منظمة التحرير الفلسطينية
دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

الأمن القومي الفلسطيني - مرتكزات وتحديات

الأمن القومي الفلسطيني - مرتكزات وتحديات

تقديم

أ.جمال البابا

 

بالرغم من الأهمية الكبيرة للدراسات المعنية بالأمن القومي في عالمنا المعاصر، إلا أن تعريف الأمن القومي مازال يواجه الكثير من النقد ولم يتم صياغة تعريفاً محدداً جامعاً للأمن القومي، وإن كان هناك شبه إجماع على أن دراسة الأمن القومي يجب أن تسلط الضوء على كل مناحي الحياة السياسية العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية بحيث تؤدي في النهاية إلى تحقيق الرفاهية للمواطن وتحفظ أمنه وتوفر له حياة كريمة.

يتضح مما سبق أن مفهوم الأمن القومي الجمعي أصبح حقلا شاملا لأي فضاء أو متغير باعتباره القاعدة التي ينطلق منها كل فعل ورد فعل في سبيل الوصول إلى المنعة القومية. وأمام انتقال مفهوم الأمن القومي المقتصر على الدولة إلى مفاهيم اكثر شمولية، خرجت نظريات الأمن المجتمعي التي تهدف إلى تأمين الأفراد والجماعات، بحيث يتكيف المفهوم مع حقيقة وواقع العالم المعاصر واهتماماته المتغيرة، التي أكدت أن الأمن القومي لا يمكن تحقيقه بالقوة العسكرية فقط خاصة مع بروز تهديدات وتحديات متنوعة خارجية وداخلية.

إن تطور مفهوم الأمن القومي وصولا إلى تبلوره بشكله الحالي الشامل يكاد يتشابه مع أزمة الأمن القومي الفلسطيني، بل يكاد يتطابق معه زمانياً، فكما أسفرت الحرب العالمية الثانية عن منتصرين ومهزومين تشكل من خلالهم المجتمع الدولي الحالي ومراكز القوى فيه، فإن فلسطين والشعب الفلسطيني كانوا أحد ضحايا هذه التشكيلة الدولية. فلم تكد تنقضي أعوام ثلاثة على انتهاء الحرب إلا وكانت دولة إسرائيل قد غُرزت في ارض فلسطين حربة للاستعمار في المنطقة العربية. وفي الوقت الذي كان مفهوم الأمن القومي في سبيله إلى التبلور كنتيجة حتمية لحقوق المنتصرين، تعرض مفهوم الأمن القومي الفلسطيني لضربة قاصمة انحصرت مرتكزاته على التشبث بالأرض والبقاء، واصبح الاستمرار والحفاظ على الهوية هو الهم الأكبر للمجموع الفلسطيني حتى إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.

ونحن هنا بصدد الحديث عن الأمن القومي الفلسطيني الذي لا يختلف كثيرا عن الأمن القومي لأي من الدول القائمة رغم الوضع الفلسطيني الخاص المتمثل بحركة تحرر وطني أوجدت النواه الأولى لإقامة كيانها المستقل على أرضها السليبة، ورغم ذلك فإنه من الصعوبة بمكان بلورة مفهوم محدد للأمن القومي الفلسطيني حتى مع وجود منظمة التحرير الفلسطينية كإطار سياسي وقانوني يجمع الكيانية الفلسطينية حيث الاطار الجغرافي لهذا الكيان مازال في طور التكوين وإن كان حصول فلسطين على منزلة عضو مراقب في الأمم المتحدة عام 2012 جعل إمكانية وضع توصيف وتعريف للأمن القومي الفلسطيني إلى حد ما في متناول اليد.

إن ما يتعرض له الأمن القومي الفلسطيني من مخاطر وتحديات دفعنا في مركز التخطيط الفلسطيني إلى إنشاء دائرة أبحاث الأمن القومي التي تضم مجموعة من الباحثين الأكفاء، هذه الدائرة التي يرجع الفضل في إنشائها إلى السيدة مجد مهنا مدير عام المركز ضمن رؤيتها الشاملة لاستنهاض العمل البحثي في فلسطين وبعد نقاشات طويلة ومعمقة استطاع الأخوة باحثي الدائرة تقديم تعريف ربما يكون تعريفا شبه جامع للأمن القومي الفلسطيني وتحديد مرتكزاته الرئيسية. الأمن القومي الفلسطيني هو "مجموعة الإجراءات والتدابير التي تتخذها منظمة التحرير الفلسطينية لحماية حقوق الشعب الفلسطيني ومشروعه الوطني في مواجهة تهديدات وتحديات داخلية أو خارجية بما يحقق الوصول للأهداف الوطنية في البقاء والحرية والاستقلال والعودة"، كما تم تلخيص المرتكزات الرئيسية للأمن القومي الفلسطيني على النحو التالي.

- حماية حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والسياسية وهويته الوطنية والثقافية أينما وجد وتعزيز مقومات بقائه في فلسطين.

- الحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني ومكتسباته وموارده ووحدانية تمثيله واستقلال قراره.

- تعزيز ثوابت المشروع الوطني المستند لقرارات الشعرية الدولية في سبيل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ومواجهة سياساته وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وضمان حق عودة اللاجئين.

- تعزيز الحقوق الوطنية من خلال تمتين شبكة العلاقات الفلسطينية مع الدول والشعوب الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية.

2016-08-15 07:46:00