اللقاء السادس في دورة التثقيف السياسي المنعقدة بالتعاون بين مركز التخطيط الفلسطيني-م.ت.ف، والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية - رفح. وذلك يوم الأربعاء الموافق 11-2-2015م.
**عنوان اللقاء التثقيفي : النقد السياسي في فلسطين .
أدار اللقاء أ.محمد التلباني (باحث قانوني(.
**ملخص المحاضرة :
يعد الحق في النقد أحد أبرز صور حرية التعبير عن الرأي تلك الحرية المكفولة دستورياً ودولياً ، ويحتل من بينها النقد السياسي مكانة سامية لممارسة الحقوق السياسية، لكونه يمثل وسيلة فعالة لتحقيق المشاركة الشعبية في الحياة العامة، وفي إدارة شؤون المجتمع والحكم، وبدون الاعتراف به تنهار إحدى دعائم الحكم الديمقراطي.
وفي الوقت نفسه يوفر القانون الحماية للأفراد و للشخصيات العامة بتجريم كل ما يمس شرفهم واعتبارهم أو حياتهم الخاصة أو الانتقاص من الاحترام الواجب لهم وذلك وفق نظام قانوني متفاوت؛ باختلاف فضاءات الحرية المتاحة، وطبيعة النظام السياسي؛ فجرم المشرع القذف والسب الموجه للأفراد والشخصيات العامة، وكذا تحقيرهم أو النيل من الشخصيات العامة الوطنية أو الاجنبية، مما يتطلب ممارسة النقد السياسي الموجه وفق ضوابط وحدود بما لا يهدر حقوق الاخرين بشكل يتجاوز العلة من إباحة هذا النقد وهو استهداف المصلحة العامة
لذلك سعينا من هذا اللقاء إلى زيادة الوعي القانوني حول مفهوم ونطاق وضوابط ممارسة النقد السياسي بما يجعل من ممارسته معول بناء وليس هدم .
وقد تناول أ. التلباني في هذا اللقاء مفهوم النقد السياسي وسنده القانوني الداخلي والدولي، وشروط ممارسته التي اقتضى تبيانها التفريق بين نوعين من النقد السياسي؛ النوع الأول: النقد السياسي الذي محله وقائع تتصف بالعلانية والتي يشترط لإباحته أن ينصب النقد على وقائع ثابتة ومعلومة وذات أثر اجتماعي وأن ينحصر التعليق على تلك الواقعة بحسن نية وباستخدام العبارات الملائمة والتي لا يشترط أن يكون الموجه إليه النقد شخصية عامة .
أما شروط النوع الثاني: أي النقد السياسي الذي محله وقائع غير معلومة تتعلق بطبيعة عمل الشخصية العامة ودورها واتصالها بالشأن العام والذي لا يجوز توجيهه لغير الشخصيات العامة، مع خلاف تشريعي حول اشتراط اثبات صحة تلك الوقائع وبين الاكتفاء بشرط حسن النية .
وخلص في هذا المجال إلى انه في الوقت الذي أباح المشرع النقد السياسي الموجه لأعمال وسلوك الاخرين، فقد وضع شروط وضوابط بحيث لا يخرج النقد السياسي عن العلة التي من أجلها شرع وبما يحقق الدور الهام الذي يلعبه في كل نظام ديمقراطي.
وقد تطرق في هذا اللقاء الى الجديث عن واقع النقد السياسي في فلسطين في ظل الانقسام السياسي الداخلي . وتبين أن هذا النقد مر بمراحل بين التضييق ثم الانفراجة والانتعاش ثم المصادرة والتراجع في ظل الانقسام السياسي الحالي فرغم تشكيل حكومة الوفاق الوطني إلا أن الانقسام لايزال متجذراً، والخطاب السياسي الحزبي على حاله من تجاوز حدود وشروط النقد السياسي المباح، ومع بقاء المنظومة القضائية على انقسامها، ما يلقي بظلال ثقيلة على الحماية القانونية للشخصيات العامة والافراد من جهة، وحماية الحق في النقد السياسي المشروع والمتوافق مع الشروط القانونية له، في ظل ملاحقات أمنية وقضائية أو اعتداءات خارج نطاق القانون ومضايقات للنقاد السياسيين، ما دفع الكثير منهم للامتناع عن ممارسة النقد السياسي وتراجع دوره رغم الحاجة لذلك.
توصيات خرج بها أ.محمد التلباني :
• ضرورة الإنهاء الحقيقي للانقسام السياسي الداخلي الفلسطيني، وتوحيد المنظومة السياسية والقانونية والقضائية والتخلي عن ثنائية المؤسسات والسلطات وتصارعها، وذلك من خلال الاحتكام للقانون، وإعلاء مبدأ سيادة القانون واحترامه سواء من قبل الشخصيات العامة أو الناقدين.
• وضرورة وقف الاعتداءات والملاحقات في حق أصحاب الرأي والفكر بما يمكن النقد السياسي المشروع من الازدهار في فلسطين ويحقق دوره في الرقابة الشعبية وترسيخ الممارسة الديمقراطية، مع الدعوة لكافة المنابر الإعلامية وأصحاب الرأي للامتناع عن استخدام النقد السياسي دون ضوابط قانونية في مجال السجالات السياسية والإعلامية، وذلك بهدف ترسيخ الوحدة الوطنية ونبذ الفرقة والرقي بالخطاب السياسي عن واقعه الحالي الهدام .
• زيادة الوعي القانوني حول دور النقد السياسي وضوابطه وشروط ممارسته بحيث لا يتجاوز النقد العلة من اباحته ويخرجه من قالب الاساءة والتجريج والتحريض .