفس الحقوق والواجبات ضمن إطار مطامح الأمة العربية في التحرر القومي والوحدة الشاملة، مع التأكيد على وحدة الشعب في كلتا ضفتي الأردن" (حسين، 1993، ص158). ولم تلقَ فكرة الدولة الديمقراطية قبولاً وتعاطفاً مع المجتمع الدولي، وخصوصاً إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية(عدوان، 2008، ص21).
خفتت الدعوة إلى الدولة الديمقراطية في أوائل سبعينيات القرن العشرين، رغم ثبوتها في مواثيق الحركة، حيث لم تعد حركة فتح تأمل تصفية إسرائيل لصالح إقامة الدولة الديمقراطية، واكتفى ياسر عرفات بالتبشير بها في المناسبات المختلفة، كقوله في احتفال التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني "إن الدولة الديمقراطية الفلسطينية آتية"، وقوله أمام الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر اليونسكو في الفترة 23 أيلول/ سبتمبر إلى28 تشرين أول/ أكتوبر عام 1980م "شعبنا سينتصر بمسلميه وبمسيحيه وبيهوده، ليرفرف علم دولتنا الديمقراطية على روابي جبال الزيتون في القدس"، إلا أن حركة فتح على ما يبدو تراجعت عملياً عن هذا الخط عندما أعلن ياسر عرفات لجريدة لوموند الفرنسية في 27 آذار/ مارس عام 1980م،"أن فكرة الدولة الديمقراطية قد رفضت واستبعدت وحل محلها قرار بإنشاء دولة فلسطينية على أي جزء من الأرض الفلسطينية ينسحب منه الإسرائيليون" (عدوان، 2008، ص21:20).
لم يرضي شعار الدولة الفلسطينية الديمقراطية جهات كثيرة، وعلى الرغم من تقبل العديد من دول العالم النامي لهذا الهدف، إلا أن الكثير من الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية رفضته وتوجست منه. أما إسرائيل فلم تعطه أي أهمية، وتعاملت معه كأنه لم يكن، لذلك تبنت حركة فتح البرنامج السياسي المرحلي، بعد حرب تشرين أول/ أكتوبر عام 1973م، وتحديداً في الدورة الثانية عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني عام 1974م، الذي يفضي إلى قيام دولة فلسطينية على أي جزء من أرض فلسطين يتم تحريره.
ثالثاً: الدولة الفلسطينية المرحلية
رفضت أدبيات حركة فتح في خلال فترة الستينيات من القرن العشرين، وحتى حرب تشرين أول/أكتوبر عام 1973م الحديث عن إقامة الدولة الفلسطينية على جزء من أرض فلسطين، واعتبرت من يسعى بهذا الاتجاه متهاوناً في حقوق الشعب الفلسطيني يستحق "عقوبة تستهدفه في شخصه وممتلكاته"(صافي، 2011، ص52).
ترسخت أهمية إقامة دولة فلسطينية على أي جزء من فلسطين بعد عامي 1970م- 1971م، فقد تكشفت حقيقة غياب الملاذ والقاعدة الآمنة، من قبل أي بلد عربي، التي تحتاجها الثورة الفلسطينية لتنطلق منها بحرب العصابات، خاصة بعد خروج القوات الفلسطينية من الأردن، وطرح الملك حسين لمشروعه "المملكة المتحدة"عام 1972م، لتضم ضفتي نهر الأردن وتتكون من إقليمين متحديين، ترسخ مع رفض المقترح الأردني ضرورة تبني الإستراتيجية غير المباشرة في إدارة الصراع، وبشكل خاص. بعد حرب تشرين أول/ أكتوبر عام 1973م (عودة، 2009، ص87:86). وقد تهيأت حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية بعد ترتيبات حرب عام 1973م، لجني بعض المكاسب السياسية. ولكي يكون الخطاب مقبولاً على المستويين العربي والدولي،تبنت حركة فتح فكرة الحل السياسي المرحلي لإقامة دولة فلسطينية (عدوان، 2008، ص22:21). وطرح هذا المشروع في البداية من قبل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وتم تبنيه من قبل حركة فتح وبمشاركة كافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مجتمعة عام 1974م،كان ياسر عرفات قد أعلن منذ تشرين أول/ أكتوبر عام1972م،أن العمل الفدائي، على أهميته المؤكدة، ليس سوى عنصر من عناصر الكفاح الذي تخوضه المقاومة. وتمكَّن من تمرير قرار في الدورة الحادية عشرة للمجلس الوطني، يشير إلى أن الكفاح المسلح ليس هو الطريق الوحيد بل الأداة الرئيسية للتحرير(كابليوك،2005، ص125).
ربط خال الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح لجوء حركة فتح إلى تبني الإستراتيجية غير المباشرة بسبب رئيسي مثله غياب التحالفات والاستراتيجيات الدولية لدى الدول الكبرى وهو "خلل فرض تبني الإستراتيجية غير مباشرة التي تعني برمجة النضال بتحديد أهدافه المرحلية، وبالتالي فإننا نقول بإقامة دولة فلسطين على جزء يتحرّر من التراب الفلسطيني كهدف مرحلي ولا يتم القول أنه حل مرحلي وليس تسوية مرحلية، لأن التسوية تعني إقفال الملف، والحل يعني إنهاء الخلاف"(الحسن، 1986، ص83).
ارتبطت حالة التحفظ التي أظهرتها حركة فتح لولوج المرحلية النضالية بالحصول على اعتراف جامعة الدول العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً وحيداً للشعب الفلسطيني، والذي تحقق فعليا في قرار قمة الرباط عام 1974م. حيث نظرت فتح لموضوع المرحلية بأنه يأتي ضمن الواقعية السياسية، كما ثورات العالم جميعاً، باعتبارها أسلوباً ثورياً في العمل، وأن مرحلية الثورة الفلسطينية يجب أن تتمثل بالنضال من أجل انتزاع الضفة الغربية وقطاع غزة من الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة قاعدة ثورية ووطنية عليهما، شريطة ألا يكون ثمن هذه القاعدة التنازل عن الحق التاريخي، ومع إقرار القمة العربية في الرباط عام 1974م بتأكيد "حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى وطنه، وحقه في إقامة سلطة وطنية مستقلة تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، على كل قطعة محررة من الأراضي الفلسطينية (عودة، 2009،ص69-88).
رابعاً: دولة فلسطينية بحدود عام1967م"مرحلة التسوية السياسية"
زادت وتيرة حركة فتح في الدوران في فلك التسوية السياسي منذ الخروج من لبنان عام 1982م،وتوقيعها الاتفاق الأردني الفلسطيني المشترك "اتفاق عمان"، في 11 شباط/ فبراير عام1985م، الذي ينطلق من إقامة دولة كونفدرالية مع الأردن(صافي، 2011، ص54). ساهم واقع المتغيرات السياسية التي نجمت عن الانتفاضة الفلسطينية عام1987م، وما لحقه من فك الارتباط الأردني بالضفة الغربية، بالتوجه نحو الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس في الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد تحقيق الانسحاب الكامل منها، وتأكيد حق اللاجئين في العودة. عندما أعلن ياسر عرفات أمام المجلس الوطني الفلسطيني في الدورة التاسعة عشرة في تشرين ثاني/ نوفمبر عام 1988م، عن قيام دولة فلسطين.وكان ذلك في محاولة منه ليضع فلسطين على الخريطة السياسية التي ستؤهله ليصبح على الخريطة الجغرافية، كما قال عرفات(عدوان، 2008، ص45).وتم الإعلان أيضاً في الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني، عن طرح مشروع السلام الفلسطيني، وتأليف حكومة مؤقتة، عبّر عرفات عن نظرة حركة فتح إلى الحكومة وذكر أنها أداة ووسيلة تقتضيها المصلحة الوطنية، وليست غاية بحد ذاتها(عودة، 2009، ص97:96).
بين ياسر عرفات معالم هذه الدولة في خطابه قائلاً "هي دولة للفلسطينيين أينما كانوا، قائمة على نظام ديمقراطي، وهي جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، وهي ملتزمة بمبادئ عدم الانحياز، وهي دولة محبة للسلام وملتزمة بمبادئ التعايش السلمي، وتهيب بهيئة الأمم المتحدة أن تعينها على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وتؤمن بتسوية المشاكل الدولية والإقليمية بالطرق السلمية، وترفض التهديد بالقوة أو العنف أو الإرهاب أو باستعمالها ضد سلامة أراضيها واستقلالها السياسي أو سلامة أي دولة أخرى" (عدوان، 2008، ص46:45).
كانت مراهنة حركة فتح بقيادة ياسر عرفات في تلك الفترة على محاولة تحقيق تسوية تضمن للفلسطينيين الحد الأدنى من حقوقهم، والمتمثل في دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967م، واتجهت السياسة الفلسطينية وعلى رأسها سياسة حركة فتح منذ سبعينيات القرن العشرين إلى هذا الاتجاه، حيث تم في دورة المجلس الوطني التاسعة عشرة الاعتراف بالقرارين(242)و(338)، بالإضافة إلى قرار التقسيم رقم (181)، وإعلان الاستقلال(أحمد، 2007، ص54)، وتبع ذلك تحركاً سياسياً فلسطينياً وعربياً ودولياً تمخض عنه مؤتمر مدريد للسلام في تشرين أول/ أكتوبر عام 1991م. وما تبع ذلك من جولات تفاوضية علنية وسرية، انبثق عنها اتفاق إعلان المبادئ " أوسلو" في واشنطن في 13 أيلول/ سبتمبر عام 1993م، وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية "سلطة الحكم الذاتي" على بعض أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة(صافي، 2011، ص54).
ارتبطت مواقف حركة فتح من نهج التسوية السياسية رفضاً أو قبولاً بعاملين أساسيين، العامل الأول هو مدى تأثير المتغيرات والمستجدات السياسية عربياً ودولياً على القضية الفلسطينية، وظهرت المواقف تحت عنوان "نجاح أو سقوط الرهان على التسوية"، والعامل الثاني هو مدى قدرة الحركة على الربط بين متطلبات التسوية السياسية من جهة، والنظرة الضمنية للدولة الفلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة باعتبارها هدفاً ممكن التحقيق، ووسيلة للحد من أي دور بديل عن منظمة التحرير من جهة ثانية(الشريف، 1995، ص238).
نلاحظ بأن النضال السياسي لحركة فتح ركز على الخيار السلمي بما يبقي الحركة في إطارها الوطني، فكانت حركة فتح تربط كل خطوة للدخول في نهج الحلول السياسية بهدفها المرحلي المرتبط بمسألة القرار الوطني المستقل، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو عام1967م،كحد أدنى للنضال الوطني الفلسطيني.
خامساً: مفهوم الدولة في المؤتمر السادس لحركة فتح
أعادت حركة فتح في مؤتمرها السادس الذي عقد في مدينة بيت لحم في الفترة 4- 8 آب/ أغسطس عام 2009م، صياغة برنامجها السياسي، الذي يمكن تسميته بأنه برنامج الخيارات المفتوحة لكن أهمها يبقى خيار المفاوضات للوصول إلى حل مع الجانب الإسرائيلي.وتناول البرنامج معظم القضايا بما في ذلك الكفاح المسلح، لكنه، بالمقابل أبقى الباب مفتوحاً لاعتماد الخيار المعين وبديله. لذلك بقي خيار الكفاح المسلح أحد أساليب النضال وأشكاله بينما جرى تركيز في أكثر من بند على العملية التفاوضية وشروطها.
توصل مؤتمر فتح السادس إلى أن حل الدولتين للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي لا يزال الخيار الاستراتيجي للحركة الوطنية الفلسطينية، رافضاً الاعتراف بإسرائيل "كـدولة يهودية"، ورافضاً الاقتراح بإقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة، مشدداً على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المتواصلة على أساس حدود الرابع من حزيران/ يونيو عام1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، ومؤكداً على ضرورة حل عادل ومتفق عليه مع إسرائيل لمشكلة اللاجئين على قرار الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة رقم (194).وأكد برنامج الحركة الالتزام بالسلام والعملية السلمية، ولكن في ظل انعدام التقدم الحقيقي في حل الدولتين، أكد المؤتمر السادس لفتح على خيار استئناف الكفاح المسلح ضد إسرائيل في سبيل حرية الشعب الفلسطيني بوسائل مشروعة، بينها الكفاح ضد المستوطنين والقوات التي تحميهم وكذلك العصيان المدني غير المسلح لإقامة دولة ثنائية القومية بين البحر والنهر، أو بإعلان من جانب واحد عن دولة مستقلة في حدود عام 1967م (الحسيني،12/8/2009).
جاء في وثيقة المؤتمر السادس لحركة فتح أن تصورها لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يقوم على "أننا نعيد تأكيدنا على حل الدولتين على أساس حدود 1967م، ويعني هذا بالضرورة أن تكون القدس عاصمة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة، ويجب أن يكون هناك اتصال بري تحت السيادة الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، باعتبار ذلك شرطاً لوجود دولة حقيقية. ونحن لا نرفض إمكانية إدخال تعديلات متفق عليها على الحدود، ولكن التفاوض على ذلك يقتضي أولاً قبول إسرائيل بخط الحدود كأساس للدولتين، كما إننا لا نرفض البحث في ترتيبات مشتركة للقدس الشرقية والغربية" (صافي، 2011، ص55).
أكدت حركة فتح دعمها الكامل لاستحقاق الدولة الفلسطينية في أيلول/ سبتمبر 2011م، وطالبت الفصائل بتوحيد موقفها منه، ودعت الجميع إلى الالتفاف حوله، باعتباره محطة نضالية هامة ومنعطفا تاريخيا في مسار القضية.وقال المتحدث باسم الحركة فايز أبو عيطة في تصريح صحفي صادر عن مفوضية الإعلام والثقافة، في 3 آب/ أغسطس عام 2011م "إن استحقاق أيلول القاضي بالتوجه إلى الأمم المتحدة للمطالبة بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967م يعد معركة نضالية حقيقية، ومنعطفاً تاريخياً هاماً، ستحدد نتائجه الاستراتيجيات الوطنية للمرحلة القادمة".ودعا أبوعيطة جميع القوى والفصائل والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والفعاليات الوطنية والشعبية إلى الالتفاف حول هذا الاستحقاق، لتحقيق أوسع إجماع وطني يعبر عن وحدة الشعب الفلسطيني في تمسكه بحقه في الحصول على الاعتراف العالمي بحدود الدولة الفلسطينية المستقلة(مركز المعلومات الفلسطيني- وفا، 2011).
جاء قرار الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة صادماً لإسرائيل، لأنه أقر بأن هذه الأرض للشعب الفلسطيني وأن الشعب الفلسطيني لديه اليوم دولة تحت الاحتلال وعاصمتها القدس، وبالتالي فالسلطة الوطنية الفلسطينية على استعداد أن تخوض غمار أي مفاوضات ولكن إذا تحققت في هذه المفاوضات المرجعيات التالية:
- تسليم إسرائيل بأن هذه الأرض في حدود الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967م هي أرض فلسطينية.
- أن تكون هذه المفاوضات محدودة الأجل، أي لديها برنامج زمني وليست مفاوضات مفتوحة إلى مالا نهاية.
- أن يكون هدف هذه المفاوضات هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
- وقف الاستيطان غير الشرعي وقفاً كاملاً وشاملاً.
إن حركة فتح قامت بهدف تحرير الجزء المغتصب من فلسطين عام 1948م، وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، ولكن سقوط الجزء المتبقي من فلسطين عام 1967م تحت الاحتلال الإسرائيلي في ظل ضعف عربي مهين، دفع باتجاه فكرة الدولة الديمقراطية على كامل الأرض الفلسطينية، وهو حل لم تلق له إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية تأييداً، وأدى خروج المقاومة الفلسطينية من الأردن عام 1970م، وحرب تشرين أول/ أكتوبر عام 1973م إلى تطور فكر حركة فتح باتجاه إقامةالدولة الفلسطينية وفق البرنامج السياسي المرحلي على جزء من أرض فلسطين، وخطت في هذا خطوات حثيثة،فقد كان لتبني خطاب سياسي أمام العالم في العام 1974م، الأثر الكبير في تفنيد مزاعم إسرائيل التي أطلقتها حول طبيعة الثورة الفلسطينية وأهدافها التي وصفتها "بالإرهابية"، والتي تشكل تهديداً للأمن العالمي وأمن إسرائيل، لذا جاء خاطب ياسر عرفات أمام هيئة الأمم المتحدة ليظهر بعداً واقعياً للثورة وهو السعي لتحقيق السلام وإقامة دولة فلسطينية تنعم بالحرية، تشارك العالم التطور والتقدم، وتسهم في الأمن والسلم الدوليين، الأمر الذي أسهم في حصول الثورة الفلسطينية على التأييد العالمي والعربي الواسع والداعم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وقد خلصت الدراسة، بأن الرؤية المرحلية في أدبيات حركة فتح بعد إعلان الاستقلال عام 1988م، ودخول منظمة التحرير الفلسطينية لمرحلة التسوية السياسية وتوقيع اتفاقية إعلان المبادئ "أوسلو" مع الجانب الإسرائيلي، وإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية، هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، كمشروع مرحلي منبثق عن البرنامج السياسي المرحلي، أما الرؤية الإستراتيجية الثابتة للحركة فهي إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني، دولة تمثل كافة أطياف ومشارب ومعتقدات الشعب الفلسطيني.
المراجع والمصادر
أ: الكتب العربية
ب. الدوريات والمجلات
ج. الرسائل العلمية غير المنشورة
د. المواقع الالكترونية
(http://www.pulpit.alwatanvoice.com/articles/2009/08/12/171633.html)
(http://www.wafainfo.ps/atemplate.aspx?id=3748)
للتواصل والاستفسار :
مسؤول الموقع : أحمد الطيبي -بريد الكتروني : ahmed@ppc-plo.ps - جوال :0597666543
ورشة عمل - الأحد 29/9/2019..
رام الله: نظمت يوم أمس الثلاثاء الموافق 17/9/2019 دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني في مقر منظمة التحري..
نظمت دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية يوم الثلاثاء 10-9-2019، في قاعة مبنى..
عقدت دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني – المحافظات الجنوبية ، المنتدى السنوي الحادي عشر للدراسات الاستر..
الفكرة - المسيرة - المستقبل..
قام الوزير ابراهيم أبو النجا "ابووائل" بزيارة تفقدية الى مقر مبنى دائرة العمل والتخطيط الفلسطينى بغز..
قام وفد من جبهة النضال الشعبى الفلسطينى بقطاع غزة بزيارة تفقدية الى مقر مبنى دائرة العمل والتخطيط ال..
د. احمد مجدلاني يدين القصف الذي طال هذا الصباح مبنى دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني احد دوائر منظمة ..
ناقشت دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني بمنظمة التحرير الفلسطينية في اجتماع ترأسه رئيس الدائرة د. أحمد ..
كتاب منتدى غزة العاشر للدراسات السياسية والاستراتيجية المتغيرات المستقبلية في النهج السياسي الفلسطي..
منتدى غزة العاشر للدراسات السياسية والإستراتيجية تحت عنوان المتغيرات المستقبلية في النهج السياسي ال..
ورشة عمل الثلاثاء 18/7/2017..
الحرية لأسرى الحرية..
كتاب منتدى غزة التاسع للدراسات السياسية والاستراتيجية القضية الفلسطينية في بيئة اقليمية متغيرة الت..
القضية الفلسطينية في بيئة اقليمية متغيرة التطورات والتداعيات..
التقى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية احمد مجدلاني مدير مركز التخطيط الفلسطيني ، مع م..
مجلة دراسيـة فصليـة متخصصــة بالشؤون الفلسطينية وكل ما يتعلق بها،تصدر عن مركـز التخطيط الفلسطيني. ت..
مناقشة رسالة الباحث اكرم قشطة والتي عنوانها "سياسة دول مجلس التعاون الخليجي تجاه البرنامج النووي الا..
نحو كسب التأييد الدولي من اجل القضية الفلسطينية..
مشاركة مركز التخطيط الفسطيني في مؤتمر قطاع غزة الواقع وافاق المستقبل الذي نظمته كلية الاداب - جامعة..
نحو استراتيجية فلسطينية لإدارة الصراع..
تحديات حل الدولتين..
مستقبل قطاع غزة في إطار المشروع الوطني " الأدوار الاقليمية والدولية ..