منظمة التحرير الفلسطينية
دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

تقرير مؤسسة عدالة حول الأقلية العربية في اسرائيل

 

تمهيد

تأخذ عدم المساواة في إسرائيل أشكالاً كثيرة. فخطوط التصدع التي تقسم المجتمع الإسرائيلي تؤدي الى خلق فئات متنعمة وفئات محرومة وهي كالتالي:

اليهود الغربيون (الاشكنازيم) ضد اليهود الشرقيين (المزراحيم) والرجال ضد النساء واليهود المولودون في إسرائيل (الصبار) ضد المهاجرين الجدد (العوليم) والأرثوذكس ضد العلمانيين والريفيون ضد المتحضرين والغني ضد الفقير والمؤيد اليساري ضد المؤيد اليميني والضال ضد المستقيم. هذا التقرير يسلط الأضواء على عدم المساواة بين المواطنين في إسرائيل وهي الأغلبية والمواطنين العرب الفلسطينيين وهم أقلية غير مهاجرة، وقومية تعيش على تراب وطنها التاريخي.

اليوم يشكل المواطنون الفلسطينيون في الدولة 20% من المجموع الكلي من عدد السكان، حيث يصل مجموع تعدادهم إلى 1.2 مليون نسمة. بقوا في وطنهم بعيد انشاء دولة إسرائيل عام 1948 ليصبحوا أقلية بالإكراه. عدا عن الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، ينتمي هؤلاء إلى ثلاثة أوساط: الوسط الاسلامي 82% والوسط المسيحي 9.5% والوسط الدرزي (8.5%) ووضعهم وفق معايير حقوق الإنسان والذي تعتبر فيه إسرائيل طرفاً، هو وضع الأقلية الدينية والقومية والعرقية واللغوية، ومع ذلك ورغم هذا الوضع لم يصنف القانون الأساسي في إسرائيل الأقلية الفلسطينية على أنها أقلية قومية.

في عام 1948 أنشئت دولة إسرائيل كدولة يهودية وبالتالي فإن تعريف إسرائيل على أنها "دولة يهودية" أو "دولة الشعب اليهودي" يجعل عدم المساواة واقعاً أيدلوجياً وسياسياً عملياً بالنسبة للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل الذين يتعرضون للتهميش والتمييز من قبل الدولة على أساس انتمائهم القومي والديني كغير يهود. غالباً ما ينظر إليهم وباستمرار على أنهم "طابور خامس" بسبب هويتهم الفلسطينية والعلاقة القومية والدينية والعرقية بإخوانهم الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة والدول العربية والاسلامية المحيطة والتي يعتبر بعضها "دول معادية" من وجهة نظر الدولة. فحسب معطيات المعهد الديمقراطي الإسرائيلي لعام 2010 يؤكد 53% من الجمهور الإسرائيلي أن الدولة مكلفة بتشجيع العرب على الهجرة من إسرائيل. هناك فئة كثيرة من المواطنين الفلسطينيين تواجه (تمييزاً ثنائياً) أو أشكال مضاعفة من التمييز على أساس الانتماء القومي وعضويتهم في واحد و أكثر من الجماعات الفرعية. فعلى سبيل المثال تواجه المرأة العربية في إسرائيل تمييزاً بسبب عضويتها في الأقلية العربية أو بسبب كونها امرأة كما أن العربي البدوي يواجهه طبقة إضافية من التمييز المؤسساتي والاجتماعي.

بعض الأفراد يتعرضون لأشكال مضاعفة من التمييز كالأطفال البدو الاناث المعاقين حركياً الذين يعيشون في قرى غير معترف بها في النقب حيث تعتبرها الدولة "قرى مقامة بطريقة غير شرعية" أو "تجمعات غير شرعية". بالنسبة للجماعات الخاصة المهمشة، تمتلك إسرائيل بعض القوانين الدولية الأكثر تقدماً فكرياً وسياسياً. فعلى سبيل المثال شرع الكنيست الإسرائيلي قانوناً قوياً مناهضاً للتمييز ويحمي المرأة والمعاقين قانونياً إلا أن نفس هذا القانون لا ينطبق على الأقلية العربية في إسرائيل. ونتيجة لذلك لا يتلقى الفلسطينيون الأعضاء في الجماعات المهمشة الامتيازات الكاملة التي تمنحها هذه الحماية. حسب استطلاعات الرأي الأخيرة فإن 51% من المواطنين اليهود في إسرائيل يؤيدون المساواة التامة في الحقوق بين المواطنين العرب واليهود في إسرائيل وهذا الرأي نفسه سائد بين أوساط الشباب اليهودي حيث يرد 49.5% مما تتراوح أعمارهم ما بين 15-18 عاماً سلباً وذلك في استطلاع أجري عام 2010 وذلك على سؤال فيما إذا كان ينبغي منح المواطنين العرب نفس الحقوق التي تمنح للمواطنين اليهود. هذا التقرير يفصل بعض الهيكليات القانونية والسياسية التي تؤسأس التمييز ضد الأقلية الفلسطينية في إسرائيل وتغذي من حالة عدم المساواة بين المواطنين العرب واليهود. يعرض التقرير أيضاً مؤشرات على عدم المساواة مثل البيانات الرسمية للدولة ويشرح عمل القوانين والسياسات الخاصة لاستبعاد الأقلية الفلسطينية من موارد الدولة وخدماتها وكذلك هيكليات القوة. يظهر التقرير أيضاً كيف أن الدولة "كدولة إثنية قومية" تفشل بانتظام بتبني إجراءات فعالة لمعالجة الفجوة القائمة بين الأقلية الفلسطينية والأغلبية اليهودية بل على العكس توسع من أفق هذه الفجوة. أخيراً يعكس التقرير تأثير عدم المساواة على الأقلية الفلسطينية في إسرائيل وتداعيات ذلك على الدولة برمتها.

هذا التقرير هو جزء من مشروع على عدم المساواة. وإضافة إلى التقرير أنتجت عدالة ثلاثة أشرطة فيديو حول موضوع عدم المساواة في إسرائيل حمل أولها عنوان "المواطن المستهدف" وهو بمثابة مسح للتمييز ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. والثاني والثالث شريطي فيديو يركزان على دراسات حالة حول التمييز في حقوق الأراضي والتخطيط وحقوق العمالة ويدرسان تأثير عدم المساواة على المجتمع الإسرائيلي ككل. التقرير منظم حسب فصول ويتضمن قسماً حول "النتائج الرئيسة". المواضيع المتعلقة بعدم المساواة بين المواطنين الاسرائيليين والفلسطينيون مسحت كالتالي:

* الاطار القانوني لعدم المساواة

* حقوق المواطنة

* الدخل / الفقر

* إعادة توزيع الموارد والرفاه الاجتماعي

* التوظيف

* الأرصدة الاقتصادية: الأرض

* الحصول على التعليم/ الانجاز

* اللغة العربية

* الصحة

* المشاركة السياسية

النتائج الرئيسة

الإطار القانوني لعدم المساواة

* عدم المساواة بين المواطنين العرب واليهود عمت جميع نواحي الحياة العامة وترسخت مع مرور الوقت، ولاشك أن التمييز المباشر وغير المباشر تأصل في النظام القانوني والممارسات الحكومية.

* الحق في المساواة والحرية من التمييز غير مكفول في القانون الإسرائيلي كحق دستوري وغير محمي وفق القانون الأساسي. ومع أن محكمة العدل العليا فصلت (القانون الأساسي: الكرامة الانسانية والحرية) بأنه يتضمن مبدأ المساواة، فإن الحق الأساسي هو الآن محمي من خلال تفسير قضائي.

* تعريف دولة إسرائيل كدولة يهودية يجعل عدم المساواة والتمييز ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل أمراً واقعاً ومشروعاً سياسياً. إقران "اليهودية" "بالديمقراطية" ينظم التمييز ضد المواطنين غير اليهود ويعرقل تحقيق المساواة التامة.

* فئات كثيرة من المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل تواجه "تمييزاً مزدوجاً" أو أشكال مضاعفة من التمييز على أساس انتماءهم القومي كعرب وكفلسطينيين وعضويتهم في واحدة أو أكثر من الفئات المميزة كالمرأة والمعاقين والعجزة.

* هناك 30 قانون ونيف تميز بشكل مباشر وغير مباشر ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل كما أن الإئتلاف الحكومي الراهن اقترح فيضاً من مشاريع القرارات العنصرية والتمييزية والتي هي الآن في مراحلها الأولى ضمن العملية التشريعية.

 

 

حقوق المواطنة

* يمنح المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل معاملة تباينية وغير متساوية وفق القانون الإسرائيلي من حيث حقوق المواطنة. من بين أهم القوانين قانوني العودة 1950 وقانون المواطنة 1952.

* إذا كان أحد الزوجين مواطناً فلسطينياً من الأراضي المحتلة فمن المستحيل عليه أو عليها الحصول على وضع المواطنة أو الإقامة في إسرائيل منذ مايو أيار 2002 وهذا الحظر على لم الشمل لا يتناسب على الإطلاق مع الدواعي الأمنية التي تسردها إسرائيل لتبريره، بل العكس تدفعها رغبة الدولة في الحفاظ على الأغلبية الديمغرافية اليهودية.

* قانون جديد يتيح تجريد الشخص من المواطنة الاسرائيلية لأسباب كثيرة تتعلق "بعدم الولاء" للدولة  أو "انتهاك الثقة" وهو يستهدف بشكل غير مباشر حقوق الفلسطينيين في المواطنة في الدولة. جرت في الآونة الأخيرة عدة محاولات لتمرير قوانين إضافية تتيح سحب الجنسية وفرض قسم الولاء وهذه القوانين بانتظار إقرارها في الكنيست.

الدخل/ الفقر

الأسر العربية تستحوذ على نصيب الأسد في الفقر حين تصنف نصف الأسر العربية في إسرائيل كأسر فقيرة مقارنة بالخمس عند الأسر الاسرائيلية. المدن والقرى العربية على رأس المستوى الاقتصادي والاجتماعي المتدني، كما أن القرى البدوية غير المعترف بها في النقب هي الأفقر ضمن التجمعات السكنية في إسرائيل.

*  الفجوات في معدل الدخل والفقر ترتبط ارتباطاً مباشراً بالتمييز المؤسساتي ضد المواطنين العرب في إسرائيل.

 

إعادة توزيع الموارد والرفاه الاجتماعي

*  رغم أن الحق في المساواة يتطلب اتخاذ الدولة خطوات إيجابية لجسر الفجوة بين الفئات السكانية المختلفة، إلا أن دولة إسرائيل تسعى جاهدة لتطوير وتوجيه الموارد نحو المواطنين اليهود كأغلبية صاحبة امتيازات داخل "دولة يهودية". في نواحي سياسية أخرى كتحديد "مناطق الأولوية القومية" واستخدام معيار الخدمة العسكرية لتخصيص الموارد، تعمل الدولة على الحفاظ على تفشي عدم المساواة بين المواطنين العرب واليهود في الدولة.

*  فشلت الدولة في اتخاذ خطوة فاعلة وصحيحة لمعالجة ظاهرة الفقر النسبي والشديد في أوساط الأقلية العربية في إسرائيل.

*  إجراءات سياسة الدولة المباشرة لتقليص الفقر لا تتناسب مع المواطنين اليهود المستهدفين، ونتيجة لذلك انخفضت معدلات الفقر بين المواطنين اليهود أكثر من نظرائهم العرب والفوارق لا زالت قائمة.

العمالة

*  غالباً ما يعاني المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل من التمييز في فرص العمل والأجور بسبب عدم التطبيق غير المتكافئ للتشريعات وبسبب الحواجز الهيكلية الراسخة التي تمس بالنساء على نحو خاص وتشمل الفقراء ووسائط النقل العامة غير الموجودة وانعدام وجود المناطق الصناعية ونقص مراكز الراعية اليومية الحكومية. يستبعد المواطنون الفلسطينيون أيضاً من القوى العاملة وذلك عن طريق استخدام معايير الخدمة العسكرية كشرط لقبول العمل حتى وإن لم يكن هناك علاقة بين طبيعة العمل والخبرة العسكرية.

*  معدلات البطالة تبقى مرتفعة عند العرب أكثر من اليهود ونسبة مشاركة النساء الفلسطينيات في القوى العاملة لا تتعدى الـ 20% وهي الأدنى على مستوى العالم.

*  نسبة تمثيل المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل بشكل عام والمرأة بشكل خاص في الخدمة المدنية تظل ناقصة وأكبر نسبة تشغيل لا تتجاوز 6% رغم صدور تشريع مشدد ينص على التمثيل العادل للأقلية العربية والمرأة.

*  الافتقار إلى التنمية والاستثمار في المدن والقرى العربية داخل إسرائيل وكذلك الموارد البشرية غير المستغلة أو تحت الاستغلال في الأقلية العربية تمنع نمو الاقتصاد الإسرائيلي. والقدرة المفقودة للاقتصاد الإسرائيلي تقدر بنحو 8 مليار دولار سنوياً حسب احصائيات منظمة التعاون والتنمية.

الأصول الاقتصادية : الأرض

*  استمراراً للنمط الذي تأسس مع نشأة دولة إسرائيل عام 1948 ظل المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل محرومين من الوصول ومن استخدام الأرض بموجب سياسيات وقوانين طال أمدها. أضف إلى ذلك هناك اجراءات تتضمن قانون الإصلاح المتعلق بالأراضي لعام 2009 وتعديل قانون الأراضي ابتداءً من عام 2010 الذي يهدف إلى تأكيد ملكية الدولة للأراضي المصادرة من الفلسطينيين إلى الأبد وعرقلة دعاوي استرداد الأرض التي يرفعها الفلسطينيون.

*  لجان قبول تعمل في نحو 700 مؤسسة زراعية وتجمعية ولتصفية وتنقيح الطلبات العربية على أساس "عدم الملائمة الاجتماعية" لحرمانهم من السكن مستقبلاً في هذه المدن. عمل لجان القبول يساهم في إضفاء الطابع المؤسساتي على البلدات والقرى المفصولة على أسس عنصرية وهي منتشرة في شتى أرجاء الدولة ويحرم عدم المساواة من حق الحصول على الأرض.

*  الصندوق القومي اليهودي (الكيرن كييمت) وهو سلطة شبه حكومية تعمل على رعاية المصالح اليهودية فقط ويتحكم في 13% من أراضي الدولة ويظل يمارس تأثيراً حاسماً على سياسية الأراضي في الدولة وله 6 من أصل 13 عضواً في سلطة أراضي الدولة التي أنشئت حديثاً.

*  تعاني القرى والمدن العربية في إسرائيل من الاكتظاظ  السكاني الشديد ولا تمارس البلديات العربية إلا 2.5% من النفوذ على مجمل المساحة في إسرائيل. أنشئت إسرائيل منذ عام 1948 نحو 600 بلدية يهودية في حين لم يتم إنشاء أي مجلس أو قرية أو مدينة عربية جديدة.

*  مع أن عدد السكان البدو في النقب يبلغ 170 ألف نسمة أو 14% من عدد السكان الإجمالي فإن نسبة المساحة المركبة ضمن الخطط الحكومية للقرى والبلدات البدوية المعترف بها لا تتعدى 9% من الأراضي.

*  تكثف إسرائيل حالياً جهود إخلاء القرى غير المعترف بها في النقب حيث يشار إليها بـ (العناقيد غير الشرعية) بحيث تشمل هدم قرى عن بكرة أبيها كما حصل مؤخراً مع تكرار هدم قرية العراقيب. واستمراراً لهذه السياسة، رفضت الدولة خيار منح الاعتراف بهذه القرى مع أن كثير منها يسبق إنشاء دولة إسرائيل. يعيش ما بين 75 ألف إلى 90 ألف بدوي في قرى غير معترف بها في النقب وتصنفهم الدولة "بمتعدين على أراضي الدولة".

الحصول على التعليم / الانجاز

*  تحتفظ وزارة المعارف وتتحكم بشكل وجوهر منهج المدارس العربية في إسرائيل، وهناك قلة من المربين العرب من هم في سلطة صنع القرار. يحدد قانون التعليم الأهداف التعليمية للمدارس في الدولة التي تحرص على تدريس التاريخ والثقافة اليهودية.

*  عدم الاستثمار في المدارس العربية يهدد بإطالة أمد الفجوات الحاصلة بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية مستقبلاً. وبما أن الأطفال العرب يشكلون 25% من الأطفال في إسرائيل، فإن الاستثمار غير العادل في التعليم والتنمية يمكن أن يعمل على فرملة الاقتصاد الإسرائيلي أجيالاً قادمة.

*  تمويل الدولة للمدارس العربية في إسرائيل لا يقارن تقريباً بتمويلها للمدارس اليهودية. فحسب بيانات رسمية نشرت عام 2004 تمويل الدولة للطلاب اليهود يفوق بثلاثة أضعاف ما تموله للطلبة العرب وهذا التمويل الذي هو دون الحد المطلوب ينعكس في كثير من المجالات كالفصول الدراسية كبيرة الحجم والبنية التحتية والمرافق السيئة.

*  هناك مدارس ابتدائية قليلة في القرى البدوية غير المعترف بها في النقب وهي تعاني من الاكتظاظ الشديد وسوء التجهيز وليس هناك مدرسة ثانوية واحدة. ورغم التوصل إلى تسوية بين مؤسسة عدالة والدولة لإنشاء أول مدرسة عليا في قرية أبو تلول غير المعترف بها في الأول من سبتمبر من عام 2009 إلا أنه لم يتم لغاية الآن إنشاء أي مدرسة.

*  الطلاب العرب ممثلون تمثيلاً ناقصاً جداً في الجامعات العربية وسائر المعاهد التعليمية العليا الأخرى. يشكل الأكاديميون العرب 1.2% فقط في الأساتذة المثبتين في الجامعات الاسرائيلية ليترك المواطنين العرب مهمشين في انتاج المعرفة المجتمعية.

*  سياسة وزارة المعارف تقوم على تعميق الفجوات القائمة بين الأطفال العرب واليهود في المدارس كون البرامج الخاصة التي تهدف إلى مساعدة الأطفال الضعفاء والموهيبين كبرنامج "شاحار" الأكاديمي موجه نحو المدارس اليهودية فقط.

اللغة العربية

*  مع أن اللغة العربية هي لغة رسمية في الدولة إلا أن هناك عدم مساواة واضحة في الفرص الممنوحة للمتحدثين بالعبرية مقارنة بالمتحدثين بالعربية للتمتع واستخدام لغتهم في المحافل الرسمية والعامة. عملياً، وضع اللغة العربية متدني جداً مقارنة باللغة العبرية من حيث الموارد المخصصة لاستخدامها ورغم واجب إسرائيل الذي تفرضه قوانين حقوق الإنسان الدولية لحماية الحقوق اللغوية للأقلية القومية في إسرائيل.

الصحة

*  يتوقع أن يعيش المواطنين العرب في إسرائيل حياة أقصر من تلك التي يعيشها المواطنين اليهود (أقل بنحو ثلاث سنوات) ونسبة الوفيات أعلى بكثير خصوصاً بعد سن الستين. نسبة وفيات الأطفال الرضع عند المواطنين العرب في إسرائيل ضعف النسبة عند اليهود وأعلى عند السكان البدو في النقب حيث تصل إلى 15 حالة وفاة من أصل ألف حالة ميلاد.

*  وفي حين أن القانون الإسرائيلي ينص على أنه يجب توفير الحد الأقصى من الخدمات الصحية لجميع سكان إسرائيل، إلا أن هناك حواجز كثيرة كعدم وجود عيادات ومستشفيات في المدن والقرى العربية والقيود على حرية التحرك، تدل على أن المواطنين الفلسطينيين غير قادرين على ممارسة حق الحصول على الحد المناسب من الخدمات الصحية.

*  الأوضاع الصحية هي الأخطر في القرى البدوية غير المعترف بها في النقب حيث الخدمات الصحية إما محدودة وإما غير موجودة على الإطلاق. عدم توفير الخدمات الصحية في القرى غير المعترف بها هو نتاج سياسة إهمال مقصودة من جانب الدولة التي تسعى إلى إخلاء التجمعات البدوية وإعادة توطين سكانها وذلك عن طريق خلق ظروف لا تطاق بالنسبة لهم.

المشاركة السياسية

*  لا يتمتع الفلسطينيون بمستوى مشاركة كالذي يتمتع به المواطنين اليهود في شتى نواحي الحياة وصنع القرار بدءاً بالسلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية وانتهاء بالخدمة المدنية. ونتيجة لذلك فمشاركتهم محدودة جداً في عمليات صنع القرار ومراكز القوى وتقليص قدرتهم على معالجة عدم المساواة والتمييز.

* شهدت دورات الانتخابات الأخيرة محاولات بذلها النائب العام عام 2003 والأحزاب السياسية اليمينية وأعضاء الكنيست لحرمان الأحزاب العربية وأعضاء الكنيست في مسعى للحد بشدة من تأثير الصوت السياسي الفلسطيني في السلطة التشريعية. في عامي 2003 و2009 رفضت محكمة العدل العليا قرار لجنة الانتخابات المركزية بحرمان الأحزاب السياسية العربية والقادة العرب من المشاركة في الانتخابات العامة.

* أخذ الصوت العربي في إسرائيل يفقد شيئاً فشيئاً شرعيته في العملية السياسية والتشريعية، وحسب استطلاعات رأي أخيرة يوافق ثلثي المواطنون الاسرائيليون تقريباً على حرمان المواطنين العرب من حق التصويت والترشح للكنيست، وأكثر من نصف المراهقين اليهود يؤيدون حرمان العرب من حق الترشح للكنيست.

* عادة ما يستخدم النظام القضائي الجنائي كوسيلة لنزع الشرعية عن الأفعال السياسية والتعبير من قبل المواطنين الفلسطينيين بما في ذلك انتخاب قيادتهم السياسية. كثيراً من أعضاء الكنيست العرب حوكموا وسحبت منهم الامتيازات البرلمانية بسبب أنشطة سياسية مارسوها وخطابات ألقوها في سياق المهمة التي انتخبوا من أجلها.

*  صدر الكثير من القوانين الاسرئيلية التي تفرض قيوداً على حرية الحركة وحرية التعبير والوصول إلى النظام السياسي بما في ذلك فرض قيود أيدلوجية على البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية وقيود صارمة على سفر أعضاء الكنيست العرب إلى الدول العربية المصنفة من قبل إسرائيل على أنها "دول معادية". تستخدم هذه القوانين في الغالب لكبح جماح حريات المواطنين الفلسطينيين وممثليهم المنتخبين وتقلص تدريجياً مساحة العمل السياسي الممنوحة لهم.

*  تستخدم الشرطة بشكل روتيني القوة والاعتقال ضد المتظاهرين العرب كرادع لإخراس الأصوات الاحتجاجية. تعرض المحتجون المناهضون للعملية العسكرية في غزة التي سميت "بالرصاص المصبوب"، وأغلبهم من القاصرين العرب للعنف الشديد من قبل الشرطة وقد واجهوا اعتقالات بالجملة غير منظمة وغير متناسبة فقط بحجة تواجدهم في مكان الحدث.

* ورغم مرور عشر سنوات على احتجاجات اكتوبر التي قتل فيها 13 فلسطينياً أعزلاً من السلاح لم يتم لغاية الآن اعتقال ضابط شرطة واحد وتحميل سياسي اسرائيلي أي مسؤولية عن عمليات القتل.

*  سنوات من التمييز المتعمد والمواطنة غير المتساوية والصوت المحدود في النظام السياسي تركت المواطنين الفلسطينيون في إسرائيل ينتابهم شعور بالضعف والتهميش وعدم الأمان وعدم الثقة والاغتراب في الدولة.

* ترتب على ذلك كله انخفاض نسبة الإقبال على التصويت في الانتخابات وفي انتخابات عام 2009 تراوحت نسبة الإقبال على التصويت بين المواطنين ككل 64.7 وبين العرب 53%.

* بالنظر إلى الأقلية العربية في إسرائيل على أنها "طابور خامس" ينبغي السيطرة عليه واحتواءه باستخدام العنف الذي تمارسه الدولة وبالإجراءات القانونية الوحشية ضدهم، تكون إسرائيل قد قوضت في نهاية المطاف ظهور استقرار حقيقي وثقافة الاحترام للديمقراطية والحكم الحيد ومعايير حقوق الإنسان وهي بذلك أيضاً تخاطر بتنزيل مستوى قضايا حقوق الإنسان إلى "تهديدات" للأمن والسيادة ينبغي على الدولة معالجتها.

الإطار القانوني لعدم المساواة

بشكل مبدئي، المساواة وعدم التمييز حجر الزاوية في قانون حقوق الإنسان الدولية. من أجل ضمان مبدأ المساواة سردت أدوات حقوق الإنسان الكثير من الخلفيات التي يحظر فيها التمييز كالعرق والجنس والدين والأصل القومي واللغة والرأي السياسي. الدول الأعضاء في مواثيق حقوق الإنسان مطالبة بتضمين هذه الأحكام في قوانينها المحلية. ومع ذلك فالحق في المساواة وعدم التمييز غير منصوص عليهما بوضوح في القانون الإسرائيلي كحق دستوري ولا يحميها النظام الأساسي. تعريف دولة إسرائيل كدولة يهودية يجعل عدم المساواة والتمييز ضد المواطنين الفلسطينيين حقيقة ومشروعاً سياسياً يتضمن إعلان دولة إسرائيل مبدئين رئيسيين لفهم وضع الدرجة الثانية للمواطنين الفلسطينيين. أولاً يشير الإعلان وتحديداً لدولة إسرائيل على أنها "دولة يهودية" ملتزمة "بلم شمل الشتات". في الوقت نفسه يتضمن الإعلان وعداً متناقضاً بأن تحافظ الدولة على المساواة الكاملة لكل مواطنيها. وهذا التناقض هو في صميم التمييز المؤسساتي المنظم ضد الأقلية الفلسطينية في إسرائيل.

تعريف دولة إسرائيل لنفسها كدولة يهودية وديمقراطية ورد في اثنين من القانون الأساسي: القانون الأساسي: الكرامة الإنسانية والحرية لعام 1992 والقانون الأساسي حرية العمل لعام 1992 وتعديلاتهما اللاحقة، إضافة إلى ذلك وبموجب المادة 7 أ من القانون الأساسي: الكنيست لعام 1958 وتعديلاته اللاحقة يمكن منع قائمة حزبية من خوض انتخابات الكنيست إذا تعارضت أهدافها وأفعالها مع وجود دولة إسرائيل "كدولة يهودية وديمقراطية". هذا القانون يعرقل حرية ممارسة الحقوق السياسية بما في ذلك حق التعبير والمشاركة السياسية وهو غالباً ما يستغل لمنع الأحزاب السياسية العربية وأعضاء البرلمان من السعي لتغير طابع الدولة بالوسائل الديمقراطية إلى دولة تقوم على كامل المساواة المدنية والقومية ولا يمنح أفضلية لمجموعة وطنية محددة على حساب مجموعة أخرى وحتى لمنع مناقشة مثل هذه المقترحات. إقران "اليهودية" "بالديمقراطية" يقنن التمييز ضد المواطنين غير اليهود ويعيق تحقيق المساواة التامة. تفتقر إسرائيل إلى دستور مكتوب أو قانون أساسي يضمن دستورياً الحق في المساواة ومنع التمييز إما مباشر أو غير مباشر. وحيث أن العديد من القوانين العادية تنص على حماية حقوق المرأة وأصحاب الإعاقات، فلا يوجد قانون واحد يشير إلى حق الأقلية العربية في المساواة على نحو خاص. القانون الأساسي: الكرامة والحرية الإنسانية الذي يعتبر صورة مصغرة للحقوق من وجهة نظر الباحثين القانونيين الإسرائيليين، لا يتضمن الحق في المساواة بل على العكس يؤكد القانون الأساسي على الطابع اليهودي للدولة. وفي يوليو تموز 2010 أعربت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن قلتها لأن القانون الأساسي الإسرائيلي: الكرامة والحرية الإنسانيتين "لا يتضمن بنداً عاماً عن المساواة وعدم التمييز" ودعا إسرائيل "لتعديل قانونها الأساسي وتشريعات أخرى بحيث تتضمن مبدأ عدم التمييز وضمان طرح وتنفيذ كافة الادعاءات المتعلقة بالتمييز في المحاكم الإسرائيلية وبشكل سريع. ومع أن محكمة العدل العليا نشرت القانون الأساسي: الكرامة والحرية على أنه يتضمن مبدأ المساواة، إلا أن الحق الأساسي محمي حالياً بتفسير قضائي فقط. وعليه فإن الأهمية الأساسية لمبدأ المساواة تتطلب أن يكون مضموناً في القوانين الأساسية أو الدستور المكتوب وبشكل صريح. غياب هذه الضمانة الواضحة للحق في المساواة في القوانين الأساسية أو القوانين العادية يقلل من قوة هذا الحق ويترك الأقلية الفلسطينية في إسرائيل عرضة للتمييز المباشر وغير المباشر. الوضع الدستوري الحالي أتاح لدولة إسرائيل سن قوانين تمييزية في ظاهرها كونها تشير فقط إلى حقوق اليهود في إسرائيل وتنتقص من حقوق المواطنين العرب في الدولة، كما أنها تستخدم لغة محايدة ومصطلحات عامة تؤثر تمييزياً على العرب. حددت عدالة أكثر من 30 قانون رئيسي تمييزي ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. وهذه القائمة من القوانين لا تتضمن إلا تشريعاً واحداً وليست شاملة. والواقع هو أنه ومنذ انتخاب نتنياهو في فبراير شباط2009 قدمأعضاء من الائتلاف الحكومي مجموعة من الاقتراحات التشريعية التمييزية وهي الآن في مراحل مختلفة لإقرارها في الكنيست. هذه القوانين التمييزية وجدت بين القوانين الأساسية ومصادر القانون الإسرائيلي وهي تحد من سلسلة حقوق الأقلية الفلسطينية في إسرائيل بدءاً من حقوق المواطنة وانتهاء بحقوق المشاركة السياسية وحقوق الأراضي والبناء وحقوق التعليم وحقوق الثقافة واللغة والحقوق الدينية وحقوق إجراءات التقاضي أثناء الاعتقال على خلفية أمنية. الطابع اليهودي للدولة واضح في الكثير من القوانين الإسرائيلية. أهم القوانين المتعلقة بالهجرة وهو قانون العودة لعام 1950 وقانون المواطنة لعام 1952 يتيحان لليهود الهجرة إلى إسرائيل بكل حرية والحصول على الجنسية لكنهما يستثنيا العرب الذين أجبروا على الهروب من منازلهم في الأعوام 1947-1952 وفي عام 1967. كما يمنح القانون الإسرائيلي الخاص مكانة شبه حكومية في الصندوق القومي اليهودي والوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية العالمية وغيرها من الهيئات الصهيونية والتي لا تلبي إلا حاجة اليهود فقط. هناك قوانين أخرى عديدة مثل قانون (الحاخام الأكبر لإسرائيل) لعام 1980 وقانون (العلم والشعار القانوني) لعام 1949 وقانون (التعليم في الدولة) لعام 1953 وتعديلاتها التي تمنح اعترافاً بالمؤسسات والممارسات اليهودية التعليمية والدينية والثقافية وتحدد أهدافها بدقة في المفاهيم اليهودية رغم أنه لا يوجد قوانين مشابهة تمنح نفس الاعتراف بالحقوق الدينية والثقافية للأقلية الفلسطينية في إسرائيل.

حقوق المواطنة

يمنح المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل بناء على القانون الإسرائيلي معاملة مختلفة وغير متساوية فيما يتعلق بحقوق المواطنة. أهم قوانين المواطنة والهجرة هما قانوني العودة لعام 1950 وقانون المواطنة لعام 1952 وهما يتيحان لكل يهودي في العالم الهجرة إلى إسرائيل بحرية ويحظى بالجنسية الإسرائيلية تلقائياً. ومع ذلك فنفس القوانين التي تخدم الاسرائيليين تستثني الفلسطينيين الذين أجبروا على ترك منازلهم في عام 1947-1952 وتجردهم من وضعهم السابق وتحرمهم من حق العودة المعترف به دولياً. يمنح الزوجين غير المواطنين عرباً ويهوداً حق الإقامة الدائمة أو الجنسية في حالة ما كان الزوج غير يهودي (وغير عربي) وفق قانون المواطنة في إجراء ظهر على مدى سنوات عديدة وفق سلسلة فحوصات فردية أمنية وجنائية واختبارات على صحة الزواج. إذا كان الزوج مقيم في الأراضي الفلسطينية المحتلة فعندئذ يكون من المستحيل عليه أو عليها الحصول على الإقامة أو المواطنة في إسرائيل منذ مايو أيار من عام 2002.

الحظر على لم الشمل

في يوليو تموز 2003 سنت الكنيست قانون المواطنة وقانون الدخول إلى إسرائيل (أمر مؤقت) 2003. القانون يحرم الحق في الحصول على وضع الإقامة الاسرائيلية أو المواطنة لفلسطيني الأراضي المحتلة حتى وإن كانوا متزوجين من مواطنات اسرائيليات عربيات أو يهوديات. يستند هذا الحق فقط على جنسية الإنسان لا على الدواعي الأمنية. ولأن الأغلبية الساحقة من المواطنين الاسرائيليين الذين يتزوجون من الأراضي المحتلة هم من الفلسطينيين ولأن القانون لا ينطبق على المستوطنين الاسرائيليين وينتهك حقوقهم في المساواة والحياة الأسرية والكرامة والحرية ولا يتناسب على الإطلاق مع الدواعي الأمنية المزعومة التي تسردها إسرائيل لتبرير ما تقوم به. على العكس جاءت هذه القوانين انطلاقاً من رغبة الدولة في الحفاظ على الأغلبية الديمغرافية. تضطر آلاف العائلات للعيش منفصلة أو في حالة دائمة من الشعور بعدم الأمن تحت طائلة التهديد بالانفصال بناء على القانون. تصاريح الزيارة المؤقتة تمنح للأزواج الفلسطينية في ظل قيود صارمة جداً منذ يوليو تموز 2005 وفي مايو أيار من عام 2006 أيدت محكمة العدل العليا القانون بفارق صوت واحد 6-5. وفي عام 2007 تم توسيع الحظر ليشمل الأزواج من الدول المعادية كسوريا ولبنان والعراق وإيران و"أي إنسان يعيش في منطقة تشكل تهديداً لدولة إسرائيل" حسب وجهة نظر الأجهزة الأمنية. أضيف قطاع غزة إلى هذه القائمة عام 2008 وبالتالي يخلق القانون ثلاثة مسارات للتجنس في دولة إسرائيل. المسار الأول وهو أعلى المسارات يتعلق بالأشخاص اليهود الذين يستطيعون الحصول على الجنسية تلقائياً وفق قانون العودة لعام 1950 والمسار الثاني يتعلق بالأجانب الذين تنطبق عليهم الإجراءات التدريجية والتي تتيح لهم الحصول على الإقامة الاسرائيلية على مدار سنوات. المسار الثالث وهو المسار الأدنى والمتعلق بالأزواج عند المواطنين العرب ليسوا من الأراضي الفلسطينية المحتلة أو إيران أو العراق أو سوريا أو لبنان.

خلق هذه المسارات والتي تستند إلى جنسية مقدم الطلب تشكل تمييزاً عنصرياً وتتناقض مع مبدأ المساواة والقرارات السابقة لمحكمة العدل العليا. كثيراً ما دعت المنظمات الدولية بما فيها الهيئات المنشأة وفق معاهدات حقوق الإنسان ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إسرائيل كما أعادت وأكدت على قلقها من بقاء قانوني المواطنة والدخول إلى إسرائيل ساريي المفعول. أوصت لجنة الأمم المتحدة بضرورة إلغاء إسرائيل للقانون ومراجعة سياستها بغية تسهيل جمع شمل العائلات لجميع المواطنين والمقيمين بصفة دائمة دون تمييز. في يوليو تموز 2010 مددت الكنيست صلاحية القانون لستة أشهر أخرى أي لـ 31 يناير 2011 علماً بأن هذا هو التمديد العاشر للقانون والذي هو من الناحية الرسمية أمر رسمي.

رفعت عدالة ومنظمات حقوق إنسان أخرى التماساً ضد القانون غير أنه ظل معلقاً في محكمة العدل العليا طيلة أربع سنوات خلت.

سحب الجنسية

جرت في السنوات الأخيرة كثير من المحاولات لإتاحة تجريد الأشخاص من الجنسية الاسرائيلية لدواعي مختلفة لها علاقة "بعدم الولاء المزعوم للدولة و"خرق الثقة" وكل هذه المحاولات تستهدف بشكل غير مباشر حقوق المواطنة بالنسبة للفلسطينيين في إسرائيل. في 28 يوليو تموز من عام 2008 صادق الكنيست على قانون المواطنة (تعديل رقم 9) (سلطة سحب الجنسية) 2008 والذي يتيح سحب الجنسية الإسرائيلية على خلفية انتهاك الثقة وعدم الولاء للدولة. "انتهاك الثقة" مفهوم معرف بشكل فضفاض بحيث يتضمن الإقامة في واحدة من الدول العربية والإسلامية التسعة المدرجة على القائمة إلى جانب قطاع غزة. القانون يتيح سحب الجنسية بسبب انتهاك الثقة دون أن يتطلب إدانة جنائية. هناك مشروع قانون مطروح الآن على الكنيست يسعى إلى التصريح بسحب الجنسية من أشخاص متهمين بالتجسس ومساعدة العدو وقت الحرب وكذلك ارتكاب أعمال إرهابية بموجب قانون حظر تمويل الإرهاب لعام 2005.

جلبت انتخابات فبراير 2009 إلى السلطة ائتلاف حكومي يميني متشدد بدأ فوراً في شن طوفان من الهجمات التشريعية ضد الأقلية الفلسطينية العربية في إسرائيل. يتضمن التشريع المقترح تعديلات على قانون المواطنة لعام 1952 الذي يسعى إلى فرض تعهد بالولاء لإسرائيل كدولة يهودية وصهيونية على أي شخص يريد الحصول على الجنسية الإسرائيلية (بالولادة أو بالتجنس) كذلك أيضاً على أي مواطن أو مقيم يتقدم للحصول على بطاقة هوية والتي يعتبر حملها فرض. وبإجبار المواطنين الفلسطينيين على قسم الولاء للقيم الصهيونية يكون مشروع القرار مخالفاً لمبدأ المساواة والكرامة والتعبير ويحول المواطنين العرب في دولة إسرائيل من صاحب حقوق إلى أناس يعطوا امتيازات بشروط. في العاشر من أكتوبر من عام 2010 وافقت الحكومة الاسرائيلية على تعديل آخر لقانون المواطنة والذي إذا سن سيرغم أي إنسان غير يهودي يود الحصول على المواطنة عبر التجنس أن يقسم الولاء لدولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية. مشروع قرار الولاء صيغ أصلاً لاستهداف الفلسطينيين  في إسرائيل والذين سيجبرون قسراً إن كان الزوج أو الزوجة غير يهودي ومن سكان الأراضي المحتلة أو الدول العربية على أداء قسم الولاء لإسرائيل "كدولة يهودية ديمقراطية". قسم الولاء يفرض أيدلوجية سياسية على أساس قبول القيم اليهودية والصهيونية التي بدورها تخدم وتعمل على حرمان الفلسطينيين أو العرب من الهوية السياسية والوطنية.

الدخل/ الفقر

تبرز الفوارق الاقتصادية وتقاقم من عدم المساواة التي تم تفصيلها في التقرير وإذا ما أخذنا الدخل كمؤشر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي نجد أن متوسط دخل الفرد العربي الشهري في إسرائيل هو 5.419 شيكل عام 2008 أو ما يعادل 1465 دولار أمريكي أي أقل بـ 32% مقارنة بمتوسط دخل الفرد اليهودي الذي بلغ 7.949 شيكل شهرياً (2.150 دولار). متوسط إجمالي دخل الفرد من الذكور عند العمال العرب أفل بـ نحو 32% من نظيره اليهودي حسب احصائيات عام 2008 ومتوسط إجمالي دخل العاملة العربية في إسرائيل أقل بنحو 28% من نظيرتها اليهودية من نفس السنة. صافي دخل الأسرة العربية الشهري هو 63% من دخل الأسرة اليهودية رغم زيادة عدد أفراد الأسرة العربية. لذلك يبدو جلياً من حيث الرفاهية الاقتصادية أن المواطنين العرب في إسرائيل محرومين مقارنة بالمواطنين اليهود. وعليه فمن غير المستغرب أن يتم تصنيف 35% من الأسر العربية في إسرائيل عام 2009 على أنها أسر فقيرة مقارنة بـ 20.5% من الأسر اليهودية. الرقم عند البدو العرب أعلى بكثير حيث تصل النسبة إلى 67.2%.

جدول رقم 1

متوسط دخل الموظف الشهري حسب الفئة السكانية والجنس عام 2008 (بالشيكل الإسرائيلي)

 

الاجمالي

ذكور

إناث

العرب

5.419

5.764

4.350

اليهود

7.949

9.966

6.046

 

ومع أن المواطنين العرب يشكلون نحو 20% من إجمالي سكان إسرائيل إلا أن حضورهم أكبر من حيث الفقر. فقد أشارت احصائية عام 2008 إلى أن هؤلاء (أعضاء في أسر) يشكلون 44.5%. وحسب بيانات مؤسسة التأمين الوطني هناك فجوة بثلاثة أضعاف بين نصيب الأسر العربية من مجمل السكان وبين نصيبها من حجم السكان الفقراء. ترتبط الفجوات في الدخل والفقر ارتباطاً مباشراً بالتمييز المؤسساتي ضد المواطنين العرب في إسرائيل حيث أقر قاضي محكمة العدل العليا السابق ثيودور أور وبشكل واضح بهذه الحقيقة مبيناً أن "المواطنين العرب في إسرائيل يعيشون في واقع يتعرضون فيه للتمييز كعرب وقد تم توثيق عدم المساواة في الكثير من المسوحات والدراسات المهنية وأكدتها أحكام قضائية وقرارات حكومية ووجدت تعبيراً لها في تقارير أعدها المراقب العام للدولة وفي كثير من الوثائق الرسمية". تصنف إسرائيل المجالس والبلديات حسب معيار اقتصادي واجتماعي من عشر نقاط. مجموعة 10 تمثل المجالس المحلية الأغنى ومجموعة 1 تمثل القرى الأفقر. المجالس المحلية العربية الخمسة وسبعين في إسرائيل حضورها كبير جداً في المجموعات الأفقر حيث تشكل 87% من المجالس في المجموعات من 1-3 و72% من المجالس في المجموعات 1-4 وصفر% من المجموعات الأكثر ازدهاراً في البلدات المصنفة في مجموعات 7-10. ونتيجة لذلك فإن الخدمات التي تقدمها السلطات المحلية هي خدمات نادرة وذات نوعية تعيسة.

جدول رقم 2

مقارنة أزواج من قرى يهودية وعربية مختارة حسب مؤشرات اقتصادية واجتماعية

البلدة

 

متوسط دخل الفرد

تصنيف مجموعة

اجتماعي-اقتصاي

في % من ذو الأجور الفرعية والدنيا

في % ممن هم من جيل 17-18 الذين يحق لهم شهادة قبول

العفولة (يهودية)

2.629

5

47.13

51.45

أم الفحم (عربية)

1.321

2

58.46

33.29

ديمونا (يهودية)

2.530

4

48.53

46.35

راهط (عربية)

1.059

1

75.07

23.92

زخرون يعقوف (يهودية)

3.823

7

37.59

54.77

جسر الزرقاء (عربية)

1.300

2

27.67

15.96

مفدال هعميق (يهودية)

2.313

5

47.70

69.34

شفا عمر (عربية)

1.747

3

48.88

34.94

كرمئيل (يهودية)

2.980

6

42.30

58.57

عرابة (عربية)

1.417

2

54.55

24.47

 

يبين جدول رقم 2 الفوارق الاقتصادية والاجتماعية القائمة بين عينة من قرى عربية ويهودية واقعة ضمن تقارب جغرافي كبير ويوضح الجدول أيضاً مدى الثغرات القائمة عبر المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية. متوسط الدخل في المدن العربية المدرجة أقل بشكل ملحوظ من متوسط الدخل في المدن اليهودية ومعدل الفجوة يبلغ 1.370 شيكل أي 370 دولار.

وبناء على ذلك يتم تصنيف المدن العربية المدرجة ضمن العينة في المجموعات الاقتصادية الاجتماعية من 1-3 بينما تهبط المدن اليهودية ضمن المجموعات 4-7. أضف إلى ذلك أنه في كل المدن العربية المدرجة ضمن العينة يحصل أصحاب الأجور على أقل من الحد الأدنى من الأجر. ويظهر الجدول أيضاً ضخامة الفجوة الموجودة في العدد الحاصل في جيل 17-18 سنة الحاصلين على شهادة قبول للجامعة وهو أدنى متطلب للدخول إلى الجامعة 26.5% في المدن العربية التي شملتها العينة و52% في المدن اليهودية وذلك نتيجة للفقر النسبي للبلديات العربية. لا يتجلى عدم المساواة بين اليهود والعرب في أي مكان أكثر من القرى العربية البدوية غير المعترف بها التي تشير إليها إسرائيل "بقرى مبنية بطريقة غير شرعية". ورغم أن أغلب هذه القرى موجودة قبل إنشاء الدولة عام 1948 فقد أصبحت غير شرعية مع سن قانون البناء والتخطيط الوطني لعام 1965. لم يتم منح القرى غير المعترف بها أي مكانة رسمية وهي تأوى ما بين 75 إلى 90 ألف نسمة.

المواطنون البدو في إسرائيل الذين يسكنون صحراء النقب في الجنوب ويتلقون خدمات نادرة أو شبه معدومة كالكهرباء والمياه والهاتف والمرافق الصحية والتعليمية لا يوجد لديهم مجالس محلية ولا ينتمون إلى أي جهات حكومية محلية أخرى وهم يستبعدون من الخرائط الحكومية والتخطيط. وبسبب الافتقار إلى الخدمات الحكومية من جانب بما في ذلك المدارس ووسائل النقل العامة، تعتير نسبة الفقر في القرى البدوية غير المعترف بها الأعلى في إسرائيل. من الثماني مجالس محلية وبلدية المصنفة ضمن المجموعة 1 (الأفقر حسب ميزان العشر نقاط) هناك 7 قرى بدوية في النقب. أيضاً القرى غير المعترف بها حيث مستوى الفقر والحرمان الاجتماعي الأعلى، ليست مدرجة ضمن البيانات والاحصائيات الحكومية. في يوليو تموز 2010 دعت اللجنة الدولية لحقوق الإنسان إسرائيل لضمان حصول البدو على المرافق الصحية والتعليمية والماء والكهرباء بصرف النظر عن أماكن تواجدهم في الدولة الطرف".

 إعادة توزيع الموارد والرفاه الاجتماعي

كما ذكر أعلاه، فإن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للسلطات المحلية العربية الـ 75 أقل بكثير من نظيره اليهودي وقدرتها على تقديم الخدمات أقل بكثير من قدره مثيلتها اليهودية. ليس لديها إلا موارد قليلة متاحة تحت تصرفها ونصيبها حسب الفرد من تغطية المواصلات من قبل الحكومة المركزية أقل. وحسب ما أوردته وزارة الرفاه الاجتماعي فإن متوسط الانفاق الحكومي العام على الفرد العربي يقل بـ 30% من متوسط الانفاق الحكومي على مثيله في المدن اليهودية. حتى أن الفجوة أوسع أيضاً بين الأطفال، فميزانية كل طفل في السلطات المحلية العربية أقل بـ 52.1% مما هو موجود في السلطات المحلية اليهودية. قلة الاستثمار في السلطات العربية واضح من خلال البنية التحتية التعيسة التي تفتقر إلى الصيانة كالطرق والمجاري وخطوط المياه وغير ذلك وهي من سمات كثير من القرى والمدن العربية. القرى الساحلية  جسر الزرقاء (10 آلاف نسمة) على سبيل المثال غير مرتبطة بالطريق الساحلي السريع الذي يربط تل ابيب بحيفا رغم قربها من الطريق والذي يعلم حدودها الغربية. جسر الزرقاء هي البلدة العربية الوحيدة التي تتاخم الطريق السريع والبلدة الوحيدة غير المرتبطة به. يضطر سكانها لقطع مسافة كيلو متر واحد من الطريق الملتوي للوصول إلى الطريق القديم وغير المباشر للوصول والخروج من القرية.

لاشك أن دولة إسرائيل على دراية تامة بهذه الفوارق وقد أصدرت مؤسسة التأمين الوطني عام 2007 دراسة رسمية حكومية قالت فيها (أن مؤشر حدوث الفقر يقسم السكان إلى مجموعتين قوميتين ومستوى الفقر في الأسر العربية أعلى بكثير من مستواه في الأسر اليهودية". ومع ذلك فشلت الدولة على الدوام في اتخاذ إجراءات فاعلة وملائمة لمعالجة ظاهرة الفقر المدقع والنسبي المستششري في الأقلية العربية في إسرائيل عبر برامج عمل دؤوبة وبرامج تحفيز اقتصادي وغيره ذلك من النواحي الأخرى. حتى وإن بادرت لمثل هذه الخطط فلا يطبق إلا الجزء اليسير منها تدريجي أو لا تطبق على الإطلاق. علاوة على ذلك هناك ضغوطات شعبية ضعيفة على الدولة لضمان التخصيص العادل والمتساوي للموارد وهنا يشير استطلاع إلى أن 55% من المستطلعين من الجمهور الإسرائيلي يؤكدون أنه لابد من تخصيص موارد للمدن والقرى اليهودية أكبر من تلك المخصصة للمدن والقرى العربية. هناك قناة رئيسة لتخصيص موارد إضافية لقرى ومدن مختارة ولسكانها وهذه القناة تسمى السياسة الحكومية المتعلقة بتحديد المناطق (كمناطق أولوية قومية) حيث أن هذا التصنيف يمكنها من الحصول على مجموعة من الامتيازات والفوائد المربحة في كثير من الميادين. هناك 553 مدينة وقرية منحت سابقاً وضع مناطق الأولوية الوطنية من قبل الحكومة منها 4 قرى عربية صغيرة رغم الفقر النسبي الذي تعيش فيه المدن والقرى العربية والباقي مدن وقرى يهودية تتلقى سيلاً من الامتيازات والحوافز والمنح التي تنفق على حساب الخزانة العامة. فعلى سبيل المثال تتلقى مغدال هعميق ونتصرات علييت وهما مدينتان تقعان في شمال إسرائيل، موارد زائدة نتيجة تصنيفهما ذات أولوية وطنية بينما هناك 11 قرية ومدينة عربية مجاورة لم تمنح واستبعدت من الوضع الاقتصادي والاجتماعي. في فبراير 2006 قضت محكمة العدل العليا بأن القرار الحكومي بتخصيص وضع الأولوية الوطنية في مجال التعليم يشكل تميزاً غير قانونياً ضد المواطنين العرب وأوعزت إلى الدولة بإلغاءه. ومع ذلك فشلت الدولة في  إلغاءه ولم تنفذ قرار المحكمة ولم تضع معايير موضوعية لتوزيع الامتيازات التعليمية للمدن والقرى. وفي ديسمبر 2009 صادقت الحكومة على قرار جديد للمناطق ذات الأولوية الوطنية يحدد مناطق واسعة ضمن هذا التصنيف بحيث تشمل بئر السبع في الجنوب وكل المنطقة الشمالية وكلتاهما تضم كتل سكانية عربية كبيرة. ومع هذا فالمدن والقرى الواقعة ضمن هذه المناطق لا يحق لها تلقائياً الحصول على مخصصات ميزانية إضافية بل أن قرار تخصيص الموارد أو عدم تخصيصها يعود إلى رضا أو عدم رضا الوزير المعني. وفي ظل غياب معايير واضحة سيسهم القرار في تفشي عدم المساواة والتمييز ضد المواطنين العرب. يستثني القرار أيضاً وسط البلاد بأسره على أساس مستوى المعدل الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة ككل، الأمر الذي يحرم القرى والمدن العربية الواقعة هناك من وضع مناطق الأولوية الوطنية بينما يمنح هذا الوضع للمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية غير الشرعية من وجهة نظر القانون الدولي. في 20 يونيو حزيران من عام 2010 وبعد 4 سنوات من عدم امتثال الدولة، رفعت عدالة إلتماساً واقتراحاً على خلفية إزدراء رئيس الوزراء لمحكمة العدل العليا وبسبب امتناع الحكومة عن تنفيذ قرار المحكمة وتفشي التمييز ضد المواطنين العرب في الدولة. على الرغم من حكم المحكمة يستمر استخدام معيار مناطق الأولوية الوطنية بطريقة تمييزية. فعلى سبيل المثال وطبقاً لقانون الكفاءة الاقتصادية تتمتع الحكومة بسلطة كاسحة عند تصنيف المدن والقرى كأولوية وطنية وتخصيص موارد هائلة دون أن يكون هناك معايير واضحة وعادلة. في مارس آذار 2010 وافقت الحكومة على خطة اقتصادية جديدة لتطوير بلدات عربية مختارة في إسرائيل كالناصرة وسخنين وأم الفحم والطيرة ودالية الكرمل. تبلغ تكاليف الخطة المذكورة 800 مليون شيكل (214 مليون دولار) وهي مصممة لتحسين وسائل النقل العام والعمالة والبناء والأمن في هذه التجمعات على مدار خمس سنوات. المبلغ متواضع مقارنة مع احتياجات هذه المناطق ولم يتم لغاية الآن تنفيذ الخطة على أرض الواقع.

الخدمة العسكرية والوطنية

هناك مجموعة من سياسات الانفاق العام بادرت إليها الحكومة تمتع الأغلبية اليهودية فيها بكثير من الامتيازات التي تزيد من حالة عدم المساواة في تخصيص الموارد. أحد أبرز الوسائل المستخدمة من قبل الدولة لضخ الأموال العامة صوب المواطنين اليهود تتمثل في اشتراط الحصول على الخدمات العامة والامتيازات بأداء الخدمة العسكرية علماً بأن الأغلبية الساحقة من المواطنين الفلسطينيين معفيين من أداء الخدمة العسكرية ولا يخدمون في الجيش الإسرائيلي لأسباب سياسية وتاريخية. وهكذا فإن استخدام هذا المعيار كشرط للحصول على الامتيازات الاقتصادية يعتبر تمييزاً ضدهم على خلفية الانتماء الوطني وينتهك الحق في التمتع المتساوي في الخدمات العامة. باستخدام هذا المعيار تكون الدولة قد خلت بواجبها في الخدمة كوصي على الجمهور بأسره وعلى أسس متساوية. يلاحظ أن الأفراد الذين خدموا في الجيش الإسرائيلي سابقاً يتلقون أصلاً تعويضات بناء على قانون استيعاب الجنود المسرحين لعام 1994 والذي يسرد مجموعة واسعة من الامتيازات الاقتصادية والاجتماعية التي يحق للجنود المسرحين الحصول عليها بما في ذلك السكن والمنح التعليمية. على سبيل المثال هناك سياسة حكومية قائمة على التمييز توفر دعماً مالياً أو دعماً موسعاً على شكل قروض حكومية بفوائد قليلة للرهن العقاري لمواطنين اسرائيليين أتموا الخدمة العسكرية أو الخدمة الوطنية. الأغلبية من المواطنين العرب مستثنون تلقائياً من هذه الموارد، ووفق هذه السياسة يحق للزوجين العاديين الذين لم يخدم أي منهما في الجيش تلقى 124.500 شيكل حوالي 30 ألف دولار زيادة عن الزوجين العاديين اللذين لم يخدم أي منهما في الجيش وكون الغرض من الدعم الحكومي الموسع في مجال الاسكان هو مساعدة المحرومين اقتصادياً واجتماعياً على إيجاد حلول للسكن، فإن أداء الخدمة العسكرية أمر تعسفي وليس في محله هنا. لذا فإن تأثير ذلك والمنح المتشابهة وبرامج الدعم المالي المشروطة بأداء الخدمة العسكرية من شأنها أن توسع من حجم عدم المساواة بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية.

 

 


دراسة حالة

تقوم الحكومة بتقديم المنح الميزانية إلى البلديات والمجالس من أجل تقليص العجز الذي ينشأ عندما تتجاوز النفقات حد الخدمات الأساسية بهدف تأمين الحد الأدنى المعقول من الخدمات. ومع أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمدن والقرى العربية متخلف كثيراً عن المعدل القومي ومع أن العجز الذي تعاني منه البلديات العربية يعادل نحو 45% من العجز الكلي للبلديات، فإن المعادلة المستخدمة لحساب المنح الميزانية تعطيها نقاط أقل بكثير. تمنح الهبات في ظل النظام الحالي إلى مدن تستوعب مهاجرين يهود جدد وإلى مدن مصنفة ضمن "خط المواجهة" (فقط مدن يهودية في الشمال ومستوطنات يهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة) وإلى مدن تعتبر "متنوعة اجتماعياً" (يستبعد منها مدن عربية لأن أغلبها متجانسة). قدمت عدالة في يوليو تموز 2001 اعتراضاً أمام محكمة العدل العليا من أجل تخصيص معايير متساوية واضحة وشفافة لمنح الموازنة، غير أن الالتماس لا زال بانتظار البت من قبل المحكمة بعد مرور تسع سنوات عليه. في الوقت نفسه لا زالت هذه المنح تعطى بشكل حصري للتجمعات السكنية اليهودية. وفي يوليو تموز 2010 أصدرت المحكمة العليا قراراً يلزم الدولة بتقديم آخر التطورات وأكدت أنه رغم أن الالتماس لا زال بانتظار الحكم لسنوات فإنه يتوجب على الدولة إصدار معايير واضحة تحكم توزيع هذه المنح. عدالة أيضاً قدمت اقتراحاً إلى المحكمة تطالب بحكم نهائي على القضية وذلك في نوفمبر 2010.

 

السياسة الضريبية

ثمة مثال آخر على عدم الانصاف في تخصيص الموارد العامة يتمثل في تعديل رقم 146 لقانون ضريبة الدخل وهو فقرة تمييزية تحدد تقديم الفوائد الضريبية للدخل. يمنح التعديل المذكور أصلاً إعفاءات للتجمعات السكنية الواقعة على الحدود مع قطاع غزة، غير أن هذه القائمة سرعان ما توسعت لتشمل تجمعات أضيفت لأسباب سياسية. ونظراً لانعدام وجود معيار واضح يحكم  تقديم حسومات ضريبية لتجمعات، لا يوجد بلدة أو مدينة عربية واحدة تستفيد من هذه الحسومات. أقر التعديل رغم معاناة التجمعات السكنية العربية من التمييز المنهجي في تخصيص الدولة للموارد وهي من أفقر وأكثر التجمعات السكنية إهمالاً في إسرائيل. ورداً على التماسات مقدمة من رابطة الحقوق المدنية في إسرائيل ومن عدالة ضد التعديل الذي جرى عام 2005، فقد قررت المحكمة العليا في سبتمبر أيلول 2010 أن منح الفوائد الضريبية للعديد من التجمعات السكنية بدون مساواة ومعايير خطية واضحة يعتبر أمراً غير دستورياً ويقوم على التمييز. وعموماً فإن تدابير سياسة الدولة المباشرة للحد من الفقر تستهدف المواطنين اليهود أكثر من المواطنين العرب. انخفض معدل حدوث الفقر بنسبة 13.5% فقط بين العرب عام 2008 نتيجة لهذه الاجراءات والتدابير مقارنة بـ 46.2% بين المواطنين اليهود. وهكذا فإن توزيع الدخل من قبل الدولة يعمل على توسيع أفق الفجوة في عدم المساواة وليس ردمها. في إسرائيل يلعب الانفاق الحكومي دوراً حاسماً في محاربة الفقر ومعالجة عدم المساواة إذا ما أخذ في الاعتبار ارتفاع النسبة التي يشكلها حجم الناتج المحلي الاجمالي. في عام 2003 استثمرت إسرائيل 52.4% من الناتج المحلي الاجمالي في النفقات الحكومية مقارنة مع 48.1% في فرنسا و37.2% في السويد و36.8% في فلندا و32.8 في ألمانيا و21% في الولايات المتحدة و18.4% في كندا. ومع ذلك وفي ظل عدم التركيز على الفئات الأفقر والأكثر حرماناً في المجتمع يكون للضرائب والامتيازات تأثير على تقليص نسبة الفقر في إسرائيل بشكل عام بـ 25% مقارنة بمعدل يتراوح بـ 60% في دول منظمة التعاون والتنمية (مقارنة مع دخل الأسرة قبل أخذ الضرائب والفوائد بعين الاعتبار).

العمالة

قانون العمالة والفرص المتساوية لعام 1988 يحظر التمييز بين الباحثين عن عمل على أساس قوميتهم. ورغم هذا القانون يواجه المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل التمييز في فرص العمل والأجور وذلك يعود لعدم تطبيق القانون بسبب الحواجز والعراقيل الهيكلية المترسخة. حقيقة الأمر هو أن الدولة نفسها والتي تعتبر المشغل الأكبر لا تطبق هذا القانون. وبما أن الأغلبية من السكان الفلسطينيين تعتمد على الزراعة كمصدر رئيس للدخل، فقد أجبرت سياسة مصادرة الأراضي الفلسطينية للبحث عن عمل كعمال أجور وبالتالي أصبحوا يعتمدون على الاقتصاد الإسرائيلي. وكما يشير الجدول التالي، فإن حضور المواطنين الفلسطينيين العاملين في العمالة غير الماهرة هو حضور كبير ولا سيما في أعمال البناء (الذكور) مقارنة مع نظراءهم اليهود وحضورهم قليل في القطاعات المهنية مثل البنوك وشركات التأمين والمالية.

جدول رقم 2

النسبة المئوية للموظفين العاملين في صناعات مختارة 2008

 

عاملين عرب %

عاملين يهود %

بناء وإنشاء (ذكور)

28.4

5.4

عمال غير مهرة

14.6

6.2

أنشطة مال وأعمال

5.6

14.3

وظائف إدارية

2.3

7.3

بنود وتأمين وتمويل

0.8

4.3

 

القوى العاملة المشاركة

في حين بلغ المعدل العام للبطالة في إسرائيل 7.3% عام 2008 إلا أن الرقم بين المواطنين العرب كان أعلى حيث بلغ 10.9%. وعلاوة على ذلك، فمن بين الأربعين بلدة في إسرائيل نسبة البطالة فيها الأعلى، هناك 36 بلدة منها عربية. معدل المشاركة في القوى العاملة متدنية للغاية بين النساء العربيات. ففي عام 2008 بلغت نسبة النساء العربيات المشاركات في القوى العاملة المدنية والتي يتراوح أعمارهن ما بين 15 فما فوق 21.1% مقارنة بـ 57% بين النساء اليهوديات علماً بأن هذه النسبة من بين أقل النسب في العالم وأقل بكثير من دول منظمة التعاون الاقتصادي التي تبلغ نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة فيها 62%. أضف إلى ذلك فإن معدل البحث عن عمل يستغرق 64 أسبوعاً أي ضعف ما يستغرقه عند المرأة اليهودية (31 أسبوعاً).

الخدمة العسكرية

يستخدم معيار الخدمة العسكرية كإحدى الوسائل التي يتم بها التمييز ضد المواطنين العرب ويستثنون من القوى العاملة كون الخدمة العسكرية شرط من شروط قبول العمل وغالباً عندما لا يكون هناك علاقة بين طبيعة العمل والخبرة العسكرية. وفي حين أن إدراج الخدمة العسكرية في مواصفات الوظيفة قد يبدو محايداً في وجهه إلا أن لها تأثير تمييزي على المواطنين الفلسطينيين في الدولة كونهم مستبعدون كمجموعة من أداء الخدمة العسكرية على خلفية الانتماء الوطني.

دراسة حالة

في عام 2009 أبرمت شركة السكك الحديدية وشركة تقوم بتوظيف حراس على السكك الحديدية اتفاقاً جديداً يتم بموجبه توظيف من أدوا فقط واجب الخدمة العسكرية لتولي هذه المناصب. وكون الأغلبية الساحقة من المواطنين الفلسطينيين معفيين من أداء الخدمة العسكرية، فإن القرار يميز ضدهم. هناك 130 حارس عربي موظفين الآن كحراس على السكك الحديدية وبالتالي هذا القرار يهدد أعمالهم ويحول بينهم وبين توظيفهم كمفتشين في السكك الحديدية مستقبلاً.

في أبريل نيسان من عام 2009 رفعت كل من عدالة وجمعية حقوق الإنسان في جامعة تل أبيب وصوت الأمل دعوى قضائية أمام محكمة العمل اللوائية في تل أبيب تطعن فيها هذا الاتفاق وهي تمثل عاملين اثنين عملاً في السكة الحديدية. اجتاز الرجلان كافة الامتحانات النظرية والعملية وقد جاء في الدعوى أن هذا العمل مدني بطبيعته وأن استخدام معيار الخدمة العسكرية سيغلق الباب أمام المواطنين العرب وبالتالي يشكل انتهاكاً لمبدأ المساواة.

في سبتمبر أيلول 2009 أصدرت المحكمة أمراً احترازياً يمنع شركة السكك الحديدية  من فصل 130 موظف عربي على خلفية عدم أدائهم واجب الخدمة العسكرية. وبعد جلسة استماع في المحكمة في فبراير شباط 2010 سحبت شركة السكك الحديدية الاتفاق وألغته.

التوظيف في الخدمة المدنية

الدولة هي المشغل الأكبر في إسرائيل. ورغم التعدي الذي تم عام 2000 على قانون الخدمة المدنية (التعيينات) لعام 1959 والذي ينص على التمثيل العادل في كل مجالات الخدمة المدنية والوزارات والمؤسسات ذات الصلة "لكلا الجنسين و..... السكان العرب بما فيهم الدروز والشركس" يبقى حضور المواطنين الفلسطينيين بشكل عام ناقص جداً في الخدمة المدنية في عام 2006 شكل العرب 5.92% فقط من مجمل موظفي الخدمة المدنية. منهم 2% فقط من النساء. ومع ذلك ومع مرور الوقت سجل هناك تحسناً ملحوظاً في تمثيل المواطنين العرب في الخدمة المدنية وخاصة بالنسبة للنساء اللواتي يشكلن 2% من موظفي الخدمة المدنية عام 2001. أما في النقب فالوضع لا زال مروع حيث مثل العرب في عام 2010 أقل من 1% من موظفي الخدمة المدنية وهذه الأرقام بالمناسبة تثير تساؤلاً جدياً في فاعلية تعديل قانون الخدمة المدنية (التعيينات) وفي الجهود التي تبذلها الدولة في تنفيذ هذه التعديلات. وبالإضافة إلى ذلك صدرت العديد من القرارات الحكومية على مدار العقد الماضي التي توعز بتطبيق القانون وتنص على تخصيص حصص مرحلية لتمثيل المواطنين العرب بما فيه هدف تحقيق نسبة الـ 10% مع حلول عام 2010. ورغم ذلك ضاعت هذه الأهداف المرحلية ويبقى تمثيل الرجال والنساء والعرب متدني نسبياً.

جدول رقم 4

بين تمثيل المواطنين العرب في كبرى الوزارات الحكومية

الوزارة

موظفون عرب

اجمالي الموظفين

النسبة المئويةـــ

الصحة

1.935

26.753

7.2

التعليم

126

2.031

6.2

العدل

99

2.497

3.9

الصناعة والتجارة والعمل

45

1.326

3.4

المواصلات

21

881

2.3

البناء والاسكان

10

730

1.3

المالية

12

954

1.2

 

في معظم الوزارات الحكومية لا يتناسب تمثيل المواطنين العرب مع نسبتهم السكانية (20%) وحضورهم في كل الوزارات بما فيها الوزارات التي لها تأثير حاسم على مجرى حياتهم كوزارة النقل والمواصلات 2.3% والبناء 1.3% والمالية 1.2% وأكثر وزارتين فيهما موظفين عرب هما وزارتي التعليم والصحة حيث أن الأغلبية الساحقة من هؤلاء الموظفين يعملون في بلدات وقرى عربية أو مدن مختلطة تقدم خدمات مباشرة للسكان العرب (كالمعلمين والممرضين والأطباء) أما المهنيين العرب فقلما يوجد منهم في مناصب صنع القرار في قيادة هذه الوزارات.

المجالس الإدارية في الشركات الحكومية

ينص تعديل أجري عام 2000 على قانون الشركات الحكومية لعام 1975 على التمثيل العادل للمواطنين العرب في المجالس الإدارية للشركات الحكومية. بداية من يوليو تموز 2009 وصلت نسبة الأعضاء العرب في مجالس الإدارة في الشركات الحكومية 5.2% للرجال و 2.7% للنساء. أضف إلى ذلك أن تمثيل المواطنين العرب ارتفع قليلاً مع مرور الوقت. ومن حيث تمثيل المرأة في مجالس الإدارة زادت نسبة تمثيل المرأة اليهودية في هذه المجالس من 7% إلى 37.6% بين عام 1994 و يوليو 2009 بينما ظل تمثيل المرأة العربية ثابت لا يتغير حيث تراوح من 1- إلى 2% وهذه الأرقام تكشف عدم صحة هذه الإجراءات التي تتخذها إسرائيل لتطبيق هذا القانون وخصوصاً فيما يتعلق بالمرأة العربية.

 

 

محدودية  فرص العمل

من المعروف أن المدن والقرى العربية لا توفر إلا فرص عمل محدودة فضلاً عن أن الدولة فشلت دوماً في إيجاد مناطق صناعية مولدة للعمالة في التجمعات السكنية العربية، مفضلة تركيز هذه المناطق الصناعية في المدن والقرى اليهودية. فعلى سبيل المثال خصصت الدولة مبلغ 215 مليون شيكل من ميزانية الدولة لعام 2008 لتطوير مناطق صناعية منها 10 مليون شيكل فقط للمدن والقرى العربية أي أقل بكثير مما التزم بتخصيصه وزراء الصناعة والتجارة في السنوات السابقة وهو مبلغ 25 مليون شيكل 2.40% فقط من المناطق الصناعية في إسرائيل موجودة في مدن وقرى عربية علماً بأن المنطقة الصناعية تسيبوري وحدها التي تغطي نحو 6 آلاف دونم أكبر من جميع المناطق الصناعية المتقدمة في المدن والقرى العربية مجتمعة. فضلاً عن أن المدن والقرى العربية تفتقر إلى الحوافز الحكومية والى رجال أعمال وأصحاب مشاريع جدد. هناك ايضاً نقص في مراكز الرعاية اليومية الحكومية للأطفال العرب في إسرائيل حيث أن هناك 30 مركز رعاية يومية في البلاد تهتم بالأطفال العرب وبذلك يكون 3.7% فقط من الأطفال دون الرابعة مسجلين في مراكز الرعاية اليومية الحكومية مقارنة بـ 16.3% من الأطفال اليهود من نفس جيل الفئة. ورغم النقص النسبي في وجود مراكز الرعاية اليومية للأطفال العرب إلا أن الدولة ماضية في ضخ الأموال للتجمعات اليهودية. أعلنت الدولة مؤخراً عن إنشاء 150 مركز رعاية يومية منها 17 فقط أي 11% في المدن والقرى العربية علماً بأن الأطفال العرب يمثلون 25% من الأطفال في إسرائيل. الأسر العربية الفقيرة مطالبة بدفع رسوم الرعاية اليومية والتعليم المبكر للأطفال الصغار رغم انخفاض مستوى دخل الأسرة العربية عن دخل الأسرة اليهودية، وتضطر الكثير من الأسر العربية إلى الامتناع عن  تلقي هذه الخدمات. إن انعدام وجود مرافق رعاية يومية مناسبة يشكل كابح لمشاركة المرأة العربية في القوى العاملة ومؤشر ذلك هو أنه وحسب احصائيات الدولة تبلغ نسبة مشاركة المرأة العربية المتزوجة في القوة العاملة المدنية 14% بينما تبلغ نسبة مشاركة المرأة العربية العزباء 46.8%. إضافة إلى ذلك يضطر كثير من المواطنين العرب في إسرائيل في أغلب الأحيان إلى قطع مسافات طويلة بغية الوصول إلى مكاتب الاستخدام ولا يوجد سوى القليل منها في المدن والقرى العربية. ومما فاقم من المشكلة هو غياب وسائل النقل العام من المدن والقرى العربية إلى المدن الرئيسة الأمر الذي يزيد من صعوبة محاولة النساء والشباب الذين لا يملكون سيارات خاصة من العمل في مكان آخر. أغلب خطوط الحافلات لا تتجه إلى القوى العربية أبداً أو أن دخولها نادر جداً. لا شك أن انعدام وجود وسائل النقل العام يقع على كاهل الدولة كونها تملك أضخم شركة للنقل العام وهي شركة ايغد. عانى الوسط العربي منذ نشأة إسرائيل من تدني مستوى خدمات النقل العام وربما هذا يشكل السبب الرئيسي للتميز في النقل والمواصلات. يصعب نتيجة لذلك وصول المواطنين العرب في إسرائيل من الوصول إلى برامج التدريب المدني التي تمولها الدولة وكما أشارت منظمة التعاون والتنمية "فلا يوجد أدنى شك من أن السكان العرب في إسرائيل يواجهون تحديات فريدة من نوعها في الاندماج بنجاح في المجتمع الإسرائيلي وتحقيق القدرة التامة".

من الواضح أن الحواجز التي تقف حائلاً دون مشاركة المواطنين العرب في إسرائيل والنساء على وجه الخصوص في القوى العاملة لها تأثير سلبي على أداء الاقتصاد الإسرائيلي ككل. يصبح المجتمع الإسرائيلي أكثر فقراً نتيجة لعدم المساواة في فرص العمل.  تمثل القدرة المفقودة للاقتصاد الإسرائيلي بسبب البطالة في القوى العاملة العربية من الناحية النقدية 31 مليار شيكل أي 8 مليار دولار سنوياً استناداً إلى بيانات عام 2007.

الأرصدة الاقتصادية

تعتبر الأرض أثمن رصيد اقتصادي في إسرائيل وإحدى أهم المؤشرات وموارد عدم المساواة. حصول المواطنين الفلسطينيين والاسرائيليين على الموارد الأرضية غير متكافئ وكذلك في مجال حقوق الأرض والقدرة على استخدام موارد الأرض لتطوير التجمعات السكنية لديهم. سنت دولة إسرائيل منذ عام 1948 سلسلة من القوانين تتيح لها مصادرة وتحويل ملكية الأراضي الفلسطينية إلى الدولة والمؤسسات الصهيونية كالمنظمة الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي (الكيرين كييمت). تشكل الأرض التي يسيطر عليها الصندوق القومي اليهودي 13% من أراضي الدولة وهي محجوزة للاستخدام الحصري اليهودي. اليوم وبينما يشكل المواطنين العرب 20% من إجمالي عدد السكان في إسرائيل فإنهم من ناحية أخرى لا يملكون أكثر من 3-3.5% من الأراضي في إسرائيل مقارنة بـ 48% عام 1948. 93% من الأراضي في إسرائيل هي ملك الدولة والصندوق القومي اليهودي وهو كيان شبه دولة وهذه الأراضي يشار إليها رسمياً باسم "أراضي إسرائيل" والباقي يملكه أفراد يهود وعرب. قانون إصلاح الأراضي الجديد الذي أقر في آب أغسطس عام 2009 يجيز خصخصة الأراضي التي تملكها الدولة بما في ذلك أراضي في قرى فلسطينية مدمرة ومهجرة تعود ملكيتها لأشخاص نازحين في الداخل وكذلك للاجئين فلسطينيين يعيشون في الخارج. أكبر عملية تحويل ملكية أراضي لملكية الدولة ولملكية الكيانات الصهيونية نفذت عبر سن قانونين من قبل الكنيست. فقد صادرت إسرائيل ما بين 1.2-1.3 مليون دونم (الدونم1000 مترمربع) من السكان العرب بموجب قانون حيازة الأراضي لعام 1953 لحاجات تطويرية ومستوطنات حيوية مزعومة. صودرت هذه الأراضي من نحو 349 مدينة وقرية عربية بالإضافة إلى المناطق المبنية لنحو 68 قرية. جميع الممتلكات المملوكة لفلسطينيين والذين أصبحوا لاجئين فيما بعد حولت لملكية دولة إسرائيل استناداً إلى قانون أملاك الغائبين لعام 1950. تقديرات دولة إسرائيل ومنظمات الأمم المتحدة وأفراد فلسطين تشير إلى أن مساحة الأراضي المصادرة وفق قانون أملاك الغائبين تتراوح ما بين 2-16 مليون دونم.

ومع ذلك تستمر شرعنة مصادرة أراضي الفلسطينيين لغاية اليوم حتى بعد تعديل جديد أجري على قانون الأرض في فبراير شباط 2010 (حيازة الأراضي لأغراض عامة) لعام 1943 أعيد بموجبه التأكيد على ملكية الدولة لأراضي تم مصادرتها من فلسطينيين إلى الأبد. يعود القانون إلى فترة الانتداب البريطاني ونقل إلى القوانين الإسرائيلية بعد نشأة الدولة عام 1948 واستخدم لجواز مصادرة مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين "لأغراض عامة" علماً بأن أغلب الأراضي المصادرة استخدمت لإنشاء قرى ومدن يهودية. يمنع القانون المعدل الفلسطينيين من رفع دعاوي قضائية ضد مصادرة أراضيهم وحتى وإن لم يتم استخدامها للأغراض العامة التي صودرت من أجلها إذا كانت ملكية الأرض حولت لطرف ثالث أو إذا مر 25 سنة على مصادرتها. يحظر اليوم على المواطنين الفلسطينيين عملياً شراء أو استئجار أراضي على مساحة نحو 80% من أراضي إسرائيل على خلفية وطنية ونتيجة لذلك فإن الأغلبية الساحقة من أراضي الدولة هي عبارة عن مناطق يهودية فقط منفصلة عن بعضها البعض. هناك آليتان اثنتان لاستبعاد المواطنين الفلسطينيين من ملكية واستخدام الأراضي وهما "لجان القبول" والسياسات التمييزية من قبل الصندوق القومي اليهودي وسلطات الدولة.

لجان القبول

لجان القبول هي الهيئات التي تحدد المتقدمين للحصول على وحدات سكنية وقطع أراضي في البلدات والتجمعات الزراعية في إسرائيل وهي تستخدم في معظمها في تصفية المتقدمين العرب للسكن مستقبلاً في هذه الأماكن وكذلك لاستبعاد جماعات هامشية أخرى في إسرائيل مثل اليهود الشرقيين (المزراحيم) والشذوذيين. تعمل هذه اللجان في 695 بلدة تجمعية وزراعية والتي تمثل مجتمعة 68.5% من مجمل البلدات في إسرائيل ونحو 85% من كل القرى. تتألف كل لجنة من موظف كبير من الوكالة الاستيطانية (الوكالة اليهودية أو المنظمة الصهيونية العالمية) ومن بين المعايير التي يتم استخدامها هنا في تقييم الطلبات هي إن كان المرشح مناسب للحياة الاجتماعية في مستوطنة زراعية أو بلدة صغيرة وهو معيار يفتقر إلى الشفافية وهو مفتوح أمام تأويلات واسعة واعتبارات اعتباطية وعشوائية. إن رفض المرشح بناء على مواصفات مثل الانتماء القومي أو الخلفية الدينية إنما يشكل انتهاكاً لحقه في المساواة. وعلاوة على ذلك تساهم عملية القبول في إضفاء الطابع المؤسساتي على القرى والمدن المفصولة فصلاً عنصرياً في الدولة وتزيد من حجم عدم المساواة في الحصول على الأرض. شكلت سلطة أراضي الدولة لجان القبول لتجاوز قرار محكمة العدل العليا المسمى "بكعدان" والذي أقرت فيه المحكمة بأن سياسة الوكالة اليهودية في استبعاد العرب من أراضي الدولة يشكل تمييزاً على خلفية وطنية.

دراسة حالة

السيدة فاتنة والسيد أحمد زبيدات زوجان شابان عربيان تخرجا من كلية الهندسة المعمارية في أكاديمية  بيزليل للفنون والتصميم في القدس بامتياز، وكلاهما يسعى للحصول على وظيفة كمهندسين. بعد زواجهما في عام 2006 تقدم الزوجين بطلب للعيش في القرية التعاونية ركييفت الواقعة في مزغاف شمال إسرائيل. يبحث الزوجان عن قرية صغيرة بخدمات كثيرة لتربية أطفالهما مستقبلاً. هناك في مزغان تعمل لجنة قبول حيث طلبت منهما اجتياز امتحان قبول. تضمنت اللجنة ممثلاً عن الوكالة اليهودية وبعد المقابلة رفض الطلب على خلفية مهنية وهي "أنهما غير مناسبين اجتماعياً". توجه زبيدات إلى عدالة التي رفعت التماساً نيابة عنهما إلى المحكمة العليا في سبتمبر 2007 تطالب فيه بإلغاء قرار لجنة القبول المذكور. تحاجج عدالة بأن أفعال هذه اللجان إنما تتناقض مع حق المواطن في اختيار مكان سكناه وتضيف أن معيار "المناسبة الاجتماعية" هو تعسفي وعرضة لتأويلات كثيرة. في أكتوبر 2007 أصدرت المحكمة أمراً احترازياً توعز فيه إلى ركييفت بتخصيص قطة من الأرض لزبيدات إلى أن يتم البت في الالتماس.

 

ورداً على التحديات القانونية لعملية لجان القبول أعلنت سلطة أراضي إسرائيل في مارس آذار 2010 عن تغييرات في الترتيبات التي تحكم العملية. ومع ذلك لا تختلف هذه الترتيبات الجديدة كثيراً عن سابقتها حيث أن كلاهما يستند إلى نفس آلية التمييز في لجان القبول وكلاهما ينص على نفس المعيار لقبول المرشحين بما في ذلك المعيار التعسفي المسمى "بالمناسبة أو الملائمة". قامت عدالة بتقديم التماس معدل للمحكمة العليا تطالب فيه بإلغاء لجان القبول النظرية وذلك في مايو أيار 2010 وتوازياً مع ذلك تم طرح مشروع قانون جديد يقترح أن تتم عملية القبول في القانون وفق اللوائح الداخلية لكل بلدة تجمعية علا حدة. ومع أن مشروع هذا القانون قد يتم إقراره في نوفمبر 2010، إلا أنه شطب من جدول الأعمال تحت وطأة الضغوط الشديدة التي مورست من قبل أطراف معينة في إسرائيل والخارج. هناك من التجمعات السكنية من أقرت لوائح جديدة داخلية تؤكد على الطابع الصهيوني للقرية أو المدينة وحددت على سبيل المثال قيم صهيونية والولاء "للرؤية الصهيونية".

سياسة التمييز في الأراضي: الدولة والصندوق القومي اليهودي

تم منذ عام 1948 مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي المملوكة للعرب أو أنها كانت في القانون لعرب وانتزعت ملكيتها لصالح الدولة والصندوق القومي اليهودي للاستخدام الحصري للشعب اليهودي، حيث تعرف هذه الأراضي "بأراضي إسرائيل" بما في ذلك أراضي الصندوق القومي اليهودي، وقد حلت هذه الهيئة محل دائرة أراضي إسرائيل في نوفمبر 2009 وهي تؤدي نفس الوظائف. من الـ 2.5 مليون دونم التي يملكها حالياً الصندوق القومي اليهودي (نحو 13% من مجمل أراضي إسرائيل) تم تحويل نحو 2 مليون دونم من قبل الدولة للصندوق القومي اليهودي عام 1949 و1953، الأمر الذي يمنح الصندوق القومي اليهودي مكانة خاصة في القانون. إضافة إلى ذلك تمتع الصندوق ولعقود من الزمن بدور رئيس في صياغة نمط سياسة الأراضي في إسرائيل فيما يتعلق بأراضي الدولة (93% من الأراضي في الدولة) كون 50% من المقاعد في سلطة أراضي إسرائيل مخصصة لممثلي الصندوق القومي اليهودي وفق قانون أراضي إسرائيل لعام 1960. نفس الشيء ستضم العضوية النهائية لمجلس سلطة الأراضي المشكل حديثاً ستة ممثلين من الصندوق من أصل 13 عضواً.

أغلبية الأراضي التي يسيطر عليها الصندوق القومي اليهودي تعود في السابق للاجئين فلسطين ونازحين (25%) تقريباً من المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل نازحين). وبناء على سياسة دائرة أراضي إسرائيل يتم تسويق وتخصيص الأراضي التي يسيطر عليها الصندوق القومي اليهودي من خلال عطاءات مفتوحة لليهود فقط وتستثني الفلسطينيين تماماً. يحظر وفق مبادئ الصندوق القومي اليهودي تخصيص حقوق الأرض التابعة له لأي فرد غير يهودي. ورداً على التماس مقدم إلى محكمة العدل العليا من قبل عدالة للطعن في سياسة أراضي إسرائيل قال الصندوق القومي اليهودي "إنه غير مجبر على العمل بمساواة نحو جميع مواطني الدولة". ومع ذلك تحاجج عدالة بأن سلطة أراضي إسرائيل كونها وكالة عامة أنشئت حسب القانون غير مخولة بممارسة أهداف تخالف مبدأ المساواة والتوزيع العادل ولا يمكن أن تكون مقاول من الباطن للتمييز على خلفية قومية. في عام 2007 قرر المدعي العام أن على سلطة أراضي الدولة أن لا تميز ضد المواطنين العرب في تسويق وتخصيص أراضي تابعة للصندوق القومي اليهودي. ومع ذلك قرر المدعي العام أنه عندما يفوز مواطن غير يهودي بعطاء الحصول على قطعة أرض تابعة للصندوق القومي اليهودي تقوم سلطة أراضي الدولة بتعويض الصندوق بنفس المبلغ الذي تساويه قطعة الأرض وهذا إجراء فشل في إنهاء التمييز ضد المواطنين العرب وهذه القضية لا زالت مطروحة أمام المحكمة العليا للبت فيها.

الكثافة والازدحام السكاني في القرى والمدن العربية

تعاني القرى والمدن العربية في إسرائيل من شدة الاكتظاظ السكاني ولا تمارس البلديات العربية نفوذها إلا على 2.5% فقط من مجمل مساحة إسرائيل. فعلى سبيل المثال تمارس الناصرة كبرى المدن العربية في إسرائيل والتي يبلغ تعداد سكانها نحو 70 ألف نسمة نفوذها على 16 ألف دونم فقط. وإذا أجريت مقارنة مع المدينة اليهودية المجاورة نتصرات علييت تبرز هناك ملامح عدم المساواة بشكل فاضح جداً: فنصرات علييت التي يبلغ عدد سكانها نحو 50 ألف نسمة تمارس نفوذاً على 40 ألف دونم من الأراضي. وقد أنشأت دولة إسرائيل منذ عام 1948 نحو 600 بلدية يهودية بينما لم تنشأ بلدية عربية واحدة.

أما على مستوى الأسر الفردية يعيش المواطنون العرب في ظروف معيشية سيئة. ففي عام 2008 بلغت نسبة الكثافة السكانية بين المواطنين العرب 1.43 شخص لكل غرفة مقارنة بـ 0.84 في الوسط اليهودي. وفي حين أن أكثر من نصف المواطنين اليهود (58.7%) يعيشون في ظروف غير مزدحمة في مساكن تضم أقل من شخص للغرفة نجد أن أقل من خمس (18.1%) من العرب يعيشون في ظروف مشابهة. علاوة على ذلك ظلت نسبة العرب الذين يعيشون في مساكن بأقل من شخص لكل غرفة لا تتغير وثابتة ما بين الأعوام 2001-2008 أي 18.3% و18.1% على التوالي بينما زادت نسبة اليهود في نفس الفترة والذين يعيشون في مثل هذه المساكن زيادة ملحوظة أي من 53.8% إلى 58.7%. يعيش نحو 26.6% من المواطنين العرب في ظروف مكتظة في مساكن لشخصين أو أكثر لكل غرفة مقارنة بـ 3.6% لليهود ويعيش 4.9% من المواطنين العرب في مساكن يعيش فيها ثلاثة أشخاص أو أربعة مقارنة بـ 0.4% فقط عند المواطنين اليهود. يستثنى البدو العرب من هذه الأرقام وهم يعيشون في قرى غير معترف بها في النقب حيث نسبة الاكتظاظ السكاني مرتفعة جداً.

النقب

يبلغ تعداد سكان البدو في النقب  170 ألف نسمة تقريباً أو 14% من مجمل عدد السكان في النقب ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 320 ألف بحلول العام 2020. تبلغ مساحة المنطقة الجنوبية 14 مليون و245 ألف دونم والمساحة الكلية للمدن والقرى البدوية التي ضمن التخطيط الحكومي لا تتعدى76.800 دونموهناك عشر مدن وقرى معترف بها حديثاً تمارس نفوذها على58.600 دونموهي تمثل مجتمعة 0.9% من مساحة المنطقة الجنوبية. الأغلبية الساحقة من البدو العرب في إسرائيل الذين يعيشون في النقب طردوا من أرض الآباء والأجداد مراراً وتكراراً. يعيش ما بين 75-90 ألف مواطن بدوي في نحو 40 قرية بدوية غير معترف بها في النقب ويشار إليها من قبل الدولة على أنها "عناقيد غير شرعية" وليس لها أي صفة رسمية وبالتالي فهي مستثناه من التخطيط الحكومي والخرائط الحكومية وليس لديها مجالس محلية ولا تتلقى أي خدمات أساسية كالكهرباء أو خطوط الهاتف أو المرافق التعليمية والصحية. تعتبر الحكومة الاسرائيلية هذه القرى "متعدية على أراضي الدولة". ومع أن الكثير يعيش على أراضي الآباء والأجداد حتى قبل إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 ومع أن الدولة تحاول بشكل دؤوب تأكيد ملكيتها على هذه الأراضي إلا أن هناك محاولات جادة للطعن في ذلك. اضطر آخرون ممن طردوا من أراضي الآباء والأجداد إلى الانتقال إلى أماكنهم الحالية التي فرضها عليهم الحكم العسكري في الفترة الواقعة ما بين عام 1948 و1966 وبذلك يواجهون التهديد بالطرد مرة ثانية وثالثة ورابعة.

لا يوجد هناك أي سجل رسمي بملكية الأرض في النقب. وفي أوائل السبعينات شرعت السلطات الاسرائيلية في السماح للمواطنين الاسرائيليين في النقب بتقديم طلبات تسجيل استناداً إلى قانون تسجيل الأراضي لعام 1969. ورداً على ذلك قام المواطنون البدو بتقديم طلبات مماثلة لمئات الألوف من الدونمات. ادعت الدولة بناء على هذه العملية ملكية الأراضي التي لم يتم تسجيلها في سجل الأراضي (الطابو) وفوراً منح أولئك الذين يحتفظون بهذه الأراضي أو يسكنون عليها فرصة المطالبة واثبات الملكية. ومع ذلك لم يعرف الكثير عن هذه العملية الجديدة أو عن الحق في ملكية الأرض. لم تفحص السلطات الطلبات المقدمة، وحسب العرف والتقاليد البدوية تحكم ملكية الأرض بالقواعد الاجتماعية والتقليدية والتي تطورت وتبدلت على مدار مئات السنين والتي لا تعترف الدولة بها إطلاقاً. ورغم انعدام وجود قرار قانوني لملكية الأراضي، تستخدم الدولة هذه الأراضي بالتعاون أحياناً مع الصندوق القومي اليهودي لزراعة الغابات على سبيل المثال. في عام 2008 مثلت عدالة السيد نوري العقبي بعد أن حاولت الشرطة الاسرائيلية طرده من أرضه في منطقة النقب بعد أن حاول الصندوق القومي اليهودي مراراً زراعة غابات على هذه الأرض وبذلك تكون الأرض من الناحية العملية صودرت. وفي 8 سبتمبر 2008 رفضت المحكمة المركزية في بئر السبع طلباً تقدمت به الشرطة الاسرائيلية لطرد السيد العقبي من أرضه. قامت السلطات الاسرائيلية بتدمير قرية العراقيب عن بكرة أبيها في يوليو تموز عام 2010. حاول المواطنون بناء مساكنهم في القرية من جديد إلا أن الدولة كانت تهدمها بعد كل محاولة لبناؤها. تبذل إسرائيل حالياً قصارى جهودها لإخلاء القرى غير المعترف بها بالقوة وتجميع العرب في النقب في بلدات فقيرة مزدحمة. واحدة من أكثر الوسائل تطرفاً التي تستخدمها إسرائيل لتفريغ السكان من القرى غير المعترف بها تتمثل في هدم المنازل البدوية بحجة انتهاك قوانين البناء. ورغم  صعوبة الحصول على أرقام دقيقة أو وثائق حكومية رسمية إلا أن الأعوام 2000 إلى 2007 شهدت تدمير ما لا يقل عن 3.084 منزلاً في إسرائيل أغلبها في القرى غير المعترف بها في النقب. ومن القرى التي تم هدمها كلياً أو جزئياً في السنوات الأخيرة قرى أم الحيران والصورة ولطوية والعراقيب.

 

 

دراسة حالة

تدمير قرية العراقيب غير المعترف بها في النقب

في 27 يوليو تموز من عام 2010 استيقظ سكان قرية العراقيب البدوية فجراً ليجدوا أنفسهم محاصرين من قبل ضباط شرطة بعضهم على ظهور الحصن.  كانت الشرطة مسلحة بالبنادق الرشاشة وقنابل الغاز المسيلة للدموع والهروات وغيرها من الأسلحة. أعلنت القرية منطقة عسكرية مغلقة وأمرت 250 من سكانها بما فيهم النسوة والأطفال وكبار السن على ترك منازلهم في غضون دقيقتين محذرة إياهم من أي محاولة لعصيان الأوامر وإلا سيتم إخلاءهم بالقوة. شرع 1300 رجل شرطة فوراً في هدم المنازل في حين انهمك السكان في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من ممتلكاتهم. جميع البيوت الخمسة والأربعين سويت بالأرض وترك السكان تحت السماء والطارق وصودرت جميع ممتلكاتهم، كما قامت الشرطة بخلع نحو 4500 شجرة زيتون. رافق الشرطة ممثلين عن مصلحة الضريبة والتي وضعت يدها على أملاك السكان الغير قادرين على تسديد الديون علماً بأن هذه المصادرة تمت دون سابق إنذار أو مطالبة سابقة بتسديد الديون، وعليه فإن هذه العملية غير قانونية. دمرت القرية للمرة الثانية بعد أسبوع بعد أن استخدمت الشرطة وسائل العنف والقوة المفرطة بما في ذلك الدفع والدوس والجر والاعتداء وشتم كل من كان يتواجد في هذه اللحظة.

طالبت عدالة على الفور بإجراء تحقيق جنائي مع أفراد الشرطة المتورطين في عملية الهدم والتحقيق في وجود مسؤولي مصلحة الضرائب وأيضاً في عملية تحصيل الديون بطريقة غير مشروعة.

 

إخلاء وهدم القرى غير المعترف بها يتعارض مع توصيات لجنة غولدبرغ والمعروفة باسم "اللجنة الاستشارية الخاصة بالقرى البدوية" والتي رفعت توصياتها إلى الحكومة في ديسمبر 2008. أوصت لجنة غولدبرغ من بين ما أوصت عليه الاعتراف الرسمي بالقرى غير المعترف بها وضمها إلى مجموعة القرى والمدن الأخرى. ورغم هذا الاستنتاج رفضت الدولة خيار منح الاعتراف للقرى غير المعترف بها وها هي الآن تصعد جهودها لتجريد البدو من ممتلكاتهم وتشريدهم من أرضهم. أسفر التدخل المباشر وغير القانوني لمكتب رئيس الوزراء عن إلغاء قرار منح الاعتراف لكل أو لجزء من قرى عطير وأم الحيران وتل عراد.

دراسة حالة

محاولة إخلاء قرية عطير – أم الحيران غير المعترف بهما

في 30 يوليو 2009 أمرت محكمة بئر السبع المركزية بإخلاء عدد من المواطنين من منازلهم في قرية عطير-أم الحيران غير المعترف بها في النقب. هذا الأمر هو أحدث سلسلة من سلاسل إجراءات الإخلاء التي تهدف إلى اقتلاع القرية تمهيداً لإنشاء مدينة جديدة باسم "حيران" وقد خطط لإسكان اليهود فقط.

الأرض المخصصة لحيران تضم أراضي مقامة عليها قرية عطير أم الحيران. هناك تقرير صادر عن سلطة أراضي إسرائيل يشير إلى السكان البدو على أنهم "مشكلة خاصة" قد تؤثر على إنشاء حيران. يذكر أن عطير أم الحيران أنشئت بأمر صادر من الحاكم العسكري الإسرائيلي عام 1948 بعد أن أخلى الجيش بالقوة سكانها من منازلهم وأرضهم في وادي الزبالة. منعت القبيلة من العودة للعيش والعمل على هذه الأرض وهذا التهجير لم يكن الأول الذي يتعرض فيه السكان إلى الإخلاء حيث نزحوا عام 1948 إلى خربة المناضيل ومن ثم إلى كوخة وأبو كف. في عام 1956 هجر أصحاب القرية للمرة الثالثة إلى وادي عطير حيث لا زالوا يعيشون هناك بعد أن تلقوا تطمينات من الحاكم العسكري بأنهم سيظلوا يعيشون على هذه الأرض بشكل دائم. أنشأ السكان القرية وبنوا منازل من الطوب والاسمنت وعملوا على تشكيل الحياة الأسرية والاجتماعية التي شوشها التهجير. اليوم تشكل 150 عائلة نحو 1000 نسمة يعيشون في القرية، كلهم من عشيرة آل القيعان. دافعت عدالة عن سكان أم الحيران ضد محاولات طردهم وتجريدهم من ممتلكاتهم منذ عام 2004. وفي 21 أكتوبر 2009 قدمت عدالة التماساً إلى محكمة بئر السبع اللوائية ضد محكمة بئر السبع المركزية حيث طالبت عدالة في هذا الاستئناف بإلغاء أوامر الإخلاء ووقف عملية إخلاء القرية برمتها.

هناك أداة أخرى بدأت دولة إسرائيل بتوظيفها بفرض "تهويد" الأرض في النقب "وحماية أراضي الدولة" وتتمثل في ما يسمى بالمستوطنات الفردية" هذه المستوطنات عادة ما يسكنها أسر يهودية شابة تمنح مئات وأحياناً ألوف الدونمات للاستخدام الحصري فقط. هناك نحو 60 مستوطنة فردية في النقب تمتد على أكثر من 81  ألف دونم من الأرض. تسعى "خطة طريق النبيذ" الحكومية إلى إنشاء مستوطنات فردية عن طريق تشريع وجود هذه المستوطنات بأثر رجعي والسماح بإنشاء مستوطنات أخرى شبيهة . لذلك يتم توزيع أجزاء واسعة من الأرض في النقب بشكل مريح وفقط للمواطنين اليهود وهذه السياسة تمنع الحصول المتساوي على الأرض لجميع السكان في النقب. في 30 مارس 2006 قدمت عدالة التماساً إلى المحكمة العليا تطالب فيه بإلغاء "خطة طريق النبيذ"، غير أن المحكمة أقرت في 15 حزيران 2010 بتأييد قرار السلطات بإنشاء مستوطنات فردية حيث وجدت أن قرار المصادقة على الخطة ينسجم مع السياسة التخطيطية وأن ليس للمحكمة صلاحية التدخل. لم تعالج المحكمة محاججة الملتمسين فيما يتعلق بالتأثير المتباين لهذه الخطة وبالتحديد التوزيع غير العادل للأرض والتمييز ضد البدو العرب في القرى البدوية غير المعترف بها والمتضمنة في الخطة. وفي الوقت نفسه صادقت الكنيست في 12 يوليو تموز 2010 على قانون جديد يشرع وجود المستوطنات الفردية بأثر رجعي بما في ذلك الواقعة خارج نطاق "خطة طريق النبيذ".

 الحصول على التعليم/ الانجاز

تشكل مدارس الأطفال العربية في إسرائيل نحو 25% من طلاب المدارس في البلاد والبالغ عددهم نحو 480 ألف طالب. يتعلم الأطفال العرب واليهود من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية في مدارس منفصلة. يعيق التمييز المنظم والممنهج في النظام التعليمي في إسرائيل قدرة الطلاب العرب على تطوير مهاراتهم ووعيهم في المشاركة على نحو متساوي كأفراد وكجماعات في مجتمع حر. النظام التعليمي في الدولة يتجاهل حقوق وحاجات وأولويات الطلاب العرب وبالتالي فهو ينكر عليهم حقهم في الحصول على فرصة تطوير هوية ثقافية ووطنية. هناك ثلاثة مصادر لعدم المساواة و تتمثل في الحرمان من حق تحديد الأهداف والغايات التعليمية والتخصيص القائم على التمييز في موارد الدولة للمدارس العربية والتمثيل غير الصحيح للمواطنين العرب في مناصب صنع القرار في وزارة المعارف.

الحرمان من حق تحديد الأهداف والغايات

تحتفظ وزارة المعارف بالسيطرة والتحكم في شكل وجوهر المناهج في المدارس العربية، كما أن قانون التعليم في الدولة لعام 1953 والمعدل في فبراير شباط 2000 يحدد الأهداف لمدارس الدولة والذي يؤكد على الطابع الثقافي والتاريخي للدولة. تنص المادة الثانية من القانون على أن الهدف الرئيس من التعليم هو الحفاظ على الطابع اليهودي للدولة عن طريق تدريس التاريخ والثقافة واللغة.... إلخ. المادة الثانية البند الحادي عشر ينص على أن أحد أهداف التعليم يتمثل في الاعتراف بحاجات وثقافة ولغة السكان العرب في إسرائيل. ومع ذلك لم يتم تطبيق هذا البند ذو الصياغة الركيكة وهذا الهدف لم يتحقق أيضاً. الواقع هو أن الطلاب في المدارس الحكومية العربية لا يتلقون إلا تعليماً بسيطاً جداً في التاريخ والجغرافيا والأدب والثقافة العربية ويقضون وقتاً لتعلم التوراه أطول من الوقت المخصص لتعلم القرآن والإنجيل. وفي الوقت الذي أنشئت فيه المدارس الدينية في الدولة للطلاب اليهود المتدينين وتحتفظ بسيطرة ذاتية على المناهج، نجد أن المدارس العربية مسيطر عليها بالكامل من قبل الدولة وبينما يوجد للمدارس العربية منهج منفصل لتعلم العربية إلا أن هذا المنهج من تصميم وإشراف وزارة المعارف والتي ليس لرجال التعليم والإداريين العرب فيها أي سلطة في دائرة صنع القرار والأغلبية تعمل في مدن وقرى عربية أو مدن مختلطة توفر الخدمات بشكل مباشر للتجمعات السكنية العربية. قلما يوجد مهنيون عرب في مناصب صنع القرار أو في الطبقة العليا في الوزارة.

أصدرت وزارة المعارف في عام 2009 تقريراً تحت عنوان "الحكومة الاسرائيلية تؤمن بالتعليم" حيث أمرت فيه بشطب كلمة "النكبة" من الكتب الدراسية العربية. يستخدم مصطلح النكبة عادة للإشارة إلى تهجير الفلسطينيين بالجملة وتدمير ومصادرة معظم الأراضي والممتلكات العربية بعد إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 وهو حدث مشئوم في التاريخ الفلسطيني.

بالتوازي مع ذلك اقترح مشروع قانون أشير إليه "بقانون النكبة" وهو تعديل لقانون موازنة الدولة لعام 1985 يحظر فيه على أي جهة تتلقى تمويل "أن تنفق أموالاً على أنشطة تعتبر يوم الاستقلال أو يوم إنشاء دولة إسرائيل كيوم حداد". في العادة يحيي الفلسطينيون يوم استقلال إسرائيل كيوم حداد. وحسب المسودة الراهنة للقانون فإن أي جهة تتلقى أموالاً من الدولة وتحيي يوم الاستقلال على أنه يوم حداد لابد أن تدفع غرامة تفوق عشر مرات المبلغ المخصص لإحياء النكبة. الحظر لا يؤثر فقط على المؤسسات العامة كالمدارس بل أيضاً على منظمات المجتمع المدني والمنظمات الاجتماعية والسياسية الأخرى التي لا تتلقى إلا جزء يسير من التمويل الحكومي.

التخصيص التمييزي من موارد الدولة للمدارس والطلاب العرب

تقنن وزارة المعارف بشدة ضخ الأموال للمدارس العربية وإسرائيل لا تصرح ببيانات رسمية تفصل حجم الأموال التي يتم إنفاقها على الطلاب اليهود والعرب ككل وليس هناك أي خطوط منفصلة لميزانية الدولة للتعليم العربي حيث أن هناك فجوة كبرى في الشفافية. ومع ذلك تفيد الاحصائيات التي نشرتها الدولة عام 2004 إلى أن حجم الاستثمار العام في السنة الدراسية 2000-2001 بلغ 534 شيكل لكل طالب عربي مقارنة بـ 1.779 شيكل لكل طالب يهودي أي زيادة قدرها ثلاثة أضعاف وقد تجلت محدودية التمويل في كثير من المجالات بما فيها البنية التحتية السيئة والمرافق وهي من سمات المدارس العربية كما أن الفصول الدراسية أكثر ازدحاماً حيث أن متوسط حجم الفصل في المدارس اليهودية هو 26 تلميذاً بالمقارنة مع 30 تلميذاً في المدارس العربية. أما من حيث الاستثمار طويل الأجل في التعليم هناك فقط أربعة معاهد لتدريب المعلمين تعمل في النظام التعليمي العربي مقارنة بـ 55 معهداً في النظام التعليمي اليهودي. التقرير الذي أصدره وزير المعارف غدعون ساعار في أغسطس آب 2009 يقترح أن يتم تخصيص علاوات في الميزانية للمدارس التي توجد فيها نسبة عالية من التجنيد في الجيش وعليه فإن هذا الاقتراح يشكل تمييزاً ضد المواطنين العرب المعفيين من أداء الخدمة العسكرية. يقترح التقرير أيضاً تخصيص ساعات إجبارية لتعليم التاريخ والتراث اليهودي كل أسبوع. وفي حين أن المدارس العربية معفاة من تدريس هذه المواد فإنه لا يوجد هناك من ناحية أخرى دروس بديلة لتعليم التاريخ والتراث الفلسطيني وبالتالي لا يستفيد الطلبة العرب من زيادة عدد الساعات. هذه الخطة توسع بالتأكيد من حجم الفجوة في الاستثمار في النظامين التعليميين العربي واليهودي وتؤدي إلى ترسيخ عدم المساواة الموجودة في التحصيل التعليمي.

مرحلة التعليم المبكر

تبدأ المساوئ التعليمية للأطفال العرب في إسرائيل من المراحل المبكرة للعملية التعليمية. فمع أن قانون التعليم الإلزامي لعام 1949 والمعدل عام 1984 يخفض جيل التعليم الإلزامي من خمس سنوات إلى ثلاث سنوات، فلا يكاد يوجد إلا القليل من مراحل ما قبل المدرسة التي تمولها الدولة في المدن والقرى العربية. ونتيجة لذلك التحق في عام 2007 و2008 نحو 67.4% من الأطفال العرب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 2-5 سنوات برياض الأطفال مقارنة بـ 84.9 للأطفال اليهود من نفس الجيل والفجوة تتسع مع تزايد الفئة العمرية. أضف إلى ذلك كله هو أن النادر من الأسر العربية تستطيع إرسال أطفالها إلى مؤسسات خاصة حيث أن نسبة من يلتحقون برياض الأطفال الخاصة في جيل 2-5 سنوات لا تتجاوز 2.4% مقارنة بـ 13.2% من الأطفال اليهود من نفس الفئة العمرية.

التعليم الأساسي والثانوي

بسبب نقص تمويل المدارس العربية بشكل كبير يتفوق الأطفال اليهود على الأطفال العرب في المراحل الأولى من التعليم. في الصف الخامس يحصل الأطفال اليهود على معدل 79% في امتحان اللغة العبرية بينما يحصل الأطفال العرب على 61% في امتحان اللغة العربية وهي اللغة الأم. حضور الأطفال العرب في المدارس يقل في معدل السنوات عن حضور الأطفال اليهود ولم يتم جسر الفجوة في السنوات الأخيرة بين المجموعتين. من 2003 إلى 2006 تلقي الأطفال العرب البالغين من العمر 15 عاماً أو أكثر معدل 11.1 سنة من التعليم بينما تلقى الأطفال اليهود 12.7% سنة من التعليم أي بزيادة سنة أو نصف سنة إضافية. وبناء على ذلك فإن نسبة التسرب بين المواطنين العرب أعلى حيث كان معدل التسرب بالنسبة للأطفال العرب من الصف التاسع إلى الصف الثاني عشر ما بين عامي 2006-2008  7.2% أي ضعف النسبة بين المواطنين اليهود وهي 3.7%. هناك نموذج مشابه ينطبق على الصفوف من التاسع إلى الحادي عشر فالنسبة عند العرب 8.7% مقارنة بـ 4.4% بين التلاميذ اليهود. معدلات التسرب في الوسط البدوي مزعجة حيث تصل إلى 70%.

 

 

دراسة حالة

أول مدرسة ثانوية في القرى البدوية غير المعترف بها في النقب

لا يوجد مدرسة ثانوية واحدة في القرى البدوية غير المعترف بها في النقب. منطقة أبو تلول الشهابي تأوى قرابة 12 ألف بدوي وتضم نحو 7 قرى غير معترف بها. هناك 750 طالب وطالبة في المرحلة الثانوية وعلى ذلك لا يلتحق بهذه المرحلة سوى 170 طالب وطالبة والباقي أي 77% يتسربون من المدارس بشكل دائم نتيجة عدم وجود مدرسة ثانوية. أقرب مدرسة ثانوية تقع على بعد 15 كيلو متراً ولا توجد وسائل نقل عام للطلبة كما أن الكثير من أولياء الأمور لا يسمحون لبناتهم بالخروج من القرية دون مرافقة. في عام 2005 قدمت عدالة التماساً إلى المحكمة العليا لصالح 35 فتاة بدوية وست منظمات أهلية تطالب فيه بإنشاء مدرسة ثانوية في منطقة أبو تلول الشهابي. وفي يناير 2007 صادقت المحكمة العليا على تسوية بين وزارة المعارف وعدالة تقوم بناء عليها وزارة المعارف بإنشاء مدرسة ثانوية في منطقة أبو تلول الشهابي وهي أول مدرسة ثانوية في القرى البدوية غير المعترف بها في النقب ويتم تشغيلها بحلول الأول من سبتمبر 2007. وعلى الرغم من هذا الاتفاق لم يتم فتح المدرسة حسب التاريخ المذكور. وفي 22 سبتمبر 2009 قدمت عدالة التماساً آخراً للمحكمة العليا تطالب فيه الدولة بفتح المدرسة واعتبار عدم تنفيذ القرار تحقيراً للمحكمة.

 

التعليم العالي

تمثيل الطلاب العرب في معاهد التعليم العالي الاسرائيلية هو تمثيل ناقص. في عام 2006-2007 بلغت نسبة الطلاب اليهود في الجامعات ممن تتراوح أعمارهم ما بين 20-29 سنة 9.1% مقارنة بـ 3.8% عند المواطنين العرب. هناك عقبة كبرى تواجه الطلاب العرب عند التقدم للالتحاق بالجامعات وتتمثل في الأداء السيئ في امتحانات التوجيهي (البغروت). في عام 2007 حصل 54.1% من النساء العربيات و 39.5% من الرجال العرب على الشهادة الثانوية مقارنة بـ 70.5% للمرأة اليهودية و 61.1% للرجل اليهودي. علاوة على ذلك تتسع الفجوة بين الطلاب اليهود والطلاب العرب أكثر فأكثر عندما يتعلق الأمر بالإيفاء بمتطلبات دخول الجامعة كما يوضح

جدول رقم 5

طلاب الصف الثاني عشر الحاصلين على شهادة الثانوية والذين أوفوا بشروط القبول في الجامعات عام 2006.

 

يهودي

عربي

مؤهل للحصول على شهادة الثانوية

54.9%

46.3%

أوفى بشروط القبول

48.3%

34.4%

 

حقيقة الأمر هو أن الطلاب العرب يمثلون 11.2 من حملة شهادة البكالوريس وهي الدرجة الجامعية الأولى وهذه النسبة لها علاقة عكسية بالمستوى التعليمي بمعنى على مستوى الدرجة الجامعية الثانية يمثل العرب 6.1% من مجمل الطلبة وعلى مستوى الدرجة الجامعية الثالثة تنخفض نسبة الطلاب العرب إلى معدل 3.5% من مجمل الطلاب. جدول رقم 6 يبين انخفاض النسب للطلبة العرب في الدرجة الأولى والثانية والثالثة في أربعة تخصصات رئيسة.

 

 

جدول رقم 6

طلاب الجامعات حسب الدرجة، مجال الدراسة والفئة السكانية

الدرجة

الهندسة المدنية والمعمارية

العلوم والرياضيات

الطب

القانون

الفئة السكانية

يهود%

عرب%

يهود%

عرب%

يهود%

عرب%

يهود%

عرب%

درجة جامعية أولى

90.0

6.0

85.3

9.5

79.3

19.7

92.4

6.7

درجة جامعية ثانية

91.6

3.1

92.9

3.3

86.6

12.3

94.8

4.7

درجة جامعية ثالثة

91.7

2.5

95.1

2.1

93.1

4.1

96.9

3.1

 

المواطنون العرب في المجال الأكاديمي

تمثيل المواطنون العرب في الأوساط الأكاديمية تمثيل ناقص لا سيما في الكليات التابعة للمعاهد الإسرائيلية، أي كليات التعليم العالي وهم مهمشون إلى درجة كبيرة في انتاج المعرفة في المجتمع. شكل العرب في عام 2007 ما نسبته 1.2% من الأكاديميين الموظفين في الجامعات الاسرائيلية سواء في مناصب مثبتة أو حسب الساعة ويتلقون رواتب نقل بـ 50% عن رواتب الموظفين اليهود. كما أن تمثيل المرأة العربية ناقص في التعليم العالي: في عام 2008 فقط تم تعيين امرأة عربية في منصب أستاذ جامعي من قبل لجنة التعيينات الاسرائيلية التابعة لمجلس التعليم العالي.

معدلات الأمية

يبلغ متوسط معدل الأمية في إسرائيل منخفض نسبياً 4.6%. صنفت إسرائيل حسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة عام 2007/2008 في المرتبة 23 من بين 177 دولة يقاس فيها معدل محو الأمية ومع ذلك يشير تقرير أوثق وتحليل أعمق نشر في إسرائيل حسب الجنس والعرق إلى أن هناك فئات سكانية معينة فيها نسبة الأمية أعلى من المعدل الوطني.

الأمية شائعة على نحو خاص في أوساط النساء العربيات في إسرائيل، ففي 2008 اعتبر 13.4% من النساء العربيات أميات مقارنة بـ 3.4% للنساء اليهوديات ونسبة الرجال الأميون في الوسط العربي 5.5% واليهودي 1.9%. أما في الوسط البدوي في النقب فنسبة النساء الأميات عالية حيث تصل إلى 13.2% في جيل ما بين 35-39 سنة و 31.7% في جيل 40-44 سنة و 61.4% في جيل 45-49 سنة و 53.5% في جيل 50-59 سنة و 92.3% في جيل 60 فما فوق وذلك حسب احصائيات عام 2007.

اجراءات رفع المستوى التعليمي

تعمل سياسات وزارة المعارف على ترسيخ الفجوة بين مدارس الأطفال العرب واليهود كون البرامج الخاصة لمساعدة الضعفاء أكاديمياً أو الموهوبين تمنح بشكل غير متناسب للأطفال اليهود والمدارس اليهودية. واحدة من القنوات الرئيسة لتخصيص منح إضافية وامتيازات لمدن وقرى وسكان تتمثل في السياسة الحكومية الخاصة بتحديد هذه المناطق على أنها مناطق ذات أولوية وطنية وهنا التنصيف يؤهلها للحصول على مجموعة من الفوائد والامتيازات المربحة في العديد من المجالات بما فيها التعليم. مثال آخر يقدمه برنامج "شاحار" الذي يميز المدارس اليهودية على حساب المدارس العربية. انطلقت برامج شاحار في حقبة السبعينات وكان الهدف منها مساعدة تلاميذ المدارس الضعفاء الذين ينتمون إلى فئات سكانية محرومة اقتصادياً واجتماعياً بهدف اللحاق بركب الأطفال الأقوياء. وفي عام 2000 أكدت المحكمة العليا التزام الدولة بتخصيص 20% من أموال شاحار للمدارس العربية. وقبل هذا الالتزام لم تقم وزارة المعارف بتطبيق برامج شاحار في أي مدرسة من المدارس العربية مع أن تلاميذ هذه المدارس في حاجة ماسة إلى مساعدة تعليمية إضافية. قبلت المحكمة العليا طلب الدولة بزيادة تطبيق هذه البرامج في المدارس العربية تدريجياً وبالتالي يطول التمييز ضدها. منذ 2010 لم يتم تطبيق أي من هذه البرامج في المدارس العربية.

إن نقص الاستثمار في التعليم العربي يتجلى بوضوح في منطقة النقب حيث تفتقر المدارس البدوية غالباً إلى الخدمات الأساسية والمرافق بما في ذلك المراحيض والكهرباء وخطوط الهاتف وشبكة الانترنت والطرق الآمنة لا سيما في القرى البدوية غير المعترف بها والتي يوجد بها مدارس. مثال آخر هو تمويل المستشارين النفسيين للمدارس العربية واليهودية. تقوم وزارة المعارف بتعيين المستشارين النفسيين وهم مسؤولون عن تشخيص ومعالجة الطلاب الذين يشكون من اعاقات في التعلم والنمو وتوفير أطر تعليمية مناسبة للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة وكذلك توفير وتقديم الاستشارة للمتعلمين. جدول 7 يبين عدد المستشارين النفسيين المخصصين لمدارس في قرى يهودية وبدوية (معترف بها) في النقب، مقارنة بعدد الوظائف المطلوبة وفق معايير وزارة المعارف في حزيران 2005. ورداً على التماس تقدمت به عدالة وتتحدى فيه نقص المستشارين النفسيين في سبع قرى بدوية معترف بها بالنقب، اعترفت الدولة أمام محكمة العدل العليا بأن وزارة المعارف ميزت ضد هذه المدارس في هذه القرى في مجال تعيين المستشارين النفسيين. لا يعمل أي من المستشارين النفسيين في مدارس في القرى غير المعترف بها.

 

 

جدول رقم 7

تخصيص المستشارين النفسيين في القرى اليهودية والبدوية في النقب

البلدة(البلدات اليهودية باللون الرمادي)

وظائف بحاجة إليها حسب معيار "وزارة المعارف"

وظائف مخصصة

مطلوب تخصيص وظائف%

راهط

18.8

6.0

31.9

أوفاكيم

8.9

7.4

83.1

حواره

4.4

1.3

29.5

ديمونا

0.12

9.2

76.6

 

 اللغة العربية

العربية والعبرية لغتان رسميتان في إسرائيل وهذا ما نصت عليه المادة 82 من ترتيب فلسطين لعام 1922 والذي تبناه القانون الإسرائيلي وظل سارياً لغاية اليوم وقد تعزز هذا الوضع بعد سن الكنيست والحكومة العديد من اللوائح والنظم. اللغة العربية كلغة رسمية منصوص عليها بشكل واضح في إعلان الاستقلال. أضف إلى ذلك أن العرب في إسرائيل هم أقلية قومية ومن هن فالدولة ملزمة بحماية حقوق أعضاءها الأقلية كسائر أعضاء الأقليات الأخرى في الثقافة والدين واللغة وفق المادة 27 من الميثاق العالمي للحقوق السياسية والمدنية. عملياً لا يتمتع الناطقين بالعربية في إسرائيل بفرصة كبيرة في استخدام لغتهم بعد إتمام المرحلتين الابتدائية والثانوية ما عدا المجال الخاص وعدا عن التحدث في وسطهم نفسه. ونتيجة للسياسات الحكومية فإن وضع اللغة العربية متدني جداً مقارنة باللغة العبرية من حيث تخصيص المدراء لاستخدامها وهناك ثمة عدم مساواة واضحة في الفرص الممنوحة للناطقين بالعبرية للتمتع باستخدام لغتهم في المحافل الرسمية والعامة. لاشك أن الاستخدام الضئيل للغة العربية في المجال العام ومن قبل المؤسسات العامة يتناقض تناقضاً صارخاً مع الوضع الرسمي المنصوص عليه. على سبيل المثال صدر أكثر من 200 قرار هام من قبل المحكمة العليا وتم ترجمتها إلى الانجليزية ونشرت على الموقع الالكتروني للمحكمة مع النسخة الأصلية من القرارات باللغة العبرية. ومع أن أغلبية هذه القرارات تخص المواطنين الفلسطينيين في الداخل وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة إلا أنه لم يتم ترجمة أي من هذه القرارات إلى اللغة العربية. إضافة إلى ذلك لم يتوفر الكثير من النماذج الرسمية باللغة العربية حيث يرفض الوزراء باستمرار تلقي أي وثائق رسمية باللغة لعربية حتى في قضايا الأحوال الشخصية التي تتعامل بها المحاكم الدينية وكثير من النماذج الخاصة يصدرها نظام المحاكم الشرعية الاسلامية بالعربية فقط ويطالب الأفراد بتقديم ترجمات عبرية مصدقة للوثائق وهذا يكبدهم نفقات كبيرة.

في يوليو تموز 2009 أصدر وزير المواصلات قراراً بعربنة جميع إشارات الطرق في إسرائيل وإزالة أسماء المدن والقرى العربية عن هذه الإشارات واستبدالها بأسماء عبرية باستخدام الحروف العربية. فعلى سبيل المثال ستصبح القدس يورشاليم بالعبرية والعربية والإنجليزية "والقدس" الاسم العربي سيمحى من جميع إشارات الطرق. هذا القرار يتناقض مع حكم أصدرته محكمة العدل العليا عام 2002 والذي يلزم البلديات في المدن العربية اليهودية المختلطة بإضافة العربية إلى إشارات المرور كالتحذير والإشارات الدالة الواقعة تحت نفوذ كل بلدية. بالنسبة للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل يعتبر الاسم العربي للمدينة أو البلدة جزءاً لا يتجزأ من ثقافتهم. وبما أن العربية لغة رسمية فإن من واجب إسرائيل الحفاظ على اللغة وتطويرها. يذكر أن عدالة تلقت تقارير تفيد بأنه جرت في الآونة الأخيرة إقامة يافطات على الطرق بإشارات تحدد أسماء الشوارع والمؤسسات العامة وغير ذلك في المدينة المختلطة نتصرات علييت تظهر العبرية والانجليزية فقط وهذا يشكل انتهاكاً لقرار المحكمة العليا.

 

 الصحة

قانون التأمين الصحي الوطني لعام 1995 يتطلب نظام للرعاية الصحية يوفر الخدمات الصحية ذات الجودة العالية لجميع سكان إسرائيل. ومع ذلك يواجه المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل عقبات شتى تحول دون ممارساتهم حقهم في التمتع بأعلى مستوى من الصحة المستدامة. هناك نقص في العيادات الصحية والمستشفيات في المدن والقرى العربية في إسرائيل، والناصرة هي المدينة العربية الوحيدة التي يوجد فيها مستشفيات. والمستشفيات الثلاثة التي تعمل في المدينة تديرها الكنيسة أو أنها تابعة للكنيسة وليست مستشفيات حكومية. المواطنون الفلسطينيون الين يعيشون في إسرائيل مجبرين على الذهاب إلى مستشفيات تقع في مدن يهودية أو مدن مختلطة وهناك نقص حاد في وسائل المواصلات العامة من وإلى القرى والمدن العربية وهذا ما يفاقم من المشكلة. مشكلة الحصول على الرعاية الصحية والتنقل في الوسط البدوي هي مشكلة حادة جداً في النقب حيث تفتقر القرى غير المعترف بها إلى مرافق صحية في المكان وهي تبعد مسافة طويلة عن الطرق الرئيسة التي لا تقود أغلب النساء سيارات. وإذا ما حدث وذهب الفلسطينيون إلى مرافق الرعاية الصحية فسيواجهون فوراً حواجز اللغة كون أغلب العاملين هناك لا يتحدثون إلا العبرية فقط. الصغار وكبار السن والمرضى يتأثرون تبعاً لذلك بالمشاكل الطبية التي لها علاقة بالتواصل لأن الرعاية الطبية المناسبة تتطلب تواصلاً بين الطبيب والمريض.

متوسط العمر/ معدل الوفيات

يتوقع المواطن العربي في إسرائيل أن يعيش حياة أقصر من تلك التي يعيشها المواطن اليهودي. فوفقاً لإحصائيات حكومية بلغ متوسط العمر للرجال العرب في إسرائيل عام 2008  75.9 سنة أي أقل بنحو أربع سنوات من متوسط عمر الرجل اليهودي 79.9 سنة. نفس الشيء بلغ متوسط العمر للمرأة الفلسطينية في إسرائيل 79.7 سنة أي 3.6 سنوات أقل من متوسط عمر المرأة اليهودية (83.3) سنوات. وبناء على ذلك كله فإن معدلات الوفيات بين الأقلية العربية في إسرائيل تفوق مثيلتها بين اليهود في إسرائيل: في عام 2007 بلغ معدل الوفيات بين الرجال العرب في إسرائيل 5.6 وفاة لكل 1000 شخص و4.1 وفاة لكل 1000 امرأة. والرقم المطابق للرجال اليهود في نفس السنة كان أقل بشكل ملحوظ أي 3.9 وفاة لكل ألف شخص و 2.8 لكل 1000 امرأة يهودية. هذه الفجوات تتسع أكثر فأكثر بعد سن الستين، فعلى سبيل المثال في عام 2006 بلغت نسبة الوفيات بين الرجال العرب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 60-64 سنة أعلى بمرتين من مثيلتها بين الرجال اليهود (16.1 ضد 8.7 وفاة لكل 1000 شخص).

نسبة وفيات الأطفال الرضع

استناداً إلى البيانات الرسمية بلغت نسبة وفيات الأطفال الرضع في أوساط الأغلبية اليهودية 2.9 وفاة لكل 1000 حالة ميلاد طفل حياً. وبينما تهبط معدلات الوفيات للأطفال الرضع في إسرائيل مع مرور الوقت إلا أن معدل وفيات الأطفال الرضع في الوسط العربي من نفس السنة فاق ضعفي نسبة الأطفال اليهود أي 6.5 لكل ألف حالة ميلاد طفل حي. أما في النقب فالنسبة أعلى وهي 15 لكل 1000 حالة ميلاد طفل حي عام 2005. تشير البيانات أيضاً إلى أن هناك اتجاهاً تصاعدياً في نسبة وفيات الرضع بين أوساط الأقلية البدوية في النقب حيث وقفت عند 13.3 حالة وفاة لكل ألف حالة ميلاد طفل حي.

الخدمات الصحية في القرى البدوية غير المعترف بها في النقب

الوضع الصحي في القرى غير المعترف بها في النقب حرج للغاية حيث توفير الخدمات الصحية إما محدود وإما معدوم بالكامل. هناك 12 عيادة فقط في القرى البدوية غير المعترف بها وهذه العيادات تفتقر إلى مهنيين طبيين مختصين والى صيادلة أيضاً. أضف إلى ذلك أيضاً أن الموظفين لا يتكلمون العربية وهذه العيادات مجتمعة لا توفر أكثر من 20% من الخدمات لسكان القرى البدوية غير المعترف بها. 110 من هذه العيادات تابعة لصندوق المرضى كبات خليم كلاليت التي يعتمد عليها آلاف الناس في الحصول على الخدمات الصحية. ومع ذلك لا توظف هذه العيادات حتى ولو طبيب أطفال واحد أو طبيب نساء. وفي سياق ردها على أسئلة طرحتها عدالة وأطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل أعلنت وزارة الصحة في مايو أيار من عام 2009 أن عدد الأطباء العاملة الذين يعملون حالياً في العيادات كافٍ وعلى القرويين السفر إلى عيادات في مدن يهودية مجاورة لتلقي رعاية في مجال طب الأطفال وطب النساء.

دراسة حالة

عيادات الأمومة والطفولة

في أكتوبر 2009 أغلقت وزارة الصحة ثلاث عيادات للأمومة والطفولة تعمل في قصر السير وأبو تلول ووادي النعيم غير المعترف بها في النقب. تتخصص العيادات في رعاية الطفل بعد الولادة وهي جزء من مجموع ست عيادات أنشئت في القرى غير المعترف بها بناءً على التماس قدمته عدالة إلى محكمة العدل العليا عام 1997. ادعت الوزارة أنها أغلقت العيادات بسبب نقص في المرضى والأطباء الذين يرغبون في العمل في هذه العيادات واقترحت عوضاً عن ذلك أن يتلقى الأطفال والنساء الخدمات الصحية في مرحلة ما بعد الولادة في عيادات في بئر السبع وأماكن أخرى في النقب. وعلى ذلك فإن عدم وجود وسائل النقل العامة التي تربط القرى غير المعترف بها والافتقار إلى وسائل النقل الخاصة وعوامل أخرى، تمنع كثير من النساء من الوصول إلى العيادات خارج نطاق قراهن. لذلك يشكل قرار إغلاق العيادات خطراً على حياة آلاف من النساء الحوامل والأمهات والأطفال الذين يعيشون في هذه القرى. وفي 6 ديسمبر من عام 2009 قدمت عدالة التماساً إلى محكمة العدل العليا ضد وزارة الصحة تطالب فيه بإلغاء قرار إغلاق العيادات وأحد الملتمسين هي امرأة، من قصر السير وهي أم لثمانية أطفال أصغرهم طفلة عمرها سنة وثلاثة شهور وزوجها توفي بعد أن وضعت آخر أطفالها. تعيش المرأة تحت وطأة ظروف اقتصادية صعبة للغاية بعد وفاة زوجها. لا تملك سيارة وحتى لا تملك أجرة السفر بسيارة إلى مدينة ديمونا لتلقي التطعيمات المناسبة مما عرض صحة الطفلة للخطر. تقول عدالة في التماسها أن نسبة وفيات الأطفال الرضع في الوسط البدوي تزيد من أهمية إنشاء عيادات للأمومة والطفولة وأن الإغلاق يعتبر انتهاكاً لقانون التأمين الصحي الوطني لعام 1995 الذي ينص على توفير الخدمات الصحية على أسس متساوية. ونتيجة للالتماس الذي قدمته عدالة، أعلنت وزارة الصحة في 11 أغسطس من عام 2010 أنه سيتم إعادة فتح اثنتين من العيادات في قصر السير وأبو تلول إلا أن عيادة وادي النعيم ستظل مغلقة.

 

إن عدم توفير الخدمات الصحية المناسبة في القرى غير المعترف بها وفي القرى المقامة حديثاً ما هو إلا نتاج سياسة إهمال متعمد من جانب الدولة التي تسعى في نهاية المطاف إلى إخلاء القرى غير المعترف بها من سكانها وإعادة توطينهم عن طريق خلق ظروف معيشية لا تطاق.

المشاركة السياسية

مستوى المشاركة السياسية في الحياة العامة وصنع القرار يقل بكثير عن مستوى مشاركة نظرائهم اليهود بدءاً بالقضاء والتشريعات والحكم وانتهاء بالخدمات المدنية. ونتيجة لذلك فإن وصولهم إلى عملية صنع القرار ومراكز القوى محدود وبناء على ذلك تقل قدرتهم على معالجة قضايا عدم المساواة والتمييز التي يواجهون في شتى نواحي الحياة. آخر استطلاع للآراء يشير إلى أن 86% من الجمهور اليهودي يرى بأن القرارات الحاسمة بالنسبة للدولة يجب أن تتخذ حسب الأغلبية اليهودية. إضافة إلى ذلك تعمل الدولة في أغلب الأحيان على إزالة الممارسات السياسية والتعبير من قبل المواطنين الفلسطينيين من مجال العمل التشريعي وذلك عن طريق منع ممارسة حرية التعبير والخطابة بشكل تام بوسائل تشمل القوة والاعتقال والمحاكمة.

القضاء

في تاريخ المحكمة العليا لم يكن هناك سوى اثنين من القضاة الذكور أحدهم عبد الرحمن الزعبي عمل في المحكمة العليا كقاضي مؤقت لتسعة شهور عام 1999 مما جعله المواطن العربي الأول الذي يخدم في أعلى سلطة قضائية في الدولة والقاضي سليم جبران عمل في المحكمة منذ عام 2003 وعين عضواً دائماً في مايو أيار من عام 2004 وهو حالياً القاضي العربي الوحيد من مجموع 15 قاضياً في المحكمة. لم يحدث أن خدمت امرأة عربية واحدة كقاضية في محكمة العدل العليا مع أن تمثيل النساء العربيات في المهنة القانونية هو تمثيل جيد. إما على مستوى المحاكم اللوائية يشكل القضاة العرب 4.9% من جميع القضاء في المحاكم اللوائية (7 من أصل 143) و7.7% من قضاة المحاكم المركزية (29 من أصل 373 قاضياً) و3.6% من قضاة المحاكم العمالية (2 من أصل 55 قاضياً).

الكنيست

تشكل الأحزاب العربية حالياً 9% (11 مقعداً) من مقاعد الكنيست الـ 120 وهو البرلمان الإسرائيلي. هناك عضو كنيست واحد وهي امرأة وتدعى حنين الزعبي وهي أول امرأة عربية تمثل حزباً سياسياً عربياً وقد شهد تاريخ الكنيست وجود امرأتين عربيتين عضوين فيه.

الحكومة

لم يتم منذ عام 1948 إدراج أي حزب عربي ضمن التوليفة الحكومية الحاكمة، واستبعادهم من الائتلافات الحكومية راجع في بعضه إلى عدم رغبة الأعضاء في الائتلاف لدعوة الأحزاب العربية للانضمام إليه حسب برامجها الانتخابية ولأن الأحزاب العربية أيضاً تعارض الانضمام إلى الائتلاف لأنها تعارض سياسته. حفنة قليلة فقط من المواطنين العرب عينت في مناصب وزارية في تاريخ دولة إسرائيل. ففي أغسطس آب من عام 1999 عين نواف مصالحة نائباً لوزير الخارجية وصالح طريف عين وزيراً بلا وزارة عام 2001 وغالب مجادلة وزيراً للعلوم والتكنولوجيا في يناير 2007.

حق الانتخاب والترشح

تنص الفقرة السابعة من القانون الأساس: الكنيست تحت عنوان "منع المشاركة في الانتخابات، على أن لجنة الانتخابات المركزية قد تحرم مرشح أو قائمة حزبية سياسية من خوض انتخابات الكنيست إذا أولاً: تنافت أهداف وأفعال المرشح أو الحزب أو إذا أنكر وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية وثانياً التحريض على العنصرية وثالثاً منح التأييد للكفاح المسلح أو لأي دولة معادية أو منظمة إرهابية تعارض إسرائيل. علماً بأن العبارة الأخيرة وهي تأييد الكفاح المسلح أضيفت في تعديل القانون عام 2002.

شهدت دورة الانتخابات الأخيرة محاولات من جانب النائب العام عام 2003 ومن قبل الأحزاب السياسية اليمينية وأعضاء الكنيست حرمان أعضاء كنيست عرب من الكنيست وهذه المحاولات هدفت إلى الحد من أصواتهم على الساحة التشريعية وترسيخ تهميشهم السياسي. في انتخابات الكنيست عام 2003 شن النائب العام والعديد من أعضاء الكنيست من الأحزاب اليمينية محاولات لحرمان بعض أعضاء الكنيست والأحزاب السياسية العربية من خوض الانتخابات وفق المادة 7 من القانون الأساسي: الكنيست. أغلبية أعضاء لجنة الانتخابات المركزية صوتت لصالح حظر التجمع الوطني الديمقراطي- بلد برئاسة عضو الكنيست السابق عزمي بشارة والدكتور أحمد الطيبي وحرمانهما من خوض انتخابات الكنيست بحجة مواقفهما الأيديولوجية والسياسية.

لقد مثلت عدالة كافة الأحزاب والقادة السياسيين العرب أمام لجنة الانتخابات المركزية عام 2003 كما مثلت لاحقاً التجمع الوطني الديمقراطي عن د. عزمي بشارة ود. أحمد الطيبي أمام محكمة العدل العليا حيث ألغت لجنة موسعة مؤلفة من 11 قاضياً في المحكمة العليا قرار لجنة الانتخابات المركزية في 9 يناير 2003.

أثناء انتخابات الكنيست لعام2006 قدمأعضاء الكنيست من اليمين المتطرف ومن حزب الليكود مشروع اقتراح لحرمان عضو الكنيست الشيخ صرصور والقائمة العربية الموحدة من عضوية لجنة الانتخابات المركزية. الاقتراح قدم بناء على المادة 7 من القانون الأساس: الكنيست ادعوا فيها أن الاثنين أنكروا حق "إسرائيل في الوجود كدولة يهودية ديمقراطية وأدلوا بتصريحات تعبر عن تأييدهما للكفاح المسلح ولدولة معادية وإلى منظمة إرهابية مناوئة لإسرائيل".

مثلت عدالة عضو الكنيست صرصور والقائمة العربية الموحدة أمام لجنة الانتخابات المركزية حيث قالت عدالة في معرض ردها أمام لجنة الاستماع في فبراير 2006 أنه يجب رفض الاقتراح كونه يفتقر إلى الأسس الحقيقية ويعتعمد على تقارير اعلامية غير صحيحة. بعدها وفي نفس الشهر صوتت لجنة الانتخابات المركزية بـ 18 صوتاً لصالح و16 ضد اقتراح الحرمان وهكذا سمح للشيخ صرصور وللقائمة العربية الموحدة بخوض الانتخابات.

قدمت اقتراحات مماثلة للترشح في انتخابات الكنيست لعام 2009 ومن جديد تصوت لجنة الانتخابات المركزية لصالح حظر الأحزاب العربية ومنعها من خوض انتخابات الكنيست وبالتحديد التجمع الديمقراطي الوطني-بلد والقائمة العربية الموحدة والحركة العربية من أجل التغيير. اقتراح الحرمان ركز على البرامج الانتخابية للحزبين المذكورين التي تطالب على سبيل المثال بإنشاء "دولة لجميع مواطنيها" وعلى ادعاءات بدعم الارهاب ومساعدة السفر إلى "دول معادية" أو "كيانات معادية". ورداً على قرار لجنة الانتخابات المركزية بحظر الحزبين المذكورين والذي أيده الليكود والعمل وكاديما، رفعت عدالة استئنافاً إلى المحكمة العليا تحاجج فيه بأن منع الحزبين من خوض الانتخابات سيحرم الأقلية العربية من حقها في التصويت ويمس بحقوقها الأساسية في انتخاب ممثليها والترشح لمنصب سياسي. وفي يناير 2009 ردت لجنة قضائية موسعة مؤلفة من 9 قضاة قرار لجنة الانتخابات المركزية بحظر الحزبين.

هناك سلسلة من القوانين الأخرى تؤسس لمجموعة من القيود على حرية الحركة وحرية الخطابة والوصول إلى النظام السياسي والتي استخدمت أصلاً وفي الغالب لكبح جماح حريات المواطنين الفلسطينيين وممثليهم المنتخبين. وهذه القوانين تشمل قانون الأحزاب السياسية لعام 1992 التعديل 12 لعام 2002 والذي يفرض قيوداً أيدلوجية عديدة على التسجيل للأحزاب السياسية شبيهة بالمادة 7 أ من القانون الأساس: الكنيست وتشمل هذه القيود أيضاً الفقرة التي تقول أن من يريد من الأحزاب السياسية خوض انتخابات الكنيست  لن يسجل في حالة ما أنكرت أفعاله وأهدافه وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية "ويؤيد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر الكفاح المسلح أو دولة معادية أو منظمة ارهابية مناوئة لإسرائيل".

في 30 حزيران 2008 صادقت الكنيست على تعديل القانون الأساس: الكنيست (المرشح الذي زار دولة معادية بشكل غير قانوني) وهذا التعديل يحرم أي مواطن زار بدون إذن وزير الداخلية دولة معادية كسوريا ولبنان والعراق وإيران في السنوات السبع التي تسبق تاريخ تصريح طلب القائمة بالمرشحين. تؤكد الملاحظات التوضيحية الملحقة بالتعديل على أنها صيغت أصلاً رداً على زيارة أخيرة قام أعضاء كنيست عرب إلى دول عربية. يشكل هذا التعديل خرقاً فاضحاً للحق الدستوري في الانتخاب الذي ينطبق بحمله وحصرياً على أعضاء الكنيست. العرب سبق هذا التعديل (أمر تمديد صلاحيات أنظمة الطوارئ (السفر الخارجي) لعام 1948 تعديل 7 لعام 2002) والذي ألغى إعفاء أعضاء الكنيست من السفر بطريقة قانونية إلى دول معادية يحددها القانون الإسرائيلي. هناك تعديل مقترح على (القانون الأساس: الحكومة – قسم الولاء) ينص على أنه فور تسلم الوزير مهام منصبه كوزير يجب عليه أن يقسم يمين الولاء للدولة كدولة "يهودية صهيونية ديموقراطية" والولاء لقيم ورموز الدولة. حالياً يطلب من الوزراء قسم يمين الولاء للدولة فقط علماً بأن هناك أيضاً اقتراحين مماثلين قدما مؤخراً يسعيان لفرض قسم الولاء على أعضاء الكنيست والاقتراحين يسعيان أيضاً إلى تعديل (القانون الأساس: الكنيست) الأول يطالب أعضاء الكنيست بحلف يمين الولاء للدولة "كدولة صهيونية يهودية ديموقراطية" ولقيم ورموز الدولة وأما الثاني فيطالب أعضاء الكنيست بقسم يمين الولاء لدولة إسرائيل كدولة يهودية وديموقراطية. يهدف القانون إلى تعزيز أحكام (قانون الانتخابات) لعام 1969 (تعديل رقم 46) لعام 2002 والذي ينص على أن على المرشح الذي يريد خوض انتخابات الكنيست أن يعلن ما يلي: "أُلزم نفسي بدعم الولاء لدولة إسرائيل وتجنب العمل بما يتناقض مع الفصل 7 المادة "أ" من (القانون الأساس: الكنيست). هذه القوانين وغيرها تقلص بإطراد مجال العمل السياسي المتاح للمواطنين الفلسطينيين وتبعدهم أكثر عن مؤسسات الدولة والعملية السياسية بشكل عام. واحد من أبرز آثار ومؤشرات هذا الابتعاد تتمثل في تزايد وتيرة خيبة الأمل بين أوساط الناخبين العرب من العملية الانتخابية. يرى المعهد الديموقراطي الإسرائيلي أن العرب يشكلون المجموعة الأكثر ابتعاداً عن السياسة الإسرائيلية حيث لا يهتم بالسياسة منهم سوى 39%. في السنوات الخمسين الأولى كانت نسبة المشاركة العربية في الانتخابات عالية نسبياً حيث وصلت إلى 70% ولكن بحلول انتخابات العام 1999 سجل هناك هبوطاً ملحوظاً في نسبة الإقبال العربي على التصويت وأقل مستوى سجل في انتخابات مجلس الوزراء لعام 2001 عندما نظم الناخبون العرب مقاطعة شاملة وجماعية احتجاجاً على أحداث أكتوبر 2000 حيث لم تتعدى نسبة الإقبال على التصويت الـ 18%. في انتخابات عام 2004 ظلت نسبة إقبال العرب على التصويت متدنية نسبياً إذ بلغت 50% ممن يحق لهم التصويت مقارنة بـ 63% بين جميع الناخبين عام 2006. في عام 2009 بلغت نسبة الإقبال على التصويت ككل 64.7% ونحو 53% بين العرب. إضافة إلى ذلك كان للقوانين والمحاولات المتكررة لحرمان الأحزاب والمرشحين العرب من خوض جولات انتخابات الكنيست المتتالية تأثيراً على نزع الشرعية عن الصوت العربي في العملية السياسية، إذ يؤيد ثلث الاسرائيليين 31% تقريباً حرمان العرب من التصويت في الانتخاب للكنيست. في استطلاع للآراء جرى عام 2010 تبين أن الشباب اليهودي ميال أكثر لمعارضة مشاركة العرب في الكنيست ووفقاً للاستطلاع يريد أكثر من نصف المراهقين اليهود حرمان العرب من حق الترشح لعضوية الكنيست. هناك أقلية فقط من الجمهور اليهودي ترى في وجوب دخول وزراء عرب الحكومة (33% من الاسرائيليين ولدوا في إسرائيل و23% مهاجرين) وأن يشارك المواطنون العرب في عملية صنع القرار المصيري للدولة. لاشك أن المشاركة العادلة والمتناسبة للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل في العملية السياسية تعتبر شرطاً مسبقاً وأساساً للاستقرار وتماسك المجتمع الإسرائيلي ككل ويساعد في الأداء الوظيفي الجيد للحكومة. ومع ذلك تقيد القوانين والسياسات الحكومية نطاق المشاركة السياسية للأقلية الفلسطينية وبالتالي تعزز إضعاف وتهميش وضعهم وتتركهم خارج نطاق تركيبة القوى في الدولة. يشير تدني نسبة إقبال المواطنين العرب على التصويت إلى أن المواطنين العرب لا يمارسون حقوقهم المدنية ومواطنتهم ولا يلعبون دوراً فاعلاً وبناءً في تشكيل نمط الحياة السياسية للبلاد.

حق التظاهر

تدأب الشرطة على استخدام القوة والاعتقال بحق المواطنين العرب في إسرائيل كوسيلة رادعة للتظاهر من أجل إخراس أصوات الاحتجاج بدلاً من أن تؤدي الشرطة دورها في الحفاظ على النظام وضمان حرية التعبير السياسي حتى في زمن الحرب والثورات السياسية والقومية والاجتماعية عندما تختلف آراء المواطنين العرب مع آراء المواطنين اليهود. يتم احتجاز المحتجين في أماكن احتجاز ويحرمون في الغالب من الكفالة أو الإفراج بموجب قانون (الإجراءات الجنائية- صلاحيات الإنفاذ والاحتجاز لعام 1996) والسبب الذي تسرده السلطات هو أن المعتقل في حالة الإفراج عنه سيشكل خطراً على أمن وعلى سلامة الجمهور ويشوش التحقيق ويؤثر على الشهود. وإذا عرضت القضية على النيابة العامة فحينئذ وفق القانون الجنائي يتم توجيه التهمة إلى الشخص على خلفية المشاركة على سبيل المثال في تجمع محظور (المادة 151) أو القيام بأعمال الشغب (المادة 152). تلقت عدالة شكاوي كثيرة على مدى السنوات من متظاهرين تعرضوا للضرب من قبل أفراد الشرطة ويتهمون بجريمة الاعتداء على الشرطة (المادة 273 و274) أو إعاقة أفراد الشرطة عند تأدية مهامهم (المادة 275).

 

 

دراسة حالة

قتل المتظاهرين في أكتوبر 2000

في أكتوبر 2000 قتل رجال الشرطة الاسرائيلية 13 فلسطينياً أعزلاً من السلاح أثناء مظاهرات نظموها احتجاجاً على السياسات الوحشية الإسرائيلية الممارسة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. استخدمت الشرطة أثناء المظاهرات الذخيرة الحية والعيارات المطاطية المغلفة بالمعادن والغازات المسيلة للدموع. كثير من المحتجين الذين لاقوا مصرعهم أصيبوا في الرأس أو الصدر من قبل قناصة. ونتيجة لاستخدام القوة المفرطة من قبل الشرطة لاحتواء المظاهرات أصيب مئات من المواطنين العرب بجراح وتم اعتقال أكثر من 1000 متظاهر. وخلافاً لتوصيات لجنة أور الرسمية عام 2003، قرر النائب العام في يناير 2008 إغلاق الملفات وعدم إصدار ولو لائحة اتهام واحدة ضد أي فرد قام بعملية القتل. وإلى اليوم وبعد عشر سنوات لم يتم تحميل أي ضابط شرطة أو قائد أو زعيم سياسي مسؤولية أعمال القتل.

 

آخر الاحتجاجات الشديدة واسعة النطاق التي قام بها المواطنون العرب في إسرائيل وشملت شتى أرجاء البلاد كانت ضد عملية الرصاص المصيوب في 27 ديسمبر 2008. المظاهرات التي نظمها المواطنون الفلسطينيون قمعت بالقوة من قبل أفراد الشرطة الذين استخدموا الاعتقالات كوسيلة لقمع المظاهرات في ظل دعم النائب العام والمحاكم. تعرض المتظاهرون ضد الحرب للاعتقالات بالجملة فقط بتهمة التواجد في مكان الحدث. مثل القاصرون أعلى نسبة من المعتقلين، فمن بين الـ 832 متظاهراً اعتقلوا أثناء عملية الرصاص المصبوب كان هناك 34% قاصرين. 80% من المعتقلين اعتقلوا في أماكن احتجاز بدون كفالة إلى أن تنتهي الاجراءات القانونية بحقهم وهو إجراء قاسي جداً لم يسلم منه القاصرين علماً بأن 54% من المعتقلين كانوا قاصرين.  المثير للانتباه هو أنه لم يتم احتجاز ولو متظاهر واحد يهودي من منطقة تل أبيب التي شهدت المظاهرات. 94% من المعتقلين هم من منطقة القدس وأغلبهم من العرب. كان مكتب المستشار القضائي والشرطة يقدمان اعتراضاً على كل قرار بالافراج عن معتقل عربي وكانا يكسبان كل قضية يرفعاها. في كل لائحة اتهام ضد معتقل يزود مكتب المستشار القضائي للدولة والشرطة المحكمة بجميع حيثيات القضية بغض النظر عن طابعها ويعتبران المعتقل تهديداً لأمن الدولة وأغلب لوائح الاتهام صدرت بسبب المشاركة في تجمعات محظورة والإخلال بالأمن والاعتقال على رجال الشرطة. وحسب الشهادات واجه المتظاهرون العزل الذين شاركوا في الاحتجاجات ضد الحرب على غزة عنف شديد من قبل الشرطة وفي كثير من الأماكن التي جرت فيها المظاهرات، فرقت الشرطة المتظاهرين بالقوة بحجة المشاركة في تجمعات محظورة وقد أصيب العديد من المتظاهرين بجراح بالغة اقتضت نقلهم إلى المستشفى. لم يكن هناك محاسبة لأفراد الشرطة عما اقترفوه بحق المتظاهرين وحسب الاحصائيات الرسمية هناك 5.613 شكوى ضد الاستخدام غير الشرعي للقوة من قبل رجال الشرطة والتي جرى التحقيق فيها ما بين الأعوام 2001 و2004، فقط 203 حالة (4%) وصلت إلى مراحل الاجراءات الجنائية، والتفاصيل لم تتطرق إلى عدد الاجراءات الناجمة عن لوائح الاتهام أو العقوبات الجنائية المفروضة. هناك محاولة أخرى لتقليص المجال المسموح به للتظاهر للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل بادر إليها رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) الذي حقق مع عشرات القادة والنشطاء السياسيين الفلسطينيين في إسرائيل في عامي 2008 و2009 عشية الحرب على غزة على خلفية الأنشطة السياسية التي يقومون بها وهددهم بمحاكمتهم في حالة عدم توقفهم عن ممارسة هذه الأنشطة. هدد القادة السياسيون بتحمل المسائلة الجنائية عن أي انتهاك قانوني يقوم به أحد أحزابهم أو حركاتهم. أيضاً الذي ساعد وساند المضايقات السياسية للقادة العرب والنشطاء السياسيين التي قام بها رئيس جهاز الأمن الداخلي هو المستشار القانوني والذي قال أن وسائل التحقيق والاستجواب ضرورية لتهدئة الأوضاع.

تجريم  النشاط  السياسي

يستغل النظام  القضائي الجنائي في العادة كوسيلة لنزع الشرعية عن الأفعال السياسية كحرية التعبير عن الرأي بالنسبة للمواطنين الفلسطينيين. صدرت بحق القادة السياسيين كغيرهم من المواطنين العرب لوائح اتهام على خلفية أنشطة وخطابات تنتقد سياسة الدولة وهي من ضمن اختصاصات أو بمعنى آخر تقع ضمن نطاق العمل الانتخابي وهناك حالات أخيرة تشمل التالي:

* في نوفمبر 2009 أصدر المستشار القضائي لائحة اتهام بحق عضو الكنيست محمد بركة من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة بسبب علاقته بأربعة حوادث حصلت في مظاهرات جرت على مدار السنوات الثلاث السابقة علماً بأن المظاهرات المذكورة كانت سلمية ضد بناء جدار الفصل الذي يقام حالياً في الضفة الغربية والثانية أثناء حرب لبنان عام 2006 وضد عدم المسائلة عن أحداث القتل التي جرت في أكتوبر 2000. مشاركة عضو الكنيست بركة في هذه المظاهرات جاءت من منطلق واجبه كعضو كنيست وزعيم سياسي للأغلبية العربية في إسرائيل. يذكر أن السيد بركة حضر الكثير من المظاهرات حيث كان يتوسط فيها بين المتظاهرين وأفراد الشرطة وتولى دوراً ريادياً في التوسط بين المتظاهرين والشرطة أو الجيش وكثيراً ما تعرض للضرب من قبل الشرطة والجيش. في وقت لاحق قدم ضباط الشرطة شكاوي كاذبة ضده شكلت أساساً للوائح اتهام والأدلة التي استندت إليها لائحة الاتهام ضد عضو الكنيست بركة نفاذها جملة وتفصلاً واعتبرها غير كافية لإدانته. في الواقع كان الهدف من لائحة الاتهام تجريم الأنشطة السياسية المشروعة وتجريمه كعضو كنيست بهدف تقويض المشاركة السياسية للأقلية العربية في إسرائيل.

*  صوتت اللجنة النيابية في الكنيست لصالح تجريد عضو الكنيست العربي سعيد نفاع من حصانته البرلمانية وهو من حزب التجمع الديمقراطي الوطني في 26 يناير 2010 وهذه الخطوة تمهد الطريق أمام المستشار القضائي لإصدار لائحة اتهام بحق عضو الكنيست وتجريمه على مخالفات سياسية ارتكبها على خلفية زيارة قام بها إلى سوريا ضمن وفد درزي لأداء الحج لأماكن درزية مقدسة في سوريا التي تعتبر بلداً معادياً حسب تصنيف القانون الإسرائيلي. لقد نسق عضو الكنيست نفاع لمجموعة تضم 280 من رجال الدين الدروز لزيارة الأماكن المقدسة في سوريا بعد أن منعوا مرات عديدة من قبل وزير الداخلية ويقول أن رجال الدين الدروز حرموا ظلماً وتعسفاً من حرياتهم الدينية ويتهم نفاع بإجراء اتصالات مع عميل أجنبي. وحسب شهادة أدلى بها أحد مساعديه الذي استجوبه جهاز الأمن العام يقول أن نفاع ناقش الخلاف بين فتح وحماس مع طلال ناجي قائد في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحاول أيضاً الالتقاء بخالد مشعل في دمشق بيد أن السيد نفاع نفى بشدة لقاءه بهذين الرجلين ويؤكد أن زيارته هي سياسية محضة وإجراءات الكنيست تحرمه من أداء دوره كعضو كنيست، وقد علمت عدالة بأن لائحة اتهام صدرت بحق عضو الكنيست نفاع.

* إن أول حالة يصدر فيها لائحة اتهام بحق عضو كنيست على خلفية خطابات سياسية كانت مع عضو الكنيست الدكتور عزمي بشارة الذي شغل آنذاك رئيساً لحزب بلد التجمع الديمقراطي الوطني حيث اتهم بشارة بناء على قانون منع الارهاب بدعم منظمة ارهابية وبالتحديد حزب الله. حلل د. عزمي بشارة في خطابين اثنين العوامل التي أدت إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان وتحدث عن واقع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة والحق في المقاومة وبشارة اتهم بموجب أنظمة الطوارئ (السفر إلى الخارج) لعام 1948 بتنظيم سلسلة من الزيارات لكبار السن من المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل لسوريا بهدف زيارة لاجئين أقارب لهم. لائحتي الاتهام جائتا بعد التصويت على تجريد عضو الكنيست بشارة من حصانته البرلمانية التي تحميه من لائحة الاتهام في نوفمبر 2001 وهي خطوة تشكل سابقة لا مثيل لها في تاريخ السياسة الإسرائيلية. مثلت عدالة عضو الكنيست بشارة في لوائح الاتهام الجنائية التي قدمت ضده وقد صوتت المحكمة المركزية في نتصرات علييت بالإجماع على رد التهم الجنائية ضده على خلفية قضية زيارة سوريا في أبريل عام 2003، ومع ذلك لم تصوت المحكمة المذكورة على رد التهم المتعلقة بالخطابات السياسية. وفي فبراير 2006 وبعد الالتماس الذي قدمته عدالة قررت المحكمة العليا وبالإجماع أن رفع الحصانة البرلمانية عن عضو الكنيست بشارة غير قانوني كما ردت جميع التهم المتعلقة بالخطابات السياسية ضده.

* وبالإضافة إلى هذه الاتهامات صوتت اللجنة النيابية في الكنيست في 7 يونيو 2010 على سحب الامتيازات البرلمانية من عضو الكنيست حنين الزعبي لمشاركتها في أسطول الحرية إلى غزة وكونها مسافرة على متن سفينة مافي مرمرة. ولأن الزعبي تتمتع بالحصانة البرلمانية لم يتم اعتقالها بيد أنها خضعت لتحقيق قاسي وروايتها عن الهجوم على السفينة يتناقض تماماً عن الرواية الرسمية الإسرائيلية كما استدعيت للمثول أمام لجنة تحقيق مستقلة. ونتيجة لذلك فقدت الزعبي جواز سفرها الدبلوماسي وجميع الامتيازات الممنوحة لأعضاء الكنيست بالسفر للخارج كما فقدت حق تغطية الكنيست للرسوم القانونية فيما لو سحبت حصانتها لمتابعة الملاحقة الجنائية ضدها. يذكر أن التصويت جاء بعد العديد من الجلسات العاصفة في الكنيست التي نعتت فيها الزعبي بالإرهابية وبالخائنة من قبل زملاءها الأعضاء في الكنيست وتعرضت لتصريحات عنصرية وألفاظ نابية وبتعليقات وتهديدات جنسية وجسدية كما طالب العديد من أعضاء الكنيست بسحب عضويتها في الكنيست ومحاكمتها كمجرمة وسحب الجنسية الإسرائيلية منها كما اقترح عضو الكنيست وزير الداخلية إيلي يشاي.

 

2014-03-10 09:00:00