منظمة التحرير الفلسطينية
دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني

الدورة التثقيفية في الامن القومي -نظرية الأمن الاسرائيلي وعملية السلام- المحاضرة الحادية عشرة

المحاضرة الحادية عشرة في الدورة التثقيفية في الأمن القومي - نظرية الأمن الاسرائيلية وعملية السلام

25/2/2018

بعنوان: الاقتصاد كجزء من الأمن القومي الإسرائيلي


د. مازن العجلة       الخبير الاقتصادي والمالي  

انطلقت المحاضرة من فرضية أن المقومات الاقتصادية تمثل محوراً رئيسياً من محاور الأمن القومي لأي دولة، بجوار محورين رئيسيين آخرين وهما المقومات السياسية والقدرات العسكرية. ذلك أن أفول الإمبراطوريات وانحسار قوة الدول بدأت ببروز التناقض بين الإستراتيجية السياسية والعسكرية من جانب والقدرات الاقتصادية من جانب آخر. فالضعف الاقتصادي يقود غالبا إلى الضعف العسكري ثم السياسي.

يتأثر الأمن القومي الإسرائيلي بأهداف المشروع الصهيوني التي ركزت منذ بدايات الاستيطان الأولى نهاية القرن التاسع عشر على تعزيز الوجود اليهودي وإضعاف الوجود الفلسطيني اقتصاديا وكانت المنافسة الشرسة على الموارد الثلاث ( الأرض ورأس المال والعمل) لصالح الوجود اليهودي، الذي حظي بدعم حكومة الانتداب البريطاني ليصل نسبة الإنتاج اليهودي في فلسطين إلى 56% من حجم الإنتاج الكلي عام 1947، بعد ان كان 19%  قبيل الانتداب.

انطلقت القاعدة الاقتصادية لدولة إسرائيل منذ البداية على ما سلبته المنظمات الصهيونية من   الاقتصاد الفلسطيني أثناء الحرب، والمساعدات الأمريكية الرسمية التي ما زالت تدفق حتى الآن والتي بلغت منذ عام 1948 وحتى عام 2016 حوالي 130 مليار دولار معظمها مساعدات عسكرية وبنسبة 73%. إضافة إلى ما تدفعه ألمانيا سنويا كتعويض عن ما لحق باليهود فيها من أذىً، وفقا للرواية الصهيونية.

أثر الاقتصاد الإسرائيلي وتأثر بثوابت الحركة الصهيونية وإسرائيل مثل تزايد الهجرات اليهودية إلى اسرائيل واستيعابها والاستفادة منها، والحرص على المحافظة على الهدف الاستراتيجي الدائم وهو توفير مستوى معيشي مرتفع للمواطن الإسرائيلي. وساعدت هذه الهجرات مع تزايد الدعم في زيادة معدلات النمو التي وصلت الى 9% طوال الفترة 1947 وحتى 1965. حيث تطورت بعض المؤشرات السلبية الى مشكلة اقتصادية تم تجاوزها بحرب 1967 التي وفرت لاسرائيل اسواق جديدة وايدي عاملة رخيصة، واتفاقيات جديدة مع امريكا لزيادة الدعم. والاهم، وبعد حظر السلاح الفرنسي عن اسرائيل توجهها الى تطوير قدرتها على الانتاج العسكري ذاتيا. فقد تم انشاء المجمع العسكري الصناعي الذي أسس وبمساعدة امريكية لتطورا تنوعية في انتاج الاسلحة والمعدات العسكرية ثم في انتاج  السلع ذات المحتوى التكنولوجي العالي التي تشكل الان اكثر من نصف الصادرات الصناعية الاسرائيلية.

شكلت بداية عقد التسعينات مرحلة جديدة لتوسيع نطاق الاقتصاد الاسرائيلي ودمجع عالميا، وتزامن ذلك محليا مع تطبيق خطة الاصلاح الاقتصادي التي اسست لتغيرات هيكلية جديدة فى الاقتصاد على راسها خصخصة الشركات الحكومية وتقليص دور الدولة والهستدروت لصالح راس المال الخاص.

وكان هناك عقبات تحول دون اندماج اسرائيل في الاقتصاد العالمي والحصول على الاستثمار الاجنبي، وتتمثل هذه العقبات في المقاطعة العربية لاسرائيل، وعدم قدرة اسرائيل على اقامة علاقات دبلوماسية مع الكثير من دول العالم بسبب احتلالها لفلسطين، وسيادة اجواء عدم الاستقرار التي كرسها الصراع وجعل المنطقة واسرائيل خصوصا مكان غير ملائم للاستمار الاجنبي.

وكان الحل في السعي لعقد اتفاقيات سلام مع الفلسطينيين ثم مع الاردن. وقد ساعد ذلك في ظل هجرة مليون يهودي سوفيتي منهم رجال اعمال وعلماء واصحاب مهارات، وبدعم امريكي مقداره 10 مليار دولار، في زيادة حجم الاستثمار الاجنبي من اقل من نصف مليار نهاية الثمانينات الى حوالي 4 مليار بنهاية التسعينات والان الحديث يدور حول عشرا المليارات.

استطاعت اسرائيل من خلال اتفاق باريس تعزيز علاقة التبعية الاقتصادية لاسرائيل انسجاما اهداف السيطرة اللازمة لنجاح المشروع الصهيوني واسرائيل. وفرغت اسرائيل هذا الاتفاق وعملية السلام كلها من مضمونها بمنظومة من الاجراءات المضادة والمناوئة لتعزيز السلام بل سعت دوما لتدير اية منجزات فلسطينية اقتصادية وسياسية.

تسعى اسرائيل كمرحلة جديدة لتطوير المشروع الصهيوني من خلال اسرائيل الى الوصول لحل تصفوي للقضي الفلسطينية لتمهيد تطبيع العلاقات مع الدول العربية التي لم تعد تفي رغبتها في التطبيع، بل وتحاول ترويج المشروع الاسرائيلي لانهاء الصراع. ويبدو ان الهدف الجديد هو الاسواق العربية وراس المال العربي.


2018-03-01 01:44:00