خطة كيري الاقتصادية: الأهداف، المضامين والأبعاد
د.مازن صلاح العجلة
جاءت خطة كيري الاقتصادية في سياق التشجيع للانخراط في المفاوضات مع إسرائيل، وقد يكون ذلك تماهيا مع أفكار نتنياهو حول السلام الاقتصادي. وللتذكير فقد تم الترويج لأوسلو اقتصاديا، حينئذ، لدرجة أنهم تحدثوا عن سنغافورة جديدة في قطاع غزة ! وقبل ذلك توقع شمعون بيرس في كتابه " الشرق الأوسط الجديد" الذي صدر بالتزامن مع مؤتمر مدريد، ولادة شرق أوسط جديد تسوده الرفاهية والازدهار! وبهذا المنطق الاقتصادي " النفعي" روجت الصهيونية في القرن التاسع عشر للاستيطان في فلسطين تحت شعار " تحويل الصحراء إلى مزارع غناء" الذي ارتكزت عليه الدعاية الصهيونية للتملك على أرضية الفعالية الاقتصادية المغلفة بالأحقية التاريخية المزعومة.
ورغم ذلك، فالخطة تحتاج إلى دراسة وتقييم أولي على اعتبار أنها لم تنشر حتى تاريخه، وما حصلنا عليه من معلومات حول الخطة جاء من موقع اللجنة الرباعية الدولية التي ترعى الخطة وتشرف عليها بقيادة طوني بلير.
أعلن كيري عن خطته في فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا 2013 الذي عقد في الأردن في مايو من هذا العام، وسلمها رسميا للسلطة في سبتمبر الماضي بعد بدء المفاوضات بأسابيع قليلة. وطلب كيري من موفد الرباعية طوني بلير بوضع خطة اقتصادية أطلق عليها بلير فيما بعد " المبادرة الاقتصادية لفلسطين". تندرج خطة كيري الاقتصادية، وفقا لتصريحاته، في إطار بناء الثقة من أجل تهيئة أجواء مواتية لبدء المفاوضات واستمرارها. وهي تأتي أيضا، بعد نجاح كيري في بدء المفاوضات مع عدم وقف الاستيطان تماهيا مع الشروط الإسرائيلية ورؤيتها الرافضة لإقامة دولة فلسطينية متصلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس، والاستمرار في السيطرة على منطقة الأغوار، وفزاعة الاعتراف بالدولة اليهودية.
تعتبر "المبادرة الاقتصادية" في جوهرها برنامج استثماري برعاية الرباعية الدولية وليس خطة اقتصادية للحكومة الفلسطينية؛ من وجهة نظر الحكومة الفلسطينية فان الخطة الرئيسية لعمل الحكومة هي الخطة الوطنية للتنمية. تسعى المبادرة الاقتصادية الدولية في الأساس إلى تحفيز وتمكين المستثمرين الأجانب والعرب والفلسطينيين إلى ضخّ استثمارات بما يقارب خمسة مليارات دولار يتم مضاعفتها من خلال توفير الضمانات اللازمة لتامين مبلغ مماثل من البنوك ومؤسسات الإقراض لتمويل حزمة كبيرة من المشروعات الاستثمارية[1]. وقد قام على إعداد هذه الحزمة من المشاريع، والتي كان قد تم الإعلان عن جزء منها سابقا من قبل مؤسسات فلسطينية، فريق من الخبراء الدوليين بناء على دراسة معمقة قاموا بها لخطط التنمية الفلسطينية وللاستراتيجيات الوطنية لثمانية قطاعات حيوية، وهي: الإنشاءات، مواد البناء، المياه، الزراعة، الصناعة، السياحة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة. ( انظر تفصيل عن هذه القطاعات في الملحق)
تتضمن الخطة ضخ أربعة مليارات دولار خلال ثلاث سنوات، عبارة عن استثمارات عبر القطاع الخاص، بالإضافة إلى السماح للسلطة باستخراج الفوسفات من البحر الميت، وتفعيل استخراج الغاز من الحقل الفلسطيني المكتشف في المياه الإقليمية الفلسطينية أمام شواطئ قطاع غزة، وهو ما كانت إسرائيل تمنعه طوال هذه السنوات. هذا إضافة إلى توسيع نطاق سيطرة السلطة في المنطقة "ج" وتطوير بنيتها التحتية، وما يرافق ذلك من إزالة بعض الحواجز العسكرية وتسهيل حركة التنقل[2]. لاحظ قبل أن ندخل في تفاصيل التحليل والمناقشة أن كل بند في هذه الخطة مرتبط بموافقة إسرائيل وإشرافها!
وتتوقع الخطة يؤدي ذلك إلى:
وتهدف هذه المبادرة أيضا إلى أن تودي، على المدى المتوسط، إلى تحول كبير في الاقتصاد الفلسطيني نحو التنمية بقيادة القطاع الخاص، من خلال التركيز على نمو الصناعات الخاصة الأساسية، بمساعدة مزيج من عوامل التمكين، تهدف المبادرة إلى تحويل الاقتصاد الفلسطيني نحو نموذج التنمية الذي يقوده القطاع الخاص والاستدامة الاقتصادية قبل إقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف.
لقد حاول كيري مرارا أن يبدد المخاوف الفلسطينية التي أبدتها السلطة وأصحاب الرأي والخبرة، حول التركيز على البعد الاقتصادي فقط، من خلال الخطة الاقتصادية، وإهمال البعد السياسي الذي يمثل المبدأ الأساس عند الفلسطينيين والذي من خلاله يأملون في التوصل إلى اتفاق يترتب عليه إقامة الدولة الفلسطينية العتيدة. في هذا الإطار، وتبريرا للخطة الاقتصادية، أكد بلير(انظر مقاله عن المبادرة الاقتصادية على الموقع الالكتروني للرباعية) أن نجاح المفاوضات السياسية يجب إن يكون مدعوما بالنمو والتنمية. ولكنه شدد في الوقت ذاته على أولوية وأحقية المبادرة الاقتصادية "خطة كيري" على حساب المسار السياسي كشرط لنجاح الأخير. واستخدم بلير في استعراضه لخطة كيري وأهدافها، الكثير من المستدركات اللغوية مقتربا تارة ومبتعدا تارة أخرى عن ضرورة التوازي بين المسارين، وهو ما ترغب به السلطة الفلسطينية، فكان الالتباس والغموض سيد الموقف ومازال، خاصة أن إسرائيل أكدت أكثر من مرة أن الخطة الاقتصادية لن تكون مرتبطة بالتقدم السياسي بين الطرفين. وهذا يعزز الشكوك الفلسطينية حول هذه الخطة كبديل اقتصادي على حساب الحل السياسي.
والحقيقة انه لا يمكن الفصل بين الاقتصادي والسياسي في خطة كيري، فهي خطة واحدة ذات مسارين. وفي رأينا أن مسارها السياسي أوضح وأكثر اهتماما لكيري وإدارته. ولا بد أن نتذكر أن هذه الخطة جاءت في سياق التحولات في الشرق الأوسط، والإشكالات التي تعاني منها السياسة الأمريكية في المنطقة، والوضع الاستراتيجي الأمني لإسرائيل. بمعنى إن هدف التحرك الأمريكي، من خلال خطة كيري، هو استعادة إسرائيل لوضعها الاستراتيجي ما قبل الثورات العربية. ولا بد من دراسة الخطة واستئناف المفاوضات نفسها في إطار زيارة أوباما للمنطقة في مارس 2013، والتي اقتصرت على الأردن وإسرائيل وفلسطين. ونعتقد أن الخطة بشقيها سعت إلى تحقيق أهدافا أخرى، منها:
1- حاجة إسرائيل الماسة إلى محفزات للنمو الاقتصادي وإعادة الزخم المفقود للاستثمارات الخارجية، الأمر الذي يحتاج إلى تهيئة جو مناسب على الصعيد السياسي يسهل لإسرائيل تسويق دواعي الاستقرار وجنوحها للسلم ورغبتها في إنهاء الصراع مع الفلسطينيين. ناهيك عن استفادة إسرائيل من الدعم الواسع للفلسطينيين مدخلاً للخطة، فهي تدرك في النهاية أن جزءاً كبيرا من المليارات الأربعة سيصب في السوق الإسرائيلي ثمناً للواردات الفلسطينية اللازمة للمشاريع. لقد ساعدت، تاريخياً، أجواء السلام (!!) إسرائيل في إنجاح خطط التحولات الاقتصادية المهمة مثل ما تم غداة التوقيع على اتفاق أوسلو من إلغاء للمقاطعة وزيادة حجم الاستثمار الخارجي في إسرائيل بأضعاف مضاعفة.
2- الحؤول دون حدوث انتفاضة فلسطينية جديدة، باتت مؤشراتها وملامحها ظاهرة وبادية وقد حذرت مراكز أبحاث إسرائيلية من هذا الأمر، خاصة أن الظروف الإقليمية عربياً تجيش بتغيرات وثورات قد تغذي الأجواء الفلسطينية بعدواها. ولهذا ركزت الخطة على أهداف تدغدغ مشاعر المواطنين مثل توفير آلاف فرص العمل وتخفيض معدلات البطالة ورفع مستويات الأجور.
3- تفريغ الانجاز الفلسطيني بالحصول على دولة غير عضو في الأمم المتحدة. وقطع الطريق على استكمال الإجراءات المتممة له بالانضمام لعضوية منظمات الأمم المتحدة وخاصة محكمة الجنايات الدولية وغيرها من المنظمات ذات الأهمية الخاصة في تاريخ الصراع الفلسطيني مع إسرائيل. وقد بدا أن الجانب الفلسطيني تراخي في هذا الأمر غداة الموافقة على استئناف المفاوضات.
أكدت السلطة الوطنية الفلسطينية على لسان د. محمد مصطفى، وكما أشرنا مسبقا، على أن الخطة في جوهرها برنامج استثماري برعاية الرباعية الدولية وليس خطة اقتصادية للحكومة الفلسطينية؛ من وجهة نظر الحكومة الفلسطينية فان الخطة الرئيسية لعمل الحكومة هي الخطة الوطنية للتنمية. وسنحاول فيما بعد مناقشة مدى واقعية الخطة وإمكانية تحيق أهدافها. ولكننا في هذا البند سنتعرض لما كتبه د. محمد مصطفى حول علاقة الخطة بمتطلبات التنمية الفلسطينية، حيث أشار إلى أن "المبادرة الاقتصادية"، وبالرغم من أهميتها، فإنها لن تكون كافية لإنجاز برنامج وطني شامل للتحول الاقتصادي. هناك حاجة لتغييرات جذرية أخرى وعلى عدة محاور رئيسية من أجل ضمان البيئة المواتية لتحقيق التحول الاقتصادي المطلوب. واقترح التركيز على خمسة محاور، من المهم عرضها لأهميتها، كشروط مسبقة لنجاح أية خطط تنموية[3]:
الأول: توحيد الأراضي الفلسطينية واقتصادها والاستغلال الأمثل لمواردها، ويتطلب هذا التعامل مع الضفة الغربية، وتشمل القدس الشرقية، وقطاع غزة كوحدة إقليمية واقتصادية واحدة، وإزالة كافة عوامل وتبعات الحصار والانقسام، والعمل على إعادة دمج القدس الشرقية والأراضي المصنفة "ج" بما فيها الأغوار الفلسطينية وحصة فلسطين من شواطئ البحر المتوسط والبحر الميت في هذه الوحدة الاقتصادية الواحدة. كما يجب العمل على تحقيق السيطرة الفلسطينية على الموارد الطبيعية مثل المياه والنفط والغاز الطبيعي والبوتاس بما يمكننا من تنميتها وتطويرها.
الثاني: تغيير الإطار الذي يحكم العلاقات الاقتصادية بين فلسطين وإسرائيل (بروتوكول باريس)، وهو الإطار الذي كان من المفترض أن يستمر لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات فقط، ولكنه امتد لعقدين كاملين وهو مستمر لغاية الآن . الهدف الرئيسي للإطار الجديد هو إزالة التبعية للاقتصاد الإسرائيلي التي تسبب بها هذا البروتوكول وطريقة تطبيقه بما يؤسس لتحقيق الاستقلال الاقتصادي للدولة الفلسطينية.
الثالث: تحقيق الاستقرار لخزينة الدولة. يعتبر تحقيق الاستقرار المالي أمر ضروري لإعادة ترتيب الوضع الاقتصادي والتحضير لانطلاقة جديدة للاستثمار الخاص. من أجل ذلك، لا بد من توفير دعم دولي مالي سريع لسد الاحتياجات المستعجلة للخزينة وفي مقدمتها سداد جزء من ديون الحكومة للبنوك والقطاع الخاص وهيئة التقاعد، وإعادة هيكلة ما يتبقى منها من خلال السندات وغيرها من الادوات المالية. إلى جانب هذا، يجب أن يصاحب ذلك جهد وطني جاد لتوضيح الرؤيا بالنسبة لمنظومة الضرائب والشروع في تنفيذ برنامج زيادة الايرادات من خلال توسيع القاعدة الضريبية وتعزيز آليات الجباية (قطاعي الكهرباء والماء مثلا)، وترشيد النفقات العامة (التحويلات الخارجية في قطاع الصحة مثلا) وتفعيل نظام الخدمة المدنية ليشكل رافعة لقطاع عام فعال دون ان يشكل عبئا ماليا على النظام السياسي.
الرابع: تطوير البنية الوطنية التحتية المادية والبشرية. يشمل ذلك تطوير البنية التحتية البنية المادية في مجالات الإسكان والمواصلات والطاقة وشبكات المياه والصرف الصحي والاتصالات والمرافق السياحية ومعابر التجارة الدولية؛ وتطوير البنية الاجتماعية في مجالات التعليم والرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية، مما يساهم في تنمية الموارد الوطنية وتسريع النمو الاقتصادي وخلق عدد كبير من فرص العمل. ولا بد من الاستفادة القصوى من المبادرات الوطنية والدولية التي تمت الإشارة إليها سابقا في تحقيق ذلك.
الخامس: رفع القدرة التنافسية للشركات الفلسطينية والمنتج الوطني. ويشمل ذلك زيادة مخصصات الاستثمار الرأسمالي في القطاعات الإنتاجية، خاصة في قطاعي الزراعة (بشقيه النباتي والحيواني) والصناعات الخفيفة، وزيادة قدرة الشركات الفلسطينية خاصة الصغيرة منها على الحصول على التمويل اللازم، وتسريع عمليات تسجيل الأراضي، وتطوير البيئة التشريعية العادلة والمستقرة وتعزيز قدرات المؤسسات القضائية القادرة على تطبيقها، ودعم المنتج الوطني ورفع مستوى جودته من خلال تفعيل نظام المواصفات والمقاييس وتسهيل عمليات التصدير، ورفع مستوى إنتاجية العامل الفلسطيني من خلال التدريب الفني والتعليم النوعي وتطوير رأس المال البشري الفلسطيني.
لا شك أن ضخ أربعة مليارات دولار في اقتصاد صغير الحجم، لا يتجاوز ناتجة المحلي نهاية 2013 السبعة مليارات دولار، خلال ثلاث سنوات، سيشكل دعما قويا لنمو اقتصادي عالي المستوى من المتوقع أن يؤثر في مختلف المؤشرات الاقتصادية الكلية. بيد أن هذا القول يجلله قدر كبير من الشك والريبة في إمكانية نجاح خطة كيري الاقتصادية في تحقيق أهدافها، لعدة أسباب:
السبب الأول، وهو أهمها، أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني من مشكلة رئيسية اقتصادية سياسية تتمثل في تبعيته للاقتصاد الإسرائيلي في إطار السيطرة الاستعمارية الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية ومواردها ومقدراتها بل وقرراها الاقتصادي الذي كبله الاحتلال بشبكة من الإجراءات والقوانين المرتبطة باتفاق باريس. والسيد كيري والعراب بلير والمؤسسات الدولية جميعها تدرك هذه المشكلة جيدا، وبالتالي يدركون مدى تهافت الطرح الاقتصادي كمسار لترقيع الوهن الظاهر في المسار السياسي. لقد تلقى الاقتصاد الفلسطيني ما يناهز 21 مليار دولار منذ العام 1994 وحتى الآن. فما هي النتيجة؟ مزيدا من التبعية والإلحاق للاقتصاد الإسرائيلي، ومزيدا من تدهور كافة المؤشرات الاقتصادية الكلية من فقر وبطالة وارتفاع حجم الدين العام إلى ما يزيد على أربعة مليار دولار، وانخفاض معدلات النمو، والاعتماد المفرط على المساعدات الخارجية والإنفاق الحكومي كرافعة للنمو بدلا من القطاع الخاص الذي بات في حكم الغائب الحاضر فاقدا لدوره الهام في التنمية، بسبب الممارسات الاستعمارية الإسرائيلية. بمعنىً آخر، إن مشكلة التمويل ليست لها الأولوية لتحقيق تنمية حقيقية في الحالة الفلسطينية.
والسبب الثاني، وهو مرتبط بالأول، فمحصلة عدة عقود من التبعية والسيطرة أفضت إلى اقتصاد ضعيف البنية يعاني من اختلال هيكلي حاد في سوق العمل وفجوة الموارد والقطاعات الإنتاجية والمالية والنقدية. فاقتصاد بهذا الوهن والجمود من الصعب أن يستجيب، من خلال بعض التمويل، لإحداث تغيرات تقود إلى تخفيض معدل البطالة 5% سنويا لتصل بعد ثلاث سنوات إلى 8% حسب خطة كيري. من جانب آخر كيف يمكن تصور أن مستوى الأجور سيرتفع بنسبة 40% خلال نفس الفترة؟ إن إمكانيات القطاع الخاص، وطبيعة هيكل الأسعار والطلب، وتوفر عناصر الإنتاج، ومدى المرونة، فنيا، كلها عوامل تؤكد صعوبة الوصول إلى هذا المستوى من الزيادة في معدل الأجور، ناهيك عن خطورة تحقيق ذلك بسبب الارتفاع الكبير المتوقع في معدلات التضخم المصاحب لذلك في مثل هذه الحالات. وتستهدف الخطة كذلك، زيادة الناتج المحلي بنسبة 50% خلال الثلاث سنوات من عمرها، أي بمعدل سنوي يصل إلى حوالي 17% سنويا. وهو معدل من الممكن تحققه، نظريا، وعلى صعيد الناتج المحلي الاسمي وبافتراض ضخ مليار دولار سنويا. لكن هذا المعدل لن يكون نابعا من قدرة حقيقية للاقتصاد في ظل ضعف القطاعات الإنتاجية. ومن المشكوك فيه، أيضا، أن يؤثر على تخفيض معدلات البطالة والفقر بشكل جذري وحسب المستوى المستهدف، فمثل معدلات النمو هذه، والناتجة عن حقن الاقتصاد بالمساعدات، لم تحقق مسبقا تغيرا هيكليا، وهي لا تستطيع ذلك الآن، فالجسد المثقل بعلل خطيرة من الصعب أن يتعافى بعيدا عن معالجة العلة الأساسية التي تعصف به، السيطرة والتبعية.
السبب الثالث الذي دعانا للتشكيك في إمكانية نجاح الخطة، وهو الدور الإسرائيلي الذي يمثل ركنا أساسيا في ذلك. حيث افترض كل من كيري وبلير موافقة إسرائيل على عناصر الخطة واستعداداها لتوفير التسهيلات المطلوبة لتنفيذها.
وقد أوضح بلير في مقالته التي اشرنا إليها حول الموضوع إلى أن تطبيق الخطة "سيتطلب التزاما جليلا واضحا لا غبار عليه من قبل حكومة إسرائيل فلسفة ومضمونا، سيعتمد نجاحها بشكل محتوم على تطبيق إجراءات إسرائيلية تسهيلية على نطاق كبير جدا، لا تزيل فقط العوائق المادية أمام تطبيقها، بل تكسر الحواجز النفسية أمام المشككين بإمكانية نجاحها أو نجاح العملية السياسية ككل" انتهى قول بلير.
وهذا القول فيه من البلاغة والخطابية أكثر من اعتبارات الواقع الذي يدركه بلير جيدا، فقد فشل بلير مرارا نتيجة عدم التزام إسرائيل بما تم الاتفاق عليه من تسهيلات لتخفيف الحصار عن غزة، وكانت في مجملها اقل من المطلوبة الآن لنجاح الخطة. إن التسهيلات المطلوبة من إسرائيل لنجاح الخطة كلها خطوط حمراء بالنسبة لها حتى لو وافقت عليها شفويا فهي حتما ستفشلها واقعيا، خاصة فيما يتعلق بتمكين السلطة من أراضي المنطقة ج، واستغلال البوتاس في البحر الميت، واستخراج الغاز المكتشف منذ العام 2000 في المياه الإقليمية الفلسطينية أمام شواطئ غزة. إن فلسفة إسرائيل في التعامل مع الاقتصاد الفلسطيني، والتجارب السابقة مها منذ اوسلو، تتعارض بشدة مع إمكانية تحقيق هذه التسهيلات على ارض الواقع، فهناك سقف إسرائيلي ( استعماري بالضرورة) لتطور الاقتصاد الفلسطيني يجب ألا يتجاوزه للوصول إلى انجازات تنموية حقيقية.
واضح من عناصر الخطة وربطها بالتسهيلات الإسرائيلية، ومن سياق التصريحات والكتابات حول خطة كيري، أن الجهود منصبة وموجهة نحو تسهيلات تقود إلى انتعاش اقتصادي. وهو منهج بات معروفا لدى الفلسطينيين، ولم يؤدِ طوال عشرين عاما مضت إلا إلى المزيد من التبعية والوهن والضعف الاقتصادي. فما هو الأثر التنموي لإنفاق أكثر من 20 مليار دولار كمساعدات خارجية على الاقتصاد الفلسطيني طوال هذه الفترة؟ لقد تدفقت المساعدات وبهذا الحجم في ظل السيطرة الإسرائيلية والحصار والإغلاق والعدوان العسكري المتكرر، الأمر الذي أدى إلى توجيه المعونات لمعالجة الآثار المترتبة على هذه الإجراءات الإسرائيلية وأفقدت السلطة الوطنية الفلسطينية القدرة على استغلال هذه المساعدات لتنفيذ خططها التنموية. ناهيك عن مواصلة إسرائيل لتفريغ أية انجازات، ذات شان، من مضمونها التنموي من خلال تدمير ما يتم انجازه من بنىً تحتية ومؤسسات وقدرات بشرية.
تأكيدا لما سبق، فقد تبدت الملامح الأولى لترجمة الخطة على ارض الواقع، لتعكس تراجعا واضحا عن الأهداف المرصودة والتمويل المصرح به. حيث أشار الدكتور محمد مصطفى نائب رئيس الوزراء الفلسطيني، انه تم إقرار برنامج تنموي شامل (!) يقوم على مرحلتين تتضمن الأولى إنشاء مشاريع صغيرة للبنية التحتية والزراعة والخدمات العامة بقيمة تتراوح بين 100-150 مليون دولار لتمويل حوالي 350 مشروعا، على أن يتم تنفيذ هذه المرحلة خلال فترة تتراوح بين 6-9 أشهر!!! يعني انه بنهاية 2014 ستنتهي المرحلة الأولى للخطة التي من المفترض أن تنجز خلال ثلاث سنوات وبتمويل لا يتجاوز 200 مليون دولار. فمتى إذا ستنفق المليارات الأربعة الموعودة؟ وأين الحديث عن البوتاس والغاز والسلام الاقتصادي المزعوم، والذي رفض أساسا إذا كان بديلا عن المفاوضات السياسية التي تقود لانجاز المصالح الفلسطينية؟
واضح أن خطة كيري الاقتصادية تفشل على ارض الواقع حتى بمنطق أنها رشوة اقتصادية لتزيين الدخول في المفاوضات والاستمرار فيها. فضلا عن فشلها نظريا سواء على صعيد كبر حجم الأهداف، ما يشير إلى الجانب الدعائي في الموضوع أكثر من وجود نية صادقة لتنفيذ ذلك، إضافة إلى صعوبة الاستجابة الإسرائيلية للتسهيلات المطلوبة، وعدم القدرة والرغبة، دوليا، في توفير التمويل الذي تحدثت عنه الخطة.
ملحق يوضح بعض ما ورد في الخطة حول القطاعات الرئيسية[4]
تقدم الزراعة مساهمة كبيرة نسبيا في الناتج المحلي الإجمالي، لكنها يمكن أن تتقدم أكثر إلى حد كبير في الاقتصاد الفلسطيني. الأراضي الزراعية المستخدمة لمدخلات منخفضة، العائد المنخفض، المحاصيل البعلية، يمكن تحويلها إلى أراض ذات محاصيل عالية في موسم واحد، ما سيؤدي في بعض الحالات إلى زيادة عشرين ضعفا في العائد المالي. تمكين التنمية الموسعة للقطاع الزراعي الفلسطيني يتطلب كميات أكبر من المياه للمزارعين الفلسطينيين، الأسمدة ذات تركيز عالية، أنواع من بذور المتقدمة، وتحسين المعرفة الزراعية، والوصول إلى آليات التمويل (مثل الائتمان والتأمين على المحاصيل الموسمية). ينبغي أيضا التغلب على تفتت الحيازات الزراعية، من خلال إنشاء تعاونيات للمزارعين أو تأجير أراضي مزارعين في مناطق معينة. ويمكن لهذه المبادرات المساعدة على تسهيل تجميع الخدمات الإرشادية من قبل وزارة الزراعة والمنظمات الفنية الأخرى، فضلا عن نقل المهارات المتقدمة للمزارعين الأفراد في الميدان. يمكن لهذه الأنواع من التغييرات أيضا أن تمكن المزارعين من التفاوض على عقود أفضل للتوريد والوصول إلى أسواق ذات قيمة أعلى. هناك أيضا مساحات واسعة من الأراضي الهامشية التي يمكن إدخالها في عملية الإنتاج الزراعي من خلال توفير إمكانية الوصول إلى الطرق و استصلاح الأراضي لزراعة المحاصيل في غزة، يستخدم المزارعون الأراضي المزروعة بشكل جيد نسبيا ، وهم ينتجون محاصيل ذات القيمة العالية وذات الإنتاجية العالية في المزارع الصغيرة. يمكن الآن الوصول إلى الأراضي التي تبعد 300 متر عن السياج . تتصور المبادرة اعادة زراعة الأراضي التي تم التخلي عنها بسبب (المنطقة العازلة الموسعة) من حوالي 1 كم من السياج الحدودي في غزة . إنها مساحات مهجورة من الأراضي الزراعية داخل قطاع غزة التي يمكن زراعتها مرة أخرى. ويشير التحليل الجغرافي المكاني إلى أن حوالي 50٪ من الأراضي الصالحة للزراعة في قطاع غزة تزرع حاليا، وأن 34٪ أخرى يمكن ضمها إلى الإنتاج . المياه اللازمة للري الإضافي يمكن توفيرها ، على الأقل في جزء منها من خلال مياه الصرف الصحي المعالجة (بعض محطات المعالجة هي قيد الإنشاء الآن ) ، على الرغم من أن إمدادات إضافية قد تكون مطلوبة. ومثل هذه التغييرات تتطلب الوصول إلى الأسمدة ذات التركيز العالية، وأنواع من البذور المتطورة و المعرفة الزراعية. المبادرة تنص أيضا على بيع المنتجات من غزة ، ولا سيما الخضار، في الضفة الغربية و الأسواق الإسرائيلية . وينبغي فتح هذه الأسواق أمام منتجات غزة من خلال تحسين الإجراءات البيروقراطية واللوجستية.
توسيع البناء في السكن هو جزء أساسي من مبادرة الاقتصاد الفلسطيني. وتلبية الطلب الكبير على المساكن بأسعار معقولة يساعد على تحسين مستويات المعيشة، يوفر منازل عالية الجودة للأشخاص الذين لا يستطيعون شراء ، ويخلق عشرات الآلاف من فرص العمل الجديدة.
وبناء المساكن محدود بسبب عدم تطابق في العرض والطلب عدم الحصول على الأراضي الناجم عن مشاكل الملكية، و تسجيل الأراضي ( حوالي ٣٥٪ فقط من أراضي الضفة الغربية مسجلة) التمليك والقيود على الأراضي في المنطقة (ج) يرفع تكلفة الأرض . هذا الارتفاع بتكلفة الأراضي يجعل متوسط سعر الوحدة السكنية أعلى من ميزانية السكن المتاحة ل 50-80٪ من السكان، ومعظمهم من شرائح المنخفضة والمتوسطة الدخل في المجتمع الفلسطيني.
= وتشمل التحديات الأخرى معايير الإقراض العقاري الشديدة التي تحد من سوق الرهن العقاري وتمويل ملكية المنزل ( السوق العقاري الفلسطيني هو أقل من 5 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي)، والعمليات الطويلة للحصول على تصاريح بناء جديدة في القدس الشرقية والمنطقة (ج)، والقيود المفروضة على الواردات إلى غزة .وترى مبادرة الاقتصاد الفلسطيني بناء أنواع مختلفة من المساكن لمعالجة مختلف القطاعات الديموغرافية والجغرافية في مختلف أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة - بما في ذلك الأراضي المتاحة في مراكز المدن، وحول أطراف المدن ، و في مواقع جديدة. من خلال بناء بكلفة معقولة ، والاستفادة من البنية التحتية، وتحديد الأراضي المناسبة ،باستخدام تقنيات البناء الحديثة والمواد، وتطوير شراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص ، ينبغي توفير المساكن بأسعار معقولة تكون في متناول شرائح واسعة من السكان. في غزة ، التركيز يجب أن يكون على جهود بناء السكن بأسعار معقولة، و أن تكون مصممة خصيصا لتناسب شرائح الدخل المحلي . التطلع هو لبناء 10-16 ألف وحدة سكنية كل عام في غزة ، كجزء من مجموعة شاملة من 25-40 ألف وحدة سكنية في الضفة الغربية وقطاع غزة . وسيتم تسعير هذه الوحدات في حدود 35-50 ألف دولار أمريكي (اعتمادا على توافر الإعانات للأرض) لتتعامل مع شريحة كبيرة من السكان الفلسطينيين. بالنسبة لأولئك الأفراد الذين لا يستطيعون تحمل ملكية المنازل ، فإن تطوير سوق إيجار أكثر عملية سيكون خيار آخر. هذا التطور يتطلب رفع المزيد من القيود المفروضة على استيراد مواد البناء و ضمان الحصول على الأراضي (يحتمل أن تكون من خلال استخدام الأراضي الحكومية) ، و تأمين التمويل للمطورين و أصحاب المنازل المحتملين.
تعزيز السياحة أمر حيوي لنمو الاقتصاد الفلسطيني على المدى الطويل. الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية غنية جدا بمجموعة كاملة من المعالم التاريخية والإيكولوجية، من المدينة التاريخية في نابلس إلى البلدة القديمة في القدس الشرقية والشريط الساحلي لغزة، بما في ذلك أربعة عشر موقعا معتمدا أو مرشحا في قائمة التراث العالمي.
على الرغم من هذه الفرص، لا تزال السياحة الفلسطينية غير مطورة بسبب عدم الاستقرار الإقليمي ، وانخفاض الوعي لمواقع الوجهة السياحية القائمة والمعروضة، والقيود المفروضة على الوصول إلى الأراضي و المواقع الأثرية التي تقع في الضفة الغربية، وعلى دخول السياح العرب من المنطقة. وتركز استراتيجية قطاع السياحة على مسارين ، مسار قصير الأجل يركز على التسويق الاستراتيجي للأراضي المقدسة في بعض الأسواق المستهدفة و مسار متوسط الأجل يهدف إلى تطوير خمسة محاور للسياحة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة . غزة ، على وجه الخصوص، ضعيفة الأداء على مقاييس السياحة الرئيسية، إن لدى قطاع غزة إمكانات كبيرة كمركز سياحي بسبب سواحلها على البحر الأبيض المتوسط و الطرح الثقافي .
يمكن لهذه الإمكانية أن تتحقق من خلال التحسن في الوضع الأمني السياسي العام ، توسيع وصول وحركة الأفراد ،وتوفير الطاقة اللازمة والمياه إلى خدمة البنية التحتية السياحية، و الاستثمار والتمويل المطلوب في قطاع السياحة.
تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هو قطاع خدمات في غاية الأهمية والنمو في الاقتصاد الفلسطيني . انه يمثل ما يقدر بنحو 6% من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني . من خلال السماح لقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية بالتوسع من خلال زيادة فرص الحصول على تكنولوجيا النطاق العريض المتنقلة والثابتة، مثل خدمات 3G و 4G ، فإنه سيشهد نمو اكبر ويدفع النمو والنشاط الاقتصادي في القطاعات الأخرى للاقتصاد الفلسطيني.
وتسعى المبادرة الاقتصادية، ضمن مجال تكنولوجيا المعلومات، لجذب الاستثمارات المحلية والدولية في خدمات تكنولوجيا معلومات محددة . وستسهم هذه المشاريع في رفع الجودة والاستفادة من القدرة التنافسية النسبية لأجور القوى العاملة الفلسطينية . وتهدف هذه المبادرة أيضا إلى خلق فرص للشركات المتعددة الجنسيات لتوظيف مطورين متوسطي المهارة في برمجة البرمجيات و توليد فرص عملية تجارية متخصصة تستعين بفرص خارجية ، الاستثمار في حاضنات تكنولوجيا المعلومات ووكالات ترويج التجارة هي أيضا مهمة لأنها تخلق منصة يمكن للفرص الجديدة أن تنمو وتجذب المزيد من الأموال. تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في غزة يعتمد على دخول معدات الاتصالات السلكية واللاسلكية ورفع مستوى البنية التحتية القائمة . نمو قطاع الاتصالات يتطلب أيضا زيادة فرص الحصول على الطيف الكهرومغناطيسي و إلى أسواق جغرافية محددة للبنية التحتية المتداولة. وتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات سيتطلب إقامة " نظام بيئي " كامل بما في ذلك مسرعات لتكنولوجيا المعلومات في الشركات المبتدئة، والتدريب المتخصص في مجال القوى العاملة المحلية ، والتمويل في مرحلة مبكرة.
إن الصناعات الخفيفة هي قطاع مهم للنمو بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني. وعلى مدى العقدين الماضيين، نجحت العديد من البلدان في المنطقة في توسيع قطاعاتها للصناعات الخفيفة و أنشطة التصدير . وعلى النقيض من ذلك سجلت الصناعات الخفيفة الفلسطينية تحسينات طفيفة
وكان يعوقها ضعف البنية التحتية والقيود المفروضة على الحركة والوصول، وانخفاض مستوى الاستثمار. وجود أكثرية من الشركات العائلية صغيرة الحجم حدت أيضا من مستوى التصنيع الفلسطيني وجعلتها غير قادرة على المنافسة مع المنافسين الإقليميين والدوليين.
إن إمكانات النمو في الصناعة التحويلية يتوقف على، الأجور التنافسية لقوة العمل الفلسطينية الشابة و المتعلمة، وانخفاض تكاليف التشغيل، والمناخ الاستثماري الإيجابي. القرب الجغرافي من أسواق إسرائيل والعرب، فضلا عن الاتفاقات التجارية الثنائية الجذابة مع الأسواق العالمية الرئيسية، يمكن أن توفر حوافز فريدة للشركات متعددة الجنسيات لإنشاء مصانع إنتاج تنافسية في المناطق الاقتصادية الفلسطينية الخاصة الجديدة. مبادرة الاقتصاد الفلسطيني تهدف إلى توسيع نطاق الاستثمار في العديد من القطاعات الفرعية التي تتمتع بإمكانات نمو عالية (مثل الأجهزة المنزلية وقطع السيارات والادوية ) .عنصرا هاما في الإستراتيجية هو جذب الشركات متعددة الجنسيات و استهداف أسواق تصديرية هامة في المنطقة . وتركز هذه المبادرة أيضا على تعزيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلية القائمة ( الشركات الصغيرة والمتوسطة ) لتوريد منتجات مكملة للشركات متعددة الجنسيات وتوسيع الصادرات ( والتحويلات ) في بعض القطاعات الفرعية .في غزة ، تراجعت الصادرات والتحويلات في هذا القطاع بشكل كبير منذ عام 2005 ، ولكن اللاعبين المحليين يحتفظون بالمزايا الرئيسية و يمكن أن يسهموا بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني والعمالة. إذا ما تم منح المصنعين غزة الوصول إلى أسواق إسرائيل والضفة الغربية، فإن الشركات المصنعة في غزة ستحتفظ على الأرجح بمزايا محددة "متخصصة" على المنافسين في تركيا و الصين .
على الرغم من أن مواد البناء ليست في حد ذاتها مساهم كبير الأثر في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني أو نمو العمالة، فإن توسيع هذا القطاع سيساعد إطلاق الطاقات الاقتصادية للقطاعات الأخرى . وتهدف هذه المبادرة الاقتصادية لضمان توفير مواد البناء اللازمة لتلبية الزيادة المقررة في قطاعات البناء والسياحة والمياه والطاقة. كما تم تحديد الحجر والرخام كمصادر لزيادة عائدات التصدير. حاليا، يعتمد الاقتصاد الفلسطيني بشكل كبير على الواردات، وتحديدا الاسمنت والصلب و الرمال.
إن القضايا الرئيسية التي تواجه هذه الصناعة في الوقت الحاضر هي عدم وجود الآلات الحديثة، ونقص في المعرفة السوق الدولي، ومحدودية فرص الحصول على الأراضي لمحاجر جديدة . وتركز هذه المبادرة على زيادة قدرة الإنتاج المحلي وتنويع مصادر الاستيراد و تحسين القدرات. هذه التحسينات قابلة للتحقيق من خلال مجموعة من الخطوات والتدابير بما في ذلك:
إجراء مسح جيولوجي لتحديد المحاجر المحتملة والاحتياطيات الإجمالية ، وبناء مصنع لإنتاج الأسمنت الفلسطيني المحلي ، وإقامة مرفأ لتصدير الاسمنت المخصص لاستخدام الفلسطينيين ، الوصول متفجرات خاضعة للرقابة لاستخدامها في محاجر الحصى لزيادة الإنتاج ، والحصول على الآلات المتطورة في الحجر، و صناعة الرخام .
إن الطاقة وإمدادات الكهرباء هي حاسمة بالنسبة لجميع قطاعات الاقتصاد الفلسطيني . وينبغي توفير حجم أكبر من الكهرباء المتاحة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة للتصدي بشكل كاف للطلب الحالي والمستقبلي على الكهرباء في وقت يستمر فيه الاقتصاد الفلسطيني والسكان بالنمو. تطمح مبادرة الاقتصاد الفلسطيني لزيادة ، على المدى القصير ، توفير الكهرباء من شركة كهرباء إسرائيل ومن منتجي الطاقة المستقلين . في نفس الوقت، فإن القدرة على توليد الكهرباء المحلية تحتاج إلى التوسع من خلال محطات الطاقة التقليدية و تطوير قطاع قوي للطاقة المتجددة. المواقع الجديدة سوف تحتاج التي التغذية بالغاز الطبيعي، الأمر الذي يتطلب استكمال عقود توريد غاز طويلة الأجل مع شركات الغاز إما الإسرائيلية أو الفلسطينية.
إن تطوير حقل غاز غزة البحري الفلسطيني يلعب دورا هاما في جهد لاحق لتوسيع قطاع الطاقة. الأسر والشركات و البنية التحتية في غزة تتواجد في ظل ظروف غير مؤكدة حول إمدادات الكهرباء. تطمح هذه المبادرة إلى تعزيز إمدادات الطاقة عن طريق استيراد المزيد من الكهرباء من إسرائيل من خلال خطوط نقل جديدة ومحسنة عالية الجهد ، ورفع مستوى شبكة التوزيع ، وتوسيع توليد الكهرباء في غزة باستخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل منشآت صغيرة ومتوسطة الحجم للطاقة الشمسية ، و توسيع مطاق قدرات محطة كهرباء غزة.
المياه:
من اجل الاستجابة للحاجة المتنامية للمياه من قبل الأسر الفلسطينية والأعمال ، يلزم بذل جهود كبيرة في البنية التحتية لتوليد مصادر جديدة للمياه. تهدف هذه المبادرة الاقتصادية لتأمين حجم ونوعية المياه اللازمة للنمو الاقتصادي السريع الفلسطيني، وخاصة في الزراعة والصناعة، فضلا عن تزايد استهلاك الأسر. وسيكون التركيز على تسهيل تنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبيرة (مثل مشروع تحلية مياه كبير في غزة و مشاريع الصرف الصحي في قطاع غزة والضفة الغربية)، وتهدف هذه المبادرة أيضا إلى ضمان أن تظل مصادر المياه الجوفية مستدامة وحماية الحقوق المائية الفلسطينية. لا يزال قطاع المياه في غزة في أزمة عميقة بسبب تدهور طبقة المياه الجوفية الساحلية تحت الأرض . وقد أدى الإفراط في ضخ المياه الجوفية في غزة إلى تسلل المياه المالحة و انخفاض كبير في نوعية مياه الشرب. إن تشييد مرافق تحلية المياه الفلسطينية في قطاع غزة ( محطة صغيرة في الأجل القصير و محطة كبيرو على المدى الطويل ) وزيادة المشتريات من المياه من إسرائيل ، مهمة في تصحيح هذا الوضع المتدهور . تمويل المانحين لمحطة تحلية مياه أكبر يتوقف على نجاح تشغيل بنى تحتية حيوية أخرى في قطاع المياه وخاصة معالجة مياه الصرف الصحي الطارئة في شمال غزة.
إن تطوير مرافق معالجة مياه الصرف الصحي في الضفة الغربية وقطاع غزة ليست مهمة فقط للصحة و الصرف الصحي - ولكن أيضا لتمكين إعادة استخدام المياه المعالجة للري الزراعي . تتصور المبادرة أيضا إمكانية الوصول إلى مياه إضافية من طبقات المياه الجوفية من خلال تطوير الينابيع والآبار في مواقع في الضفة الغربية، بما في ذلك إعادة تأهيل الآبار الموجودة للأغراض المنزلية والزراعية، وتسلط الضوء على إمكانات تطوير البنية التحتية لسد لالتقاط مياه الأمطار لاستخدامها في الزراعة. هذه الخطط تتطلب تحسين التنسيق على مشاريع البنية التحتية للمياه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فضلا عن تحسين القدرات المؤسسية الفلسطينية في قطاع المياه.
[1] د. محمد مصطفى، المبادرة الاقتصادية الدولية ومتطلبات التنمية في فلسطين، الموقع الالكتروني
[2] توني بلير، لماذا "المبادرة من اجل فلسطين"؟ الموقع الالكتروني للرباعية الدولية، http://arabic.quartetrep.org/news/entry/pei-article/
[3] د. محمد مصطفى، مرجع سابق.
[4] المعلومات الواردة في هذا الملحق مأخوذة من تقرير لجريدة الايام بعنوان: الأيام"تنشر تفاصيل مبادرة كيري ـ بلير للاقتصاد الفلسطيني، جريدة الأيام، 30 أيلول 2013
للتواصل والاستفسار :
مسؤول الموقع : أحمد الطيبي -بريد الكتروني : ahmed@ppc-plo.ps - جوال :0597666543
ورشة عمل - الأحد 29/9/2019..
رام الله: نظمت يوم أمس الثلاثاء الموافق 17/9/2019 دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني في مقر منظمة التحري..
نظمت دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية يوم الثلاثاء 10-9-2019، في قاعة مبنى..
عقدت دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني – المحافظات الجنوبية ، المنتدى السنوي الحادي عشر للدراسات الاستر..
الفكرة - المسيرة - المستقبل..
قام الوزير ابراهيم أبو النجا "ابووائل" بزيارة تفقدية الى مقر مبنى دائرة العمل والتخطيط الفلسطينى بغز..
قام وفد من جبهة النضال الشعبى الفلسطينى بقطاع غزة بزيارة تفقدية الى مقر مبنى دائرة العمل والتخطيط ال..
د. احمد مجدلاني يدين القصف الذي طال هذا الصباح مبنى دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني احد دوائر منظمة ..
ناقشت دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني بمنظمة التحرير الفلسطينية في اجتماع ترأسه رئيس الدائرة د. أحمد ..
كتاب منتدى غزة العاشر للدراسات السياسية والاستراتيجية المتغيرات المستقبلية في النهج السياسي الفلسطي..
منتدى غزة العاشر للدراسات السياسية والإستراتيجية تحت عنوان المتغيرات المستقبلية في النهج السياسي ال..
ورشة عمل الثلاثاء 18/7/2017..
الحرية لأسرى الحرية..
كتاب منتدى غزة التاسع للدراسات السياسية والاستراتيجية القضية الفلسطينية في بيئة اقليمية متغيرة الت..
القضية الفلسطينية في بيئة اقليمية متغيرة التطورات والتداعيات..
التقى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية احمد مجدلاني مدير مركز التخطيط الفلسطيني ، مع م..
مجلة دراسيـة فصليـة متخصصــة بالشؤون الفلسطينية وكل ما يتعلق بها،تصدر عن مركـز التخطيط الفلسطيني. ت..
مناقشة رسالة الباحث اكرم قشطة والتي عنوانها "سياسة دول مجلس التعاون الخليجي تجاه البرنامج النووي الا..
نحو كسب التأييد الدولي من اجل القضية الفلسطينية..
مشاركة مركز التخطيط الفسطيني في مؤتمر قطاع غزة الواقع وافاق المستقبل الذي نظمته كلية الاداب - جامعة..
نحو استراتيجية فلسطينية لإدارة الصراع..
تحديات حل الدولتين..
مستقبل قطاع غزة في إطار المشروع الوطني " الأدوار الاقليمية والدولية ..